تـهـنـئة إلى أبونا ﭙـولص خـمي الموقـر في يوبـيله الكهـنوتي الذهـبي

تهـنـئة من مشاعـرنا وأحاسـيـسنا القـلبـية إلى أبونا ﭙـولص

خـمي بمناسبة يوبـيله الذهـبي عَـبـرَ مسيرته الكهـنوتية

الطويلة. خـمسون سنة مقـدّسة بالقـداديس والعِـظات والتعـليم

المسيحي والعـماذات والبوراخات والأهم من جـميعـها نـظافة

القـلب والإبتعاد عـن العـمل خـلف الكـواليس، إنها شهادات حـية

تـؤهّـل كاهـن الرب لينال إستحـقاقاً في ملكـوت الرب الأبدي. ولا

يسعـنا إلاّ أن نبارك أبونا في هـذه المناسبة السعـيدة طالبـين من

يسوع الملك أن يحـفـظه إلى يوبـيله الماسي، ورغـم تـواضعه

وعـدم التباهي بنـفـسه إلاّ أنـنا نحـن البديل فـنـفـتـخـر به

عِـوضاً عـنه، إن عـظمة الإنسان ليست بنياشينه وإنما بما

يقـتـنع به ضميره أمام الله.

لنا ذكـريات مع أبونا ﭙـولص:

( 1 ) في ألقـوش كان قـريـباً منا نحـن شباب الأخـوية وخاصة

أصحاب الأصوات المقـبولة في القـداس. وفي صيف عام 1963

وأنا ناجـح إلى (الصف الثالث المتوسط) مرّت عائلتي بظروف

صعـبة وقـلقة جـداً، حاول أبونا أن يكـون كـريماً وسخـياً معـنا

ولو بشيء بسيط بطريقة لا أشـعـر بها إلاّ أنـني كـنـتُ ذكـياً

وبنـفـسيّـتي الأبـيّة تـظاهـرتُ بأنـني لستُ أفـهمه وأخـيراً

رفـضتُ دون أن يشعـر بأنـني عـلى عِـلمٍ بسخائه وكـرمه.

( 2 ) وبسبـب تلك الظـروف وبسبـبي أنا ! واجه الأب ﭙـولص

(وهـو عـلى نيّاته) موقـفاً مُـحـبــِطاً ولـَـوماً وإنـتـقاداً من

المرحـوم الأب عـبد الأحـد عـوديش! كـيف؟ تـلقـّـينا رسالة

بريدية من أخـتي في كـركـوك تـطـلـبُ فـيها حـضور والدتي

فـوراً، فـرافـقـتــُها في سـفـرها في حـين صارت جـدّتي من أمي

بديلاً في البـيت، ومن كركوك سـرّني فـبعـثـتُ للأب ﭙـولص

رسالة ذكـرتُ فـيها عـن وصولنا وإطـمئـنانـنا عـلى ظروف

أخـتي وأسرتها وعـن رجـوعـنا القـريـب إلى ألقـوش. وفي

جـلسة مسائية للكهـنة المرحـومين جـميعاً (هـرمز صنا – عـبد

الأحد عـوديش – يوحـنان ﭽـولاغ – ولا أتـذكـر غـيرهم) مع

المطران عـبد الأحـد صنا في الـ قـونـَـخ مقـر المطرانية في

ألقـوش، وهم يتـداولون في شـؤون القـرية وأهاليها ومشاكـلها

ومعـوّقاتها، جاؤوا بـذكـر عائلة عـبو سـيـﭙـي مستـفـسرين عـن

حالها وكـيف تــُـدير وتدبّـر ربّة الأسرة أمورها (والوالد أسير

أربعة أيام في دير الربان هـرمزد وحـوالي الشهـر في قـرية

خـورّك التي تبعـد مسافة بضع ساعات مشياً من الدير، وتلك

قـصة فـريدة مثيرة ومُـشَـوّقة لنا، بقـدر ما هي خـجـل وإدانة

للبعـض وتستحـق أن أوثـقـها وأنشرها يوماً) والمهم في تلك

الجـلسة أن أبونا ﭙـولص شارك في الحـديث متشجـعاً بالرسالة

التي إستـلمها مني فـقال: هـذه العائلة بخـير وحالياً الأم مع

إبنها الشماس في كركـوك لزيارة إبنـتهم وسوف يرجـعـون إلى

ألقـوش قـريـباً، إذن ! الأب ﭙـولص البطـناوي يعـرف تـفاصيل

جـيدة عـن عائلة ألقـوشية أكـثر من الأب عـبد الأحد عـوديش

الألقـوشي! فسأله الأخـير: رابي من إيكا إتــّـوخ كـُـل أنْ

معـلومات (أبونا من أين لك كل هـذه المعـلومات ؟) فـلما أجابه

الأب ﭙـولص بخـصوص الرسالة ومضمونها، فإنـتـفـض الأب

عـبد الأحـد عـوديش قائلاً: آيتْ بـيـبَـطنايا ثِـلـّـيلـوخ كـْـثاوا من

شماشا وأخـني ناشـِد ألقـوش، لا ؟ إنْ ﭙـشْـلوخ آخا خـَـكـْـما

يَـرخِ خِـنـِّه ، أخـني زيلِخ مْـهَـجْـرِخ من ماثا ! (أنت البطناوي

وصلتك رسالة من الشماس ونحـن من أهالي ألقـوش، لا ؟ إذا

بقـيتَ هـنا بضعة أشهر أخـرى، نحـن سنهاجـر من القـرية !).

فـقال له الأب: لا يا أخي، لماذا تهاجـر وأنت إبن القـرية، أنا

سأغادر. وهـناك طِـرفة حـقـيقـية لابد أن أذكـرها، وردتْ عـلى

لسان الأب عـبد الأحـد عـوديش حـين إحـتـفل بـيوبـيله الذهـبي

بقـداس إحـتـفالي، فـصار الناس يهـنـئـونه بالمناسبة السعـيدة

ومباركـين له هـذا الفـخـر والإمتياز المـقـدّس وطالبـين له كل

الخـير وقائلين له: رابي، دوكـثـوخ وولا حاضر بـﮔـو ملكـوثا د

شمَـيّا، آيـِتْ بْـيَـتـوِتْ ميَـمنِـد آلاها، قـنيلوخ خايِ أبَـدينايِ، وول

مَـنـزالوخ بـشـمَـيّا مُـحِـضـْـرا طالوخ، …. ( أبونا، إن مكانك

جاهـز في ملكوت السماء، أنت ستـجـلس عـند يمين الله،

حـصـلتَ عـلى الحـياة الأبدية، إنّ منزلك في السماء مُـجَـهَّـزٌ لك،

…. ). فـصفـن الأب عـبد الأحـد طويلاً وتـنهّـد ساحـباً نـفـساً

عـميقاً ونـظـر إلى السماء بعـيداً وقال: إيه لـَـكـيذِخ ، إيث مندي

تاما، ليث ؟ بْـسَـﭙْـرِخ (ولكن لا نـدري، هـل يوجـد هـناك شيء،

أم لا ؟ نـنـتـظر) .

( 3 ) في الشيخان (عـين سـفـني) تـطـلـّـب الأمر مني أن أسافـر

إلى الشيخان لمراجـعة دائـرة التجـنيد شتاءاً في سنة 1970 أو

1971 وهـناك مررتُ عـنـد الأب ﭙـولص في داره القـريـبة من

الكـنيسة وكانت معه في الدار أخـته (ووالدته إنْ لم تـخـنــّي

ذاكـرتي) – بعـد مغادرته ألقـوش -. وإتـفـقـنا أن أحـضر صباح

يوم الأحـد عـندهم لتسجـيل قـداس، وهـكـذا سافـرتُ مساء يوم

السبت اللاحـق إلى عـين سفـني وذهـبتُ إلى دار الأب وتسامرنا

بألحان كـنائسية سوية مع رجـل آخـر أعـتـقـد كان مخـتاراً.

ولما حان وقـت النوم وإذا بفِـراش أنيق وثلاث بطانيات فـتاح

ﭙاشا جـديدة، وماذا ؟؟ كـيس ماء ساخـن جـداً ! قـلت: ما هـذا يا

أبونا؟ قال لتـدفـئة رجـليك ! أيّ إحـساس إنساني هـذا يا أبونا،

وهـل هـناك الكـثير من الناس بهذا الإحـساس؟ نعـم، لأن الحـياة

إذا خــُـلِـيَـتْ قــُـلِـبَـتْ، إلاّ القلة التي قال عـنها المطرب: مْـنين

أجـيـب إحـساس لِـلـّـي ما يحِـسْ. ….. . وفي صباح اليوم

التالي سجـلنا القـداس أنا وأبونا عـلى شريط بكـرة، ثم الفـطور

وبعـدها الفاكهة وأخـيراً ودّعـته وغادرتُ الدار ولاحـظـته يعـطي

للمرحـوم هـرمز عـوديش (ألقـوشي) نـقـوداً كي يرافـقـني إلى

الـﮔـراج ويـدفع إجـرة سفـري إلى الموصل بإعـتـباري أنا طالب

في مرحـلة الدراسة .

نـتمنى كـل الخـير لأبونا ﭙـولص خـمي في سان ديـيـﮔـو، وحـياة

كـهـنوتـية مليئة بالنعـمة والسعادة الروحـية، ونأمل أن تـزور

أستـراليا قـريباً فـستـكـون في دارك و كـيس الماء الحار جاهـز

من الآن، وإلى 125 سنة من العـمر لأبونا لا أكـثر .

You may also like...