الموقر حنين قدو ينبغي التعامل معنا بمفهوم المواطنة وليس بمنطق الذمية


habeebtomi@yahoo.no
الأستاذ حنين قدو أمين عام تجمع الشبك الديمقراطي ونائب سابق في البرلماني  العراقي . ونكن لشخصه التقدير والأحترام .وكان المنتظر من عقلاء هذا القوم ( الشبك ) ان يتصرفوا بتقدير واحترام اوسع ، وأنا شخصياً كنت انتظر من الأستاذ حنين قدو ان يكون المبادر الأول للحلول الحكيمة التي تعتمد على العقل والأحترام المتبادل وحسن الجوار بين اقلية الشبك وما يحيط بها في المنطقة من المكونات الدينية والقومية بما فيها المكون المسيحي وبشكل خاص الشعب السرياني في برطلة وبغديدة الذي يجاورهم ويشترك معهم في التعايش والأختلاط وتبادل المصالح والجغراقية والبيئة الواحدة . ولزيادة الفائدة نقتبس بعض المعلومات عن الأخوة الشبك الذين يمثلون جزء من التنوع الفسيفسائي الجميل للمجتمع العراقي .
وعن التنوع السائد في المنطقة يكتب رشيد خيون في كتابه الأديان والمذاهب في العراق ص433 يقول :
في منطقتا الموصل وبعدها كركوك تمتاز بكثرة تعدد اعراق وديانات ومذاهب سكانها ، فهي تحتضن .. العرب والأكراد والآثوريون والكلـــــــــــدان والسريان ومختلف الديانات من مسلمين ومسيحيين وأيزيديين ويهود ، إضافة الى المذاهب والطرق الصوفية والزوايا والتكايا المختلفة .. ونبقى مع رشيد خيون لنقرأ عن تعداد نفوس الشبك ص442 يقول :
عدد نفوس الشبك تتفاوت التقديرات والإحصاءات حول عدد نفوس الشبك، منها التقديرات الإنكليزية القديمة، التي عدتهم بعشرة آلاف نسمة، وفي الإحصاء العراقي (1947) عدوا جميعاً مع الايزيديين بثلاثة وثلاثين الف نسمة، وفي إحصاء (1977) بلغت نفوسهم 57-58 إلف نسمة ،  ومن اللافت للنظر ان الدليل العراقي لعام (1936) وإحصاءات أخرى لم تذكر الشبك بالاسم، على اعتبار أنهم كرد مسلمون فليس هناك تفاصيل خاصة بالعشائر، عربية كانت أو كردية ، لكن جميعهم في إحصاء (1947) مع الايزيديين يؤكد الرأي الرسمي المعتمد على البحوث والدراسات المذكورة سلفاً على انهم من ديانة أخرى غير الديانة الأسلامية ، وكذلك ذكرهم منفصلين عن الأكراد في إحصاء(1977) إشارة إلى أنهم عرب، حسب الادعاء الرسمي .

وعن ديانة ومذهب الشبك  يقول خيون 442 ان منهم السنة والمذهب السائد بينهم هو المذهب الشافعي ، ومنهم الشيعة وهم على المذهب الأثني عشري الإمامي وهؤلاء يقطنون القرى التالية : خزنة تبة ، طيراوة ، دراويش ، بدنة صغير ، بدنة كبير ، نوران ، بايبوخت ، علي رهشة ، زهرة خاتون ، مفتية ، جمة جور ، منارة وغيرها ، وهذا كان قبل الحرب العراقية الأيرانية وحرب الخليج فربما أزيلت تلك القرى من الوجود .  وعن وجود الشبك في المنطقة نستعين بالأخ كوكل حيث يفتح لنا موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة يقول :

يعتقد بأن الشبك قدموا إلى منطقة سهل نينوى من إيران في أواخر القرن السابع عشر. وفي العهد الملكي تم الاعتراف بهم كإحدى طوائف العراق. ولكن سرعان ما ساءت أحوالهم عندما قام النظام السابق في العراق بتهجير معظم الشبك من قراهم لأنهم قاوموا سياسة التعريب التي انتهجها النظام ضد الكرد والاقليات خارج ما كان يسمى بمنطقة الحكم الذاتي.
بعد الغزو الأمريكي للعراق أصبحت معظم القرى الشبكية تحت سيطرة البيشمركة الكردية، كما تم قتل وتهجير عدد كبير من الشبك في مدينة الموصل من قبل بعض المجموعات المتطرفة.
ومن هذه المقدمة الطويلة نستنتج ان الشبك سكنوا هذه المناطق في القرن السابع عشر الميلادي ، وكان يقطن هذه الديار قبلهم بعشرات القرون المكونات الأخرى بما فيهم المسيحيين بمكوناتهم القومية من الكلدان والسريان والآشوريين .
ويستشفى من هذه المعلومات ايضاً ان الأضطهاد والتنكيل وسياسة التعريب اي محاولات تغيير البنية السكانية قد شملتهم الى جانب الأقليات الأخرى في المنطقة .
بعد سقوط النظام في نيسان عام 2003 تغيرت الموازين في المنطقة ، إذ توارت الهوية الوطنية لتستيقظ الهويات الفرعية الطائفية وتزيح تلك الهوية الوطنية الشاملة الجميلة وتحصرها في الكهوف المظلمة . وبموجب الأصطفافات الجديدة ارتفع نجم المكون الشيعي وتوارى نجم الأقلية السنية الحاكمة بنظام مركزي استبدادي .
وكان المنتظر بعد سقوط النظام ان يسود النظام الديمقراطي ويغطي الأرض العراقية وتبدأ مرحلة جديدة من مراحل بناء الوطن العراقي ، لكن الذي حدث ان لغة الأنتقام والثأر تفاقمت ، واصبح العراق الفريسة الضحية وكل طرف ينهش في اوصال تلك الضحية .
كانت الأقليات اكثر المتضررين من تهميش الهوية العراقية الوطنية وأصبح منطق الأكثرية يوغل في عملية التهميش والأهمال بحق الأقليات الدينية على وجه الخصوص ، وما تهميش حقوق الشعب الكلداني في الدولة العراقية وفي اقليم كوردستان إلا فصلاً من فصول ذلك التهميش .
فيما يخص مقالنا فإن مكون الشبك الشيعي لأسباب مذهبية قد نال الحظوة والقوة بسبب وجود حكومة مركزية تحمل الطابع الشيعي واستقوى هذا المكون بعد ان كان مظلوماً ليصبح ظالماً وبدلاً من الجيرة التي تمتد اكثر من ثلاثة قرون بدأ هذا القوم بالقيام باعتداءات على من يعتقد انهم اضعف منه ، وبدأت شرائح من المكون الشبك بتكرار تلك الأعتداءات على جيرانهم من المسيحيين السريان في عدة مناسبات .
حدث اعتداء سافر قبل فترة على اهالي برطلة وفي وقتها كتبت مقالاً  تحت عنوان :
( الأعتداء على أهالي برطلة سوف لا يكون الأخير في مسلسل الأعتداءات ) وحسب الرابط ادناه :
http://www.kaldaya.net/2011/Articles/09_September2011/50_Sept30_HabeebTomi.html

وفعلاً تكررت الأعتداءات بعد ذلك التاريخ ، وليس هذا فحسب بل هنالك محاولات غير انسانية وغير ودية ولا تمت بصلة الى الجيرة ، وهو المحاولات الحثيثة لأحداث تغيير ديموغرافي والأعتداء على خصوصية هذه المدينة الآمنة ( برطلة ) وإن كان محمد نبي الإسلام قد اوصى بسابع جار فإن هؤلاء يعتدون على اول جار .
لقد قرأنا عن ان الوقف الشيعي  يسعى لبناء مسجد واكاديمية شيعية وسط برطله المسيحية ضمن مسلسل التغيير الديموغرافي في سهل نينوى . وحسب الرابط ادناه :

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=582083.0

لا ريب ان مساعي الوقف الشيعي نابعة من مطلب الشبك الشيعة في المنطقة ، وإن كان الوقف الشيعي حريص بهذه الدرجة لماذا لا يسعى لبناء مسجد وأكاديمية شيعية في قرية كبيرة للشيعة الشبك ؟ فلماذا يختارون قرية مسيحية لها خصوصيتها الدينية والثقافية ؟
وسؤال للاستاذ حنين قدو ولكل العقلاء من الأخوة الشبك .
ماذا لو سعى الوقف المسيحي لبناء كنيسة ومدرسة كنسية في مدينة شيعية ؟ اليس ذلك مناقضاً للواقع ومنافياً للمنطق ؟ اليس ذلك انتهاكاً لخصوصية تلك المدينة الشيعية ؟
لا شك ان المعادلة تنطبق على مجرد التفكير ببناء مسجد في مدينة مسيحية .
بصراحة ان الأخوة الشبك يتصرفون من منطق القوي والضعيف مع سكان مدينة برطلة المسالمة وإنه يجري الاستقواء بالحكومة المركزية الشيعية ، وإن جيرة الأخوة الشبك تقول :
نحن اخوان وجيران ما هو لكم هو لنا ولكم ، وما هو لنا فهو لنا وحدنا . وهذه معادلة تساوي مقولة ( تريد ارنب أخذ ارنب تريد غزال أخذ ارنب ) ولك مطلق الحرية في الأختيار .
إن الحكومة العراقية ينبغي ان تكون حكومة الجميع وليس حكومة الطائفة الواحدة ، وينبغي ان تكون الجهة المسؤولة عن الحفاظ على الأقليات العراقية من التهجير والقتل وأخيراً وليس آخراً بالحفاظ على خصوصيتها وثقافتها ، وان تسد كل الثغرات التي تؤدي الى هذا التغيير .
إن ما يبعث على الحيرة والدهشة هل ان زيارة الأستاذ عمار الحكيم للمنطقة كانت من اجل إحداث هذا التغيير ولتشجيع الأعتداءات على المكون المسيحي ؟
إن شخصية الأستاذ عمار الحكيم شخصية عراقية معروفة يعمل لمصلحة العراق ، وإن الحفاظ على النسيج المجتمعي العراقي ينبغي ان تكون اولى مهامه فكيف يقبل بهذه الأعتداءات والتجاوزات الصارخة بحق مكون عراقي اصيل .
نتمنى ان تطوى صفحة الأعتداءات وان تفتح صفحة الأحترام المتبادل ولا سيما احترام الخصوصية الثقافية والدينية لكل الأطراف ، وفي المقدمة إلغاء فكرة بناء مسجد وأكاديمية شيعية في مدينة مسيحية ( برطلة ) وإن بنائها يمكن ان يكون في مدينة شيعية من العراق الذي يتسع للجميع .
وأخيراً اخاطب عبر هذا المقال الأستاذ الموقر عمار الحكيم الذي سبق له ان زار المنطقة وأقول :
الأستاذ الفاضل عمار الحكيم زار المنطقة ومن الصدف الغريبة ان يسود بعد زيارته مبدأ التعايش والتسامح لكن الأمور كانت على عكس ذلك ، فتكررت الأعتداءات على مدينة برطلة المسيحية السريانية المسالمة واشتدت المحاولات لتغير بنيتها الديموغرافية
وأقول للاستاذ الموقر عمار الحكيم ولأي مسلم يهمه التعامل الأنساني مع المكون المسيحي في العراق من الكلدانيين  وغيرهم :
أن المسيحيين في العراق قلقون بشأن مستقبلهم ، لأن البيئة المجتمعية ( الأسلامية ـ سنية وشيعية ) المحيطة بهم تعمل على تأجيج هذا القلق وذلك بالتعامل معهم بمنطق الأقلية المحمية وهي مكانة وضيعة ومهانة ( الذميون ) كم هي مكروهة هذه الكلمة ؟
نحن نسعى للأرتقاء بالمساواة الحقيقية امام القانون ، ويخيم بين كل المكونات الصغيرة والكبيرة مفهوم المواطنة العراقية الحقة وأن يطوى الى الأبد مفهوم (الذميون ) .
حبيب تومي / اوسلو في 21 / 06 / 12

You may also like...