الـﭘـطريرك ساكـو ليس سامرياً للمسيحـيّـين المنـكـوبـين بل راعـيهم الروحي يـؤدّي واجـبه تجاههم فـشـكـراً له

مقـدمة : إن عـبارات وكـلمات وردت في بطـون كـتب التأريخ لها دلالاتها ومعانيها ، يجـب أن نحـسِـن إستخـدامها وليس حـشـو المقالات بها .

مَن هـو السامريّ ؟

1- إنجـيل لوقا ـ الإصحاح العاشـر 30 – 34 :  إنسان كان نازلاً من أورشليم إلى أريحا فـوقع بـين لصوص فـعـرّوه و جـرحـوه و مضوا و تركـوه بـين حي و ميت ، فعـرض أنَ كاهـناً نزل في تلك الطريق فـرآه و جاز مقابله ، وكـذلك لاويٌّ أيضاً إذ صار عـند المكان جاء و نظـر و جاز مقابله ، و لكـن سامرياً مسافـراً جاء إليه و لما راه تحـنن ، فـتـقـدم وضمد جـراحاته و صب عـليها زيتاً و خـمراً و أركـبه عـلى دابته و أتى به إلى فـندق و إعـتـنى به .

2- إنجـيل يوحـنا ـ الإصحاح الرابع 9 : فَـقَالَتْ الْمَرْأَةُ السَّامِـرِيَّةُ للمسيح : « كَـيْـفَ تَـطْـلُبُ مِنِّي لِتَـشْرَبَ ، وَأَنْتَ يَهُـودِيٌّ وَأَنَا إمْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُـودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّـينَ .

3- إنجـيل متى ـ الإصحاح العاشر 5  : هـؤلاء الإثـنا عـشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلاً إلى طريق أمم لا تمضوا ، وإلى مدينة للسامريّـينلا تـدخـلوا .

آيات الإنجـيل واضحة ، فأهل السامرة الشماليّـين لم يكـونوا في وفاق مع سكان مقاطعة يهـوذا الجـنـوبـيّـين فلا مشاعـر الحـنـيّة عـنـدهم ولا علاقات ودّية بـينهم ولا عـقـود تجارية تربطهم .   

إن السامري الـذي ذكـره الرب المسيح في الإنجـيل : حـين رأى الجـريح متروكاً بـين حي وميت عـلى قارعة الطريق بـين أورشـليم وأريحا ….عَـلِـمَ بإنـتمائه إلى ديار يهـوذا ، ولكـنه في تلك اللحـظة ومن طيـبته لم يأتِ بـباله عـداءَه ـ وهـنا تـكـمن عـظمة المثل ـ بل أشـفـق عـليه وبإسعافاته الأولية داواه ريثما يصل به إلى المـدينة لـيواصِل علاجه … وفـرضاً لـو كان هـذا السامريّ من أورشليم ـ منـطقة يهـوذا ـ وقام بـذات العـمل للإنـسان الجـريح النازل من أورشليم ، لم نكـن لـنـستغـرب المشهـد ! فأنت وهـو وأنا وهـذا وأغـلب الناس نعـمل ذلك لأبناء خاصتـنا ، وفي هـذه الحالة حـتماً وأبـداً ما كان المسيح يـذكـره كـمثـل تعـليمي ، لأنه هـو القائل :  إذا أحسنـتم إلى الـذين يحسنون إليكم ، فأي فـضل لكم ؟ فإن الخـطأة أيضا يفعـلون هكـذا ….    

***********

نحـتاج إلى غانـدي وسامري :   

في مقابلة له مع إحـدى القـنـوات الفـضائية عـلق غـبطة الـﭘـطريرك لويس ساكـو قائلاً : نحـتاج اليوم إلى غاندي عـراقي …………. مشيراً إلى عجـز سياسيّـينا الحالـيّـين عـن إنقاذ البلاد من محـنـته وحاجـتـنا إلى سياسي محـنـك بمستـوى غانـدي .

 

إن غـبطته صرح مراراً أن الـقـدرات الـداخـلية لسياسيّـينا  أهـل الـدار ليست كافـية لحـل المعـضلة الإرهابـية التي يتعـرض لها العـراق إلاّ !!! إلاّ بمساعـدة خارجـية … بمعـنى آخـر إلاّ بشـفـقة من سامري ، ولهـذا كـتب مقالاً http://saint-adday.com/permalink/6513.html بتأريخ 1 أيلول 2014 تحـت عـنـوان : السامري الحـنون كم نحـن اليوم بحاجة إليه ! يشحـذ فـيه الهمم للعـمل والعـطاء بسخاء من أجـل إسعاف المنـكـوبـين … فـجاء عـلى ذِكـر مثـل السامري المشار إليه ، وواصفاً كاهـن الله بكلام معـبِّـر :

يمثل مرتبة راقـية ، رمز العـبادة كمال الثـقافة (فـقـيه) ، ينزل ، ليس له ردة فعـل كما يريد يسوع ،  يعْـبُر ، يجـتاز ، لا يريد أن يعـرف مَن هو قـريـبه ، لا يعـترف بالآخـر …… وهـكـذا اللاوي المكـلف بالخـدمة المفـتـرض به أن يخـدم ….. لكـن السامري أخـذته الشفـقة  فـتحـرك بسرعة …

إن الرب يسوع في هـذا المثـل يعـرض أمام الملأ ، لا أبالية الكاهـن واللاوي القـريـبـين من الجـريح إجـتماعـياً وجـغـرافـياً وربما قـومياً حـين لم يأبها به وهـو المحـتاج ، ولكـنه يشيـد بالسامري العـدو الحـنـون …. وكأنه يقـول لـنا : إذا كان هـذا السامري يشفـق عـلى الجـريح فـكم بالأحـرى أنـتم أهـل الـبيت القـريـبون منه ؟ 

*************

مَن هـو الراعي الصالح ؟

يقـول النبي إشعـياء الإصحاح أربعـين 11 : “هُـوَذَا السَّيِـّـدُ … كَـرَاعٍ يَـرْعَى قَـطِـيعَـهُ ، بِـذِرَاعِهِ يَجْـمَعُ الْحُمْلَانَ وَفِي حِـضْنِهِ يَحْـمِلُهَا ، وَيَـقُـودُ الْمُرْضِعَاتِ ” .

إنجـيل يوحـنا ـ الإصحاح العاشر 11 :  أنا هـو الراعي الصالح و الراعي الصالح يـبـذل نـفسه عـن الخـراف …..

قال أحـد اللاهـوتيّـين : http://www.kalimatalhayat.com/doctrine/121-life-of-christ-fifth/2134-page08.html

 “إن الراعي الحـقـيقي بـين البشر هـو الـذي يتـقـلّـد هـذه الوظيفة حـباً للمسيح ، ويقـصد تمجـيد المسيح ، ويعمل عمله بقـوة المسيح ، ويعلّم تعـليم المسيح ، ويسلك في خـطوات المسيح ، ويسعى ليأتي بالنفـوس إلى المسيح  .

**************

الـيوم ، عامة شعـبنا العـراقي منـكـوب ، ونكـبة مسيحـيّـينا أكـثر بكـثير ، إنهم ليسوا فـقـط بـين المطرقة والـسنـدان ، بل سُحِـقـوا وفـقـدوا المستـقـبل والأمان ، وعـلى الرأس وقع فأس الغـدر والخـيانة والحـرمان … إنهم ليسوا فـقـط نازحـين بل مهجَّـرين والأصح مرفـوضين ومطرودين من وطنهم الأصلي الـذي بـذلوا له حـياتهم وكـل طاقاتهم ، ولا يتـوفـر لهم الآن موطىء قـدم ثابت يستـقـرون عـليه …. وبسبـب الفـوضى التي تعـم الـبلـد ليسوا يرون أمامهم منـقـذاً في السلطة الوطنية كي يستغـيثـوا به ، ولا مسعـفاً يناشـدونه ولا حـكـيماً يـداوي جـروحهم …

ولأن المسيحـية عـلمتـنا الصلاة أمام الـنـوائب والتـشبث بالأمل للخلاص من المصاعـب ، صارت الكـنيسة ملجأنا الـوحـيـد في وضع كهـذا مليء بالمصائب .

إن ظروفاً كهـذه عَـبر تأريخـنا المسيحي الشرقي قادت آباءنا وأجـدادنا ــ مثـلما نعـمله مع أجـيالـنا ــ إلى تجـنـب السياسة وأزقـتها الضيقة والمفـسـدة لكـل شيء ، مما جـعـل رعاة الكـنيسة الـذين هم ـ أهـل الـدار وليسـوا أعـداءاً ـ ! مرشـدين لـنا ويمثـلون حـلقة الوصل بـين أبنائهم في الكـنيسة والسلطات المحـلية ، وبمرور الزمن صار المطران والـﭘـطريرك والكاهـن مسؤولين عـنا ، ينـطـقـون بإسمنا ، ويعـملون ما بوسعهم عـلى حـمايتـنا حـينما وحـيثما تـتـطـلب الحاجة .

وهـكـذا فإن أصحاب الغـبطة ﭘـطاركـتـنا أدّوا أدوارهم في أزمات وطنـنا في العـهـود السابقة وقاموا بـواجـبهم حـسب مقـدرتهم من أجـل إبعاد الشر عـن أبناء كـنيستهم بل ووسَّعـوا مساحة خـدمتهم إلى أبعـد من ذلك ، وكـلـنا قـرأنا عـنهم الكـثير .    

****************

ملاحـظة :

في أمور معـينة أستمع إلى رأي غـيري ، فـسألتُ رجلاً ناضجاً قـريـباً من الكـنيسة بل ومن غـبطته وقـلتُ : حـضرتـك ككـلـداني أو مسيحي أو عـراقي … هـل يصح أن أصفـك اليوم بالسامري … أم أني أصف فـرنسياً أو إفـريقـياً طيب القـلب ، بالسامري ؟

وبعـد أخـذ وردّ قال : إن المسيح أتى بهـذا المثل لكي يوضح الإيمان والشعـور الإنساني العـميق بـين الكاهـن واللاوي من جهة ….والسامري الإنسان الغـريب من جهة أخـرى !! الـذي هـو أحسن من الكاهن واللاوي ….. إنـتهى .

الـﭘـطريرك راعـياً وليس سامرياً :

إنّ مِن سيئات مفاجآت الـقـدر أن يواجه اليوم غـبطة الـﭘـطريرك لويس ساكـو أزمة مؤلمة تحـيق بشعـبنا ، وبحـكم منـصبه كـقائـد روحي ، يرى نـفـسه ملـزماً أن يعـمل المستحـيل من أجـل رفع الغـبن الطارىء الـذي لحـق بشعـبه المسيحي وأبناء وطنـنا العـراق ، ويحاول أن يخـفـف معاناتهم قـدر الإمكان …. وحـين يرعى شعـبه أبناء وطنه ، فإنهم ليسوا غـرباء قادمين من ديار غـريـبة عـنه ، إنه ذلك الراعي الصالح الـذي أشار إليه المسيح وليس أجـيراً يعـمل بأجـرته ، ولا هـو عابر سـبـيل أو مجهـولاً يـؤدي فـضلاً أو حـسَنة منه لأناس لا يعـرفهم . 

وعـليه فـمن الـذوق والكـياسة عـنـد التعـبـير عـن المشاعـر ، أن يُـشـكـر كأب مسؤول عـن أسرته الكـبـيرة ، وكـراعي صالح حـريص عـلى خـرافه ويعـمل لصالحها ، وكـقائـد فـذ ينـقـذ جـنـوده من ويلات الحـرب وعـواقـبها … إنهم خاصته وهـو مسؤول عـنهم …

نعـم ، إن الأعـمال بالنيات ونيات الكـتبة سـليمة ونكـون حـذرين ، فلا يصح أنْ نـصف غـبطته بكـلمة لا تـنـطـبق عـليه ولها دلالاتها المعـروفة لـدى الناس ، وتـوحي للقارىء العارف أنها تعـني معاني مخالفة لِما هـو عـليه ، فغـبطته القـريب من المنـكـوبـين أبناء جـلـدته لا يمكـن وصفه أو تـشبـيهه بـذلك السامري الحـنـون الـذي من طيـبته أشفـق عـلى جـريح عـدو له من أورشـليم !! وعـليه لست أرى تعـبـير الأخ عـبـد الله رابي موفـقاً حـين أشار إلى غـبطته بطريقة : أنت السامريُ الحـنون يا غـبطة البطريرك …. بل نـقـول : أنت الإبن الصالح الـذي يعـمل في بـيته يا غـبطة الـﭘـطريرك .

ومثـلما يشـكـر أعـضاء الأسرة أولياءَ أمورهم وفاءاً لسهـرهم وخـدمتهم من أجـل تربـيتهم وراحـتهم وحـمايتهم حـتى يقـوى عـودهم ويعـتمـدوا عـلى أنـفـسهم ولا ينـسـون فـضلهم عـليهم …. ومثـلما نـشـكـر الأسـتاذ الذي تعـب معـنا ، هكـذا يمكـن أن نقـول :

شـكـراً يا غـبطة الـﭘـطريرك فأنت الأب الحـنـون الـذي يسهـر من أجـل راحة أبنائه ويعـمل ما بوسعه من أجـل إسعادهم وحـمايتهم …..  لكـنـك ـ كما صرَّحـتَ سابقاً ـ لست تملك عـصا موسى .

ولـنـتـذكـر جـميعـنا قـول موسى في سِـفـر الـتـثـنية ـ الإصحاح الأول  17 : لا تـنظروا إلى الوجـوه في القـضاء …. !! .

*******

السامريُّ الطيـب داوى عـدوّه جـريح أورشليم

أما الـﭘـطريرك ساكـو ليس عـدوَّ المسيحـيّـين المنـكـوبـين ليتـكـرّم بطيـبته ويـداويهم

بل زعـيماً روحـياً لأبناء شعـبه يقـودهم ويحافـظ عـليهم … فإذا فـنى الشعـب ما قـيمة القائـد .

بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *