الى الكاتب الآشوري سليمان يوسف .. على من تقرأ مزاميرك يا اخي ؟

 

 لقد قطعنا شوطاً كبيراً نحن الكتاب من الكلدان والسريان والآشوريين في فتح صفحة جديدة ، وذلك حينما تحفظنا ، الى حد ما ، بعدم إثارة المواضيع المتعلقة بتسميات شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن ، وكان السبب الرئيسي بذلك هو ما يتعرض له هذا الشعب من قهر وإرهاب وتهجير وعنف اجتماعي وهو في وطنه العراقي ، وفي امتناعنا عن الكتابة بتلك المواضيع تأملنا ان نسكب جرعات الأمل والتفاؤل لبلوغ مرافئ الأمان والأستقرار لشعبنا الكلداني ولبقية مكونات مسيحيي العراق .

ولا اخف استغرابي حينما قرأت المقال المنشور على موقع عنكاوا وعلى الصفحة الرئيسية للكاتب المتزمت الآشوري السوري سليمان يوسف الذي يذيل مقالاته كباحث مهتم بشأن الأقليات ، ولا استوعب شيئاً من هذا الأدعاء من إنسان يهمش ويلغي قومية عراقية وهي القومية الكلدانية من الوجود ويضع نفسه وصياً وممثلاً لشعبنا الكلداني وليمنحنا من بركاته ومكارمه بما يقرر لنا من التسميات ويدعي انه باحث بشؤون الأقليات .

كما هو معلوم فإن الكاتب الآشوري سليمان يوسف  يكتب على موقع عنكاوا بشكل مستمروتنشر مقالاته على الصفحة الرئيسية ، وآخر مقال له تحت عنوان ( ثمة فرصة تاريخية لقيام “دولة آشورية مسيحية” في العراق) ويبدو ان الكاتب سليمان يوسف هو واحداً من فريق الكتاب المتزمتين الذين حجب التعصب عن اعينهم رؤية الآخر ، فهو موغل في دفاعه عن حقوق الآشوريين وله الحق بذلك لكنه يبدو ناسياً او متناسياً او جاهلاً متجاهلاً المعلومات والبديهيات في ابسط صورها وهي حقوق الأنسان الذي ينبغي عليه ان يحترمها ، ومن السياق العام لكتابات سليمان يوسف يبدو انه يركب موجة التعصب الى درجة تنسيه قراءة التاريخ ومعرفة الحقائق التاريخية بحيث لا يعلم بوجود قومية كلدانية عراقية ، وإن الكلدان ليسوا طائفه تابعة للامبراطورية الآشورية التي طواها التاريخ منذ زمن بعيد .

كما ان الكاتب سليمان يوسف في غمره تعصبه ينسى انه سوري الجنسية لا يحق له ان يكون وصياً على الشعب الكلداني في العراق ، وكان على السيد سليمان يوسف ان يقرأ التاريخ ويقرأ تركيبة المجتمع العرقي اولاً ، ويقرأ شكل المكون المسيحي في العراق قبل ان ينادي بدولة آشورية مسيحية في العراق ، كما ينبغي عليه ان ينظر الى التركيبة السكانية من الأطياف الدينية والقومية في المنطقة قبل إلقاء قنبلته ذات الأهداف المزدوجة .  

من المفارقات في هذا السياق ايضاً انه قدم علينا احد الآشوريين  من ايران قبل اسابيع ، وقابل الدكتور برهم صالح وجعل من نفسه ايضاً وصياً على الكلدان والسريان في العراق ، ليطلب من الدكتور إلغاء اسم القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ، وليطلب من الحكومة العراقية إلغاء القومية الكلدانية من الدستور العراقي ، واليوم يأتينا وصياً آخراً لكن هذه المرة من  سورية ليطلب تشكيل دولة آشورية في العراق . وفي نفس الوقت يمرر مغالطات قومية عنصرية ليجعل من نفسه مدافعاً عن شعبنا الكلداني وبدعوته المستهجنة المغلفة بإمرار اجندة قومية إقصائية على شعبنا الكلداني .

في موجة الدفاع عن المسيحيين العراقيين من كلدان وسريان وآثوريين ثمة كتابات رائعة من كتاب عراقيين وعرب وأكراد ومن مختلف الأديان والكثير منهم من المسلمين من السنة والشيعة على حد سواء ، لكن كتابات  الأخ سليمان يوسف تنم عن اهداف متعصبة وهو يهدف الى اصابة هدفين بحجر واحد ، فهو يتباكى على مصير المسيحيين العراقيين لكنه يستثمر تلك المأساة لأمرار اجندته القومية المتعصبة فيمضي في مغالاته المقرفة التي تبعث على التقيؤ في التعصب القومي ، فهو بحجة الدفاع عن المسيحيين يمرر اجندته بإلغاء القومية الكلدانية وهي القومية العراقية الأصيلة .

ففي معرض تجواله يقودنا الكاتب الى احداث كوسوفو والبوسنة والهرسك والصرب .. الخ ولكنه فجأة يتحفنا  بمزاميره التي اكل عليها الدهر وشرب ، ويفجر قنبلته الموقوته بوجهنا وليقول في مقالته اللابريئة هذه المقاطع :

((( ـ أيقظت أحداث العنف ضد الآشوريين (سريان/كلدان) والمسيحيين العراقيين عموماً المشاعر القومية والدينية لدى مختلف شرائح وطبقات المجتمع الآشوري والمسيحي داخل وخارج العراق.

ثم يمضي الى القول :

 …  ساهمت فيه بشكل أساسي الجاليات الآشورية(سريانية/كلدانية) في دول الاغتراب، كذلك نخب مسيحية مشرقية،مثل المثقفين والناشطين الأقباط المصريين.

 ويستطرد :

… ، قربت كثيراً بين مختلف الأحزاب والتنظيمات والمؤسسات القومية والكنسية للشعب الآشوري بطوائفه المختلفة (الكاثوليكية والأرثوذكسية) وأجبرتها على تجاوز وتناسي الكثير من خلافاتها ودفعتها الى التحاور والتشاور والتنسيق فيما بينها لمواجهة التحديات والمخاطر الجسيمة التي يواجهها آشوريو ومسيحيو العراق في هذه المرحلة العصيبة.

ويمضي الى القول :

…اشتداد المحنة تبلور موقفاً آشوريا مسيحياً موحداً ايجابياً من مسألة المطالبة بـ “منطقة آمنة” في سهل نينوى بحماية دولية،يتمتع فيها الآشوريون والمسيحيون بحكم ذاتي.

شهدت مختلف العواصم والمدن الأوربية والأمريكية مسيرات غاضبة ومظاهرات احتجاجية نظمتها الجاليات الآشورية(السريانية الكلدانية) العراقية  … الخ ))) .. انتهى الأقتابس

أقول : على من تقرأ مزاميرك ايها الباحث في شؤون الأقليات ؟

يبدو ان ابحاثك لا تتعدى حدود حزبك المتعصب فأنت يا رجل بمنأى عن مبادئ حقوق الأنسان في المعتقد ، وفي حريته في الأنتماء الديني والقومي والسياسي .

كان يجب ان تطلع قبل ان تتحفنا بأبحاثك على مسيرات الأحتجاج التي نظمت في السويد والنرويج وغيرها من البلدان كيف يرفرف العلم الكلداني وهو علم يرفعه من يعتز ويتشرف ويفتخر بقوميته الكلدانيـــــــــــــــــة .

 انا كلداني القومية وأكتب في كثير من الأحيان بالشأن الكوردي ، وحينما اكتب بهذا الشأن التزم جانب الخطاب المعتدل والوسط ، فلا اقبل لنفسي ان اكون طرفاً في خلافات داخلية داخل هذا المكون الذي اكتب عنه وانطلق من مقولة شعبية تقول : يا غريب كُن اديب ، وأنا اقول لك بأخوة ومحبة حينما تكتب بشأن مسيحيي العراق أن تأخذ موقف الوسطية والأعتدال ، وأن لا تسمح لنفسك ان تكون عامل تأجيج الخلافات بإضافة الزيت على النار التي كانت في طريقها نحو الإخماد .

لكن مع الأسف يأتي باحث مثلك لا تفقه شيئاً عن التاريخ العراقي ، ولا تعرف بأن القومية الكلدانية هي القومية الثالثة في العراق . ولا تعرف بأن الآثوريين قدمو الى العراق في اعقاب الحرب العالمية الأولى ، وإن الكلدانيين العراقيين قدموا لهم يد العون والمساعدة . كما كان ينبغي ان تعلم ان في سهل نينوى اليوم  خمس قرى آثورية فقط وهي كيرانجو وداشقتان وشرفية وماكنان وعين بقري ، اما البقية يا عزيزي الباحث سليمان يوسف سليمان  فهي كلدانيــــــة مثل القوش وتللسقف وباطنايا وتلكيف وكرملش وغيرها وأخرى سريانية مثل برطلة وبغديدا .

بهذه المناسبة اخي سليمان يوسف اقدر نزوعك الى الدراسة والبحث والتمحيص ، وبكونك في سوريا فأنصحك بزيارة مكتبة الأسد في دمشق وهي مكتبة عامرة ويمكنك ان تستعير كتاب ممتع عنوانه ( رحلة المنشئ البغدادي ) وهو للسيد محمد ابن السيد احمد الحسيني  وكتب عن رحلته هذه سنة 1822 ونقلها من الفارسية الى العربية عباس العزاوي المحامي . وستقرأ صفحة 59

( .. السليمانية بلدة فيها ستة آلاف بيت كلهم كورد وفيها نحو 300 بيت من اليهود وخمسون بيتاً من النصارى الكلدان . وستقرا ص85

ان القوش قرية مسيحية نفوسها نحو الفي بيت كلهم من الكلدان وفي ص86 ستقرأ :

ان في تللسقف التي تبعد اربعة فراسخ من القوش يسكنها نحو الف بيت جميعهم من الكلدان ، وفي تلكيف وجد الرحالة المنشئ البغدادي نحو الفي بيت كلهم كلدانيين . ولا اريد ان اطيل عليك اخي العزيز الباحث سليمان يوسف .

نحن كلدان وقوميتنا كلدانيـــــــــــــة ويجب ان لا تنطلي عليك وأنت الباحث المثقف خطابات ومزاعم الأحزاب الآشورية المتعصبة في العراق ، فاليوم قد منحهم الحاكم الأمريكي بول بريمر بعض النفوذ كما ان اقليم كوردستان قد منحهم بعض الأمكانيات المادية ولهم ماكنة اعلامية كبيرة ، وبدلاً من تكريس تلك الأمكانيات في ترسيخ لحمة ووحدة مسيحيي العراق ، إلا ان تلك الأمكانيات الكبيرة وظفت بشكل تعسفي لبث وترويج افكار اقصائية قومية شوفينية عنصرية ليس لها صلة بالأخوة وبعلاقة الشعب الواحد ، إذ لا يمكن ترسيخ  وحدة الشعب بإقصاء وتهميش الشعب الكلداني  الذي يمثل مكون عراقي اصيل له تاريخ مشرق في بناء حضارات مشرقة في بلاد ما بين النهرين .

إنصحك نصيحة اخوية ان تكون اكثر اعتدالاً واكثر اعترافاً بحقوق الأخرين ومشاعرهم لا سيما الشعب الكلداني ، وإن كان لاصدقائك اليوم بعض النفوذ  في العراق اليوم ، (فالدنيا دوارة ) كما نقول في العراق ، وإن كنت تريد ان تكون باحثاً ومهتماً بشؤون الأقليات بشكل صحيح ينبغي ان تتسم بالمهنية وتحترم المشاعر الدينية والقومية للجميع وفي مقدمتهم الكلدانيين وأقصد الذين يحترمون ويفتخرون بقوميتهم الكلدانية ،

 وكما تعرف اخي سليمان يوسف المذاهب الكنسية اربعة وهي الأرثوذكسية والبروتستانتية والكاثوليكية والنسطورية ، فليس هنالك اي مذهب كنسي كلداني ،  وإذا ابتعدت عن هذا السلوك المهني والحيادي سيكون ادعاؤك مفتقراً  الى المصداقية . وأرجو ان تصلك رسالتي ومحتواها ان قوميتنا كلدانية لا غير .

 وينبغي ان نؤسس على علاقات قبول الآخر واحترام الرأي والرأي المضاد ، بنفس وأفاق بعيدة عن منطق التعصب والأقصاء .

 حبيب تومي / اوسلو في 26 / 11 / 10

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *