تنامي الوعي القومي الكلداني المعاصر

الثقافة والوعي مفهومان مرتبطان بتطور الإنسان ذاتياّ وما أحيط ويحاط به موضوعياّ ، وفق التأثيرات الاجتماعية والفكرية عبر التاريخ . فالوعي القومي يتطلب تطوراّ فكرياّ – ثقافياّ – اجتماعياّ – سياسياّ ، يؤدي الى نتيجة مثمرة للخروج من الوضع المتردي الهش بسبب تعمد سياسة خاطئة مجحفة ( تهميش ومحاولة الغاء الآخر والإنفراد بالقرارات المصيرية). والحالة تكررت وانعكست سلباّ على الشعوب المتطلعة نحو غد أفضل ، وحركة التاريخ خير دليل بمعاناة الشعوب والأمم.

تنامي الوعي القومي الكلداني المعاصر ، بدأ يتبلور بردة فعل ، لسياسة التعريب التي مارسها الفكر العروبي الشمولي البائد ، والكلدان كغيرهم من بني البشر ، هم نتاج عملية تاريخية طويلة ، ساهمت سياسياّ واجتماعياّ وثقافياّ واقتصادياّ في تكوينه .

الوعي القومي الكلداني يتطلب مهام كثيرة ومتعددة ، منها معرفة ماضي الكلدان وتاريخهم العتيد ، وفهم العوامل الطبيعية والتاريخية المرادفة لنشأتهم وتطورهم اللاحق وصولاّ لما هم عليه الآن ، وإدراك الحاضر لبناء مستقبلهم المنشود . فالكلداني الواعي قومياً يعلم يقيناّ اصله وجذوره المستمدة من تربة العراق منذ آلاف السنين ، وهنا لابد من زيادة وتطور الوعي القومي ضمن السياق التاريخي لعملية البناء الناجحة ، وإعادة استحضار التاريخ ليس تعدادا للمآثر والتغني بالأمجاد ، بقدر العودة لفهم مقومات الوعي القومي في سياقه السليم.

الكلداني اليوم يسعى جاهداّ ، لاجتياز المرحلة الدقيقة والحرجة ، بقلع المفاهيم الفكرية الخاطئة ، التي روجتها القوى المعادية للكلدان والمتنفذة على الساحة العراقية . وعليه لابد من نهضة فكرية يتحمل أدائها ، مثقفي الكلدان والنخب السياسية ، في الكشف عن منابعها ومصادرها الخفية ، من اجل مواجهة الأفكار الهدامة ، بعقلٍ راجح وتخطيط ناجح ، بتوحيد الكلمة لقيادة السفينة الى شاطي الأمان ، بعيداّ عن حب الذات والأطماع الشخصية والمصالح الخاصة .

دخلت مسألة الوعي القومي لدى الكلدان ، في ظل الظروف الحالية مرحلة جديدة ، لنيل الحقوق والاعتراف بالهوية التاريخية الوطنية للكلدان ، انطلاقا من الحقائق الواقعية ، الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسة ، وهناك من يسعى كثير من الكتاب والنخب السياسية ، بدور لم شمل الفاعلين والنشطاء الكلدان الغيورين ، على مستقبل حقوق الشعب الكلداني ، عاملين وفاعلين وساعين ، لتحقيق الديموقراطية والمواطنة الحقة . فإن بوادر تحقيق ذلك بدأت تلوح في الأفق ، من خلال دعوة المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد الى عقد مؤتمر كلداني عام في ديترويت – ولاية مشيكن الامريكية للفترة من 15 – 19 ايار 2013 كخطوة في الاتجاه الصحيح ، تواصلاّ مع المؤتمرات الكلدانية السابقة ، لأن ماتفرزه مثل تلك المؤتمرات والقراءات والاجتهادات والتحاليل والمقررات السياسية والقومية ، ستعطى القراءة الصحيحة والحقيقية للوضع الداخلي للشعب الكلداني من جهة ، وعن دوره وتأثيره وموقعه في الحالة العراقية الراهنة من جهة اخرى.

في الواقع بغض النظر عن الجدل والحوار البناء الجاري ، أود ان يبقى محفوراّ ، في ذاكرة الآخرين وفي ذاكراتنا نحن الكلدان: أن هناك قومية عمرها آلاف السنين ، لن يستطع أحد طمسها وتغييبها وتهميشها وإلغائها ، رغم كل المحاولات اليائسة ، ألا وهي القومية الكلدانية. فمن المفيد جدا العودة إلى التاريخ الكلداني وقراءته قراءة تحمل في طياتها ما هو مفيد للحاضر والمستقبل ، التي ساهمت في رسم الخطوط الرئيسية للوضع السياسي الكلداني ، سواء كان سلبيا ام إيجابيا للمضي قدما نحو افاق افضل مستقبلا .

وديع زورا

wadizora@yahoo.com

12 شباط 2013

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *