اللغة الكلدانية وتداخل العربية معها

”  خاهه عَمّا كَلذايا “

نزار ملاخا

يعيب علينا البعض من فاقدي نعمة البصر والبصيرة، أو بعض الذين لا يفقهون في اللغات شيئاً، بأن لغتنا الكلدانية هي مزيج من اللغة العربية، او ان الكلدان أهملوا لغتهم الجميلة، وخاصة إخوتنا النساطرة من كلدان الجبال، وبعض الكلدانيين الذين أغوتهم ملذات الدنيا الزائلة، من الكرسي والمنصب والجاه والمال، فتنكروا لهويتهم القومية، واستبدلوها بتسميات قطارية فنطازية يرتزقون منها، وجعلوا من التبدل عملاً يقتاتون منه، ومستقبلاً موهوماً يتمنون أن يدوم لهم، ولكنهم نسوا بأن المثل العراقي يقول  ”  لودامت لغيرك لَما وَصَلتْ إليك َ  “

وقد فات هذا البعض بأن الإخوة النساطرة يدخلون الأنگليزية في الكثير من مفردات  لهجتهم ولا يوجد مَن يعيب عليهم ذلك ، نحن نقول نعم، إن لغتنا الكلدانية متداخلة مع اللغة العربية أو أن اللغة العربية متداخلة مع اللغة الكلدانية، ولملذا العجب، أليست اللغة الآرامية هي من نفس العائلة اللغوية التي تنتمي إليها العربية ؟وهي عائلة اللغات الجزرية( السامية ) (1) ،

الباب الأول

في اعتناء الإفرنج باللغة العربية

1 – اللغة العربية

اعلم إن اللغة العربية و الحديثة هما الفرع الجنوبي من اللسان السامي نسبة إلى سام بن نوح لا نسبة إلى السموّ و الفرع الأوسط للسان السامي هي اللغات العبرانية و النباطية و التدمرية. و الفرع الشمالي منه هي اللغات الآرامية و الكلدانية و السريانية

http://sh.rewayat2.com/fhars/Web/5012/001.htm

وهنا لا بد وأن نشير إلى بعض الكلمات المتداخلة ، أو المشتركة بين اللغتين، أو من الكلمات ما تم تحوير حرف واحد فقط، وغيره، فمثلاً أكمحكه : يحكي، بيثا= بيت، نگارا = نجّار، أسهوذ = اشهد، تري =  أثنين، طلاثة = ثلاثة، أرْبا =  أربعة، خَمْشا = ر خمسة ، شاموعي = سامعين ، والأحرف مَنْ لا، كما جاء في ” مَنْ لا أشقيلاله مَعْموديثا نيزَلْ ، عاصرتا = عَصراً، حَقل دمّا = حقل الدم، بصحا = الفصح، وغيرها.لهذا نرى أن العربية هي الأقرب إلى لغتنا المحكية . وضمن هذا السياق، هل يمكنني أن اسال هؤلاء ، ماذا يقابل كلمة” رومانسي بالكلدانية ” و ( قطار، وبيجامة، وگمرگ، وكومبيوتر ، وتلفزيون، ويو إس بي، وديوانخانه، وبنطرون، شاي قهوة، جوقة،  وبالمقابل ماذا يسمون بالإنگليزية الكلمات التالية ( بازار، كباب، فلافل، باچة، تشريب، … الخ )

ولكن مهلاً ايها السادة، لماذا اللغة الكلدانية والكلدانيين بالذات ؟الم يُكتب الكتاب المقدس بعدة لغات ؟ ألم تتداخل العبرية مع الآرامية مع اليونانية ؟ ” يا طليثا قومي ” مَنْ أخذها مِنْ مَنْ ؟ ألم يُكتب الكتاب المقدس بإلهام من الروح القدس ؟ وهو موحى به ؟ أنظر إلى اللغة الدنماركية ستراها خليط من عدة لغات، قارنوا العربية والإيرانية مع الفارسية والتركية والكردية وغيرها ألم تتداخل في ما بينها ؟ فلماذا الكلدان والكلدانية بالذات ؟ ألا يدل ذلك على أننا مستهدفين ؟ بلغتنا بتاريخنا برجال الدين بهويتنا القومية، وذلك من قبل زمرة رعاع مجرمين ظالمين ، لا همَّ لديهم ولا غَمْ سِوى البحث عن نقد للكلدان ، لذلك نقول ” تنبَّهوا وأستفيقوا أيها الكلدان .

في لهجة ألقوش ألا نسمي السيارة ( طرمبيل ) ؟ والطائرة ، طيّارة ؟ وإن لم تكن بلغتنا ، كيف نترجمها إلى الكلدانية ؟وبنجانه، أي باذنجان، وهي كلمة فارسية معناها ” مناقير الجن ” فإن ذهبت إلى السوق وقلت للبقال أعطني كيلو مناقير الجن، ألا يضحك عليك ويتهمك بالجنون ؟ وبرميل، وملاريا، وعملية جراحية، ومستشفى، و پاپا ،وغيرها من الكلمات التي لا تُعَد ولا تُحصى، كيف نترجمها إلى اللغة الكلدانية ؟

من يسمع  بالكلمات التالية للوهلة الأولى (بيدر ، زبون ، سمسار ، فستق، نبراس) يتصورها عربية دخلت إلى لغتنا، ولكن بالحقيقة هي آرامية دخلت على اللغة العربية، فهي دخيلة على العربية.

ننقل نصاً من أحد المواقع : ــ * گور مَمِشْ :

بالكاف المصرية أو الفارسية .

تركية ، وتقال للمحروم من النعمة والجاه ، ( اللي ما شايف ) . كذلك تستعمل لمن لديهِ دناءة نفس ، والذي لا يهمهُ أن يُهان في سبيل الطعام ، كذلك تُقال للذي يبخل بصورة واضحة في إطعام ضيوفه ، ولمن يُفِرطُ ويُبالغ في تعجبه بشيئ ما ( ما شاف وشاف ) ، وتكملة المثل يعرفها كل عراقي .

لا تزال تُستعمل في العراق بكثرة . ألا نستخدمها في لغتنا الكلدانية؟

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=290340

اسباب التداخل

لقد دانت جميع الأقوام بالمسيحية قبل أن ينتشر الدين الإسلامي، وفي كتاب مرقس على لسان يسوع يقول : ــ لا نعرف المصدر الذي قام بنقل الأناجيل إلى العربية ،وهذا ما يذكره ميخائيل الكبير( 1199 )  في التأريخ الكنسي، إن عمر بن سعد بن ابي وقاص امير العرب( القرن السادس) طلب من يوحنا الأول بطريرك أنطاكيا للسريان ( 630 – 648 ) ترجمة الأناجيل من السريانية إلى العربية، لكن لا أحد يعرف في ما إذا كان هذا المشروع قد تحقق أم لا “

وعند تحقق  ذلك المشروع مَنْ يضمن عدم إدخال بعض الكلمات الآرامية إلى اللغة العربية من خلال الترجمة ، ولكن هل تحققت ترجمة عربية للأناجيل في بلاد ما بين النهرين منذ عهد جرجس اسقف العرب ؟ إن أقدم مخطوطة تحتوي على ترجمة الأناجيل من السريانية إلى العربية، مكتوبة بالأحرف الكوفية، ترجع إلى القرن التاسع، ثم صدرت في مصر ترجمة مصدرها اليونانية والسريانية والقبطية، وفي قرطبة نقلت الأناجيل من اللاتينية المعتمدة إلى العربيةعلى يد إسحق أبن بلشك سنة 946، واقدم أبو الفرج عبدالله أبن الطيب ( 1043 ) على نقل الأناجيل من السريانية البسيطة إلى العربية ضمن تفسيره الكبير في الأناجيل . كما أن تداخل الشعوب ، أو الأصح أن فرض لغتين على شعب واحد يؤدي بالنتيجة إلى تداخل مفردات لغة مع اللغة الأخرى، وهذا هو حال اللغة الكلدانية مع اللغة العربية، حيث تداخلت وقرضت العربية الكلدانية،

ولكن هل دخلت كلمات غريبة إلى لغتنا من العربية فقط ؟ سؤال وجيه، وانا أجيب عليه وأقول بالتأكيد كلا، فلدينا كلمات كردية وتركية وحتى إيطالية، فاليبرخ أو الدولمة هي تركية، ودَرگا هي كردية ، وبلوز هي إيطالية، وبُكلة وهي فرنسية،

القسم من المؤرخين يعتبر الغة الآرامية هي أصل اللغة العربية قبل التنقيط.

الأستاذ الدكتور دنحا طوبيا گورگيس يقول في مقالة له بعنوان ” قواعد اللغة الكلدانية ” : ــ. تناولت كتابا بالعربية، أحتفظ به في حاسوبي، لمؤلفه القس بولس الكفرنيسي (1888 – 1963)، وقرأت فيه ما يلي:

“ومن المحقـّق الذي لا ريب فيه أن الآرامية تغلبت على اللغة العبرانية منذ الجلاء البابلي سنة 599 ق. م. فلما سـُبي العبرانيون إلى بابل وأقاموا فيها نحو 70 سنة نسوا لغتهم العبرانية وتعلموا اللغة الآرامية الفلسطينية أو السريانية الكلدانية. وبهذه اللغة الكلدانية كـُتب سفرا دانيال وطوبيا وسفر يهوديت وسفرا عزرا وسفر إستير” (من كتاب: غرامطيق اللغة الآرامية السريانية لمؤلفه القس بولس الكفرنيسي (1888 – 1963)، مطبعة الاجتهاد – بيروت، 1929).

الأقوام التي أعتنقت المسيحية

يطلعنا تاريخ اليعقوبي ، وتاريخ العرب قبل الإسلام لجرجي زيدان، وكذلك للعلامة جواد علي ، على أن المسيحية أنتشرت في الجاهلية بين بني تميم وبني تغلب من ربيعة، ومنهم الشاعران الأخطل وعمرو بن كلثوم، كما أنتشرت في بني بكر ، وانتشرت في قبائل اليمن ، طي، وزحج، وبهراء، وسليح وتنوخ وغسان ولخم، كما انتشرت في قبيلة اياد ومنهم الخطيب الفصيح قُس بن ساعدة، و سكنوا بعد نزوحهم من تهامة أطراف الكوفة وتكريت والجزيرة والموصل  ( 2 )

وهذا رابط لمقال الأخ د . گورگيس مردو حول اللغة الكلدانية

http://www.kaldaya.net/2010/Articles/09_September_2010/09_Sep04_2010_GorgeesMardo.html

يمكنكم الإطلاع عليه لمزيد من الفائدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأحمج، عبد الرحيم طه، تكريت من العهد الآشوري إلى الإحتلال العثماني ص 49 .

(2) مجلة بين النهرين/العدد 119-120 ص 255

(3) موقع زهران أوروك .

 

You may also like...