الشرعية الثورية والشرعية الدستورية وما بينهما

الشرعية الثورية هي نتاج اغلاق الابواب بوجه قوى المعارضة الشعبية السلمية من قبل الشرعية الدستورية التي يستند عليه النظام القائم بمختلف اتجاهاته وافكاره – النظام الملكي – الشمولي – الديني – الجمهوري – البرلماني ،،،،الخ – اذن عندما يُمنَحْ الشعب صفة الشرعية لاية معارضة وخاصة السلمية منها هذا يعني بالضرورة فقدان الشرعية الدستورية للنظام القائم، لانه لايمكن ان يعيشا تحت سقف واحد نوعان من الشرعية (الثورية الشعبية والاستبدادية باسم الدستور) الا في حالة وضع دستور جديد يعطي سلطة للشعب اكثر من سلطات الحاكم او الملك ويُعْرَض للاستفتاء الشعبي عندها نقول اننا توجهنا نحو الديمقراطية العملية لانه بالنتيجة سيكون هناك فصل بين السلطات الثلاثة ما دامت هناك سلطة الشعب، لانه حتماً سنطلق عليه قانوناً (النظام الدستوري)

اليوم نجد ان دول المنطقة العربية نشأت قسم منها عن طريق نظرية التطور الاسري – الملكية منها – وهناك ايضا نظرية القوة وتعتمد على القوة من اجل بقائها لذا لا تستطيع ان تحقق الاستقرار الدائم – الشمولية منها والامنية بحيث كل مواطن عليه آخر رقيب أمني – وكذلك نظرية التطور التاريخي التي تتطلب وجود طبقات والصراع بينها وكونها قوة اقتصادية او دينية او الاثنين معاً بيد فئة قليلة من الناس – والامثلة كثيرة، ولكن اليوم من الصعوبة وضع نظرية واحدة من هذه النظريات الخاصة بنشوء الدولة ( الدينية والعقدية والنظريات الاجتماعية) امامنا لكي نعتمد عليها وحدها لتحديد اصل نشوء الدولة، عليه وجوب عيش الواقع كما هو، وما نراه اليوم هو شرعية الدولة الدستورية وصمودها امام ظاهرة الشرعية الثورية! ولكي نتابع الموضوع وجوب ان نعرف ما هي الشرعية؟

الشرعية الدستورية تعني الالتزام كل من الحاكم / الدولة والافراد/الشعب بعدم مخالفة القوانين، ايا كان مصدر هذه القوانين! من السلطة التشريعية او من الدستور، اذن الشرعية هي مبدأ سيادة القانون، وبهذا تضمن الحقوق والحريات العامة افراداً وجماعات اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، متى تفقد الشرعية مكانتها؟ عندما يكون هناك اخلال بالقواعد القانونية من قبل الحاكم او هيئات الدولة، لان احكام القانون يجب ان تكون في نطاق الشرعية الدستورية (1) واحكام الدستور يجب ان تسمو وتعلو فوق الجميع، ولكي نضمن هذه الشرعية وجوب ان يكون هناك رقابة سياسية وادارية وقضائية وهي مسؤولية البرلمان والمنظمات الشعبية والمهنية وحقوق الانسان والمجتمع المدني

اما الشرعية الثورية فهي تبتعد عن القانون الوضعي المستبد وتقترب من النصوص التشريعية التي تضمن حقوقها المشروعة ان كانت في الدستور الوطني او في اعلانات حقوق الانسان العالمية التي تضمن لها الحريات العامة والخاصة منها حقها – اي الشعب – في عزل الحكومة الاستبدادية وكذلك حقوقها الطبيعية لا يمكن التنازل عنها ولها الحق افراد وجماعات من مقاومة الحكومة، ومن هذه الاعلانات العهد الاعظم / انكلترا 1215 – واعلان الاستقلال الامريكي 1776 – واعلان الثورة الفرنسية 1789 – والاعلان العالمي 1948 – والعهدين 1966 – 1977 ، هنا الشرعية الثورية تتمسك بحقها في سلامة تطبيق قواعد القانون الدستوري المنتهكة من قبل السلطة بطرق ملتوية وشعارات براقة وفارغة من المضمون عن طريق الضحك على ذقن الشعب والشعوب والحكومات الاقليمية والدولية وتناسوا ان وقت الشطارة الغير الشرعية قد وَلّتْ بظهور الاتصالات الحديثة والتطور التكنولوجي في كافة المجالات

لذا نجد اليوم ان تطبيق الدستور في الشرق بشكل عام اصبح عجينة بيد الملوك والرؤساء والبرلمانات وخاصة الكارتونية منها، هذا العجين او الطين الاصطناعي يحولونه الى اشكال مختلفة وبمهارات متفننة حسب مصلحة النظام بغض النظر عن شموليته او طائفيته او مذهبه، وها هي تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا وهلم جرا خير امثلة على فقدان الشرعية الدستورية لقانونيتها (بدرجات متفاوتة وحسب الظروف الذاتية والموضوعية لكل بلد) امام تضحيات الشرعية الثورية ودماء ابرياءها المسالمين! لا توجد هناك شرعية تحوي بين ثناياها – قاتل – يضرب الرصاص على شعبه ومهما كانت الاسباب الموجبة لقتل ناس عزل! في هذه الحالة نقترح ان تتضمن دساتيرهم على فقرة 1 تتضمن “وجوب قتل الشعب بالجملة والمفرد عند الضرورة ومصلحة النظام” وفقرة 2 “يحق للحاكم او النظام استعمال الجيش والشرطة والامن لقمع المظاهرات السلمية بالقوة” وبهذا نتراجع من القرن 21 الى القرن 2121 قبل الميلاد لنلتقي مع اسود الغابة والانسان النيادرتال والشمبازي والبقاء للاقوى!

هناك حكومات تسقط بمجرد فقدان مواطن بالاهمال، واخرى بصرف مبلغ 20 دولار فقط من حساب الدولة، وثالثة تسقط بفضيحة اخلاقية ليس الا، وحكومة رابعة تبقى بعد ان تسرق عشرات المليارات من خزينة الشعب وشعبها 75% منه يعيش في الفقر، وخامسة متمسكة باسنانها في السلطة بعد ان قتلت الاف من افراد شعبها المسالم، وسادسة تقتل ثم تختطف ثم ترهب الاخرين وتتدعي انها ضد الامبريالية والصهيونية والاستعمار والرجعية وووو! أَبِرَبكم يوجد امبريالية اكثر من امبرياليتنا وعلاقاتنا السرية والعلنية مع الخارج؟ وصهيونية اكثر من صهيونيتنا كفكر وممارسة وفرض الفكر الاوحد؟ والاستعمار الذي هو اصلا في فكرنا بحيث نحن السادة وانتم العبيد؟ والرجعية والتخلف والدكتاتورية التي تجري في عروقنا ودمائنا نفذ ولا تناقش مع انحناءة الرأس والا التهم جاهزة؟ انها معادلة غير اخلاقية لنقف مكتوفي الايدي وننتظر الحاكم عسى ولعل ان يعود لرشده ويغسل اياديه من دماء الابرياء؟ اذن اما ان نحافظ على شرعية دستورنا عن طريق الشرعية الثورية كضرورة تاريخية اليوم! او ان ينتجوا لنا دستور جديد يسمى “دستور دكتاتورية الترغيب والترهيب” لنعمل من اجل حماية الدستور وشرعيته من مخالب السلطة الاستبدادية

——

(1)را/ د.المفرجي/د.نعمة/د.الجدة – ص61 سطر22 النظرية العامة في الدستور القانوني/جامعة بغداد-كلية القانون 1990

www.icrim1.com

shabasamir@yahoo.com

You may also like...