الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة

 

نـــــــــزار حيدر لقناة (الفيحاء) الفضائية:

لانتخابات نيابية مبكرة

   حمل نـــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العرقي في واشنطن، السياسيين كامل المسؤولية ازاء اية تداعيات سلبية قد يشهدها الشارع العراقي الثائر ضد الفساد وضد سياسات هضم الحقوق.

   واضاف نـــــزار حيدر، الدي كان يتحدث على الهواء مباشرة الى الزميل الاستاذ فلاح الفضلي في برنامج (الملحق) على قناة (الفيحاء) الفضائية:

   لا اعتقد بان القرارات الترقيعية التي بتنا نسمعها من مجلس النواب والحكومة قادرة على ان تغير من الواقع المزري شيئا، فلقد دخل العراق مرحلة جديدة لا تنفع معها القرارات المستعجلة والمرتجلة، فالدولة التي لم تنجح في حل مشكلة البطاقة التموينية مثلا او الكهرباء او الماء الصالح للشرب او الفساد المالي والاداري او البطالة او النظافة او التعليم او ما اشبه طوال مدة السنوات الثمان المنصرمة، لا اعتقد ان بامكانها ان تجد حلا لمثل هذه المشاكل خلال ايام او اسابيع او اشهر، ولذلك فبرايي ان الحل يكمن في الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة يحقق بها العراقيون تغييرا حقيقيا في بينة المسؤولين، وان ذلك لا يتحقق الا بتغيير قانون الانتخابات المعمول به، من اجل ان يفسح مجلس النواب المجال امام العراقيين ليختاروا وكلاءهم بشكل صحيح وحقيقي وليس بطريقة ملتوية كما حصل في المرات السابقة.

   ان كل دول العالم الحر تلجا الى الانتخابات المبكرة لاسقاط الحكومات الفاشلة والبرلمانات الفاسدة، كما حصل مؤخرا في بريطانيا، مثلا.

   ان المشكلة في العراق الجديد ليست في النظام السياسي، كما هو الحال في بقية البلدان العربية، فهو نظام دستوري برلماني وديمقراطي، الا ان المشكلة تكمن في من حجز مقعده تحت قبة البرلمان، وفي توافق السياسيين على ما يعرف بالمحاصصة في كل شئ، ما انتجت حكومة بلا معارضة برلمانية، وتاليا برلمانا ناقص اهلية الرقابة على الحكومة، وكل هذا هو الذي انتج غول الفساد المالي والاداري والسياسي المرعب الذي يعاني منه اليوم المواطن العراقي.

   ادعو مجلس النواب الى ان يركز جهده اليوم على مهمة واحدة فقط تتمثل في الاسراع بتعديل قانون الانتخابات بما يفسح المجال امام كل مواطن ليرشح نفسه ضمن دوائر انتخابية بعدد مقاعد المجلس، لنكسر عملية احتكار السلطة من قبل ثلة من السياسيين الفاسدين الذين اتخموا بالمال العام على حساب معاناة الشعب المسكين، اما ان يلهي نفسه ويضيع الوقت بمواضيع باتت هامشية كالبطاقة التموينية والميزانية العامة، فان ذلك سيدفع بالبلد الى الزلزال، فبماذا سينتفع المواطن العراقي من الميزانية العامة اذا كانت ربعها تذهب الى جيوب المسؤولين؟ وماذا ستنفع البطاقة التموينية المواطن اذا كانت فاسدة وان المشرف عليها لص محترف؟.

   العراق اليوم بحاجة الى تغيير جذري في بنية المسؤولين، ليستبدلهم بآخرين امناء وصادقين ونزيهين وحريصين على البلد وشعبه وخيراته وثرواته، والا ماذا ينفعني الوزير الذي يحمل ارقى الشهادات العلمية من ارقى الجامعات العالمية اذا كان لصا يسرق المال العام ويسرق ميزانية الوزارة ليوزعها على عائلته ومحازبيه ومن لف لفهم؟.

   ونحن نعيش ذكرى المولد النبوي الشريف، لنتذكر خصلتين من ارقى خصال رسول الانسانية في زمن الجاهلية الا وهما (الصادق الامين) فالصدق والامانة عمادا نجاح المسؤول في مهمته.

   عن غياب ثقافة الاستقالة والمبادرة للتغيير الطوعي عند المسؤولين، والجهة المسؤولة عن اشاعة مثل هذه الثقافة، قال نـــــزار حيدر:

   ان الشعب هو المسؤول عن اشاعة هذه الثقافة، وهو المسؤول عن تعليم السياسيين ثقافة الاستقالة، فلو سالنا انفسنا، ترى، من الذي اجبر ديكتاتور مصر المخلوع على ترك السلطة وهو الذي يمتلك اكثر من (70) مليار دولار ويحتفظ بتجربة في السلطة دامت اكثر من (30) عاما؟ ويمتلك الجيش والحرس الجمهوري وكل هذه العلاقات الاقليمية والدولية التي ظلت تدعم سلطته المطلقة والشمولية؟ من الذي اجبره على ترك السلطة سوى الشعب المصري البطل؟ فهو الذي علم الفرعون كيف يتخلى عن السلطة، وهو الذي سيعلم المسؤولين الذين سيتعاقبون على السلطة في مصر ثقافة الاصغاء الى الشعب وثقافة الاستقالة من المنصب العام اذا ما فشلوا في تحقيق برامجهم الانتخابية، فعندما قرر الشعب ان يعلم الطاغوت استسلم الجميع بمن فيهم الطاغوت نفسه وزبانيته وازلامه وكل حلفاءه في المجتمع الدولي وغيرهم.

   وفي العراق كذلك، فاذا كان المسؤول يرفض ان يتعلم ثقافة الاستقالة والتنحي عن السلطة اذا فشل في تحقيق اهداف الناس، اذا كان يرفض ان يتعلم ذلك بـ (العيني والاغاتي) و (بالمروة) على حد قول المثل الشعبي المعروف، فـ (بالقوة) وما هذه التظاهرات التي بدات تجتاح العراق المحافظة تلو الاخرى، الا نذير شؤم على كل المسؤولين الذين اتمنى ان يتعلموا بسرعة قبل فوات الاوان، والا فالبالوعات، على غرار بالوعة الطاغية الذليل، بانتظارهم وان اكثر من (جدة) بانتظارهم، كل حسب ولائه وانتمائه وجنسيته، فبعد ان يئس العراقيون من امكانية التاثير عليهم بالقلم والبيان، جاء اليوم دور التظاهر كوسيلة حضارية لتغيير الاوضاع كفلها الدستور والقانون.

   عن اتهامات المسؤولين للمتظاهرين بارتباطهم باجندات اجنبية، قال نــــزار حيدر:

   الا يستحي المسؤول من توجيه مثل هذه الاتهامات للمتظاهرين؟ هل يعقل ان شابا عمره 18 عاما خرج للشارع مطالبا بحقه في لقمة العيش الكريمة تدفعه اجندات خارجية؟ من اين جاء بها؟ وكيف ارتبط بها؟.

   ان المواطن العادي ليس له اية اجندات خارجية، بل انه لا يعرف معاني مثل هذه الكلمات، وان الذي يحمل في ذهنه ونهجه اجندات خارجية هو المسؤول الذي نراه ذاهبا وعائدا الى هذه العاصمة وتلك، فهل نسي السياسيون زياراتهم المكوكية لعواصم الشرق والغرب وعلى مدى (10) اشهر يبحثون فيها عن المساعدة من كل من هب ودب لتشكيل الحكومة التي ولدت اخيرا عرجاء ومشوة وسياسية وليست مهنية؟.

   ان المسؤول هو صاحب الاجندات الخارجية والاجنبية وليس المواطن ابدا، بل ان الاخير هو صاحب الحس الوطني الحقيقي وصاحب الاجندات الوطنية الشريفة التي لا يستطيع احد، مهما كان، ان يزايد عليه وعلى وطنيته وعلى حبه للوطن.

   ان هذا المواطن هو ذاته الذي واجه دبابات النظام الشمولي البائد في اكثر من انتفاضة يوم كان السياسيون يعقدون مؤتمراتهم في عواصم الغرب في فنادق (5) نجوم، وهو نفسه الذي تحدى الارهاب ليصل الى عتبة صندوق الاقتراع لينتخب هؤلاء السياسيين ويحملهم بصوته الى قبة البرلمان، فكيف يجيز المسؤول لنفسه ليتهمه بالارتباط بالاجنبي ويشكك في اجنداته وولاءاته؟.

   اما تخويف المواطنين من مغبة استغلال ايتام الطاغية الذليل للتظاهرات المطالبة بحقوقهم، فهو كذلك قول مضحك الى درجة القرف، فاذن ماذا كانت تفعل الحكومة على مدى (8) سنوات في قانون اجتثاث البعث؟ واذا كان القانون غير مجديا وقد عاد البعثيون الى الوسط العام، فانما انتم الذين اعدتموهم الى السلطة وليس الناس، اوليست مؤسسات الدولة اليوم ملغومة بالعديد من ايتام النظام البائد؟ فمن الذي جاء بهم سوى المحاصصة المقيتة؟.

   لا تخيفونا بايتام النظام البائد، ولا تخيفونا بالقاعدة وجماعات العنف والارهاب، اصغوا الى مطاليب الناس، واقروا بالواقع الذي انتجه فشلكم انتم دون سواكم، ثم تحملوا المسؤولية الاخلاقية والوطنية كاملة.

   17 شباط 2011

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *