الى القيادة الكردية!

ليس من شكٍّ بأن الشعب الكردي ومنذ ستينات القرن العشرين المنصرم بدأ النضال الجِدّي ضِدَّ السلطات المتعاقبة على حكم العراق، وكانت أشد مراحل هذا النضال في فترة النظام البعثي الذي حاول طمس الهوية الكردية وصهرها ضمن التوجه العروبي باستخدام مختلف الأساليب والوسائل التي كان يمتلكها آنذاك، ولكن الشعب الكردي لم يفقد الصبرَ ولم يَنَل منه الإحباط وظلَّ مسانداً ومشجعاً لقادة ثورته مضحياً بالغالي والرخيص من أجل الحصول على كافة حقوقه كاملة بعيداً عن أيِّ نوع من الهيمنة الديكتاتورية، وليس مِن رَيب بأن قادة الثورة تعلموا جيداً كم كان ظالما النهجُ الإ
ستبدادي الذي كان يمارسه قادة البعث ضِدَّ المكونات العراقية غير العربية ومنهم الشعب الكردي!

ولكن هل يا تُرى قد إستوعبَ القادة الأكراد بعد نيلهم الحرية والإنعتاق مِن سطوة حكم الإستبداد بعدم الإقتداء باولئك الحكام الذين أذاقوهم مُرَّ العذاب؟ للأسف لا! لأنهم وما إن دانت لهم السلطة الإقليمية حتى وقفوا ضِدَّ القومية الكلدانية وشعبها من حيث التهميش والإقصاء، وأعلنوا العداء للكلدان بالعَلَن والخفاء، فانقلبوا بذلك من قادةٍ مناضلين منادين بالحرية والمساواة الى قادة مستبدين يرومون فرض إرادتهم قسراً في قضية لا تخصهم لا مِن بعيد ولا من قريب، مستجيبين لرغبة أعدائهم الحقيقيين ” النساطرة-الآشوريين المعاصرين المُزيفين ” ألا وهي ” التسمية ال�
�ومية الكلدانية ” العائدة للمكوَّن الأكبر بين المكوَّنات المسيحية العراقية، محاولين تغييبها بل إزالتها، كما كان ينوي النظام البعثي إزالة القومية الكردية، فهل عاد القادة الكُرد قليلاً الى الوراء للإتعاض من نضالهم، وكيف أن النظام العاتي لم يستطع اقتلاع هويتهم، كذلك هم لن يستطيعوا إزالة قومية الشعب الكلداني إذ لا يمكنه السكوت على ضيم مستديم أسوة بالشعب الكُردي ولا بدَّ أن يأتي اليوم الذي فيه يتحرر على مثاله فيستعيد حقوقه المسلوبة ويكون عادلاً ومستقيماً في تصرفاته .

إن محاولة تثبيت قومية مركبة هجينة غير واقعية مخالفة للثوابت التاريخية في دستور الإقليم لتحِلَّ محل القومية الكلدانية ستكون مدانةً بشكل قوي وواسع من أبناء الشعب الكلداني الأحرار المخلصين، ولن يُعيروا بالاً للمنتفعين الإنتهازيين من الكلدان بالمُسمَّى الذين أوصلهم تنظيما المجلس اللاشعبي وزوعا الفاشي الى مقاعد البرلمان الإقليمي والإتحادي وبعض المناصب الأخرى عن طريق الدعم المادي غيرالمحدود المقدم من قبل الحكومة الكردية لهذين لتنظيمَين  لشراء ذمم الكلدان الضعيفي النفوس المتهالكين للمال الحرام الذي إستهووه مِن عدوَّي الكلدان يونادم كنا
وسركيس أغاجان، إن هذا الأسلوب التآمري الثلاثي المُمارس من قبل المجلس الشعبي وزوعا والكُرد ضِدَّ التطلعات القومية الكلدانية أثَّر سلباً على إخفاق الأحزاب الكلدانية في الحصول على المقاعد البرلمانية. إذا ظَنَّ القادة الأكراد بأن ديكتاتوريتهم ضِدَّ الكلدان ستُفيدهم في إخماد صوت الكلدان هم مخطئون، وليتذكروا بأن ديكتاتوريتهم ليست أقوى من ديكتاتورية قادة البعث التي لم تستطع إخماد صوت الأكراد! الكلدان ليسوا من دعاة الحرب ولا يسعون إليها، ولكنهم لن يمكثوا صامتين بل سيُسمعون صراخهم الإستنكاري ليهز الضمير العالمي، وبالتأكيد سيُوجَّه الى قادة
الأكراد ومناضلي الأمس السؤال التالي: أليس مِن المعيب أن ينقلب المناضلون الى مستبدين ضِدَّ قوم مسالمين، أليس عجباً أن ينقلبَ المُضطَهَد الى مُضطهـِد!!

الكلدان لم يتطرقوا يوماً الى مسألة التواجد الكردي في شمال العراق لأنهم يؤمنون بالتغـيُّرات الديمغرافية للمناطق الجغرافية، ولكن الذين إعتمد عليهم القادة الأكراد “الآشوريين المعاصرين المزيفين “هم الذين لا يعترفون بحقيقة التواجد الكُردي في شمال العراق، ويُحاولون بكل السبُل إبطال إدعاء الأكراد بأن الإقليم ليس كردستان بل هو “آشورستان” ويستشهدون على ذلك بواحد من الكلدان المتأشورين الدجالين “دوني جورج” وقد غيَّروا هويته من كلداني الى آشوري. الذي خان ضميره واستغلَّ موقعه في المتحف العراقي للآثار، وانحاز الى تأييد الفرضية الآشورية الباطلة ضِد
َّ الحقيقة الكلدانية الناصعة، فإذا كان قد خان أمته الكلدانية، كم هي سهل عليه خيانة الأمة الكردية! ندرج أدناه ما قاله بخصوص الأكراد:

(( من خلال تخصصي ولأكثر من ثلاثين عاماً من الخبرة في مجال الآثار، وبمعية المئات من الأصدقاء والزملاء من علماء الآثار، لم يسبق لي أن سمعت عن هكذا كذبة كبرى وتزوير وتحريف للتاريخ. الأكراد مع احترامي لهم ليس لهم تاريخ قديم وآثار قديمة بموجب قانون الآثار العراقي وكان آخرها قانون رقم 55 لسنة 2002 ففي هذا القانون كُلُّ شيء أقدم من 200سنة اعتُبر آثاراً وتاريخ قديم، والأكراد لم يكونوا من ضمن هذا الإطار الزمني.
ليس عيباً في أن قسم من الشعوب ليس لديها تاريخ طويل، لكنه من العار والمخزي أن تقوم نفس هذه الشعوب بسرقة تاريخ شعوب اخرى. لا توجد أي وثائق تذكر الأكراد في تاريخ بلاد ما بين النهرين )) انتهى الإقتباس من مجلة زندا الإلكترونية الآشورية بتاريخ 29 / 1 / 2007 . ولكن داني جورج وللأسف لم يكن يعرف بأن النساطرة الكلدان هم أول سارقي تاريخ أشوريي التاريخ  القدماء أو ربما كان يعرف ولم يشأ إشهار الحقيقة لإعتبارات مادية وإغرائية .

أما أنا فأقول بأن داني جورج إما كان كاذباً أو جاهلاً في التاريخ، أو قد رُتِّبَ هذا الكلام من قبل أشهر مزوري التاريخ ” الآشوريين المعاصرين المزيفين ” ونُسب الى داني جورج .حيث يقول السائح ” ريكولدو دي مونتي كروجي ” في مذكراته التي كتبها عام 1292 باللاتينية بعد عودته من زيارة بلاد ما بين النهرين، وقد ترجم المطران سرهد جمو مقطعاً منها حيث يقول عن النساطرة << النساطرة هم الهراطقة الذين يتبعون نسطوريوس وتيودوروس . . . مع ذلك فإن هؤلاء النساطرة الشرقيين هم جميعاً كلدان وبالكلدانية يقرأون ويصلون >> ( الصفحات 136 – 138 ).
وعن قوم الأكراد قال: << إنهم مسلمون يتبعون القرآن . . . أظهروا أنفسهم إنسانيين معنا . . . لقد كانوا مِن قبلُ كلداناً ثم أصبحوا مسيحيين، وفي مرحلةٍ ثالثة مسلمين لأن الشريعة الإسلامية هي أكثر تساهلاً >> ( ص 118 – 120 ) .

أما الفِرية الأكبر لهؤلاء الآشوريين المزيفين هي إضفاؤهم الإسم الآشوري على كُلِّ مسيحيي العراق ما عدا الأرمَن، في الوقت الذي يقول عنهم التاريخ المعاصر بأنهم كلدان نساطرة تنكروا لقوميتهم الكلدانية وتبنوا التسمية الآشورية الوثنية في نهايات القرن التاسع عشر ورَدَّدوها في أوائل القرن العشرين وبالتحديد أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى وتحمسوا لها بعد جلبهم الى العراق كلاجئين من قبل أسيادهم الإنكليز الذين كانوا وراء كُل الويلات والكوارث التي أصابتهم. فترى متزمتوهم أشباه الكتاب الجهلة يُرددون عبارات” الشعب الآشوري والأمة الآشورية بدون خجل
أو حياء تمشياً مع المثل” إذا انتفى عنكَ الحياء إفعل ما تشاء ” . قبل الإتيان بهؤلاء اللاجئين الناجين من السيف العثماني الى العراق لم يكن موجوداً في العراق نسطوري واحد ولم يُسمع بالإسم الآثوري أو الآشوري إطلاقاً منذ انقراض الدولة الآشورية وشعبها قبل أكثر من خمسةٍ وعشرين قرناً، فكيف يُسمح للوافدين لجوءاً أن يتحكموا بمصير الأصلاء من أبناء العراق ويحتلوا دورهم؟ هل لكم تفسيرٌ لهذه الظاهرة المريبة أيها الإخوة الأكراد؟ وحتى متى ستتعَمَّدون إخفاء حقيقة الناس المزورين والتستر على باطلهم طمعاً في استغلالهم وتسخيرهم لتحقيق مآربكم السياسية، أليست �
�لنتيجة المُرتكزة على الأباطيل خاسرة بالنهاية؟؟؟

الشماس د. كوركيس مردو
عضو المجلس الكلداني العالمي
عضو قيادة التجمع الوطني الكلداني
في 17 / 10 / 2011

You may also like...