الوحدة المنشودة لشعبنا في الميزان (1)

كثيرا ما نسمع ونقرأ ونشاهد نشاطات ، وعقد مؤتمرات عديدة ، بتكاليف ليست قليلة مع معاناة كثيرة لا تقل خطورة على حياة الفرد او الجماعة ، ونكتب عن الوحدة لشعبنا ، احقا نحن صادقون في نوايانا وعملنا وطروحاتنا الجوفاء الخالية من ضمير الوحدة من الوجهة العملية ، وكل يبكي على ليلاه ونواياه ونوازعه الذاتية ومصالحه الخاصة ، ينعت ويلغي ويحارب الآخرين ، في وعي ومن غير وعي ، دون معرفته وعلمه بتلك النوازع والاهداف التي تؤخر وتبعثر وتمزق الصفوف ، بملاطفة ومسايرة للمصالح والاهداف الآنية ضمن مصالح خاصة ، دون التقدير لخطو خطوة واحدة الى الامام ، مما جعل شعبنا بعيد الثقة بأكثر منظماته الاجتماعية والفكرية والسياسية ، كون تلك المنظمات وخصوصا السياسية ، بعيدة كل البعد عن مصالح شعبنا الاساسية ، والسبب هو غياب التنسيق بين مؤسساتنا ومفكرينا وسياسيينا ، كون الغالبية مرتبطين باشكال متنوعة ومتعددة ، مع القوى البعيدة عن مصالح شعبنا ذات نوايا خاصة بها ، ومآرب حب الذات والضغينة ، ضمن افكار عتيمة بعيدة عن روح العصر والانسانية ، مليئة بالتعصب القومي المقيت البائد ، يطرحون الوحدة القومية وهم بعيدين عنها ، وينشدون الانسانية وهم بالضد منها ، ويطرحون الحد من الهجرة لشعبنا ، وهم يعملون من اجل تفريغ بلدنا من شعبنا العريق ، ذات الخصال والمواصفات الفريدة ، بامكانياته الفكرية والثقافية والادبية والعلمية والسياسية ، ليبقى اسير بلدان الخارج ، كي تترحم عليه وهو سيد بلده وقومه ، تراه يصطدم  بواقع مؤلم واكثر ايلاما من السابق ، كل ذلك بسبب سوء التقدير والتصرف الغير السليم ، في معالجة الامور ناهيك عن  الوضع الامني المتردي ، والبطالة ودولة اللاقانون واللانظام واللااستقرار واللاحقوق للمواطنة. موقف شعبنا كان واضحا بعزوفه عن ، المشاركة بالانتخابات والتي طالت بنسبة أكثر من 40% على مستوى العراق عامة ، اما نسبة مشاركة شعبنا في كوتا المسيحيين لم تتجاوز 8%  فهل يحق لهذه النسبة ان تمثل شعبنا بقومياته المتآخية العديدة ضمن كوتا ، يصدر وجودها القومي كي تتحول الى وحدة طائفية مسيحية ، بعيدة عن توجهات شعبنا وتاريخهم القومي المشرف في خدمة البشرية جمعاء ، هذه الوحدة اساسا لا يؤمن بها شعبنا المسيحي والسبب هناك خلاف مسيحي مسيحي واضح ، بأعتقادي انها مؤامرة للتفتيت والتمزيق لشعبنا ، كون الدين لا يمكن ان يدخل ، ويقتحم  في المكون القومي المعين ، أضاففة المكونات القومية لشعبنا تاريخيا ، متواجدة قبل الدين ، ناهيك هناك مجموعات عديدة مسلمة المذهب ، ولائها لقومية غير عربية ، كما هناك اقوام مسلمة هي غير عربية والامثلة كثيرة ومتعددة في العالم ، لا مجال للتطرق اليها.
للاسف هناك منظمات سياسية تنشد الوحدة ، على اساس فرضها على الآخرين عنوة ، ومن لا يقبل بها هو ضد الوحدة المنشودة ، دون مراعاة قيم ومباديء الوحدة التي يطرحها فريق معين المتشبث بها ..الوحدة مع من ولمن؟؟ وما هي مقومات  الوحدة المنشودة؟؟؟ التي روجت وتروج لها منظمات حزبية سياسية وتتصرف من منطلق شوفيني قومي ، مقلدة للتوجه البعثفاشست لانها متخرجة من مدرسة الاستبداد والدكتاتورية ووريثة لها .. اننا نرى توحيد شعبنا على اساس الاقوام المتقاربة ، و الجماعات المتفاهمة ، والمؤسسات والاحزاب والمنظمات ضمن نقاط وبرامج تطرح وتناقش على اساس توحيد شعبنا !! وليس ممارسة القمع والضغينة والفرض والاغراء المالي والسلطوي وممارسة سياسة الترغيب والترهيب تقليدا لاساليب البعث الفاشي.
هل الوحدة التي تفرض على الاخرين تسمى وحدة؟؟ اين هي النوايا الصادقة للوحدة ؟؟ كيف يثق شعبنا بوحدة أملائات عليه ، ومفروضة عنوة؟؟ تقبل بها او انت انفصالي !! انها وحدة مريضة وعليلة ومليئة بالجراثيم القاتلة مدمرة حتى للقومية الانفرادية الجائرة ، فما بالكم بالقوميات الاخرى القريبة منها ، والتي تجمعهم واياها بعوامل التقارب وروابط الوحدة !! انها فرض شوفينية عنصرية قاتلة مدمرة لشعبنا ، وهذه هي النتائج الواقعية التي انتجت مآسي وويلات  شعبنا ، تفريغ العراق منه وتهجيره بطرق مختلفة ، وضياعه في الشتات في جميع بلدان العالم ، ليخسر العراق خيرة مثقفيه وأدبائه ومفكريه وكوادره العلمية والتكنوقراطية ، التي من الصعوبة  جدا ، لابل مستحيل تعويضها في المستقبل القريب .
اسئلة كثيرة تصلني من زيد من الناس ، هل انت مع وحدة شعبنا ؟؟ جوابي بالتاكيد انا مع توحيد شعبنا ومع الوحدة والاتحاد التي يقررها شعبنا ، وليس مع الوحدة المفروضة عنوة من قبل زيد من الناس او مجموعة معينة طفيلية دخيلة ، لها حساباتها الخاصة .. مهما كان عددها وقوتها وموقعها.. نريد الوحدة التي تبني الانسان الوطني الغيور على شعبه وامته وانسانيته ، بعيدا عن مصالحه الذاتية الانانية الخاصة الفردية ، مصالح الانسان كفرد ضمن مصالح  العام كبشر جميعا ، لكي لا نعيش نحن ، ويموت الآخرين ، يعيش الجميع ونحن من ضمنهم ، بعيدا عن نوايا مخفية سلفا وغامضة على شعبنا من قبل جهات يمينية كانت ام يسارية ، شمالية ام جنوبية بحساباتها الشيطانية ، وتوسعاتها المدروسة على حساب شعبنا الممزق ، والقابل للانتهاء ان استمر الحال على ما هو عليه الآن ، وهذا ما لا نتمناه لعدونا فكيف لشعبنا!! .
كثيرون من القوميون الجدد يقولون ، العراق لنا ونحن العراق ، تاريخيا قبل آلاف السنين كان لهم حقا ، وكان لغيرهم قبلهم حقا ، واصبح لما بعدهم حقا ، واليوم العراق يجب ان يكون للجميع بقومياته المختلفة حقا ، يتعايش الجميع ضمن مؤسسات قانونية ، ومجتمع مدني ديمقراطي معافى ، ومتحد ضمن دستور دائم يضمن كل ذي حق حقه والمواطن ينفذ واجباته ،  وفي خلافه ، هو تطرف مشين ضد اية قومية ينتمي اليها ، علينا ان نقرأ التاريخ بتمعن وحكمة وذكاء ، نستفاد من القراءة التاريخية لماهو جديد يخدم ، وليس التشبث بالقديم الذي يهدم .
العراق السابق والدول المجاورة له ، كان آراميا ، يتكلم اللغه الآرامية ، وبعدها اشتقت السريانية منها ، ثم ظهرت الدولة البابلية الكلدانية ، بلغة كلدانية محكية مشتقة من السريانية وبعدها الدولة الآشورية بلغتها المحكية الآشورية مشتقة من الاصل السرياني ، ثم دخلت العربية نتيجة الفتوحات الاسلامية ،كما اللغة الكردية في كردستان العراق والتي يجيدها غالبية شعبنا الكلداني والسرياني والآشوري بالاضافة الى الارمني والتركماني ،المتداخلين ضمن كردستان العراق وما حواليها ، واليوم الجميع يتكلمون العربية بالاضافة الى لغاتهم الام ، كما  شعبنا انتبه اليوم الى الاهتمام باللغة الانكليزية ، ضمن اللغات العالمية ، وهذه من الايجابيات لشعبنا ، وتلك متقلبات ومتداخلات الوضع التارخي للانسان العراقي ، وكل قوم عليه ان يحافظ على كيانه ووجوده القومي ، ليبقى موحدا ضمن العراق الواحد الاحد الاتحادي الوطني الديمقراطي ، بعيدا عن التعنصر القومي والاصطفاف الطائفي والتطرف الديني ، بعيدا عن التسييس والأدلجة الدينية وقيمها السامية ، وبعيدا عن انتهاك حقوق الانسان ، والاعتداء على الاخرين.
اثبت التاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي عبر الزمن القاسي ، لا امن ولا امان ولا استقرار ولا حياة انسانية لاي قوم من الاقوام ، في غياب المشروع الوطني الديمقراطي ، وتفعيل دوره  المهمش من غير وعي ، ومن دون بناء مؤسسات مدنية وطنية ديمقراطية ، تعطي كل ذي حق حقه بالكمال والتمام دون منة من احد على الاخرين ، بقدر حقوق تنتزع لهم انتزاعا وطنيا صرفا ، مع الاحتفاظ بحقوق القوميات كاملة مهما كان عددها ، صغيرها وكبيرها ، لها حق وحقوق المواطنة بدون تمييز ، استنادا الى مواثيق الامم المتحدة وقوانين العصر الحديث ، وفي خلافه لا حقوق لاية قومية كانت بما فيها القومية العربية.
لا حياة بغياب حرية الفرد وديمقرطة المجتمع ، ولا وطن من دون تفاعل وطني خالص

ناصر عجمايا
ملبورن \ استراليا
7\9\10
nassersadiq@hotmail.com

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *