ثورة بيضاء / بقلم عصمت رجب

الثورة البيضاء هي وصف للثورة التي تحدث دون إراقة للدماء ، وتعد الثورة البيضاء  رمزًا إلى تحقيق أهداف بأسلوب غير عنيف، اما بالنسبة لمصطلح المثقف وفي كل مرة أحاول فيها الكتابة عنه، تواجهني إشكالية هذا المصطلح، فمَنْ هو المثقف؟ وما هي الصفات اللازم توفّرها فيه؟ وما هي الأعمال التي يقوم بها ، فهو الذي يبني موقفه على أساس معرفي، ويكون له رأي من كل ما يحدث حوله خصوصا في القضايا العمومية.

الموصل مدينة كبيرة وتضم مئات وربما الالوف من المثقفين بين اكاديمي،  ووجه اجتماعي ومهني ورجل الدين ورئيس حزب ومسؤول منظمة مجتمع مدني  واعلامي ، وهم الذين تقع عليهم مسؤولية ابداء الراي وقبول الصالح ورفض الطالح من عموميات ما يحصل في الموصل ، فالمدينة ستكون أمام صراعات داخلية إذا لم تكن هناك رؤية سياسية وثقافية موحدة من قبل المثقفين والأحزاب والحركات السياسية الموصلية ، كما ان التداخل السياسي للمتربصين بالمدينة واهلها سوف يدفع بالموصل الى ما لا يحمد عقباه ، رغم علم اؤلائك المتربصين بانهم يعملون في ارضية غير صالحة لنشر افكارهم ومبادئهم ، وانهم يحاولون نشر افكارهم في مجتمع ” كـ من يزرع الحنطة على الصخر ”  ومع عملهم هذا سوف تتسع دائرة الخسائر البشرية والمادية وتزداد أزمة الثقة بين مكونات المحافظة، وان التطورات السياسية اللاحقة، اذا لم تسر في ذات الاتجاه المعاكس لما يحصل، ستفرز في المجتمع نمطا مشوها وفاقدا القدرة علي تجاوز معضلاته ومشكلاته في المستقبل القريب.

الحالة الراهنة في مدينة الموصل ومحافظة نينوى عموما  تستدعي نهضة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية شاملة بثورة بيضاء  تعبر عن حاجة المجتمع الموصلي لرؤية جديدة، تتغير فيها زوايا نظرتنا للأمور بشكل اكثر واقعية وعقلانية،  تبدأ من تاسيس لحوار حضاري يذيب التناقضات الحاصلة بين مكوناتنا السياسية والاجتماعية والثقافية بفعل نزعة السيطرة والظلم الذي مارسه داعش الارهابي المجرم، ويجب ان يسهم في هذه الثورة البيضاء او النهضة الفكرية المرتقبة، المثقف بقدر كبير لتحريك كل قطاعات المجتمع لتحقيق مستويات أعلي من التسامح والتعاون المشترك والتعايش والتاخي والمصير الواحد ، والاعتراف بالاخر كما هو ، بخطوات ثابتة، واثقة ومتزنة، تفضي الي واقع أكثر سلما وأمنا واستقرارا وتشفي النفوس من التمزقات التي أفرزها داعش واذياله، ومعها سياسات الانحياز الماكرة للاتحادية قبل 2014 ، وعندها سيتغير كل شيء حولنا، أولوياتنا، منظومتنا القيمية، خياراتنا، أحكامنا، وحتي مطالبنا ورؤيتنا للمستقبل ، هكذا نعيد بناء مدينتنا ونضع اسسا رصينة تدفعنا الى الامام .

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *