بمناسبة انعقاد سينودس الكنيسة الكلدانية في روما

مرة اخرى تتوجه انظار ابناء الكنيسة الكلدانية  الكاثوليكية الى روما حيث ينعقد سينودسها  اثناء انعقاد سينودس خاص من قبل الكنيسة الكاثوليكية من اجل الكنائس الشرقية الكاثوليكية في الفترة ما بين 10 -25 تشرين الحالي. مرة اخرى يرى الكثير من المؤمنيين جروح كبيرة في جسد الكنيسة لن يشفيها غير الوحدة الروحية النابعة من  الارادة والايمان والقناعة والرغبة في الالتزام بتعاليم معلمنا الرب يسوع المسيح وتعاليم الكنيسة الجامعة المتمثلة باسرارها وإرثها وفكرها عبر الفي سنة.
 
لا يخفي على ابائنا الاساقفة المجتمعين في روما ان الكنيسة الكلدانية تمر في هذه السنيين في زمن صعب حقيقي لم تمر فيه الا في زمن حرب العالمية الاولى حينما  خسرت فيها حوالي ربع مليون نسمة وازيلت سبع ابرشيات كبيرة في الامبراطورية العثمانية  من الوجود (1).
 
انني اكتب لكم ككلداني كاثوليكي مؤمن وكاحد العلمانيين العامليين في الكنيسة لفترة طويلة، وان ما انقله لكم ليس نابع فقط  من نظرتي الشخصية وانما من نظرة كثيرمن المؤمنيين مثلي الذين يبدون قلقلهم اتجاه مصير الكنيسة ومشاكلها وطرق حلها. هنا اود ان اذكركم  برسالة المرفقة على الرباط ادناه التي وجهتها لحضراتكم قبل انعقاد السينودس المقدس الاخير في ايار سنة 2008 في عنكاوا (2).
  
اذن مشكلة الكنيسة الكلدانية ليست فقط هجرة ابنائها وتوزعهم في اركان العالم  وانحلال الخلقي والاجتماعي الذي اصاب البعض منهم بسبب احتكاكهم مع مجتمعات جديدة اوالعيش بحسب قوانين الدول الكثيرة التي هم مهاجرين اليها ، لكن هناك مشاكل على صعيد الادارة والتعليم والعلاقة بين الاكليروس انفسهم  في كنيستنا الكلدانية التي نعتز بها كأُم روحية لنا جميعا. كما نشعر دائما هناك مسؤولية على عاتقنا جميعا الدفاع عنها كذلك ان نقول ما هو صالح ويبني ويخلق تجدد ويجمع بين الجميع.
 

لقد انطلقت الكنيسة الاولى المتمثلة بإثني عشر رسل ومعهم النسوة والاخوة الذين حل عليهم روح القدس في عيد العنصرة  يتكلمون بألسنة الامم  والشعوب الشرقية كلها، انا دوما اظن ان كل رجل من الاكليروس مر في نفس تجربة ذلك الشاب الغني الذي سأل يسوع المسيح عن كيفية دخول ملكوت السماوات، ولكن عمل كل من  اختار الكهنوت عكس قرار ذلك الشاب، فكان له الشجاعة الكافية في بيع  كل ما يملكه وتصدق به وتبع المعلم السماوي. واصبحت الطاعة والفقر والعفة هي الجدران الثلاثة التي بدأ يتسلقها للوصول الى نقطة القمة في هرم المتمثلة بحياة القداسة. فعلا هذه هو الوصف الحقيقي الذي يليق بكل رجل من الاكليروس الذي يجب ان يكون في المقابل امين لرسالته المقدسة ومستعد للتضحية من اجلها كما فعل الاب الشهيد رغيد كني والشهيد المطران رحو وغيرهم.
  
لكن ما يؤلم كل المسيحيين في العالم حقيقة هو بعض من رجال الاكليروس لا في الكنيسة الكلدانية  فقط وانما في جميع الكنائس وفي كل مكان هم في ازمة  وان روما في هذه الايام تدفع ثمن هذه الأخطاء كما حصل في امريكا وبريطانيا. وان كنيستنا الكلدانية واحدة من تلك الكنائس تمر في ازمة وفيها نواقص تحتاج الى سينودسكم  الذي سيعقد بعد ايام قليلة. وتحتاج الى الجرأة والحكمة في اتخاذ قرارات صالحة للكنيسة فقط وليس لصالح الاشخاص! .
  
لهذا ابائنا الاساقفة انشادكم كأحد المؤمنيين أن تدرسوا النقاط التالية التي اراها ضرورية ان تتعالج قبل ان يدخل اللص في الليل ويزرع زوانه في حقلها ، ولا سامح الله يهب روح الانقسام والطائفية والقبلية الامر الذي حدث  تكرارا في تاريخ كنيستنا الشرقية  :-
 
1-    العودة الى التركيز على تعليم المسيحي الذي هو خبز الحياة  للمؤمن فعلاً، ورجال الاكليروس يجب يشهدوا باعمالهم وبأقوالهم ووعظهم في هذا الامر. يجب ان يعيشوا يوميا على ضوء هذه التعاليم  امام الاخرين، كي يرى المؤمنيين رجاءهم الكامل بقيامة المسيح ووعده  المقدسة. فيتعلمون منهم الشجاعة في الايمان والالتزام به.
  
2-    التركيز على ان الكنائس المسيحية هي عائلة واحدة تربطهم علاقة روحية اقوى من الدم او اية علاقة اخرى. والعمل من اجل جمع واتحاد الكنيسة كما اوصانا يسوع المسيح لا سيما الشرقية،  فكونوا انتم اول من يشهد على اقوال المسيح في المحبة والتضحية والتسامح  بمواقفكم لاباء الاساقفة في الكنائس الشقيقة الاخرى كي تنير لهم الطريق. لان احد اهم اسباب ذوباننا هو انقسام الكنائس وعدم وجود روح العمل المشترك معا
3-    اجراء تجديد في طريقة تفسير دروس تعليم المسيحي بلغة وتقنية عصرية كي يفهما الاجيال الذين ولدوا في المهجر على ان تكون موثقة بشهادات وسيرة ابائنا الشهداء وانجازات المفكرين  ورجال المؤمنيين في الكنيسة الشرقية على مر التاريخ.
  
4-    الاهتمام بلغة الطقس (سورث) والهوية القومية، هذا الامر مهم جدا لان الطريقة الوحيدة لربط بين كنيسة الام في الوطن والمهجر هي اللغة، انها الوسيلة الوحيدة للتفاهم ونقل الايمان  اذا اردنا نبقى ونحافظ على هوية كنيستنا ، ككنيسة شرقية الطقس والتعليم.
اما ماذا  نعني بالهوية القومية؟ فالهوية  هي تلك العلاقة الخاصة بين مجموعة من البشر لهم نفس اللغة والتاريخ والثقافة والارض والدين ،  فقط نريد  تشجع روح التأزر بين كما يحصل لدى غير الامم والشعوب والمجتعمات مطالبين الامر الذي يشجعهم للمطالبة بحقوقهم الانسانية ، ولا تعني القومية الانغلاق على الذات لكنها ضرورية جدا ولهذا من واجب الكنيسة عدم محاربة فكرتها او الحط منها. لا يمكن رفع قيمة الشعور القومي  الى مرحلة القداسة  كما هي تعاليم الكنيسة  ولكن مh قلنا هي ضرورة من ضروريات الحياة المهمة في وجداننا الانساني كجماعة لها وجود وجذور تاريخ التي  قلعها او الانسلاخ منها. وان لا تخلق اي تعارض في مفاهيم الانسانية والمسيحية  التي تؤمن الكنيسة فيها .حقيقة ان العاملين في حقلها لن يشكلوا اي خطر على الكنيسة بل هم كانوا  وسيبقون قوة للكنيسة والمدافعين عنها لانها تدير دستور حياتنا الروحية وحتى الاجتماعية.
 
5-    وضع نظام اداري مالي جديد ( لان في المال تتحرك روح الشيطان، كما ان السيد المسيح اكد في قوله : لا تستطيعوا ان تخدموا الهين المال والله) للكنيسة يكون واضح كي ينظم العلاقات بين كل رعية وابرشيتها وبين كل ابرشية والبطريركية ويصبح هذا النظام معلوم لدى الجميع وتلتزم به جميع الاطراف، وفيه يتم تحديد صلاحيات لجان الرعية والابرشية والراعي والاسقف. ارجو ان يتم تجديد هذه القوانيين لانها فعلا منبع انعدام الثقة بين الاكليروس انفسهم  والعاملين معهم في هذه السنوات كي لا تغلق مشكلة في حالة نقل او تقاعد اي طرف كما حصل في الماضي.
  
6-    وضع صيغة جديدة لطريقة انتخاب اسقف لاي ابرشية، على ان تكون الافضلية لكهنة تلك الابرشية وان لا يتم فرض بصورة قسرية على ابناء الرعية اسقف من خارج الابرشية، ولا ان يكون هناك انفراد في اتخاذ القرارات مثل النقل او التعين  الامر الذي خلق مشاكل عانت كنيستنا منه على مر العصور وفي هذه الايام وربما في المستقبل وانتم على علم بها!

7-    كذلك يجب ان يلتزم كل واحد بالمدة المقررة لخدمته واعطاء المجال لكهنة الشباب للخدمة والعمل  والتجديد في الكنيسة الا وهي 75 سنة لجميع مراتب الاكليروس بدون استثناء.

8-    العودة الى مشروع المرحوم الدكتور يوسف حبي الا وهو اجراء احصاء عام في الكنيسة الكلدانية واخراج كتيب بالبيانات ومن ثم وضع دراسات وبرامج شاملة تعالج وضعية الكنيسة على ضوئها، لان حقيقة طريقة  ادارة كنيستنا في بعض الابرشيات والبطريركية هي مئة سنة او اكثر للوراء.
 
9-    تشكيل لجنة من الاساقفة والكهنة والعلمانيين لدراسة مشكلة ترك بعض الكهنة رسالتهم الكهنوتية والوقوف على اسبابها بكل صراحة وحتى يمكن استجواب  جميع اطراف اصحاب الشأن في هذا الموضوع  للمعرفة الاسباب الحقيقة وراء هذه المشاكل ، كي يتم معالجتها الان قبل ان تشكل عقبة اكبر امام الكنيسة في المستقبل.
 
10-  اعادة تنظيم العلاقات بين ابناء الكنيسة من البطريركية و الاساقفة والكهنة و العاملين في الكنيسة والمؤمنيين على حجر اساس المسيحية هي المحبة والتضحية والتواضع. والالتزام بالعفة والفقر والطاعة الامر الذي يجعل المؤمن يشعر بصدق رسالة الكنيسة تماما  كما يجب ان نتذكر دائما ان نشكل سبباً  يخلق الشكوك في ذهن اي مؤمن!!!.
 
11-   اصلاح نظام ارسال البعثات والدراسات الى روما او الخارج  بعد تخرجهم من كلية بابل بأسم الكنيسة . والاقتراح الذي نطرحه الان هو ان يتم ارسال الطالب بعد اكماله الخدمة  الكهنوتية في ابرشيته عشرة سنوات على الاقل.
 
في الختام نصلي ونطلب من الرب  يسوع المسيح الفادي ان يعطيكم النعمة والقوة والصحة وان ينيركم  الروح القدس كي ترون القضايا والمشاكل بصورة اكثر موضوعية ودقة وان تقررون بما يمليه عليكم ضميركم  بشفاعة امنا العذراء القديسة مريم. امين
 ……..
  
1-    الابرشيات الكلدانية التي ازيلت في مذابح الحرب العالمية الاولى هي الجزيرة وماردين ودياربكر وسعرت واثيل وارومية وسلامس.
 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *