الخـليط الهـجـيـني لا يُـحـسَبُ مع الأصيل الكـلداني

حـين وعـينا إلى الحـياة كــُـنا نسمع في بـيئـتـنا الشعـبـية بـ ( فـرس كـحـيل ) ولما كـبـرنا عـلِمنا أنها ( الفـرس الأصيل ) تــُـذكــَـر في المدوّنات ، لها حـضورها الميداني في المناسبات ، مكانـتها عـنـد مالكـيها كِـبار القـوم راقـية ، و رُقِـيُّـها في قـلوب محـبّـيها باقـية ، وتبقى نـظـيفة في حـظائرها وبعـناية مربّـيها ، تـتـمـيَّـز بأناقـتها ورشاقـتها وسرعـتها فـيُـتـباهى بها في الإستعـراضات والمسابقات ، أما الهـجـينة منها فإنها رخـيصة مألوفة في حـقـول التحـميل والنـقـل والخـدمات ، وهـذه المقـدّمة يعـرفها الجـميع فهي إشارة إلى ما بـين الأصالة والهجـين من فـروقات .   

نـضطـر أحـياناً ومؤقـتاً إلى محاكاة طـروحات إخـوتـنا الآثوريّـين وقـوالبهم الفـكـرية المغـلقة ونحـن نرفـض في دواخـلنا صيغة المحاكاة تلك لا بل نرفـض نمط ذلك التـفـكـير من جـذوره ، ولكـنـنا مُـجـبَـرون ! ليس إلاّ لتـنـبـيههم عـلى أخـطائهم عـسى أن يشعـروا بما يجـعـلونـنا نشعـر به . فـقـبل أيام إستـوقـفـتـني سيدة بعـد أن عـرفـتـني من صورتي وقالت لي : ألست أنت الذي تكـتب في الصحـف والإنـتـرنيت ؟ قـلت : بلى ، قالت أراك متـشـدّداً في كـتاباتك ! سألتها : هـل أنتِ زوعاوية ؟ قـالت نعـم ، قـلتُ : إذن أذكــِّـرك بقـول المسيح ( بالكـيل الذي تـكـيلون يُـكال لكم ) وأذكـري كلامي أمام رفاقـكِ أثـناء إجـتماعاتكم – هـل محـروم عـلينا ما هـو مـباح لكم ؟ أم أنّ كـل شيء حلال لكم وعـلينا حـرام ؟

وفي الحـقـيقة كـم كـرّرنا لهم قـولاً آخـراً للرب يسوع ( مَن ينـكـرني أمام هـؤلاء الناس أنـكـره أمام أبي الذي في السماوات ) إلاّ أنـنا ومن بعـد أن إخـتـبرناهم مع الإعـتـزاز بهم يتضح لنا أن قـول الشاعـر عـمرو بن معـدي كرب بن ربـيعة الزبـيدي 525 ـ 642 م ينطـبق عـليهم حـين قال :  

 ولو نار نـفخـْـتَ بها أضاءَتْ         ولـكـنْ أنتَ تـنـفخ في رماد

فـلم يعُـد أمامنا سـوى الإعـتـزاز بأصالتـنا وإستـقلاليتـنا عـن طـريق إبـراز إسمنا والحـفاظ عـلى هـويتـنا وصيانة تأريخـنا والتـصدّي لمَن يحاول النيل من كـرامتـنا الكـلدانية وهـذا هـو الهـدف الرئيس لتـنـظيماتـنا الأصيلة التي لم تهـتـز أمام رياح الدولارات ومجانية السـفـرات مدفـوعة الدولارات ، ولم تـسجـد رُكــَـبـُـها أمام السيد الآغا وفِـرَقه النشيطات .    نعـم ، لم تكـن لدينا حاجة إلى مؤسّـسات سياسية أو مدنية كـلدانية لحـماية كـيانـنا أمام الغـرباء ! لأن الكـنيسة وعَـبر الزمن كانت كافـية ووافـية وأوصلتـنا إلى شاطىء الأمان مستـمتعـين بالحـرية ، وحـينها كان إخـوانـنا يتهـمونـنا بتراجع مشاعـرنا القـومية الكـلدانية ، ولكـن لمّا تأكـدنا من قـول الرب يسوع من أن عـدوّ الإنسان أهـل بـيته !! فالمعادلة عـنـدئـذ إخـتـلـّـتْ وتوازنها فـقـدَتْ ، وصار لـزامٌ عـلينا أن نـعـيد النـظر في تـفاعـل موادّها وتـوازن طـرَفـَـيها فـكانت لنا أحـزابنا وتـنـظـيماتـنا الكـلدانية الصرفة ، وهـنا إقـشـعـرَّ الغـير – وصار عـنـدهم إسهال في البـطـن – فـباتـوا يصـفـونـنا بالعـدائية للوحـدة الواحـدية وبالخـروجـية عـن القـطار المتوجّه إلى المجهـول مع عـرباته القـطارية ، فأصبحـنا في حـيرة من أمـرنا ، ولا نـدري ما الذي يُـرضي خـلانـنا : هـل نلغي تـنـظيماتـنا ونرجع كـل أنـشطـتـنا إلى مذهـبـيّة نسطـوريتـنا وخـتمها ( محـيلا شمعـون ﭙاطـريَـرك د كـلدايـيه ) ومن خلالها نبقى معـتـزّين بالكـلدانية قـوميتـنا ، أم نـتـمسّك بكاثوليكـيتـنا وأصالة دساتير مؤسّـساتـنا الكـلدانية كي يُـقال لنا أنـنا ذوو مشاعـر إنـفـصالية ؟ إسعـفـونا بإجابتكم يا خلانـنا …. وما عـدنا غـيركم صَـدّﮔـونا .

ومن بـين تـنـظيماتـنا الكـلدانية الأصيلة التي لم تـقـبل الـتـرنح أمام إيماءات الدولارات في بحـر أمواجه مياه دَوّارات ، الإتحاد العالمي للكـتاب والأدباء الكـلدان تـنـظيماً مدنياً فـتياً صامـداً معـتـزاً بأصالة تسميته الكـلدانية لا هـجـينية ولا دولاراتية ، إنـتمى أعـضاؤه إليه كـبذور جـيدة ولكـن لما نـَـمَـتْ بان الزؤان !! وهـنا قال المسيح ( لئلاّ تـقـلعـوا الحـنطة مع الزؤان ، دعـوهـما ينميان كلاهـما معاً إلى الحـصاد … متى 13 : 29 ) لأن إنساناً عـدوّاً زرعه بـينهم خـلسة ولما نـضج إفـتـضح أمره وخـرج عـن أصالة رتله وباع سيده وإستـلم ثلاثين من معادن فـضته فـأسس جـماعة جـديدة إرتـدَتْ عـباءة الكـلدان تحـت إسم ( إتحاد الكـُـتاب والإعلاميّـين الكـلـدان ) ولكـنها ركـبتْ القـطار ثلاثي العـربات مجـهـول التـوجُّهات ، فـليس الغـدر من شيمة الأيام والساعات بل الغـدر يأتيك ممن في أصلابهم بذور الغـدر والخـيانات . ومع ذلك نـقـول الحـمد لله الذي شـرّفـنا بمعـرفة المندسّـين بـينـنا وإفـتـضاح تـطـلعاتهم المدفـونة فـتسهـل عـملية فـرزِهم من بـين صفـوفـنا .

You may also like...