ثقافة الحوار والتعايش السلمي، اين نحن منها؟



قلما نجد في دول العالم اجمع مدينة او بلدة او بيت يجتمعون على رأي واحد سواء كان هذا الخلاف في امور عامة كأذواق المأكل والمشرب والعادات واللباس وغير ذلك او امور اخرى كالرأي السياسي او الاقتصادي او العقائدي وغيرها، في اختلافها ساهم الكثير في تطور حياة الإنسان، ونعمة ألاهية اودعها الله في الإنسان لتعدد الاساليب للتوصل للهدف والذي ترغب به المجتمعات دائما إلا وهو السلام والآمان والسعادة والراحة.
وما الدنيا والمجتمع الا أناس، سؤالنا من يستطيع أن ينقذ العراق مما فيه ألآن؟ ونهتم بما يمكن أن ينقذنا مما نتخبط فيه، ينتشلنا من حالة اللاوعى التى نحياها وحالة التخبط السياسي التى تسود البلاد حاليا !! ليست المشكلة التي يواجهها شعبنا ووطننا العراقي بجميع أطيافه وبمختلف مشاربه في زمننا هذا هي بالمشكلة العادية التي يمكن التغاضي عنها والمرور عليها بسهولة، لان العنف بتداعياته واسلبيه المختلفة، ليس مجرد مؤشرات على ادوات الهيمنة التي يستعملها الانسان من اجل الهيمنة على اخيه الانسان أو مجرد سلوك او تصرف استثنائي، بل قد يتحول إلى واقع ثقافي مترسخ يستمد تكوينه من مجموعة من الأسباب والعوامل التي تترك أثارا سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام.
لا جدال أن هناك ظلم قد وقع ولا زال يقع على المواطن العراقي، على أجزاء وطننا في الشرق والغرب، وفي الشمال والجنوب ، ظللنا نشتكي من أن الوطن على وشك التمزق والانهيار ومصاب بكل أمراض التخلف، والحروب والعنف نفسها عامل مهم في إعادة إنتاج الفقر، وتمكين أمراض التخلف، إذن العنف هو نتيجة تراكمات تعود الى تغيب ثقافة الحوار والعقلانية والانفتاح على الآخر.
ينبغي أن نعيد النظر في الكثير من الموروث وننقي الشوائب، أسس تربية الإنسان وتنميته … اننا بحاجة الى أن نعيد النظر في مناهجنا التعليمية والتربوية، ينبغي أن نمنح الفرصة لأصحاب الفكر المستنير أن ينطلقوا عبر البلاد ليشمل كل بيت ومدينة وقرية لتنشر الأفكار النيرة والبناءة والمفيدة للجميع، نشر العلم والثقافة وليس الجهل والكسل، وتقدم النموذج الذي يحتذي به.
كثيرون يقولون أن الحفاظ على السكينة والأمن واستمراريته أصعب بكثير من إشعال نيران الصراع والقتال، وقديما قيل: ” أن معظم النار من مستصغر ألشرر ” فالعراق يملك ثروات طائلة لكنها ليست مستغلة وليست مستثمرة بالشكل المطلوب، وبالتالي فإن الشقاء والتعب وضعف الخدمات الاساسية يبدو للمواطنين العراقيين وكأنه أمر مقصود في حد ذاته وأنهم مستهدفون وأنهم مهمشون.
البلاد لا يمكن بناءها بين يوم وليلة، ولا يمكن حل هذه المشاكل بضربة واحدة والحلول الاقتصادية لا تعرف العصا ألسحرية، نريد تنمية يتم تنفيذها على ارض الواقع وتبني النتائج، لكن أي حكومة تحكم لابد أن تتصف بصفات محددة ليكون أداءها مقبولا ومحفزا على الصبر، وأهم هذه الصفات أن تكون الحكومة حكومة وطنية من خلال اشراك جميع مكونات الشعب العراقي تحت ظرف الديموقراطية والحرية، وأن تتعامل هذه الحكومة بشفافية وبعدالة في توزيع ثروات العراق وأن تستأثر المحافظات المختلفة بثرواتها أولا وقبل غيرها، ولنخرج من الاوضاع الشاذة الى فضاء التسامح والاستقرار والآمن والسلام بالتوافق على ما يرتضيه جميع مكونات الشعب العراقي.

بقلم : وديع زورا


12 تموز 2012

You may also like...