اللغة الكلدانية في كتاب كلدو وآثور ( 3 ) / بقلم: نزار ملاخا

” خاهه عما كلذايا ”
نزار ملاخا

اللغة هي هوية كل قوم، وإليهم تنتسب، يقول المطران إقليمس يوسف داود في كتابه اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية في الفصل الأول ص 7 ” إن الباقين من السريان الأقدمين يسمون لغتهم بلسانهم سريانية ” إذن هذا دليل على صحة ما ذكرناه من أن اللغة تنتسب إلى القوم ولا يمكن أن ينتسب القوم إلى اللغة، لذا وإستناداً إلى ذلك نقول بأن الكلدان يتكلمون الكلدانية ولا يتكلمون السريانية .

هل نردد ما قاله المطران أدي شير في كتابه كلدو وآثور عن سوء أحوال الكلدان وكأن التاريخ يعيد نفسه ؟ يقول المطران في ص 162 من المجلد الأول ” فنسي الكلدان الشهرة العظيمة التي حصل عليها أجدادهم واستولى عليهم الهوان والغفلة وتعودوا أن يعيشوا تحت رق العبودية ” واليوم فعلاً ينطبق قول المرحوم المطران أدي شير على بعض الكلدان الذين نسوا تاريخ أمتهم أو تغاضوا عنه من أجل حفنة دولارات أو دراهم معدودات أو من أجل كرسي زائل أو منصب لا يدوم، نعم كانت للكلدان شهرة عظيمة لم يمنلكها أي قوم،

نعود لنذكّر هذه القلة القليلة من ابناء شعبنا ممن حادوا عن طريق الصواب وتبعوا شهوات الجسد المميتة، يقول المطران إقليمس يوسف داود في كتابه اللمعة الشهية، في الفصل الثاني ص 10 ” ولكن علماء الإفرنج يسمونها كلدانية ( اي اللغة ) نسبة إلى الكلدانيين الذين كانوا أشهر قوم في أرض بابل والعراق ” .

إذن نفهم من ذلك أن الكلدانيون كانوا يتكلمون لغة ما، وقد نسبها العامة إليهم، فقالوا لغة الكلدانيين واللغة الكلدانية نسبة إلى القوم الذين تكلموا بها وهم الكلدانيون، والكلدانيون حسب ما جاء أعلاه كانوا أشهر قوم في أرض بابل والعراق ، فلم يكن لا السريان ولا الآشوريين ، بل الكلدان كانوا أشهر قوم، فهل يرعوي بعض من هؤلاء الكلدان الذين يصرخون ليلاً ونهاراً بتسمية قوميتهم تسمية غريبة دخيلة عليهم ؟ ولماذا ينادي البعض بأن لغة الكلدان ليست كلدانية ؟ على ماذا أستندوا؟ وما هي مبررات إدعائهم ؟ وهل يمكنهم مجاراة علماء الأمس حينما قالوا بأن لغتنا هي الكلدانية؟

والشئ بالشئ يُذكر، فإن المستشرق الألماني يوهان فوگ في كتابه ( تاريخ حركة الإستشراق يقول في ص 24 / 4 – رايمندوس مارتيني ” غير أن روجر باكون ( عالم بصريات وفيلسوف إنگليزي 1220 – 1292 ) سارع بالمطالبة بتعلم اليونانية والعربية والعبرية والكلدانية “

أيها الناس أنظروا وأحكموا، فيلسوف وعالم إنگليزي يطالب قادته بتعلّم اللغة الكلدانية، فلم يسميها الآرامية، ولم يسميها السريانية ولا العبرية، لا بل سمّاها وبملئ الفم ( الكلدانية ) فهل يحق لأحد أن يسمي لغتنا بغير إسمها الحقيقي ؟

لربما يقول قائل ، لقد ورد ذلك سهواً، أقول له لنأخذ مثالاً آخر، فقد اورد نفس المصدر في النقطة 5 – رامندوس لولوس / وفي ص 32 ما يلي ” وأخيراً شهد لولوس في سنة 1311 راضياً قرار المجمع الكنائسي العام الملتئم في مدينة فيينا بإقرار القانون الذي جرى التصويت عليه بكثرة، وينص على تعيين مدرّسين كاثوليكيين في كل جامعة من الجامعات الخمس ( باريس – أوكسفورد – بولونيا – سلمنكا – وجامعة الإدارة المركزية البابوية ) مدرّسين للغات اليونانية والعبرية والعربية والكلدانية .

أيها القارئ الكريم/ هل يُعقل أن عالماً مثل يوهان فوگ وهو ألماني الجنسية لا يميز بين اللغات وتسمياتها وإنتسابها ؟ هل من المعقول مثل هذا العالم لا يعرف أن يميز بين اللغة السريانية والكلدانية ؟

هل يُعقل على أن المجمع الكنائسي العام يطالب بتعيين مدرسين للغات لا يعرفها أو لا يميز بينها ؟ لماذا لم يطالبوا بتعليم اللغة الآشورية إن كانت هناك فعلاً لغة بأسم الآشورية ؟ لماذا لم يطالبوا بتعيين مدرّسين في الجامعات لتعليم اللغة السريانية ؟ ولماذا شخّصها بالحرف الواحد حيث قال الكلدانية ؟ وأين ؟ في خمس جامعات في دول مختلفة، ماذا يقولون اليوم مدّعوا ومنتحلوا التسميات الأخرى للغتنا الجميلة الكلدانية ؟يقول المطران أدي شير في المجلد الثاني من كتابه كلدو وآثور وفي المقدمة ص گ ” فلم يكن الأسم السرياني يومئذٍ يشير إلى أمة بل إلى الديانة المسيحية لا غير.” إذن من هذا المفهوم لا يمكن أن نعتبر السريان قومية أو شعب أو أمة أو حتى لغة، هكذا يقول المصدر. ومما يزيدنا تأكيداً على ذلك يعود المصدر نفسه ليقول ” . ومما يثبت قولنا ما أتى في كتاب تاريخ إيليا مطران نصيبين ( 975 – 1046 ) فإنه فسّر لفظة سرياني بلفظة نصراني وإلى يومنا هذا نرى الكلدان الآثوريين لا يتخذون لفظة سرياني للدلالة على الجنسية بل على الديانة، هذا الأسم عندهم مرادف لأسم مسيحي من أي أمّة وجنس كان ( اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية للسيد يوسف داود . الموصل سنة 1896 ح 11 ) .” فهل هناك دليل ابلغ من هذا وأوضح مما تم توضيحه ؟

نرى أن المطران أدي شير يستشهد بكتابات بعض المؤرخين ، حيث جاء تأكيداً على أن لغتنا نحن الكلدان وإخوتنا كلدان الجبال تسمى ( كلدانية ) حيث ذكر نصاً لأبن العبري في كتابه تاريخ الدول في بحثه عن فروع اللغة الآرامية سمّى لغة أهل جبال آثور وسواد العراق الكلدانية النبطية .

وعن التسميات التي تسمى بها الكلدان وأسم لغتهم قال ” ، ولغتهم الجنسية والطقسية هي الكلدانية ” أي أن أسم اللغة التي تتكلم بها الأمة الكلدانية هي الكلدانية ، وهنا يقصد بالجنسية والطقسية ، اي اللغة القومية ولغة الكنيسة والصلوات ، فهنا كلمة الجنسية تقابل القومية . ويؤكد على ذلك لأنه عَلِم بأنه سوف ياتي يوم يقوم فيه بعض ضعاف النفوس من الكلدان كالذئاب ينهشون في جسد الأمة الكلدانية فيأتون على اسم قومها ومن ثم يستكملون باقي النهش بأن يتناولوا لغتها بمعاول الهدم، ولكن أنى لهم ذلك، فالتاريخ لهم بالمرصاد، لذا نرى المطران ادي شير يقول في ذلك ” وغلط سُميت سريانية كما أنه غلطاً أيضاً سمّي أجدادنا النصارى سرياناً ” أي أنه خطأ في خطأ أن نقول لغتنا هي السريانية ، وخطأ أن ينعتنا ناعت بأننا سرياناً، لا بل نحن كلدان ولغتنا كلدانية لا غير، أتمنى على من بيدهم الأمر أن يوصلوا هذه المعلومات إلى أصحاب الشأن والقرار في الحكومة العراقية والتي أصدرت قانون اللغات الرسمية في العراق

وجاء في مادته -7- يجوز فتح مدارس لجميع المراحل للتدريس باللغة العربية أو الكردية أو التركمانية أو السريانية أو الأرمنية او المندائية

أين هي اللغة الكلدانية التي يتكلم بها أكثر من تسعون بالمائة من المسيحيين العراقيين ؟ ألا يدل هذا القانون على أن مَن اصدره يجهل تماماً حقائق عن المسيحيين العراقيين ولغاتهم ؟

ألا يقول المثل إن كنت في شك فاسأل ؟ فلماذا لم يسألوا أهل العلم بذلك ؟ ومن قال أن السريانية هي لغة يتكلم بها مسيحيي العراق ؟ لنا حلقة خاصة حول هذا القانون .

نختم حلقتنا هذه بما ذكره المطران أدي شير وكيف أنه يميز بين اللغات الكلدانية والسريانية، وما ذكره علماء ألمان من ان الكلدانية تتميز عن السريانية وإلا لما ذكرهما منفردتين، حيث قال : ـــ ” وأتى في قاموس اللاهوت الكاثوليكي تأليف علماء ألمانيا ( الترجمة الفرنسية لكوشلير 76 ) ما تعريبه” إن العلوم الشرقية في زمان فتوحات العرب كانت محصورة خاصة عند الكلدان ” فكانوا يعلّمون في مدارس أورهاي ونصيبين وساليق أو ماحوز ودير قوني اللغات الكلدانية والسريانية واليونانية والنحو والمنطق والشعر والهندسة والموسيقى والفلكيات والطب، وكان لهم مكاتب عمومية يحفظون فيها تآليف المعلمين ” .

17/2/2014

You may also like...

1 Response

  1. Rooni says:

    في بداية كلامي أحب ان أشكرك على المقالة القيمة وأتمنى ان تزودنا مثل هذه المقالات المفيدة والقيمة مع الجزيل الشكر.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *