الصحبة قرابة

 

الطبيعة الأنسانية هي نفسها عند كل البشر , تبحث عن صديق أقرب الى الروح ,ويبقى الحب

 في الله أعظم نماذج الصداقات , فالتراث الأنساني زاخر بالكتابات حول الصداقة حتى ذكرت

الصحبة في القرآن الكريم لأهميتها – قال تعالى – وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم

عند الله أتقاكم – . كما حث النبي الكريم – صلى الله عليه وآله وسلم – على الصداقة المجدية

المبنية على الفضيلة – الصاحب رقعة في الثوب فلينظر الأنسان بم يرقع ثوبه – وحذرنا أيضاً

 – أستأنسوا بالوحدة من جلساء السوء -.؟ أما الأمام علي – عليه السلام- فله قول بليغ عن

معاشرة الأصحاب – من جالس العلماء وقرْ, ومن صاحب الأنذال حقرْ – .؟وقال أيضاً – أسأل

عن الصديق قبل الطريق – .؟

 

أما ما رآه الأئمة من آل البيت -عليهم السلام- بأن – صحبة عشرين يوماً قرابةً مستفادة –

فالصداقة حرمة من الحرمات لايليق بأهل المرؤات التقصير فيها.!! لقد كتب كثير من العرب

 شعراء وكتاب عن الصداقة منهم أبن المقفع ,أبي حيان التوحيد,, الماوردي ,و الغزالي

وغيرهم .قال روح بن زنباخ عندما سئل عن الصديق – أنه لفظ بلا معنى – وقد علق على هذا

 أبو حيان فقال .. أي هو شئ عزيز , وكأنه ليس بموجود – وعندما سئل أبي حيان التوحيدي

 -عن أطول الناس سفراً .! قال – من سافر في طلب صديق – ! وشغلت الصداقه فكره حتى أنه

 ألف كتاب عنها ب 469صفحه.

 

الصداقة في التعريف العربي أتفاق للقلوب على المودة بين شخصين أو أكثر , يحددها الغزالي

 كالآتي …من حقوق الصحبة الواجبة مع الأصدقاء.. الأيثار بالمال , المبادرة بالأعانة ,

 كتمان السر , ستر العيوب , أبلاغ ما يسر من ثناء الناس على الصديق , حسن الأصغاء عند

الحديث , الشكر عند الصنيعة ,الدفاع عن الصديق في غيابه , العفو عن الزله , الوفاء مع

أهله , النصح باللطف له , التخفيف عنه في المكاره.

 

وقد صنف – أرسطو – الصداقة ورتبها الى ثلاثة أصناف.!! صداقة مبنية على المنفعة , وهذه

 صداقة عرضية زائلة ,عبر عنها شاعر عربي-

 

صديقكَ حين تستغني كثير —— ومالكَ عند فقرك من صديق

 

وهناك صداقة مبنية على اللذه , وصداقة مبنية على الفضيلة , وهذه أجمل أنواع الصداقات و

 أكثرها دواماً , قالوا عنها في الأمثال ..الصديق من صَدَقَكَ لا منْ صدقك – أي من أعطاك الود

 خالصاً.! وتكون الصداقة أكمل عندما تتوافر لها الأسس الثلاثة مجتمعة -المنفعة واللذة

والفضيلة – يضيف -أرسطو – متى أحب الناس بعضهم بعضاً ,لم تعد حاجة الى العدل , غير

أنهم مهما عدلوا فأنهم لا غنى لهم عن الصداقة .؟

 

وأذْ جعلت الصحبة بمنزلة القرابة.! , فقد صح تسمية الصديق الوفي أخاً ,والصداقة آخاءاً .!!

قال حكيم يُعتقد أنه لقمان – رب أخ لك لم تلده أمك – مبالغة في التراحم والألفة والوفاء.! ومن

 الطرافة أن الحكيم لم يقلها بهذا المعنى ,وأنما قاله لأمرأة رأى معها رجلاً مستخلياً بها ,

فسألها عنه ؟ فقالت هو أخي ..فقال .. رب أخ لم تلده أمك !

 

عبر عنها شاعر ..؟ دعتني أخاها أم عمرو ولم أكن …………….. أخاها ولم أرضع لها

بلبان .؟وعن الصديق قال بعضهم ؟ صديق صديقي داخل في صداقتي .. وخصم صديقي ليس

 لي بصديق. ولا يكون الصديق – خليلاً – حتى يحب لخليله – صديقه – ما يحب لنفسه ,أبذل

لصديقك دمك ومالك ؟ فلا عبرة بكثرة الخلان! بل العبرة بأخلاصهم؟

 

قال طرفة بن العبد في مرارة الأصدقاء.!

 

كل خليل كنت خاللته — لاترك الله له باقية — كلهم أروغ من ثعلب — ما أشبه الليلة

بالبارحة .!! فلا عبرة بكثرة الأصدقاء من هذا النوع , قال ديكانوس– مما ينبغي للأنسان

التحفظ منه , حسد الأصدقاء و مكر الأعداء — .

 

وأخوان أتخذتهم دروعاً — فكانوها ولكن للأعادي —

 

وخلتهم سهاماً صائبات — فكانوها ولكن في فؤأدي —

 

وقالوا قد صفت منا قلوب — لقد صدقوا ولكن من ودادي

 

طوبى للصديق الوفي فعند الشدائد تعرف الأخوان .! الذي يستحق قول الشاعر فيه

 

روحه روحي وروحي روحه — أِن يشأ شئت وأن شئت يشأ

 

دخل الأصمعي على أبي العلاء المعري , فوجده جالساً على حصيرة صغيرة, فقال له المعري ,

تعال أجلس … فأجابه الأصمعي .. أخاف أن أضيق عليك .؟

 

فقال المعري …مه …أن شبراً في شبر يتسع متحابين .؟ وأن الدنيا بأسرها لاتتسع

 متباغضين .؟

 

 

——————————————————————————

صادق الصافي – النرويج

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *