الكلدان .. والتعداد العام للسكان

**  شرح الأستاذ أبلحد أفرام في مقالة له بعنوان ” الكلدان والتعداد السكاني المقبل ” الأسباب الموجبة لأجراء التعداد السكاني في شهر تشرين الأول من العام الجاري, وقدم عدة أسباب , منها الوقوف على العدد الحقيقي لنفوس العراق في الداخل والخارج وجنسياتهم , وعدد نفوس كل محافظة وكل قومية وطائفة ومنها قوميتنا الكلدانية , وهو ( أي التعداد السكاني ) أجراء حضاري تؤسس على نتائجه خطط الحكومة في السير نحو خطط تنموية  كفوءة للأقتصاد الوطني والقومي وللمشاريع التنموية , ولمختلف الخدمات كالتعليم والصحة والنقل وغيرها.
**  وفي رد للسيد تيري بطرس على آراء وطروحات الأستاذ أفرام عن التعداد العام للسكان, حاول أن يوجّه دفّة موضوعه الوجهة الحيادية  ظاهريا على الأقل وفي نفس الوقت  متهما من  سمّاهم الأخوة المؤمنون بالتسمية الكلدانية أو بالقومية الكلدانية , التي يعتبرها منفصلة عن بقية تسميات شعبنا وأطلق عليهم الحاقدين والمتعصبين!!. وهنا لا نريد أن نعيد الى ذهن السيد تيري الذي لا نشك  لحظة بأنه مطّلع جيدا على كتابات الأخوة الآثوريين أو الأخوة الكلدان المتأشورين ليرى مقدار الحقد والتعصّب الذي يسيل من كتاباتهم بحق أبناء شعبهم  وأخوتهم الكلدان , ولا أدري ما الضير أو الخلل  في أن يكتب الكلداني أسم قوميته الكلدانية في التعداد السكاني القادم , سيّما بعد أن خفّت بدعة أن الكلدانية هي مذهب كنسي وليست قومية, على الأقل ليعرف الكلدان عددهم وحجمهم في دولتهم العراق, وأن يثبّت الآثوري أيضا قوميته وكذلك السرياني والتركماني وغيرهم , وما بعد التعداد فليجتمع الكلدان والآثوريين والسريان حول طاولة مستديرة ويقرروا تسميتهم التي يتفقون عليها بعيدا عن أكراه أو ضغط أية جهة في فرض أية تسمية سواء كانت من قبل الشيوعيين و الحركة الديمقراطية الآشورية ( كلدوآشور ) أومن قبل حزب المجلس الشعبي , (كلداني سرياني آشوري ). 
**  نحن الكلدان لسنا ملزمين بما أختاره رواد العمل القومي الآثوري منذ (150) سنة الذين ذكرهم السيد تيري بطرس في مقاله المذكور, هؤلاء الرواد هم بمجملهم آثوريين ليس بينهم وبين الكلدان أية رابطة سوى رابطة الدين, ومعظمهم لم يعيشوا في العراق , بل لم يولدوا فيه , وأن من يمثل الكلدان هم أبناء العراق الكلدان الذين يؤمنون” بالوطنية قبل القومية “, لذلك كانوا ولا زالوا في الصفوف المتقدمة في الدفاع عن هذا الوطن أذا ما تعرض لأعتداء , كما وأنهم لم يضعوا أيديهم في أيدي أعداءه الذين كان جلّ أهتمامهم مصلحتهم التي هي بالضد من مصلحة العراق,أضافة على ذلك  فأن الكلدان العراقيين لم يذكروا يوما بأنهم ليسوا شعبا واحدا مع بقية القوميات التي تؤلف هذا الوطن , بل العكس هو الصحيح فأنهم في كل أدبياتهم وكتاباتهم يذكرون بأننا والآشوريين والسريان والكرد والعرب شعب واحد لوطن واحد هو العراق.
**  أن العزف على وتر المذهبية والكنيسة قد ملّ منه أبناء العراق المسيحيين , ومما يؤسف له أن يستمر الأخوة الكتاب الآثوريين والأخوة الكلدان المتأشورين في هذا الطريق رغم الأدلة والبراهين  والمستندات التاريخية التي لا يرقى أليها الشك , أن أسم الكلدانيين كان قبل مجيء المسيحية بأكثر من ألفي سنة وأذا كان أجداد الكلدانيين من المنجمين أو ما أعتبروا في عصرهم من السحرة , فهذا فخر لهم بهكذا أجداد علماء عظام أفادوا البشرية بعلومهم وقوانينهم وتشريعاتهم وآثارهم وهو تعظيم لهم وليس أنقاصا في حقهم .
**  كان من حق الآثوريين المشردين في دول الجوار بعد سقوط آشور , وبعد أن أعاد بعض الأجانب الى ذاكرتهم دولتهم آشورالمنقرضة  أن ينظموا نفسهم في حركات سياسية وجمعيات , وأن يتذكروا مجدهم الغابر في نينوى وشمال العراق , وهذا يحسب لهم ميزة وعليهم أن يفتخروا بها , أما أن يسحبوا خلفهم الكلدان,  الشعب الذي بقي في أرضه ووطنه يتقاسم مع مواطنيه  (الحلوة والمرة ) والذين لم ينتظموا في حركات أو أحزاب لأنهم لم يكونوا بحاجة لها ولأن همومهم كانت هموم كل العراق في مختلف الأزمنة والعصور , ويورطوهم في مشاريع هي بالضد من مصلحة وطنهم  العراق تحت شعارات كشف زيفها , فهذا ما لا يرضى به الكلدان , وهو سوف يكون خلافا رئيسيا بين الكلدان وبين أي طرف يسعى ألى تحقيقه . وفي زمن الأحزاب هذا, لا بأس أن أنتظم الكلدان في أحزاب أو نشاطات قومية وسياسية وهم المعروف عنهم حبهم العمل والدراسة والعلم , ولكن بشرط أن يكون كل ذلك في سبيل خدمة ومصلحة ووحدة العراق , وأن يكون نصب العين شعار ” الوطنية قبل القومية “

**  وهنا خطرت على بالي قصة تذكرتها تعود الى عام 1983 أبان أشتداد معارك قاطع الفيلق الرابع في العمارة – الطيب .
” كان ( ب.ش) جنديا مقاتلا في اللواء قوات خاصة (17) الشهير ببطولاته الميدانية أثناء الحرب العراقية الأيرانية , وكان سياقا متبّعا لدى  آمر اللواء أن يمنح للجنود المسيحيين في لواءه لمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة أجازة دورية أعتبارا من يوم 22\12 ولغاية 2\1 من السنة الجديدة , ليقضي العيد وراس السنة بين أهله وذويه , وهكذا أستلم (ب.ش ) نموذج أجازته الدورية يوم 22\12 ووصل الى أهله قبل العيد , فكانت فرحة كبيرة لعائلته وهم يعلمون خطورة ونوعية المعارك التي يكلف بها هذا اللواء , وهكذا أستمتع بعيد الميلاد المجيد الى أن كان يوم 27\12 عندما سمع من الأذاعة والتلفزيون عن تعرض قطعات الجيش العراقي في شرق العمارة لهجوم كبير شنّته القوات الأيرانية , وأن اللواء المدرع (17) قد كلّف بطرد القوات الأيرانية التي أحتلت بعض الأراضي شرق العمارة , هنا قام (ب.ش) بتهيأة نفسه للعودة الى وحدته , ولم تفد توسلات والديه وأخوته حيث كانوا قد هيأوا لسهرة عائلية ليلة عيد رأس السنة الميلادية , ولكن ( ب.ش) أصر على الألتحاق بوحدته وهو يقول كيف يهنأ لي بال أو أرتاح ووحدتي مشتركة في معركة , بل علي الألتحاق بوحدتي فورا , وهكذا قطع أجازته التي كان قد بقي منها خمسة أيام أخرى والتحق بوحدته التي حررت جميع الأراضي التي كان الأيرانيون قد أحتلوها , مع تلقين الأيرانيين درسا من دروس الجيش العراقي”, والبطل (ب.ش) حاليا هو في أحدى الدول الأوربية “

المطلوب من الكلدان أينما كانوا عدم الأنجرار خلف الشعارات التي يروّج لها أعداء قوميتهم العريقة فنحن كلدان أبناء هذا الوطن , لسنا كلدوآشوريين ولسنا ( ك.س.ا ) تلك التسمية التي خير من وصفها الأب الفاضل العلامة ألبير أبونا ( أطال الله بعمره ) بقوله.
 ((إن ما أرفضه رفضًا قاطعـًا هي هذه التسمية المثلثة (كلدان – سريان – آشوريون) التي بها يحاولون التعبير عن قوميتهم، وهم بذلك إنما يعبّرون عن خلافاتهم في هذا الاختلاف الفاضح. ومتى كانت القومية مثلثة؟ ربما أتت الفكرة من وحي “الثالوث الإلهـي” لدى سكان بلاد الرافدين القدامى: أَن وأنليـل وأيـا! اليس من سخرية القدر ان تُفرَض علينا مثل هذه التسمية السخيفة التي صفّق لهـا الكثيرون من السذّج. انها تسمية ان دلت على شيء فهي تدل على مدى انقساماتنا وتأرجحنـا في شأن أصلنا، وترددنا في اختيار قوميتنا الحقيقيـة))

بطرس آدم

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *