الدستور والمحكمة الاتحادية يمتلكان الحل لأزمة تشكيل الحكومة

 

 

حسب ما جاء في الباب الاول من الدستور العراقي المادة (13) أولاَ : يعد هذا الدستور القانون الاسمى والاعلى في العراق , ويكون ملزماَ في أنحائه كافة وبدون إستثناء . من المادة أعلاه الحل لازمة تشكيل الحكومة يكمن في الدستور العراقي فهو القانون الاسمى والاعلى والملزم التطبيق في العراق وهو الحل وهو الحكم . وهناك عدد من المواد في الدستور واضحة وصريحة وتؤكد ذلك :

 

المادة 45 : يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد بمرسوم جمهوري ,خلال خمسة عشر يوماَ من تأريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة , وتعقد الجلسة برئاسة أكبر الاعضاء سناَ لأنتخاب رئيس المجلس ونائبية , ولا يجوز التمديد لأكثر من المادة المذكورة آنفاَ .

المادة صريحة وواضحة ولا يجوز التمديد لأكثر من المادة المذكورة آنفاَ . عقدت الجلسة وتم التمديد بخلاف المادة آنفاَ ولم ينتخب رئيس البرلمان ونائبية . هذه مخالفة دستورية لا تقبل التأويل .

 

المادة 55 : ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له رئيساَ ونائباَ أول ونائباَ ثانياَ بالاغلبيةالمطلقة لعدد أعضاء المجلس بالانتخاب السري المباشر. من هي الجهة المعنية في تطبيق هذه المادة غير المحكمة الاتحادية العليا ؟

 

المادة 70 :

أولاَ : ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساَ للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه .

ثانياَ : إذا لم يحصل أي من المرشحين على الاغلبية المطلوبة يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على أعلى الاصوات ويعلن رئيساَ من يحصل على أكثرية الاصوات في الاقتراع الثاني .

والمادة 76 : واضحة بتكليف رئيس الجمهورية  مرشح الكتلة النيابية الاكثر عدداَ بتشكيل مجلس الوزراء وتوجد تفصيلات واضحة في هذه المادة ( من أولاَ إلى خامساَ) .

 

الحكم في تطبيق هذه المواد هو المحكمة الاتحادية العليا :

من مهام المحكمة الاتحادية العليا حسب ما جاء في المواد التالية من الدستور :

المادة 93 :

أولاَ : الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة .

ثانياَ : تفسير نصوص الدستور .

ثالثاَ : الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والانظمة والتعليمات , والاجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء , وذوي الشأن من الافراد وغيرهم , حق الطعن المباشر لدى المحكمة .

المادة 94 :

قرارات المحكمة الاتحادية العليا باته وملزمة للسلطات كافة .

من المواد أعلاه فأن الحل لازمة تشكيل الحكومة يكمن في الدستور والمحكمة الاتحادية العليا التي منحها الدستور حق البت في هذه المواد فهي الحكم وتمتلك مفتاح الحل لازمة تشكيل الحكومة وهي الضامنة لتطبيق مواد الدستور .

السؤال المطروح : لماذا لم تتحرك المحكمة الاتحادية العليا لتبادر لتطبيق مواد الدستور ؟ لا سيما وأن المحكمة الاتحادية العليا تدرك تماماَ أن رئيس الجمهورية طرف في هذه الازمة إضافة إلى رئيس الوزراء ورئيس البرلمان المؤقت أكبر الاعضاء سناَ إضافة لقادة الكتل الفائزة . فهل يطول سكوت المحكمة الاتحادية طويلاَ ؟ المحكمة الاتحادية العليا بمقدورها أن تطمأن الشعب العراقي بأن لديهم دستور هو القانون الاسمى والاعلى في البلد وهي المؤسسة الوحيدة القادرة على تطبيقه , أعتقد لا توجد قوة في العراق وفق الدستور تستطيع أن تمنع القضاء من التحرك لحل الازمة السياسية وإيجاد مخرج لها هذا إذا طبق الدستور وإمتنعت القوى المتنفذه من التدخل في شؤون القضاء .

علماَ إنه لا توجد مادة في الدستور تمنح رؤساء الكتل الفائزة حق خلق أزمة سياسية وتعريض مصالح الشعب والوطن إلى الخطر من خلال طول فترة صراعهم هذا لا بد من أن يخضعوا جميعاَ لحكم القانون ورقابة القضاء إنهم عرضوا الوطن إلى مخاطر كبيرة .

 

مالذي حصل لحد الآن من أزمة الصراع بين الكتل السياسية :

1- أدت إلى حالة الجمود السياسي بعد فشل محاولات التوافق بين الكتل والازمة هي أخطر تهديد يواجهه العراق .

2- كما أن هذه الازمة أدت إلى حالة الفراغ الدستوري وترتب عليها تقييد صلاحيات الحكومة بعد إنتهاء الفترة القانونية لممارسة صلاحياتها وبعد أن شككت الكتل السياسية بكثير من القرارات التي إتخذتها الحكومة وتم تحويلها إلى حكومة تصريف أعمال .

3- تدهور الوضع الامني في ظل هذا الفراغ وهذه الازمة السياسية . فالقاعدة بدأت تحركاتها مجدداَ بعد فترة طويلة من التراجع وهي محاولة منها لاستغلال هذا الفراغ وما عملية يوم الثلاثاء الموافق 17-8-2010 بتجنيد إنتحاريين فجروا نفسيهما أمام تجمع من المواطنين المتطوعين المحتشدين أمام مبنى وزارة الدفاع القديمة وإستشهد جراء هذا العمل الارهابي 61 مواطن وأكثر من مئة جريح , ما هوإلا مؤشر كبير على أن القاعدة بدأت في إستغلال هذا الفراغ السياسي والدستوري والامني .

4- وهذا يعطي مؤشر أن القاعدة بدأت تتحرك هذا أولاَ وثانياَ أن عملياتها الارهابية لم تأتي من فراغ فبالاضافة لهذا الجمود والاحتقان السياسي في البلد أن هناك مساعدات مالية كبيرة وقد تكون لوجستية أيضاَ بدأت تحصل عليها القاعدة من دول الجوار .

5- أعتقد ستوجه القاعدة تحركها نحو الصحوات لا سيما إذا بقيت هذه الاخيرة بدون مساعدات مالية من الامريكان وبدون رعاية وإهتمام وتوفير العمل لها من قبل الحكومة فستكون عرضة لضغط القاعدة عليها

6- أزمة تشكيل الحكومة كان لها تأثير سلبي واضح على توفير الخدمات ومنها الكهرباء والماء الصالح للشرب إضافة إلى تأثيرها السلبي على الاوضاع الاقتصادية في البلاد وتوقف تنفيذ كثير من خطط التنمية  وتنامي ظاهرة البطالة خاصة بين الشباب والخريجين وتراجع الاهتمام بالتعليم والصحة والثقافة والسكن .

7- الازمة السياسية فسحت المجال للدول الاقليمية والدولية متمثلة في الولايات المتحدة الاميركية بالتدخل أكثر في الشأن العراقي وفي تعقيد الازمة السياسية بين الاطراف .

إن إستمرار هذه الازمة والصراع بين الكتل على السلطة السياسية سيعرض البلاد والشعب لمخاطر صعبة أن تحرك المحكمة الاتحادية العليا يساعد في السيطرة على هذه الازمة ووضع حد لها .

 

العراق يعيش مرحلة حرجة وعلى درجة كبيرة من التعقيد :

هذه المرحلة التي يمر بها البلد لا تخلوا من الخطورة والتعقيد بسبب إستمرار أزمة تشكيل الحكومة  وجمود العملية السياسية ومن المؤشرات على خطورة المرحلة التي يمربها العراق هي :

1- الارهابيون يحاولون إثبات وجودهم وفرض حضورهم من خلال إستغلال الازمة وسوء العلاقة بين الكتل الفائزة والاحتقان السياسي فيما بينها فنجد أن الارهابيون قاموا بتصعيد أعمالهم الارهابية خلال الاسابيع الماضية وإلى الآن لم تتوقف أعمالهم الارهابية وشملت عناصر الشرطة والاجهزة الامنية والعسكرية إضافة إلى إستهداف المواطنيين الابرياء .

2- أن كل ساعة تمر من دون أن يتم التوصل إلى حل نهائي للازمة السياسية بالمطلق إن هذه الساعة ستصب في صالح القوى الارهابية التي تمرست على العمل في الفراغ السياسي والامني وتتحرك بسرعة لاستغلال الاوضاع المضطربة .

3- في الوقت الذي تتصاعد فيه الاعمال الارهابية نجد أن الكتل السياسية تتباعد أكثر فيما بينها وتتعثر المفاوضات على تشكيل الحكومة والمؤشر على ذلك , بعد أن إنتعشت الآمال بين القائمة العراقية ودولة القانون في التوصل إلى حل لازمة تشكيل الحكومة نرى فجأة توقف هذه المفاوضات .

4- القوى الارهابية تدرك تماماَ أن البيئة المثالية لتصاعد عملياتها هي البيئة التي تطفي عليها الخلافات بين الكتل السياسية , فأن هذه الازمة السياسية وهذا الاحتقان بين الكتل هي البيئة المثالية لتصاعد أعمال العنف والعمل الارهابي . والارهابيون يجيدون إستغلال هذه البيئة تماماَ لاشعال وتيرة العنف الطائفي . ومن المؤسف حقاَ أن القائمة العراقية قد علقت مفاوضاتها مع دولة القانون على هذا الاساس الطائفي وذلك إحتجاجاَ على تسمية رئيس دولة القانون السيد نوري المالكي حسب ما تدعي القائمة العراقية بأنها(قائمة سنية) وهذا يؤكد على دخول البعد الطائفي في أزمة تشكيل الحكومة , وهذا تطور خطير قادة الكتل يعرضون الوطن للمخاطر وبنفس الوقت يقدمون فرصة لقوى الارهاب لتفجير العنف الطائفي .

5- أن إستمرار الفراغ الامني والاحتقان السياسي يعني إستمرار تنامي خطر الارهاب والتدخلات الخارجية لا سيما وأن القوى الارهابية تعمل بوتائر متصاعدة لاعطاء إنطباع بأنها كانت عامل رئيس وسبب أساسي لانسحاب القوات الاميركية وإنهاء مهامها القتالية وذلك لايهام الشارع العراقي متجنبه الحديث عن بنود المعاهدة الامنية ومراحل تنفيذها لاجل تمرير أهدافهم الشريرة .

6- وكأنها تريد أن تعطي إنطباع بأنها من القوى المؤثرة والتي ستساهم في رسم مستقبل العراق بعد الانسحاب الاميركي لهذا فهي تصعد من عملياتها الارهابية .

7- إن إستمرار الصراع الذاتي بين كتل الاسلام السياسي والقوى القومية فأنها بمجموعها تساهم في تسهيل عملية إختطاف العراق من قبل قوى التطرف والارهاب .

 

الخلاصة والاستنتاج :

1- أن الكتل الفائزة والتي أفرزتها إنتخابات مارس 2010بقانونها الانتخابي اللاديمقراطي إنها قادت وتقود العراق بعيداَ عن مسارات الاستقرار السياسي والتطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

2- أن هذه الكتل ليس فقط إنها بمجموعها تعرض العملية السياسية للخطر وإنما تعرض العراق شعباَ وأرضاَ لمستنقع خطر العنف والتطرف والطائفية وسيادة قوى الارهاب والعودة إلى نقطة الصفر وإنها بصراعها على السلطة تفسح المجال لقوى الارهاب في فرض قانون الغاب وتهديد أمن الوطن والمواطن .

3- أن هذه القوى بمجموعها لاتبني دولة عراقية وإنما تخلق سلطات طائفية وكتل طفيلية هامشية في المجتمع تتصارع على السلطة .

4- أن هذه الكتل وضعت نفسها فوق الدستور وأكدت بالممارسة إنه لايوجد تداول سلمي ولا توجد دولة المؤسسات الديمقراطية وإنما المهم أنانيتها ومصالحها الذاتية التي في نظرها هي فوق مصالح الشعب والوطن مصالح الشعب والوطن تذكرها هذه الكتل للتسويق الاعلامي لاغير .

5- هناك خيار وطني لحل أزمة تشكيل الحكومة بأن تبادر المحكمة الاتحادية العليا وفق الصلاحيات المحددة لها في الدستور بأنهاء حالة الجلسة المفتوحة للبرلمان يحدد موعد لها قريب وفق الدستور وينتخب البرلمان بأسرع وقت في إجتماع له رئيس ونائبين ورئيس للجمهورية , الحل الوطني هو الكفيل برسم مستقبل العراق على أسس وطنية بعيداَ عن أي نزعات طائفية وذاتية وهو البديل لمواجهة الارهاب .

6- في حالة تعذر ذلك فالوطن أغلى وأسمى من الذاتيون الذين يبيعونه في سوق النخاسة , مصالح الوطن والشعب فوق الجميع وتفرض على المحكمة الاتحادية العليا الدعوة لاجراء إنتخابات جديدة للبرلمان وإلغاء نتائج الانتخابات الحالية وأن تكون الانتخابات بعيداَ عن سطوة المفوضية العليا التي فشلت في إدارة إنتخابات الخارج ومارست أخطاء كبيرة أضرت بالعملية السياسية.

7- ولكن التوقعات صعب أن تبادر المحكمة الاتحادية العليا لاجراء إنتخابات جديدة لاسباب عدة ليس بصدد طرحها المؤشرات لا يوجد أفق لاقتراب إيجاد حل للأزمة وهذا ما تدركه الكتل جميعها لانها أدوات لقوى خارجية أرى أن الانسحاب الاميركي يحتاج لوجود حكومة للاتفاق على ترتيبات ما بعد الانسحاب , فأن الولايات المتحدة الاميركية ستمارس في الفترة القادمة دور آخر في حل الازمة ليس فقط طرح أفكار ولعب دور الوسيط وإنما ستمارس ضغوط قوية على الكتل لألزامها على التوافق و صحيح أن الولايات المتحدة بضغوطها ستحل الازمة ولكنها ستنتج لنا حكومة طائفية ضعيفة بلا كفاءات .

19-8-2010

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *