الحادي عشر من اذار من عامي ((1970و1974))

في اذار الخير والمناسبات والاحتفالات من كل عام تمر علينا ذكرى فخر واعتزاز وثبات كونها نتاج ثورة ايلول المباركة ، وهي الذكرى التاسعة والاربعين لاتفاقية 11 آذار 1970والتي اعلن فيها الحكم الذاتي لكوردستان، لاول مرة في التاريخ ، واعتبرت هذه الاتفاقية نهاية لمرحلة حاسمة وقاسية من تاريخ النضال الكوردي والكوردستاني، دَوَنَ تاريخنا النضالي مكتسباتها بحروف من دم .

اتفاقية الحادي عشر من اذار 1970 هي اتفاقية تم توقيعها بين الحكومة العراقية وقيادة الثورة الكوردستانية متمثلة بأب الكورد والكوردستانيين البارزاني الخالد ، وفيها اعترفت الحكومة العراقية بالحقوق القومية للكورد وكوردستان مع تقديم ضمانات لهم بالمشاركة في الحكومة العراقية واستعمال اللغة الكوردية في المؤسسات التعليمية، وبعد هذه الأتفاقية تفاءل الناس كثيرا لأنها فتحت صفحة جديدة في العلاقات داخل المجتمع العراقي والكوردستاني واعتبرت هذه الاتفاقية لدى الكورد والقوميات الصغيرة الاخرى حينها نقطة تحول في فكر وسيرة نظام الحكم العراقي منذ تاسيس الدولة العراقية عام 1921 والتي كانت مركزية شمولية نخبوية احادية الجانب, فاتفاقية آذار 1970 جسدت لأول مرة الاعتراف الدستوري بالقضية الكوردية وباشراك الكورد ولاحقاً القوميات الاخرى في الحكم والقرار وادارة الدولة العراقية بمفهوم ديمقراطي .

ولكن تبين بان الحكومات العراقية المتعاقبة جميعها كانت تلجأ إلى التحاور مع الكورد والاتفاق معهم، أثناء مراحل ضعفها، لكنها ما إن تستعيد بعض القوة حتى تسرع إلى نكث الوعود، واتفاقية الحادي عشر من اذار جائت في بدايات استلام نظام البعث للحكم ((أي لم يكن قد استقر وقوى عوده بعد )) حيث تبين بعد حين بان حكومة البعث في بغداد لم تكن مخلصة وثابتة على وعودها لحل القضية الكوردية، بل كانت الأتفاقية نوع من المراوغة  من قبل النظام ( وهكذا كان حدس البارزاني الخالد كونه كان قد خاض تجارب مماثلة مع الحكومات العراقية المتعاقبة سابقا ) حيث وبعد أربع سنوات من بيان 11 آذار 1970اي في 11 اذار 1974اصدرت حكومة البعث بيان فشل الاتفاقية واستجمعت قواها، وعقدت العديد من الاتفاقيات لشراء الأسلحة، وفي تلك الفترة خططت سراً لاتفاقية الجزائر، لتعمل على القضاء على الحركة التحررية الكوردية ، دون علمها بان الحراكات الشعبية والثورات تستعر اكثر وتزداد عنفوانا عندما تستعمل معها الحلول العسكرية وخصوصا القضايا التي تخص تقرير المصير والحريات لدى الشعوب المضطهدة.

لم تكن مراوغة حكومة البعث في كتابة الاتفاقية، ضد الكورد والقضية الكوردستانية فقط، بل كانت ايضا ضد ايران وتركيا اللتان وقفتا ضد الاتفاقية وامتعضتا بشدة عند توقيعها ، كون حزب البعث كان مسيطرا بانقلاب عسكري على الحكومة  وكان ينوي بسط سلطته على كل العراق ولم تمر فترة قصيرة حتى بدأ حزب البعث وحكومته يخططان لأجهاض هذه الأتفاقية وتفريغها من مضمونها، حيث بعد حين رفضت الحكومة العراقية بقيادة البعث تنفيذ ما تم  الاتفاق عليه من فقرات وبنود الحكم الذاتي البالغة 15 بندا باستثناء قرار تحويل جومان إلى قضاء، وإنشاء نصب في الموقع الذي جرت فيه المحادثات بين قيادة ثورة ايلول المباركة وحكومة البعث ، وهذا كان اول قرار لثورة ايلول المباركة يطبق، ولم يتم تطبيق أي نقطة أخرى من البيان او الاتفاقية.

  وقامت حكومة البعث في بغداد في الحادي عشر من آذار عام 1974 باصدار بيان حمل فيه القيادة الكوردية فشل تطبيق الاتفاقية وعلى أثره قامت الطائرات الحربية للقيادة البعثية بقصف مقرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني والبيشمركة والمدن والقرى الكوردستانية الآمنة وهكذا اندلعت الحرب ثانية وتجدد القتال في عموم ارجاء كوردستان بعد ان نكلت الحكومة العراقية باتفاقية آذار.

بالرغم من عدم تنفيذ بنود الاتفاقية من قبل الحكومة العراقية، اعتبر بيان 11 اذار انتصارا للحركة التحررية الكوردية ووثيقة تاريخية هي الأولى من نوعها في الإقرار بوجود الشعب الكوردي والإعتراف بحقوقه القومية وبلغته كلغة ثانية في العراق، وكانت الاتفاقية مرحلة تحول ايجابية في مسيرة الثورة الكوردستانية كون هذه الاتفاقية تعتبر من المنجزات العظيمة التي حققتها ثورة ايلول المباركة، حيث تعد اتفاقية 11 اذار من الثوابت التي وجدت وتطورت وترسخت في ضمير الشعب الكوردستاني ، ويعتبر الحكم الذاتي في اتفاقية اذار 1970، احدى المحطات المهمة في تاريخ الشعب الكوردي والكوردستاني .

 ان فشل الاتفاقية ادى الى عودة الرجال الى ساحات القتال واشتعال الثورة من جديد ولكن على نطاق اوسع، حيث شهدت مدن وقصبات وجبال كوردستان قتالا  سطرّ فيه البيشمركة الابطال اروع ملاحم البطولة،  ولما عجزت الحكومة البعثية عن حسم المعركة، عقد النظام اتفاقية الجزائر الخيانية مع ايران سنة 1975، والتي نصت على تنازل الحكومة العراقية عن ارضي واسعة لأيران ونصف شط العرب مقابل قطع المساعدات عن الشعب الكوردي والتعاون للقضاء على الثورة، وكانت اتفاقية خيانية، لأن الحكومة خانت شعبها بمنح ما ليس لها لدولة اخرى اضافة الى ابادة ابناء شعبها بالاتفاق مع الغرباء.

ختاما … نقول لروحك يا ابا الكورد والكوردستانيين وانت  في جنان الخلد لقد اديت الامانة ووفيت عهدك ورسالتك وها هو سيادة الرئيس مسعود بارزاني واخوانه المناضلون من البيشمركة والاسايش وكوادر الحزب الديمقراطي الكوردستاني وجميع الوطنيون والاحرار في كوردستان،  سائرون على نهجك يكملون مسيرة النضال ويعملون على توحيد كوردستان وازدهارها واسعاد شعبها … فنم قرير العينين ايها الاب الخالد…

تحية اكبار واجلال الى روح باني مجد كوردستان ونهضته الجديدة الجنرال الخالد مصطفى البارزاني والى الفقيد ادريس بارزاني مهندس المصالحة الوطنية وجميع رفاقهم المناضلين.

بقلم لؤي فرنسيس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *