السيناريو يتكرر.. والمأساة تتفاقم / بقلم عبدالاحد قلو


ان كلمة السيناريو هي كلمة ايطالية ( Scenario )والتي تعني الهيكل والاطار العام المعد لتنفيذ موضوع معين ان كان مسرحي او فيلمي . ويمكن ان يكون ايضا وسيلة للتكيف والتعميم للاساليب التقليدية التي تستخدم عادة في الاستخبارات العسكرية والتخطيط الستراتيجي . والاهم منها هو الاخيرة التي كانتتستخدمها القوات العسكرية الانكليزية في بداية استعمارها للدول التي فيها مصالحها حيث كانوا يستغلون المكون الاضعف وفق سيناريو معد لهم بتحقيق احلامهم ولكن بالنتيجة يصبحون ضحية بسبب هذه الوعود من قبل الانكليز مثل منحهم استقلال واقليم اودويلة لهذا المكون الضعيف.
سيناريو من التاريخ الحديث:
وهكذا ومنذ اكثر من قرن وعند مقتربات نهاية القرن التاسع عشر حدث ان اعد سيناريو من مجموعة من المخابرات البريطانية للعائلة الشمعونية في وقت احد بطاركتها مار بنيامين الشمعوني والذي تعود اصوله الى اللاويين الذين كانوا من الاسباط اليهود العشرة المفقودة والتي كانت مسبيّة في جبال العراق والذين نفذوا السيناريو المعد لهم من قبل الانكليز لأجل ابعادهم عن اخوتهم من الكلدان الكاثوليك ومنحهم تسمية الاشوريين بديلا عن المذهب النسطوري والتي لم تروق ( النسطورية) للانكليز في حينها. والنتيجة كانت ابادتهم من قبل الاكراد والاتراك الذين شعروا بموقفهم الخياني لأنصياعهم للانكليز والروس والتي عمت خيانتهم على الاطراف المسيحية الاخرى التي لم تكن لها علاقة بالسلالة الشمعونية وصار ماصار من ابادة وتشريد للمسيحيين من تلك المناطق والمتبقي منهم ادخلوهم الى العراق موزعينهم على خيم وكما سبق وان تكلّمنا عن تفاصيل ذلك.
ولكن استمروا في نهجهم التآمري وكانت مذابح مقتل البطريرك بنيامين والمجموعة التي كانت معه في سنة 1918 وبعدها مذبحة سميل في سنة 1933 وبعدها مقتل البطريرك مار ايشا الشمعوني في 1975 وانقسامهم الى طائفتين ومع بطريركين احدهما بقي على كنيسة المشرق القديمة والاخرى على كنيسة المشرق الاثورية وغيروها الى الاشورية حديثا وعددهم لايتجاوز للكنيستين 5% من مسيحي العراق .
سيناريو منح الحقوق للناطقين بالسريانية:
وان مناسبة ذكري لأعلاه، كان بسبب استذكارنا الاخ الياسمتي منصور بموضوع في موقع عينكاوة كوم في الحوار الهادىء بالمكرمة التي سميت بالمنح للحقوق الناطقين بالسريانية والمتمثلة بالسريان والكلدان والاثوريين والذي كان بمثابة سيناريو اخر معد من قبل النظام السابق الذي اصدر البيان في سنة 1972 والذي من بدايتها، عمّت الفرحة على ابناء شعبنا التواقين الى معرفة ثقافتهم وتعلّم لغتهم والاحساس بوجودهم كمواطنين لهم حضارات عريقة.
ولكن اتضح بأن عطايا النظام لم تكن هدية بلا عطية، بل كانت ورائها غايات ومكائد منها فرزنة ابناء شعبنا من الموالين للنظام ومن غير الموالين لمحاولة حصرهم وثم اقتيادهم تدريجيا من خلال الاندية والمسميات الاخرى التي اسست بأسم الناطقين بالسريانية بالاضافة الى المؤسسات الكنسية. ولكن اخوتنا الاثوريين تهللوا لحدث المنحة هذه، سامحين لقياداتهم الدينية بالعودة الى العراق مع اعادة الجنسية العراقية للملغية منهم (لأن الاثوريين لم يكونوا اصلا عراقيين والذين كانوا من المتبقين منهم القادمين من جبال حكاري ومن المناطق داخل حدود ايران وتركيا ).

ماهو موقف الكنيسة الكلدانية؟
الاّ ان الكنيسة الكلدانية لم تنجر بسهولة وراء هذه المنحة بالرغم من ارسال تهنئة من البطريرك مار بولص الثاني شيخو(المثلث الرحمات) عند صدور القرار، وهذا يأتي من باب الاصول. الا انها تأنت وعرفت ما مغزى هذه المكرمة وعليه لم تندفع للتفاعل مع هذا القرار الذي صيغ كحملان وديعة ولكن باطنه يعود لذئاب خاطفة وكما يقول انجيلنا المقدس. والتي علمت بنية نظام البعث بالسيطرة على الكنائس من خلال هذه المنحة ومن ضمنها مساعدات مالية ورواتب للسلك الكهنوتي لتحقيق مآربهم، ولكن الكنيسة كانت ادهى منهم برفضهم لهذه المنحة وعدم فسح المجال للتدخل في شؤونها.
لذلك فالكنيسة الكلدانية لم تتجاوب مع هذا القرار لكي لا تكون بمنيّة النظام للسيطرة على الكنيسة من خلال هذه المنحة. بالاضافة الى حماية بعض ابنائها من حاملي الايديولوجية الشيوعية وبأن لاتكون سببا لأحتوائهم من قبل النظام البائد وزجّهم في سجونهم الضالمة عندما تكون الكنيسة تحت امرتهم، بل حمتهم واتذكر ذلك جيدا بقيام هذا البعض من ابنائها بالتردد لبعض الكنائس الكلدانية والمشاركة بنشاطات الكنيسة لأبعاد الشبهة عنهم وبالتشجيع من كهنتنا في حينها ومنهم المرحوم الاب المطران اسطيفان كجو الذي كنت احد مساعديه في كنيسة ام المعونة/بغداد. وليعرف الذين يتشدقون على كنيستنا بغفلتهم عن الحقيقة المرة التي لايفقهونها.

الغاية من اعطاء هذه المنحة:
وسأعيد اليكم ذكر احد الاسباب المهمة التي اخفقت هذه المنحة وكما ذكرها اخينا الياس متي منصور في موضوعه عن هذا البيان المنشور في موقع عينكاوة كوم وكما جاء في الفقرة (د):
( هل كان اهم الاسباب هوتمكن البعثيين والمواليين للبعث من الاستلاء على الهيئات الاداريةلمعظم المؤسسات واخراجها عن مسارها الصحيح وتسخيرها لمصالحهم الخاصة بعد تحويلها الى اماكن لشرب الخمور ولعبة الدمبلة لجني الارباح المادية منها على حساب النشاطات الثقافية والاجتماعية والرياضية .
ام هنالك اسباب اخرى لم نذكرها ..؟)(انتهت)
واضيف الى ما ذهب اليه اخينا الياس هو بمحاولة هيمنة البعث على الاندية السريانية والمؤسسات الاخرى واصبح المرشحين للهيئة الادارية شرطا بأن يكونوا مزكّين من نظام البعث.وبموجب ذلك تمت محاربة المسيحيين ان كانوا شيوعيين او قوميين او موالين للغرب او من الاحزاب الكردية الاخرى وذلك من قبل المحسوبين على البعث في تلك الاندية . وقد حصلت هذه المعضلة بالاخص بعد فشل المفاوضات ما بين النظام والاكراد سنة 1974م .
ماقاله احد الكتاب الاثوريين بالهدف من هذه المنحة:
ولزيادة التأكيد فقد ذكر الكاتب تيري بطرس (في مقالته : لماذا فصلت من النادي الاثوري)عن المصادمات التي حصلت معه بعد ان اصبحت الهيئة الادارية للنادي الاثوري مغلقة للمزكين من البعث ومنهم الكاتب الزوعاوي ابرم شبيرا وحسب زعم الاخ تيري الذي اجبر على ترك النادي وفصله. وهكذا اصبحت الاندية الاخرى فيها متملقون من المحسوبين على البعث، محاربين لأخوتهم من بني جلدتهم ومنهم اندية بابل الكلداني وسومر العائلي والمشرق والجمعية السريانية وغيرها. ونرى بعضهم من الموجودين حاليا ومن المحسوبين على البعث في حينها، لازالوا منتهجين نفس ذلك الاسلوب وتحت المسميات الهجينة والمتأشورة ولكنهم لازالوا في غيّهم ولم يستفيقوا من ذلك الدرس مستغلين جهل رؤوسهم الذين لاتعرف يمينهم ما تعمل عن شمالهم.
سيناريو لمنحة اخرى للمتأشورين في وقتنا الحالي:
وهكذا فالسيناريو يتكرر نفسه في ايامنا هذه . وهي ايضا منحة سلمت لزمرة من اخوتنا الاثوريين وليست حقوق وكما يفهمونها (عيبهم يستعجلون بقراراتهم ) وقد استطاعت هذه الزمرة ان تلملم مجموعة تحت ابطها ومن الضعفاء الذين اغرتهم المادة ربما لعوزهم، ودخلوا في التسمية بتجمع التنظيمات ذو التسمية القطارية وبتوليفة جديدة كبديل من الناطقين بالسريانية والتي كانت اهون من هذه. وهم يحاولون تفتيت مكونهم الاكبر من اخوتهم الكلدان، زارعين بذور الانشقاق والتفرقة مابين مسيحي العراق خاذليننا مستضعفين كينونتنا بين المكونات الاخرى في الوطن.
لماذا لايحافظ كل مكون على قوميته؟
ولا اعرف ما الضير في ان نكون جميعا محافظين على قومياتنا من الكلدان والسريان والاثوريين (وعندها نسميهم بالاشوريين وكما يريدون بالرغم من ان ذلك مناقض للتاريخ ولكن بس يفكّوا من ياختنا) وعندها نستطيع ان نعمل سوية وبما يخدم الاخر لتقوية كياننا المسيحي. ولكن هذا لايصرّفهم لأن الاثوريين عددهم لايتجاوز 5% بالكثير من باقي المكونات، متوقعين ان تستمر الامور بالمنحة المعطاة لهم ليسيطروا على مكوننا جميعا للاستفادة الشخصية ولتنفيذ اجنداتهم الوهمية. وحتى وصل الامر بهم للمساهمة في تشويه بلداتنا الكلدانية بمشاريعهم السيئة الصيت ومنها مشروع الابراج الاربعة واولياته معروفة للقارى العزيز بعد ان تنشنشت جيوبهم من تلك المنحة. ولكنهم لايفقهون ما سيؤول ذلك بالوبال عليهم.
واخيرا ماهو الحل؟
ولكن السؤال المطروح بأنه هل سيعيد المتأشورين حساباتهم لمعرفة السيناريو المعد لهم المتكرر(ثلاث مرات وكما ذكرتها آنفا) ليكون ذلك سببا لصحوتهم ؟. ام سيستمروا في غيّهم ليكونوا السبب في تفتيت مكوننا المسيحي وتشريدهم خارج وطنهم ؟. وعندها التاريخ سوف لايرحمهم بعد ان اصبح كل شيء موثق ومحفوظ بالوسائل الاعلامية المتاحة. عبدالاحد قلو

You may also like...