الشيوعيون العراقيون في الطريق نحو المؤتمر التاسع لحزبهم (2ـ3)

في ظل الاوضاع الغير طبيعية التي مر بها الشعب العراقي بعد سقوط النظام الدكتاتوري في عام 2003 واحتلال العراق وفوضى التدخلات الخارجية , تميز المشهد السياسي العراقي بثلاث اتجاهات .

 

الاتجاه الاول : هو اتجاه تدميري مكون من القوى الظلامية والتكفيرية من جماعات القاعدة والمتطرفون ومعهم من بقايا النظام الدكتاتوري الصداميون وتوجهاتهم واجندتهم واهدافهم واضحة يعرفها الجميع .

 

الاتجاه الثاني : احزاب وقوى اسلامية وقومية كانت تتشدق في فترة النضال ضد الدكتاتورية بالديمقراطية وبناء العراق الديمقراطي , ولكن بعد عام 2003 والى الآن اكدت هذه التجربة ان هذه القوى هي غير مهيئة فكرياَوسياسياَ وتنظيمياَ لبناء الديمقراطية , كما ان سلوكها وممارساتها وعلاقاتها  تؤكد انهاتحمل منطلقات الاستبداد والهيمنة . فبدلاَ من اشاعة اجواء الثقة واطلاق طاقات الشعب وتهيئة مستلزمات بناء العراق الديمقراطي , راحت تتكتل على اساس طائفي وقومي , وبدأت تعمل لذاتها ولديمومة سيطرتها وهيمنتها على السلطة , فأوجدت ديمقراطية خاصة بها , ومن سوء حظ شعبنا ان الديمقراطية الخاصة بالكتل هذه , لها آذان صاغية في عواصم مهيمنه في صنع القرار العراقي وهي ( واشنطن وطهران والرياض وانقره ) . نتج عنها عملية سياسية ناقصة مثقلة في الازمات والصراعات والتعقيدات وديمقراطية مشوهه وحكومة ضعيفة الاداء لكنها تلبي المصالح الذاتية لهذه الكتل , وترك الشعب يعيش الفاقة والحرمان مع غياب الخدمات وعدم ضمان حق العمل والسكن والامن والتعليم والثقافة مع خطر مصادرة الحريات العامة والشخصية , وفي ظل هذه الديمقراطية الخاصة هناك قلق على الاقتصاد والثروات الوطنية ومستقبل تطور النظام السياسي.

 

الاتجاه الثالث : رغم انه غير موحد في البرامج والرؤى والتوجهات والمنطلقات مع محدودية بعض اطرافة وضعف تأثيرها لكنها في المجموع تشكل تيار ثالث في البلد , وهي الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي الكوردستاني , وحركات يسارية وتنظيمات ديمقراطية وقوى ليبرالية , ومنظمات المجتمع المدني وشخصيات مثقفة ديمقراطية . هذا الاتجاه أكدت تجربة العراق هو المؤهل والقادر على اخراج البلد من ازماته وبناء العراق الجديد على اساس قانون ديمقراطي , يضمن العدل والمساواة والحقوق والحريات ويشيد دولة المواطنة ونظامها الديمقراطي التعددي التداولي لعراق فيدرالي الموحد . لكن هذا التيار لا يزال يعاني من صعوبات ومن حصار وتهميش , رغم ان الشعب والوطن الآن بحاجة ليظهر هذا الاتجاه في تيار ديمقراطي موحد يشكل قطب ثالث في البلاد يسهم في صنع مستقبل العراق .

 

الحزب الشيوعي العراقي يمتلك مقومات التوسع والنهوض :

رغم نتيجة الانتخابات التي حصل عليها وهذه النتيجة تعود لاسباب عدة يعرفها الجميع ,الا انه على الصعيد المستقبلي اكثر حضوراَ وقوة من هذه الكتل التي هيمنت على عرش العراق , ليس لانه مسلح بفكر علمي وبسياسة صحيحة تنطلق من دراسته للواقع العراقي المعاش ( الملموس) فقط أو لانه يمثل مصالح الطبقة العاملة وكادحي العراق وفئاته الفقيرة والضامن لمستقبل الوطن أو لتاريخةالنضالي الوطني المشرف , وانما أيضاَ ما يميزة على جميع هذه الكتل انه يمتلك خصائص تشكل ثوابت تتسم بالمصداقة وتعد رصيداَ قوياَ وقاعدة انطلاق صلبة وعنصر قوة تفتقد لها كتل مهيمنة .

 

الثوابت التي تميز بهاالحزب الشيوعي العراقي :

هي  كثيرة ولكن اكتفي بالنقاط التالية :

1- مصادر تمويله ذاتية من ( رفاقة ومؤيديه ) , فهو لم يستلم المال من جهات عربية واقليمية او دولية وهذه الميزة تعد رصيد قوة له على الصعيد المستقبلي بين جماهير الشعب العراقي .

2- لايحمل اجندات خارجية , أجندات الحزب الشيوعي العراقي هي مصالح الشعب بكافة فئاته وكادحية ومصالح الوطن ولا يساوم عليهما .

3- يمثل الجسد العراقي حزب لا طائفي ولا قومي ويحارب الشوفينية وضيق الافق القومي ويتبنى حقوق القوميات ويحترم الاديان فهو حزب لكل العراقيين ويمثل الوحدة الوطنية العراقية .

4- وقف ضد الحرب والغزو واحتلال العراق , ومنذ الساعات الاولى لاحتلال العراق طالب بوحدة قوى الشعب لتحقيق الاستقلال التام للوطن وانهاء الاحتلال بالطرق السلمية .

 

ما يلاحظ على تاكتيكات الحزب الشيوعي خلال الفترة من عام 2003 :

1- رغم صواب خطه السياسي وبرنامجه الديمقراطي الذي يعد كنزاَ للعراق وشعبه , ورغم ان تاكتيكات الحزب الشيوعي العراقي , انطلقت من الحرص على تطور العملية السياسية , ووضع مصالح الشعب والوطن فوق اي اعتبار , وبهذاانفتح على جميع القوى التي ارتبط معها في فترة النضال ضد الدكتاتورية وكان يسعى الى اقامة تحالف وطني واسع لهذه القوى والمشاركة في بناء الوطن , إلا أن المواطن العراقي لمس في فترات منذ عام 2005 الى عام 2007 ونسبه من قاعدة الحزب أن هذه التاكتيكات اتسمت بالترقب والانتظار وكأنها فقدت المبادرة .

2-خطابه السياسي الاعلامي لم يرتقي الى مستوى خطه السياسي , اتسم بالتأرجح , وتجنب في اعلامة النقد سواء الغير المباشر او المباشر , للكتل السياسية ولممارساتها السلبية ولضعف الاداء الحكومي …. ألخ . ان كانت هناك مبررات لهذا الخلل تتفهمها نسبة من قاعدة وكوادر الحزب الا انه في النتيجة أضر بالحزب ودوره وتأثيره وحضوره الجماهيري . ولكن ما يحسب لقيادة الحزب الشيوعي العراقي هو انه منذ نهاية عام 2008 أقدمت على تصحيح هذا الخلل ومنذ ذلك التأريخ تميز خطاب الحزب بالوضوح واحتوى في مضمونه النقد الصريح للتسلكات الخاطئة سواء من الحكومة ونقد ضعف ادائها وتقصيرها في مجالات عدة ,او من الكتل المهيمنة على العملية السياسية ونقد سلبياتها ومنطلقاتها الذاتية .

3- بحكم الاصطفافات الطائفية والقومية واستقطاباتها وهيمنتها على المشهد السياسي ,فلم يتمكن من اقامة قطب ثالث فاعل ومؤثر وهذا يعود ايضاَ لضعف التيار الديمقراطي آنذاك .

4- لاسباب عدة منها الجانب الامني تأخرالحزب الشيوعي العراقي من ممارسة النضالات الجماهيرية التظاهرات الاحتجاجية المطلبية , ومع ممارسته لبعض النشاطات الجماهيرية المتميزة منها مسيرات الاول من آيار في كل عام تشارك فيها قيادة الحزب وكوادره واعضائة مع الطبقة العاملة العراقية في عيدها الاممي , وبعض المناسبات الوطنية مثل ثورة تموز وغيرها ومناسبات حزبية مثل تاسيس الحزب او يوم الشهيد الشيوعي وغيرها, إلا إن النضالات الجماهيرية لم تكن حاضره  لغاية عام 2008 الا ان التغيير حصل لاحقاَ منذ نهاية عام 2008 حيث عاد الحزب الشيوعي ثانية لتقاليده المجربة وتاكتيكه السليم في  التهيئ  والبدأ بمممارسة النضالات الجماهيرية المطلبية والاحتجاجية السلمية لتلبية حاجات الناس وفق القانون  .

                           

المهام المطروحة امام المؤتمر الوطني التاسع للحزب :

رغم ان الحزب عقد كونفرنسه الوطني السادس ومؤتمره الوطني الثامن بعد سقوط الدكتاتورية , إلا ان المؤتمر الوطني التاسع الذي يهيئ له الآن الحزب الشيوعي العراقي يحظى بأهمية استثنائية ارتباطاَ باوضاع البلد وازماته السياسية , ومن منطلق الحرص على حاجات الشعب ومتطلباته الاساسية وتحقيق العيش الكريم له , ولضمان الحقوق والحريات التي اقرها الميثاق الدولي لحقوق الانسان والدستور العراقي ولعجز الكتل في التأسيس لديمقراطية حقه في العراق , ولحاجة الشعب والوطن لدور فاعل ومؤثر للحزب الشيوعي العراقي من هنا تأتي اهمية المؤتمر التاسع .

 

بلا شك كل مؤتمر للحزب يناقش ويقر القضايا التالية :

– مناقشة واقرار النظام الداخلي والبرنامج .

– مناقشة واقرار الخط السياسي للحزب على ضوء التقرير السياسي الذي يطرح في المؤتمر .

– اضافة لدراسة التقرير المالي .

– انتخاب قيادة الحزب بالترشيح الفردي العلني والانتخاب السري .

من هذا هناك مهام للحزب في الفترة ما بين مؤتمرين , تثبت في وثائق المؤتمر وتتابع تنفيذها ( ل.م) بعضها يدخل في اطار التاكتيك بلا شك , وهذه تخضع للتطوير وفقاَ لتطور الاداء وللوضع السياسي والمد الجماهيري , لهذا اطرح وجهة نظري في المهام التالية :

1- آلية العلاقة بين الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي الكوردستاني .

آلية العلاقة مثبته في النظام الداخلي في المادة رقم 14 , أقرها المؤتمر الثامن للحزب وهي صحيحة وسليمة ولكنها تخضع للتطوير أيضاَ كحاجة حزبية تخدم نضال الحزبان في الظرف الراهن , وبما ان الحزب الشيوعي الكوردستاني ضرورة فرضها تطور الوضع في كوردستان ونظامه الفيدرالي . لكن يلاحظ من خلال الممارسة تراجع دور قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني في العملية الديمقراطية في العراق وتخندقها في اطار قومي ويتجلى هذا التراجع في :

إذا قارنا دور منظمة إقليم كوردستان سابقاَ ودور الحزب الشيوعي الكوردستاني لغاية عام 2003 ودور الحزب الشيوعي الكوردستاني بعد عام 2003 نجد :

1- كان دور منظمة اقليم كوردستان ودور الحزب الشيوعي الكوردستاني قبل عام 2003 يشكلان مصدر نهوض وتطور دائم للحزب , حيث إتسمت قيادتهما بالبعد العراقي وتمسكهما بالمبدأ الاممي وثباتهما في المواقف الفكرية والطبقية وفي النضال ضد الانظمة الدكتاتورية ومن أجل الديمقراطية في العراق , فكان بعد كل ضربة بوليسية يتعرض لها الحزب تلعب قيادة وكوادر منظمة الاقليم والحزب الشيوعي الكوردستاني دوراَ يتسم بالشجاعة الشيوعية النادرة المثال من أجل إعادة بناء تنظيمات الحزب في مناطق العراق الاخرى , وكان هذا مصدر قوة للحزب .

2- بعد عام 2003 وبالذات بعد تشكيل التحالف الكوردستاني , يتلمس الجميع وكأنه حصلت إرتدادات سياسية وفكرية في قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني , فأرتدت ثوب القومية وتخلت عن النهج الطبقي والاممي والنضال المشترك لتحقيق الاهداف المشتركة والتي عبرت الفقرة رقم 1 من المادة 14 في النظام الداخلي عن مضمونها .

3- غياب وحدة العمل والنشاط المشترك على الصعيد السياسي والجماهيري بين الحزبين , عدا بعض المبادرات المحدودة ومنها في خارج العراق وفي عدد قليل من البلدان .

4- ما تفاجئت به قاعدة الشيوعيون العراقيون وجماهير شعبنا , هو الخطأ القاتل الكبير الذي وقعت به  قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني , في الانتخابات البرلمانية بدخولها بقائمة مشتركة مع التحالف الكوردستاني  ولم تحصد منها إلا الخسارة لها وللحزب الشيوعي العراقي وللتيار الديمقراطي في العراق , هذا الخطأ والممارسة الغير موفقة والمضرة وقفت بالضد منها جمهرة من قواعد وكوادر الحزب الشيوعي الكوردستاني ونسبه كبيره منهم في خارج الوطن . من وجهة نظري أن هذا الخطأ القاتل يعود لاسباب فكرية وسياسية وقد يشوبها بعض المنطلقات الذاتية . لان المواقف الفكرية للماركسية لا تتجزأ كما أن المواقف الطبقية لا تتجزأ على اساس قومي, والموقف السياسي من الديمقراطية ومن وحدة عمل التيار الديمقراطي وبناء الديمقراطية في العراق لا يتجزأ ايضاَ .

5- بالعودة إلى خطأ تاكتيك قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني في الانتخابات البرلمانية لعام 2010 , حصل الحزب الشيوعي الكوردستاني على 22 ألف صوت في الانتخابات , لم يحصل فيها على مقعد برلماني في الوقت الذي حصل فؤاد معصوم على 4500 ألف صوت حصل على مقعد برلماني كمقعد تعويضي , لم أقرأ بيان احتجاج من قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني لهذا الغبن المتعمد الذي مارسته ضده قيادة التحالف الكوردستاني والذي هو عضو مشارك في الحملة الانتخابية لهذا التحالف. ومع هذا سكتت عن حقها , ربما اكتفت بمطالبات خجولة من خلال العلاقات , ومع هذا لم تطالب بحقها في أن يكون لها عضو واحد ضمن وفد التحالف الكوردستاني المفاوض مع الحكومة العراقية والكتل السياسية .

6- الوقائع تؤكد لو كان الحزب الشيوعي الكوردستاني ضمن قائمة اتحاد الشعب , لضمن مع الحزب الشيوعي العراقي كحد أدنى مقعدين في البرلمان من مناطق كوردستان والموصل .

 

المقترحات :

1- ان تثبت في النظام الداخلي للحزب الشيوعي الكوردستاني والنظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي فقرة تنص على ( وحدة العمل والنشاط المشترك بين الحزبيين ) .

2- ان تثبت في النظاميين الداخليين وحدة المنطلقات الفكرية التي تحددها الماركسية , مع وحدة الخط السياسي والوثائق البرنامجية لبناء العراق الديمقراطي التعددي التداولي الفيدرالي .

3- تثبت فقرة في النظاميين الداخليين للحزبيين , تعقد اجتماعات دورية كل أربعة اشهر بين المكتبين السياسين أولاَ وبين لجنتي لتم ثانياَ .

4- لضرورات التنسيق المشترك التي تقتضيها حاجة الحزبان تشكل مختصات عمل مشتركة سواء تكون وقتيه حسب المهمه أو دائمة في بعض مناطق العراق وفي الخارج أيضاَ وحسب الضرورة والحاجة .

17-1-2011 .

( يتبع)

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *