الكلدان قوة مقيّمة في الماضي والحاضر(2 الأخيرة)

من خلال متابعتنا للأمور على مستوى الوطن والمنطقة والواقع الدولي المتحكم في مصائر الدول ، نستنتج من المرأيي والمقروء والمسموع ، وجود مؤامرة على مصير الشعب الكلداني في تشويه تاريخه القومي ، بأعتبارالكلدان طائفة كنسية تارة ضمن الآشورية وأخرى ضمن سورايا وأخرين يلحقوهم بالعرب وهلم جرا ، دون مراعاة حقوق شعب عريق وأصيل ذات ماضي تفتخر به جميع شعوب العالم المتطلعة ، نحو العلم والثقافة والطب والفن والأدب وأبتكار القانون وتطوره (مسلة حمورابي الشهيرة) لتحقيق العدالة بين البشر وتطور الحياة علمياً وأجتماعيا وأقتصاديا وسياسياً.

لم ينجو الكلدان من التشويه والأقصاء من الحكومات الفاشية في القرن الماضي وحتى اللحظة ، مع العلم تاريخهم بارق كالرعد وبازخ كالشمس ، ومع هذا التآمر قائم لمحاولة أقلاعهم من أرضهم التاريخية الأصيلة التي ثبتوا بصماتهم عبر آلاف من السنين ، وحضارة بابل وحدائقها الملوية (الجنائن المعلقة) أحدى عجائب الدنيا السبعة شاهدة على الأمة ووجودها ، معززين أرتباطهم في وطنهم وتلاصقهم مع شعبهم بمكوناته المتعددة ، من خلال وطنيتهم ونزاهتهم واخلاصهم وشفافيتهم كونهم خميرة العراق المجربة.

للعراق تجربته المؤلمة التي دفع ثمنها بتفريغ الشعب اليهودي وخسارته الكبيرة في هذا الجانب ، وللاسف نقولها بألم هذه الحالة ستتكرر على بلدنا ، في غياب الكلدان بخسارة لا يمكن حسابها من الأوجه الحياتية المتعددة كونهم خميرة الشعب وملح لأرض.

الكنائس والأديان المتعددة:

الكنيسة الكاثوليكية أختارت الأسم الكلداني بمحض أرادتها ، لا لسبب بل لأن غالبية الأمة الكلدانية دخلت الكثلكة ، فما ذنبها لألحاقها بالطائفية وهي بريئة منها ، ولا يقبل بأي نفس طائفي مهما كان لونه وشكله وطوله وعرضه .. لا بل تحاربها وبالضد من الطائفية المقيتة المدمرة لبلد الكلدان تاريخياً . كما والعراق بعيد كل البعد عن العروبة لأن الأمة وشعبها لا يقاس دينياً ، لأن العروبة جنت على نفسها عندما ربطت وجودها كشعب عربي بالدين الأسلامي ، كون وجودها كأمة في شبه الجزيرة العربية قبل الدين.. ممكن لاي شعب ان يعيش وينمو ويترعرع بدون دين أو مع الدين ، والشعوب جميعها كانت لا تتدين ولحد الأن قسم منها ليس لها دين .. او قسم آخر منهاعابدة للأصنام والخرافات في الماضي ولحد الآن ، قبل ظهور الأديان اليهودية والمسيحية والاسلام بمئات السنين ، وكما قلنا ونقوله الآن..الكثير من الدول والشعوب لا تؤمن بأي دين ، وقسم آخر يتدين بدين أنساني وليس سماوي (بوذا مثالا) وهؤلاء يمثلون الغالبية الأنسانية العددية في الكون ، وقسم منها متدين فقط بالأسم .. و الآخر متدين بالتعصب الأعمى في نقيض الدين نفسه.. وقسم من البشر متدين بالقتل والحروب والأرهاب مستغلاً الدين لدمار الأنسان وقتله في عقر داره.

قسم من الكنائس تعتبر شعبها ومسمياته القومية في المقام الأول (الكنيسة الشرقية القديمة وأختها كنيسة المشرق الآشورية) ، ومن ثم تتبنى الروحانيات الروتينية المتداولة عبر أكثر من عشرين قرن خلت ، بعكس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية هي ملتزمة بالروحانيات بعيدة كل البعد عن شعبها الكلداني ، وكأن شعبهم الكلداني وأمتهم فانية زائلة لاوجود لها ولم تحترم حتى هوية شعبها قومياً ، وعليه تبنت الكنيسة أسمهم تيمناً بهم تاريخياً ، وقسم من رجالها يمارسون طقوسهم وروحانياتهم الدينية روتينياً قاتلاً مدمراً للدين نفسه ، لا يكترثون بمهام شعبهم حباً بمصالحهم ونزواتهم الخاصة ، مستغلين الدين والشعب على حد سواء ، وهذه حالة مؤلمة ومقززة للكنيسة قبل الشعب ، مثل هؤلاء يسيؤون للدين والخالق وللأنسانية وطريق الحق والمحبة والسلام ، لذا مطلوب من الكنيسة أجراء أصلاح ذاتي تجذيري لتنظيم نفسها وغربلة كادرها.

الكنيسة وشعبها:

نعتقد الكنيسة بشعبها تتقدم وتتطور بتقدمه وتطوره ووجودها من وجوده وديمومتها بديمومته ، ودعوة سيدنا غبطة الباطريرك لشعبه في التواجد في العراق خير دليل ، على تلك العلاقة المتكاملة بين الكنيسة وشعبها على ثباته بأرضه ، اليوم الكنيسة الكلدانية أنفتحت لحقوق شعبها الكلداني وعليها الأستمرار بهذا النهج السليم ، في دعمها لأمتها الكلدانية وليس لطائفتها كما يفهمه ويروجه أعدائها وأعداء أمتها الكلدانية ، وكذلك موقف مار سرهد جمو في أمريكا يفتخر به وقوفه الى جانب شعبه حيث كان بمقدمة التظاهرة في الكهون\سان ديكو ، أدى الى أستقالة رئيس بلدية الكهون (الروابط أدناه)

http://www.kaldaya.net/2013/News/10/Oct23_A1_ChaldeanNews.html.

http://www.kaldaya.net/2013/News/10/Oct25_A1_ChaldeanNews.html:

على الكنيسة أن تقيّم دعم ومساندة شعبها الكلداني لها ، عبر أكثر من عشرين قرناً لتتفاعل معه أيجابياً ، للمحافظة عليه ومحاولة معالجة اخفاقه لتذليل واذابة معاناته ، وتعزيز العيش المشترك بين الكنيسة وشعبها الكلداني ، فهو منها ولها وحضوره من حضورها حاملاً البساطة والبراءة في الولاء لها ولروحانياتها التي يؤمن بها ، على الكنيسة الكلدانية تقدير وتقييم ذلك كي تبقى أستمرارية التواصل بينها وبين شعبها ، أنه شعب مؤمن ومطيع لكنه حي يفكر جيداً واعي لمصالحه ووجوده ، متطلعاً نحو نهضة أمتة الكلدانية ووجودها ومصيرها على الأرض العراقية ، وفي شتات الأغتراب المتنوع في العالم أجمع .

عليه يتطلب من جميع رجال الدين في العراق والعالم دعم ومساندة شعبهم العلماني المدني ، للوصول الى مواقع صنع القرار ليكونوا مع شعبهم في بلدانهم المتنوعة ، يقدمون خدماتهم لأمتهم وكنيستهم في الكون ، خصوصاً الأنتخابات البرلمانية بعد أشهر لعام 2014 ، نعتقدها مهمة جداً تواجد ممثلينا في البرلمان العراقي لدورته القادمة ، خصوصاً ونحن الكلدان ليس لنا ممثلين في حكومة كردستان وبرلمانها ولا في الحكومة المركزية وبرلمانها ، ولا في الحكومات المحلية في المحافظات ، وهذا عامل أخفاق ليس للكلدان كشعب وأمة وحدهم بل وللكنيسه والعراق عموماً ، كل ذلك له عوامل عديدة ومتعددة موضوعية وذاتية ، منها الهجرة والتهجير لشعبنا ومزيد من العوامل الشبه القاهرة لمنعها ، وفق الوضع السلطوي الطائفي القائم المدمر والارهاب الدموي القاتل الواجد ، كما والجوانب السياسية العليلة التي تتطلب مزيدا من الشفافية والبناء الذاتي السليم للأحزاب السياسية الكلدانية ، من خلال مراجعة الذات بتغيير المناهج والبرامج الستراتيجية والعمل التنظيمي لتلك القوى والأحزاب التي فشلت في أدائها في كردستان والعراق معاً ، لذا يتطلب من تلك الأحزاب التعامل مع منتسبيها وجماهيرها بشفافية وصدق وكشف الحساب والبناء التنظيمي الجماهيري لمعافاتها مما هي عليه الآن.

ما العمل:

مطلوب لشعبنا الكلداني النهوض من سباته واليقظة من غطة نومه العميق ، يقدم خدماته التاريخية لأجياله القادمة لتوعيتها ونهضتها بالمهام والواجبات المطلوبة والمناطة به ، جدير في تحمله المسؤولية الأدبية والثقافية والأخلاقية تجاه شعبه كي يرحم نفسه وبيته وأطفاله ، لأننا نعيش في وضع صعب ومعقد وعسير جداً ، لعوامل شتى متشعبة وعديدة داخل البيت الكلداني ، ومن خارجه ممن هم أخوة وأقارب وروابط الدم لقسم من الآشوريين والمتأشورين المتطرفين المتعصبين ناكري الوجود القومي الكلداني ، وللاسف هؤلاء يتخبطون بين اليمين واليسار ، حيث تارة يرفعون شعار التوحيد سورايا وتارة أخرى يتوحدوا ضمن الآشورية قومياً ، على أساس الكلدان والسريان طوائف بموجب أفكارهم المريضة ، وتارة اخرى يتبنون الخلط في التسمية على أساس الوحدة المفرقة ، التي زادت من تمزق نسيج أبناء الشعب الواحد .. لذا مطلوب من شعبنا الكلداني مسيحييه ومسلميه ومعهما الكنيسة الكلدانية ، أن يكونوا بمستوى المسؤولية في التعاون والتأزر لأنجاز مهامهم المطلوبة تجاه شعبهم الكلداني ووطنهم أينما تواجدوا في الكون حباً بالأمة ومستقبلها في البناء الذاتي ، بعيدا عن المصالح الفردية والشخصية الخاصة بنبذ الأنانية المقيتة والتحزب الأعمى ، وهنا لابد من التعاون والتلاحم مع المكونات الأخرى لشعبنا ، لبناء علاقات طبيعية خادمة للشعب والوطن بحكمة ونزاهة وشفافية وصدق وأخلاص على أسس وقوانين ديمقراطية.

ناصر عجمايا

ملبورن\17\11\2013

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *