بريستيجات الزواج لأبناء الجالية


ملاحظة… هذا المقال كتب قبل سنوات، وفي كل مرة أنوي نشره أستلم بطاقة دعوة لحضور إكليل تجعلني أرجأ نشره كي لا يظن اصحاب الدعوة بأنني أقصدهم
بعد أن سمعت ورأيت أسلوب زواج أبناء الجالية الكرام في دول المهجر نسيت كل فكرة جميلة عن الزواج كونه تحول من إرتباط جسدي وروحي إلى (صرعة) يتبارى فيها العرسان على نفقاته وما يفعلوه كي تكون حفلة زفافهم هي الأفضل . والمدعوون للحفلة هم سبب نجاح الزواج ، ليس لحضورهم فقط بلْ للمبلغ المقدم كهدية والتي يسميها البعض ” الدين الآجل ” والذي يرد في مناسباتهم . ومبلغ الهدية يحدد بعد أن يعرفوا عن طريق الصدفة المفتعلة من قبل العرسان وذويهم تكاليف الصحن الذي يقدم كعشاء والذي يشمل الطعام والمازة والمشروب وذهب العروس وملابسها وملابس العريس ومن يرافقهم ( القريبين ) وحتى نفقات شهر العسل لا بل حتى فنجان القهوة الذي إحتسوه معاً أثناء خطوبتهم . هذا إن لم يكن بما يسمى “الشاور” وهي حفلة للجنس اللطيف قبل الزواج تحدد فيه الهدية من المحل الفلاني وذلك بدفع مبلغ للمحل كي يختاروا المقترنين هديتهم كقطعة أثاث مثلاً ! وهذا حقهم، فإذا كانت كل الهدايا أفران فأين يجلسوا هم والضيوف، فهل يعقل أن يجعلوا من الفرن مكاناً للجلوس لإحماء الــ…. حب ؟
كارت الدعوة الباهظ الثمن وفيه جملة معتادة وهي يمنع إستصحاب الأطفال ، أي من له طفل لا يأتي، ومن هو مثلي يفرح في هذه الجملة كي لا يذهب ويدفع (بخيل حاشاكم) لكنهم يبدلون رأيهم ويعطون إستثناء… وإذا به إستثناء لكل من لهم أطفال! .
أربعة عشر مرافق يسيرون أمام العرسان يرتدون نفس الملابس ولا أعرف من يشتريها مع أطفال يحملون الشموع، ويجب أن نتعرف على أسمائهم جميعاً واحد تلو الآخر وبهدوء (ربع وقت الحفلة طار) .
العشاء – العراقي للفقراء ، والشرقي للتعساء ، أما الإيطالي للأغنياء (بريستيج) لحمة متبلة (في الغالب زنخة) ، معكروني مع البشاميل (أتعس من اللحمة) بطاطة وهي أيضاً متبلة والوحيدة التي تعتبر لذيذة الطعم، وهناك أصناف أخرى بالتأكيد وذلك بحسب نظرة العريس للمعازيم، إذا كانوا (دفيعة) فسيقدّم ما هو أفضل .
مراسيم الزواج الفعلية والتي تتم من قبل رجل الدين هي الأخرى لها سعرها وبالتأكيد أسعار باهظة. كيف لا! بدون رجل الدين لا زواج ولا طلاق من بعد ذلك.
ولكون الزواج أصبح في زمننا عبارة عن حساب وكتاب منذ لحظة التفكير به، ولكون المادة والروح لا يلتقيان، لذا نرى الكثير من الزيجات لا تستمر سوى بضع سنين ليجري من بعدها مراسيم من نوع آخر وهي مراسيم الطلاق، ومصاريفها تفوق مصاريف الزواج لكن هذه المرة بدون هدايا.
والسيارة الليموزين مع السائق ذو القبعة والفيونكا ، والصرعة الجديدة هي فلم مدته ربع ساعة على الأقل يسموه (love story) وهو عبارة عن قصة تعارف وحب العروسين، أبطال الفلم العروسين نفسهم وبعض الأصدقاء كي يوثقوا قصة حبهم قبل الزواج . والمفارقة بالموضوع (القصة ليس لها علاقة بالواقع بل من حبكة المصور) تأليفاَ وأخراجاَ! وعادةَ تكون أقرب للأفلام الهندية، واحد منهما فقير، شباب يتحرشون ببنت جميلة، فارس الأحلام يضربهم ضرباً مبرح، وهم يهربون إلى الصومال طلباً للجوء والحماية من شره (مو بس الفلم كذب، آني هم أزيدهه شوية).
فكل زيجات أبناء الجالية الأعزاء أصبحت مظاهر فقط .
فهل سيعي المقبلين على الزواج بأن الزواج هو رباط مقدس أساسه وديمومته ليست المادة بل الحب والإحترام والتفاهم؟ وهل سيعي رجال الدين أيضاً بأن المقبلين على الزواج ليسوا البنك الدولي وإن واجبهم في هذه المناسبات ليس نفعي بل روحي ومقدس وعليهم أن لا يعطوا أي بركة لزواج ما لم يتأكدوا كلياً من إن للعروسين نضوج يكفي لبناء عائلة على أساس العمق الروحي للزواج وليس شكلياته؟

زيد ميشو

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *