الشيعة أحزابا ومراجع يتحملون كامل مسؤولية ما حل بالعراق وإقليم كوردستان من مآسي وويلات بعد عام 2003 /محمد مندلاوي

مما لا يقبل الجدل ولا المناكفة، أن القرار العراقي بعد عام 2003 أصبح قراراً شيعياً بامتياز، رغم أن البلد هاجر الديكتاتورية رسمياً وشعبيا، وتبنى نظاماً اتحاديا، وذلك بضغط من أمريكا والغرب. إلا أن ثقافة رجال الدين الشيعة، الذين لهم اليد الطولى في المجتمع الشيعي، وكذلك سياسييهم، الذين يحكمون الشعب العراقي باسم المراجع، وتحديداً باسم المرجع الأعلى، الذي يشغله الآن السيد علي السيستاني. لكن للأسف، أن ثقافة هؤلاء الأشياع ثقافة قهرية، ومنهجهم منهج تسلطي، كما هو منهج العرب السنة، التي حكمت العراق على مدى تسعة عقود ونيف من الزمن، تارة باسم القومية، وتارة باسم العلمانية، وتارة باسم الصحوة الدينية، أو الصحوة الإيمانية عند السيد الرئيس الحاكم بأمره الخ. بلا أدنى شك، أن من يحمل في داخله فكراً طائفياً، أو قومياً عنصرياً، سيكون كما كان صدام حسين، ومن ثم الجعفري ونوري المالكي،والشلة الشيعية التي تبوأت منصب رئيس مجلس الوزراء، وقائد العام للقوات المسلحة المجرمة في العراق لا يحترم تعهداته، ولا يحترم الدستور الذي وافق عليه 85% من شعب العراق وإقليم كوردستان. مَن منا لا يتذكر اتفاق أربيل ونقاطه الـ19 الذي عقد بين رئيس الإقليم  (مسعود البارزاني) ونوري المالكي، الذي تشكلت الحكومة العراقية على أساسه، لكن حين عاد المالكي إلى بغداد وشكل حكومته…، رمى الاتفاق خلف ظهره، مما جعل أربيل تطالبه بتطبيقها، إلا أنه لم يرد على أربيل، مما اضطرت أربيل أن تفضحه وتنشر نقاط الاتفاق الذي وقع نوري المالكي عليها في وسائل الإعلام، إلا أن المالكي لم يهتم قيد شعرة بهذا النشر!، وذلك لسبب بسيط، لأنه، ليس لديه حس معنوي حتى يشعر بالخجل من تنصله مِن الاتفاق المذكور، لا هو، ولا مَن سبقه في سدة الحكم كالجعفري، ولا مَن خلفه في الحكم كالعبادي، ولا ما كان قبل هذا الأخير.

لكن، لو استلهمت  قادة الشيعة الدروس من تجارب الماضي، ومن التاريخ، وعلى وجه الخصوص من التاريخ الشيعي ذاته، ودرست سبب فشل الشيعة في إدارة الحكم على مدى تاريخ استحداث المذهب؟. وطبقت بنود الدستور الاتحادي كما اتفقت عليها مع شريكها الكوردي، لا أن تقول في عام 2005 بعد أقل من ساعة من توقيعها على قبولها كدستور اتحادي، أن لها تحفظات عليه؟؟؟!!! ومن ثم تخرق أكثر من 55 مادة دستورية بطريقة هستيرية. كما أسلفنا، لو استلهمت قادة الشيعة الدروس من الماضي وطبقت اتفاق الشراكة مع الكورد كما هي في نصوص الدستور الاتحادي، لكان العراق الآن في وضع جيد غير الوضع المأساوي الذي عليه. على سبيل المثال وليس الحصر، دعني أضع أمامك بعضاً من الأعمال الصبيانية التي أوصلت العراق إلى هذا الوضع الذي لا يحسد عليه. تقول المادة 48: تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد. لأهمية هذا المجلس كرره المشرع في مادة 65 في الدستور الاتحادي أيضاً، قائلاً: يتم إنشاء مجلس تشريعي يُدعى بـ (مجلس الاتحاد)… . يا ترى بعد مرور 17 عام على النظام الاتحادي أين هو هذا المجلس الذي نص عليه الدستور الاتحادي ؟؟!!. أليس انبثاق هذا المجلس خاضع بالدرجة الأولى لموافقة شيعية؟، أو الأصح لقصقوصة تحمل موافقة من المرجع الشيعي الأعلى في مدينة النجف؟؟!!.لأن مراجع الشيعية الدينية وصفتهم ديباجة الدستور الاتحادي بالعظام، وذكرت الديباجة بعد المراجع اسم الزعماء السياسيين، وهذا يعني أنهم متقدمون على الزعماء السياسيين في البلد؟. وقدمت الديباجة القيادات الدينية بصورة عامة على القوى الوطنية؟؟ وهذا يعني أنهم قادة البلد الفعليين، لكنهم لا يستطيعون أن يخرجوا عن طوع وطنهم الأم إيران؟؟. على أية حال. دعونا نتساءل بمرارة، أين تطبيق المادة 140 التي مرت على التاريخ المنصوص على  تطبيقها 13 عاما؟؟!!. ومثلها المادة 119 التي تقول: يحق لكل محافظة أو أكثر، تكوين إقليم… . لكن حين طالبت السنة العرب في المنطقة الغربية بالإقليم ضربتهم الشيعة الحاكمة على أفواههم؟؟!!. لاحظ المادة 80 ماذا تقول: خامساً: التوصية إلى مجلس النواب، بالموافقة على تعيين وكلاء الوزراء والسفراء. وأصحاب الدرجات الخاصة، ورئيس أركان الجيش ومعاونيه، ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق، ورئيس جهاز المخابرات الوطني، ورؤساء الأجهزة الأمنية. انتهت المادة. طبعا قام  كل رؤساء مجلس الوزراء بتعيينات المناصب المذكورة دون الرجوع إلى مجلس النواب كما نصت المادة الدستورية؟؟!! أليس هذا خرق دستوري فاضح؟؟. وهكذا لاحظ المادة 4 في الدستور الاتحادي التي تقول: اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق… . وتضيف في الفقرة ب: التكلم والمخاطبة والتعبير في المجالات الرسمية كمجلس النواب، ومجلس الوزراء، والمحاكم، والمؤتمرات الرسمية، بأي من اللغتين. وفي فقرة د تقول: أية مجالات أخرى يحتملها مبدأ المساواة، مثل الأوراق النقدية، وجوازات السفر، والطوابع. يا ترى كم من هذه المواد والفقرات الدستورية مطبقة في العراق الاتحادي الآن؟؟ على سبيل المثال وليس الحصر، هل يوجد مترجم فوري في البرلمان الاتحاد العراقي للنائب الكوردي الذي لا يجيد اللغة العربية؟؟. هل يأتوا بمترجم للمواطن الكوردي الذي لا يجيد اللغة العربية في المحاكم العراقية؟؟. بالطبع لا، الخ. المادة 9 فقرة باء تقول: يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة. لكنهم وضعوا التوافق السائد بين الجميع بعد عام 2003 جانبا، وداسوا على الدستور بأقدامهم، وشكلوا ميليشيا الحشد الشعبي رغماً على أنف من لم يقبل به في مجلس النواب العراقي الاتحادي؟؟!!. ربما يقول القارئ، أنهم – الشيعة- جعلوا الحشد الشعبي تابعاً للقوات المسلحة العراقية. نقل له هذا لذر الرماد في عيون الشعب فقط، بدليل قبل أيام أعلنت ما يسمى بحشد المرجعية فك ارتباطه بالحشد الشعبي وانخراطه بقوات المسلحة العراقية، أليس هذا دليل قطعي على أن الحشد الشعبي لا يخضع للقوات المسلحة، ولا إلى قائد العام للقوات المسلحة؟؟؟!!!. لاحظ عزيزي القارئ، إن كلمة الاتحاد تعني أن هناك طرف أو أطراف أخرى معك في الحكم، لأن الاتحاد كلمة جامعة، فلا ينبثق الاتحاد من طرف واحد؟؟ كالإمارات العربية المتحدة تأسست من سبع إمارات، واتحاد الأوروبي أعتقد الآن 24 دولة، واتحاد المغربي العربي الذي تشكل في حينه من أربع، أو خمس دول الخ الخ الخ. ثم، لاحظ المادة 9 أولاً-أ- تقول: تتكون القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي،بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز،أو إقصاء… . لنفترض أن نسبة الشعب الكوردي 17% أو 13% كما يزعمون الشيعة، هل توجد في المؤسسة العسكرية والأمنية العراقية هذه النسبة؟ أم أقل من 1،0%!!!. على سبيل المثال، بعد التحرير عام 2003 كان رئيس أركان الجيش العراقي كورديا، لكن أبعد من المنصب لأنه كورديا وجيء بعربي يحتل المنصب!!! الخ. مادة 11 تقول: بغداد عاصمة جمهورية العراق. كان يفترض أن يقول المشرع: بغداد عاصمة جمهورية العراق الاتحادي، لأن الدولة اتحادية، أليس هكذا يقول رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، والوزراء، والنواب عند القسم كما جاءت في مادة رقم 50: أقسم بالله العلي العظيم، أن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية، بتفانِ وإخلاص، وإن أحافظ على استقلال العراق وسيادته، وأرعى مصالح شعبه، وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي، وأن أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة، واستقلال القضاء، والتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد، والله على ما أقول شهيد. مادة 12 – أولاً- تقول: ينظم بقانون، علم العراق وشعاره ونشيده الوطني بما يرمز إلى مكونات الشعب العراقي. بعد مرور 17 عام على التحرير وسقوط الديكتاتورية البغيضة لم يتحقق أي شيء من هذه التي أشارت لها المادة، كالعلم، والشعار، والنشيد، هل تعلم لماذا؟ لأنهم لا يريدون أن يرمز العلم العراقي أو الشعار العراقي إلى الكورد كشريك رئيسي مع شريكه العربي في هذا الوطن، ولا يريدون أن يذكروا اسم الكورد في النشيد الوطني العراقي!! لأنهم، وفق منظور الشيعة جنس دون البشر، وهذا لا يجوز شرعا!!!. مادة رقم 76 -أولاً- تقول: يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية. انتهت نص المادة. إلا أن الشيعة ضربوا هذه المادة كالمواد الدستورية الأخرى بعرض الحائط، ولم يقبلوا بإياد علاوي رئيساً لمجلس الوزراء، الذي فازت قائمته العراقية بـ 91 مقعداً في برلمان العراق الاتحادي، بينما فازت ائتلاف دولة القانون الذي يرأسه المالكي بـ 89 مقعد؟؟؟ وهذه الأخيرة هي التي شكلت الحكومة!!!. إلا إنها، أعني ائتلاف دولة القانون برئاسة الماكي، يملك الآن 20 مقعداً فقط في البرلمان المذكور؟؟؟. هل أن كتلة، أو حزب تهبط بـ69 مقعدا، أي: 1,725,000 صوت في فترة وجيزة؟؟!! أم تلك الانتخابات جرى فيها ما جرى؟؟. بالله عليكم، أليست دولة حمدوك وحميدتي أفضل من هذا الكيان المصطنع المسمى عراق؟؟!!. لاحظ عزيزي القارئ، المادة 29 فقرة ب تقول: تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وترعى النشئ  والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم. وتكلم الدستور في مواد و فقرات أخرى عن حقوق الأطفال وعدم استغلالهم في كل الميادين التي تؤثر سلباً على طفولتهم. لكن، كيف توازن دولة العراق بين هذا، وبين ما جاء في رسالة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني والمراجع الأخرى دون استثناء، التي نأتي بنموذج منها إلا وهو كتاب منهاج الصالحين الجزء 3 الفصل الأول مسألة رقم 8: لا يجوز وطئ الزوجة – وطئ يعني الجماع- غير البالغة شرعاً – وشرعاً يعني أن عمرها 9 سنين- دواماً كان النكاح أو منقطعاً – السؤال هنا،هل أن تسع سنين ليست طفلة!!- ويضيف: وأما سائر الاستمتاعات كالمس بشهوة، والتقبيل، والضم، والتفخيذ، فلا باس بها. ويستمر: ولو وطئها فإن لم يفضها لم يترتب عليه الإثم. انتهى الاقتباس. للعلم، الإثم، كما تقول اللغة: عمل ما لا يحل،أذنب وارتكب إساءة أو خطيئة. أليس كما قلت لكم، أن دولة حمدوك وحميدتي متقدم على دولة الأشياع بأشواط طويلة.

 “ضربة الكلمة أقوى من ضربة السيف” (لويس باستور) 

20 05 2020       

  محمد مندلاوي

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *