تفجيرات النروج والرجل الابيض والاسمر/ د. عامر ملوكا

كتب الكاتب الاستاذ سمير عطاالله مقالة تحت عنوان (طالبان النروج) حول تفجيرات النروج الاخيرة والتي يحاول فيها الكاتب ان يساوي بين الارهاب كمفهوم وكمنظومة قيمية ومبادى يعتمدها البعض قانونا ودستورا ودينا وبين بعض الشواذ النادر الخارج عن المالوف القيمي والديني والقانوني.

في الجزء الاخير من مقالته
لا يفزع طالبان كثيرا في جبال أفغانستان، أما قتلة النروج، فأمر بشع. هذا يعني أن بعض أوروبا عائد إلى فظاعات القرون الماضية. كلما كان الرجل أكثر بياضا كان أكثر وحشية وخلوا من كل رأفة. تلك هي صورة النرويجي القاتل علنا والأوروبي المختبئ في صورة أبشع أنواع العنف.

لم استطع تفسير وربط وحشية وهمجية الرجل الابيض بشدة بياضه حيث ان معظم البحوث والدراسات قد اكدت ان الانسان هو الانسان اذا كان ابيض اللون او اسمر او اصفر وان نوازع الخير والشر لديه اختلفت الاراء والمدارس وحتى المعتقدات الدينية في تفسيرها وبعض الاراء والمدارس تذهب الى المبدا، ان الانسان بطبيعته يميل الى الخير بالفطرة وان الشر يمكن ان يظهر فقط عند غياب الخير وان تفسير عملية القتل بمفهومها المبسط والارهاب بمفهومه الاعم والاكثر تعقيدا لايمكن شرعنته باي شكل من الاشكال، فاذا اجزنا ذلك للحيوان المفترس فلا يمكن اجازته للانسان لان الانسان قادر على فعل الخير اما الحيوان فبحكم غريزة الجوع ليس له بديل سوى القتل.

ومدرسة اخرى تؤكد على المفهوم الفطري للخير وان الشر مكتسب ويتعود عليه الانسان بالتطبع فان تقبلنا للمواد الغذائية المفيدة للجسم هو تقبل فطري اما تجرع السم فهو غير فطري ولكن تناول كميات صغيرة جدا منه وزيادة هذه الكمية تدريجيا سوف يحصل استعداد مكتسب لتفبل جرعات من هذا السم وهكذا بالنسبة للخير والشر.

اما المفهوم المسيحي فياتي مخالفا للمذهب الثنوي الذي يؤمن بالصراع الازلي بين الخير والشر وتؤكد المسيحية بلا وجود للشر وانما وجود للخير فقط وما الشر الا انحراف عن الخير او بمعنى اخر هو السعي نحو الخير الزائف حسب مفهومنا البشري الضيق.

وفي نفس السياق بين الروائي العالمي الرائع دستوفسكي في اعماله الروائية ان مجد الله يظهر في الشر الذي نفعله لانه مؤشر حريتنا التي يحولها المفسد الى تعسف وتمرد ضد الذات الانسانية.

اما فرويد فيصف النفس البشرية بانها محايدة بين الخير والشر وان المفاهيم والعادات والتقاليد والمعتقدات السائدة هي التي توجه هذه القوى نحو الخير او الشر ومثال ذلك استخدام الماء كمصدر مهم لحياة الانسان وكل فعالياته فهو استخدام ذو مردود خير على الانسان ونفس الماء يستخدم لدمار وهلاك الانسان والقتال ايضا (اذا قتلت شخصا فانت قاتل واذا قتلت عشرة اشخاص فانت سفاح واذا قتلت عشرات الالاف فانت فاتح وفي بلدي العراق يوصف بقائد النصر والسلام) وهكذا مع الطاقة الجنسية لدى الانسان.

وان مفهوم الشر والخير لم تظهر الا عندما استقر الانسان وكون العائلة ثم القبيلة ومن ثم المجتمع وادرك ان مايحق له يحق لغيره وهكذا كانت بداية وضع اسس وقواعد العيش المشترك وبهذا يكون العمل المسموح به ضمن هذه القواعد والاسس يمثل جانب الخير اما العمل بالغير مسموح به يمثل جانب الشر .وهكذا فان الخير يقابل بالخير والشر يقابل بالعقاب من قبل السلطات الحاكمة (القانون).

في فقرة اخرى يذكر الكاتب

(( تذكرنا كارثة النروج بأن العنف في الغرب لا يزال قائما في النفوس وفي الطباع. ولا تبعد الحرب العالمية الثانية عنا أكثر من ستة عقود. اقرأ في كتاب «نابولي 1944» عن مذكرات موظف مخابرات بريطاني (نورمان لويس) في جنوب إيطاليا ذلك العام. لا أعتقد أن ملحمة بشرية تفوق هذه الصفحات القليلة، ولا أعتقد أيضا أن رائعة تولستوي «الحرب والسلم»، كانت أكثر تعبيرا عن مدى انحطاط البشر. لقد ترك المغفل الفارغ موسوليني شعبه فريسة الجيوش الحليفة والمعادية وفريسة المجاعة والذل. يروي كيف اصطفت نساء نابولي في الساحات عارضات أنفسهن على الجنود، لقاء علبة سردين. وكيف جاءت امرأة من النبيلات مع شقيقها، تطلب عملا في ماخور للعسكر. وكيف أرسل أب ابنته ومعها رسالة تعرض نفسها على المؤلف لقاء وجبة واحدة في اليوم. وكيف تحولت المدينة إلى وشاة وتجار سوق سوداء وبشر بلا أي كرامة أو أي مشاعر إنسانية.))

فانا اريد ان ابين هنا بان الحرب العراقية الايرانية التي لاتبتعد عنا اكثر من ثلاثة عقود فلو كتبت اسرارها وماخلفته من دمار وملحمة بشرية وتشريد اكثر من خمسة مليون عراقي فانها تفوق ماذكره موظف المخابرات البريطاني نورمان لويس مرات ومرات واذا كانت الحرب العراقية الايرانية تخلوا من اية شى ايجابي فان الحرب العالمية الثانية على ظراوتها وخرابها فنهايتها كانت نهاية لعصر الطغاة والمتجبرين والمستبدين امثال موسيليني وهتلروهكذا مع المخترعات الكثيرة التي قدمها العلماء لالة الحرب كانت السبب الرئيسي في النهضة والتقدم العلمي والمدني.

فهل نتهم الانسان العراقي الاسمر بالهمجيةوالوحشية وكلما زادت سمرته زاد عنفا ووحشية فانني اختلف كثيرا مع ماذهبت الية وما توصلت له فاننا على قناعة كاملة بان الانسان العراقي انسان محب للسلام والخير وانسان حضاري وكان سباقا في البناء الحضاري كلما تعرض بلده للدمار والخراب وان طيبته تتناسب مع درجة سمار بشرته.

فان ما ذهب اليه الاستاذ سمير واتهامه الرجل الابيض بهذا الشكل فيه الكثير من التجني والتعصب ولايفوتنا ان نذكر ه بان مثل هذه الافعال مدانة من فبل الكنيسة والمجتمع والقوانين السائدة التي تحاول ان تصل الى الحالة المثالية في التطبيق بعد ان وصلتها في حالة التشريع وتتعدى الطبيعة البشرية في التمييز اذ كان عنصريا اوعرقيا او دينيا فهل الاعمال الارهابية في بلداننا العربية والاسلامية مدانة بهذا الشكل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اما ان يعزو الاستاذ سمير ارهابنا على جبال تورا بورا على قلة الحيلة وقلة الخيارات كما جاء في الفقرة ((من عنف العجزة غير القادرين على القيام بأي شيء سوى تفجير أنفسهم وتفجير الآخرين))، فبماذا نفسر الارهاب في العراق واوربا وامريكا ومن قبل اشخاص ولدوا ودرسوا ونالوا اعلى الشهادات في امريكا وبريطانيا والدكتور ايمن الظواهري زعيم القاعدة الجديد الم يدرس ويتخرج من جامعات مصر .

ان واحدة من اهم اسباب تخلف عالمنا العربي هي اننا نرى القشة في عين الاخرين ولانرى الخشبة التي في اعيننا.

You may also like...