الى متى تستمر تركيا في اللعب بالنار؟ بقلم نبيل دمان

 في البدء اقول بان أردوغان سيكون السبب في دمار تركيا، وأسوء مما لاقته في نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث دفعت ثمن جرائمها بحق شعوبها وشعوب اخرى ممن استعبدتهم لقرون في معظم بلدان الشرق الأوسط بخاصة، إذ لولا عنجهية وهمجية تركيا، لأضحت ضفاف البحر الابيض المتوسط وشرقه، منذ زمن بعيد من احسن بقاع العالم من كل النواحي، التاريخية، والاقتصادية، والسياحية.

    لقد أغرى صعود نجم الإسلام السياسي في غفلة من الزمن، ووسط خدر الشعوب الأوربية التي كانت تقود النهضة الصناعية في العالم لعدة قرون، وأغرى معه السلطان العثماني الجديد اردوغان، ليكون الحفيد الحقيقي لسفاحي تركيا عبر التاريخ الحديث: جمعية تركيا الفتاة، وجمعية الاتحاد والترقي، الانكشاريين الأفظاظ، اسماعيل انور( انور باشا)، محمد طلعت( طلعت باشا) ، واحمد جمال( جمال باشا) . ايضا ركب رأس اردوغان تحويل متحف ايا صوفيا الى جامع مرة اخرى، رغم استياء العالم واستنكاره.

     تمعنوا ايها الاخوة القراء في قائمة ضحايا انفجار مرفأ بيروت في الاسبوع الماضي، ستجدون اسماء تنتهي بالحرف( ألف ونون) والأمثلة منها: كويدكيان، فادوليان، بيزدجيان، خوسرافيان، هابوكيان وغيرها، هي احفاد بقايا الشعب الأرمني الذي اصدرت تركيا بتاريخ 24 نيسان 1915 فرماناً( امراً) بإبادته، فهاموا على وجوههم، ومن نجي منهم استوطن بخاصة في لبنان وسوريا والعراق، وكذلك فعلوا بالشعوب الاخرى منها السريان والاشوريين والكلدان واليونانيين واليهود، أرجوك ايها القارئ : دلّني على ما هو مشرق في تاريخ تركيا؟

    إستغلت تركيا ضعف العراق بسبب حظه العاثر، في صراعاته المزمنة القومية والطائفية والمناطقية وغيرها عبر عقود من السنين، استغلت تركيا كل ذلك في ظل وضعها الاقتصادي والعسكري المتفوق الذي نتج عن عوامل كثيرة يطول الحديث عنها، فقط أركز على ثلاث عوامل منها: انهيار الاتحاد السوفيتي، الرساميل الاسلامية التي انهالت عليها، واخيرا عضويتها في حلف الناتو، فصارت تبني قواعد عسكرية في الاراضي العراقية على الضد من ارادة شعبه، متجاوزة الحدود التي ثبتتها المعاهدات الدولية، اخذت تصول وتجول في المنطقة الشمالية وتنتهك أجوائها وحرماتها كل يوم، فيسقط الضحايا من القرويين والمزارعين والرعاة المغلوبين على امرهم، ويتشردوا تاركين قراهم واموالهم للنجاة بارواحهم، وبشكل متواصل منذ ثمانينات القرن الماضي.

    لماذا العدوان على العراق، الا تكفِه مشاكله الداخلية؟ وتدخل الجارة الاخرى الشرقية الأسوء ايضا، في شؤونه الداخلية مستغلة الفوضى التي اعقبت سقوط الدكتاتورية الفردية عام 2003، لماذا تتم محاربة حزب العمال الكردستاني، بهذه الشراسة، وكيف يمكنهم القضاء عليه، حيث يقف خلفه شعب اعدادهم بالملايين في تركيا، هناك تهدر حقوقهم وتصادر حرياتهم وقد فرضت عليهم الحرب لعشرات السنين الماضية، لماذا لا تحل تركيا المشكلة الداخلية بالطرق السلمية والمنطقية، لماذا ابقت الوضع كنفق مظلم لا تلوح في الافق نهايته. لماذا تتدخل تركيا وتسهم في توتر الأجواء في كل مكان: في سوريا وليبيا وتونس و شرق المتوسط ، وقد ازدادت هذه التدخلات مع التجذر المطّرد للفكر الاخواني الرجعي الذي تنتهجه، فهاجت عدوانيتها واستفزازاتها ضد مصر واليونان وقبرص الجريحة التي قسمتها تركيا، ضاربة عرض الحائط كل القرارات الدولية بهذا الخصوص.

    ماذا فعلت تركيا في شمال سوريا، وكيف دعمت بكل السبل الميلشيات الاسلامية المتطرفة، ودولة الخلافة الاسلامية المسماة” داعش” ضد الاقليات والقوميات المضطهدة منهم الأكراد والسريان والأ يزيديين وغيرهم. لماذا ترسل مساعدات عسكرية، وتجري مناورات مشتركة مع اذربيجان ضد ارمينيا في نزاعهما الطويل على اقليم” ناغورني كاراباخ” ، ماذا ابقت في الارمن حتى تحارب اليوم تلك الجمهورية التي تعاني من مشاكل اقتصادية جمّة، لماذا لا تكون تركيا داعية محبة وسلام بين الشعوب، ومن يقول اذا تُركت تلك الشعوب دون تدخل من دول اقليمية عدوانية في شؤونها الداخلية، من يقول لا تنحل المشاكل في كل مكان تنخره الصراعات في المنطقة، لو كفت الدول العدوانية الطامحة في خيرات جيرانها مثل تركيا، لهدئت المنطفة ولكنها لا تتوقف فتصل تأثيراتها وتدخلاتها حتى شمال افريقيا وجنوب الجزيرة العربية، وصولا الى السودان واثيوبيا والصومال وجيبوتي، وتقوم ايضا ببناء قواعد عسكرية خارج الدوحة، وجزيرة” سواكن” على البحر الاحمر لإزعاج وإستفزاز مصر.

    أي عصر دوني ورديء نعيشه، متى يحل السلام ومنطق العقل؟ ومتى يسقط الإسلام السياسي؟ ومتى يأفل نجم الإخوان المسلمين والى الابد في كل مكان؟ وبالتالي ينبسط السبيل لإرساء سلام عادل ووطيد في منطقة الشرق الأوسط، فيتبادل الناس فيها الخبرات والهموم المشتركة ومتطلبات تحسين البيئة ودرء الامراض المتفشية خصوصا الكورونا اللعين، ولمصلحة ورفاه الشعوب التواقة للانعتاق والحرية، فتشرق وتنور تحت اشعة الشمس التي لا ينطفئ جذرها.

Nabeel damman@hotmail.com

California on August 11, 2020

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *