تشكيل الحكومة والتركة الثقيلة / بقلم عصمت رجب

 

انتهت العملية الانتخابية في العراق بكل ايجابياتها وسلبياتها، وكانت هذه الانتخابات اقرب الى معركة من انها حالة تنافسية من حيث الصيغة الدعائية والاعلامية، واستغلال جميع الوسائل التي امتلكتها السلطة التنفيذية في مركز القرار العام للدولة العراقية، من أجل التأثير على الناخبين وإضعاف الخصوم، واستثمار الامتدادات الإقليمية وخاصة الايرانية من أجل رسم ملامح المرحلة القادمــة لصالحها، لذلك نعتقد بان ولادة حكومة جديدة يرافقها تغيير فعلي في الوجوه والسياسات امر صعب جدا في هذه المرحلة ،بالاضافة الى إن الحكومة القادمة، واِنْ تشكلت سوف تواجه تركة ثقيلة من التحديات والمشاكل الموروثة من الحكومة الحالية والتي قبلها ، وعلى جميع المستويات الامنية والسياسية والاقتصادية  ومستوى الخدمات والبنية التحتية، ومستوى السلوك والقيم السياسية السائدة، ومستوى البنية الاجتماعية ، ومستوى العلاقات الدولية والإقليمية، مع ظهور فجوة كبيرة بين اقليم كوردستان، والنهج العام لبعض الشوفينيين المتصدرين في مراكز القرار وخصوصا بعد فوزهم بالانتخابات الاخيرة محاولين بجميع الطرق دفع اقليم كوردستان العراق باتجاه الانفصال، لتتفرغ لهم الساحة ويتلاعبوا بمقدرات شعوب المكونات المخالفة لهم مذهبيا او دينيا بالبلد، وحصر السلطة بيد رئيس الوزراء الحالي ، الذي مارس وسيمارس سياساته الاقصائية والمنفردة، والمظاهر السلبية لاوجه إدارته للدولة في المراحل الماضية من حكمه.

لقد احتلت ازمتي اقليم كوردستان والرمادي الصدارة من بين الازمات المفتعلة والتي افتعلت من قبل رئيس الوزراء العراقي من اجل الكسب السياسي لاغير وبقائه في السلطة لولاية ثالثة وربما سوف ينجح بولاية ثالثة واذا نجح فربما يكون لاقليم كوردستان خيارات اخرى لكي يبعد نفسه عن الازمات والمشاكل وسوف يحدد مساره السياسي والاقتصادي ربما بالانفصال الجزئي او الكلي عن العراق الاتحادي، فالانفصال الجزئي يكون من الناحية الاقتصادية ويستثمر وارداته السياحية والممرات الكمركية والنفط والمعادن الاخرى والزراعة وجميع الواردات في الاقليم لتسيير السياسة الاقتصادية ، اما الانفصال الكلي يكون بتحديد المسارات السياسية والجغرافية والاقتصادية والدفاع والخارجية معتمدا على امكاناته وخبراته في عمليات التنمية والتطوير.

كذلك سوف يكون لمحافظة نينوى خياراتها كبداية بتحديد مساراتها الاقتصادية والادارية واعلانها لأقليم نينوى ايضا لنفس السبب وهو الولاية الثالثة وشعورها بالغبن من جميع النواحي من قبل حكومة بغداد ، لذلك يتبين بان المسبب بتقسيم العراق هي الحكومة الاتحادية وازماتها وسياستها التفردية واقصاء الاخر ومحاولة الغائه او صهره ضمن نهج مركزي مرفوض،  قدم العراق بعربه وكورده وجميع مكوناته من تضحيات للتخلص من هكذا نهج ونظام.

في الختام تفاديا للمستقبل المجهول للعراق، فعلى السياسيين الفائزين بالانتخابات الاخيرة الذين سوف يتصدرون مراكز القرار في الدولة العراقية ، ضرورة امتلاك مشروع وطني شفاف يستهدف تحقيق العدل في الحكم يشمل جميع المكونات والاطياف، والعدالة في توزيع الثروات، وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة ومنح الصلاحيات للاقليم والمحافظات ، كما الاستثمار الأمثل للثروات البشرية والاقتصادية، ويستند عملهم إلى منظومة أخلاقية وطنية اساسها التعايش والسلم الأهلي وتجفيف منابع التوتر والأزمات.

 بقلم عصمت رجب

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *