التحالف الوطني الهش وأزمة تشكيل الحكومة

 

بعد إعلان كتلة الاتلاف الوطني التي يقودها السيد عمار الحكيم ودولة القانون التي يقودها السيد نوري المالكي على إندماجهما تحت إسم التحالف الوطني من أجل المشاركة في البرلمان في كتلة واحدة وتشكيل الحكومة, في الوقت الذي يحق فيه لجميع الكتل بأقامة تحالفات فيما بينهما لتشكيل الحكومة. ولكن خروج التحالف الوطني بطريقة إندماج بين كتلتين بعد الانتخابات أمر يحتاج إلى دراسة وتسليط الاضواء على هذا التحالف الجديد .

 

ماهي مدلولات هذا التحالف الوطني الجديد :

حيث عبر عنه السيد أياد علاوي بأنه تحالف طائفي وذهب أكثر من ذلك عندما صرح عقب تشكيل هذا التحالف بأنه يمثل تهديداَ إيرانياَ للعراق عبر محاولة التدخل في تشكيل الحكومة هذا ما أعلنه السيد أياد علاوي  ونقلت وكالات الانباء تصريحة ولكن الواقع الفعلي  إرتباطاَ بما تمر به البلاد من أزمة تشكيل الحكومة الآن قد أكد :

1- الواقع يشير أن هذا التحالف قد خلق أزمة دستورية في البلاد وتحديداَ بصدد تفسير المادة 76 من الدستور العراقي التي تحدد من له حق في تشكيل الحكومة . وهذه أزمة دستورية أوجدها التحالف الجديد في البلد .

2- أن الواقع يؤكد أن التحالف الوطني الجديد لا يجد حلول للعقبات التي تحول دون تشكيل الحكومة لا بل يفاقم ويعقد هذه العقبات والصعوبات , كما إنه لايعطي إنطباع جيد وتفائل للناخب العراقي بمستقبل العملية السياسية وجوهرها بناء الدولة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة السياسية .

3- لا سيما وأن القائمة العراقية تعتبر نفسها هي الكتله الفائزة في الانتخابات والتي يحق لها تشكيل الحكومة وفق إستحقاقها الانتخابي , فأنها أي القائمة العراقية تنظر لهذا التحالف على إنه يسرق حقها في تشكيل الحكومة وأن هذا التحالف يلتف على إرادة الناخب العراقي .

4- لهذا ترى القائمة العراقية أن التحالف الوطني قد عقد الازمة السياسية في البلاد وستترك الابواب مفتوحة على تطورات لا يحمد عقباها .

5- على الصعيد الاقليمي والدولي توجد ردود فعل متباينه من التحالف الوطني الجديد , ولكن يتضح أن ردود الفعل الاميركية قد يقرأ منها إنها متحفظة على ظهور كتلة التحالف الوطني ويبدوا إنها قد رأت في هذا التحالف إنه سيأخر تشكيل الحكومة لفترة طويلة  نظراَ لتعثر المفاوضات بسبب  إنبثاق هذا التحالف هذا أولاَ وما يسببه من إحراج لها إنها تهيئ لسحب قواتها من المدن في شهر آب القادم ومن ناحية ثانية أن هذا التحالف يثير مخاوفها من إستبعاد بعض القوى الفائزة في الانتخابات مثل القائمة العراقية ومن ناحية ثالثة أن هذا التحالف كما هو معروف هو بمباركة الحكومة الايرانية , وهذا ما تنظر له الولايات المتحدة الاميركية إنه يسهم في زيادة النفوذ الايراني في العراق في حال تمكن هذا التحالف الذي يملك 159مقعد من تشكيل الحكومة بتحالفة مع كتلة أخرى . ومن منظور المصالح الدولية والاقليمية فهذا يثير قلق الولايات المتحدة الاميركية على مصالحها بعد الانسحاب .

6- من هذا قررت الولايات المتحدة الاميركية التدخل في تشكيل الحكومة العراقية وأرسلت إلى بغداد يوم أول أمس مساعد وزير الخارجية ( جيفري فيلتمان ) إضافة  لجهود المبعوث البريطاني كريستيان تيرنر والاممي إد ميلكرت ولا سيما لقاءات المبعوث الاميركي مع المسؤوليين العراقيين لتقريب وجهات النظر بين الكتل المتصارعة على منصب رئيس الوزراء ويبدوا أن الولايات المتحدة تريد حلول توافقية وتطرح حكومة الشراكة الوطنية .

 

العقبات التي تعرقل إنبثاق حكومة الشراكة الوطنية ومنها :

1- فشل اللقاء بين رئيس كتلة دولة القانون السيد نوري المالكي والسيد أياد علاوي رئيس القائمة العراقية ومن تجليات فشل هذا اللقاء هو تصاعد الخلافات بين الكتلتين حيث بدأ كل طرف يتمسك بحقه في تشكيل الحكومة وتصاعدت معها حدة التصريحات الاعلامية .

2- التحالف الوطني الجديد يمر بأزمة حادة حول إختيار رئيس الوزراء , دولة القانون تصر على مرشحها السيد نوري المالكي مقابل رفض التيار الصدري إضافة إلى إنه مطروح ثلاث مرشحين ولم يحسم الاتلاف مرشحة لمنصب رئيس الوزراء وهذه أزمة يمر بها التحالف الوطني مما يجعله تحالف هش لا يصمد أمام الضغوط الاميركية والاقليمية .

3- إثيرت أزمة دستورية وأزمة جديدة للتحالف الوطني هذا اليوم 18-6 حيث ردت المحكمة الدستورية للطلب الذي تقدم به التحالف الوطني لتسجيله كأكبر كتلة برلمانية هذا ما نقلته وكالات الانباء وحولت المحكمة الدستورية الطلب إلى مفوضية الانتخابات للبت بتسجيلة , وكما هو معروف أن مفوضية الانتخابات قد فتحت الباب أمام تسجيل الكتل والكيانات والتحالفات قبل بدأ الانتخابات في 7 مارس وإنتهت الفترة القانونية قبل بدأ الانتخابات , وبهذا أصبح تسجيل التحالف الوطني في مفوضية الانتخابات أمر مستحيل . وبهذا ستزداد أزمة التحالف الوطني ويزداد معها أزمة تشكيل الحكومة .

4- الكتل الفائزة لن تتوصل بعد إلى إجماع حول المناصب الرئيسية الثلاث رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية حيث لم تعلن القائمة العراقية إلى الآن عن موقفها من إعادة إنتخاب مرشح التحالف الكوردستاني السيد جلال الطالباني لدورة ثانية وكذلك لم يتوصلوا إلى إجماع على منصب رئيس البرلمان

 

الخلاصة والاستنتاجات :

1- أن أزمة تشكيل الحكومة سوف تستمر عدة أشهر وسيظهر فراغ سياسي , وبهذا فأن الازمة الحالية حول تشكيل الحكومة قد تصل لازمة مستعصية الحل , وبهذا فأن الازمة ستشكل خطر على حاضر العراق ومستقبله وعلى مجمل العملية السياسية وطبيعة العلاقة بين القوى الوطنية .

2- مخاطر أزمة تأخير تشكيل الحكومة ستكون مصدر للفوضى والاضطراب وعدم الاستقرار ليس فقط على الصعيد السياسي بين الكتل الفائزة وإنما تؤثر عواقبها على الجانب الاجتماعي والاثني والمذهبي .

3- وبذلك سيكون ليس غريباَ أو مستبعداَ تصاعد موجات العمليات الارهابية والعنف السياسي في ظل أجواء عدم القدرة على تشكيل الحكومة .

4- أن تأخير تشكيل الحكومة سيخلق فراغ دستوري لا يحل إلا بواحد من الخيارين أما إجراء إنتخابات برلمانية مبكرة أو إختيار مرشح تسوية من خارج الكتل الفائزة .

5- أن حاجات الشعب وطموحاته والمصالح العليا للوطن تفرض البحث عن حل وطني , لانه لايزال الحل الوطني غائب وهو حل شامل ليس فقط لتشكيل الحكومة وإنما لكل أزمات البلد , ولا بد من أن تشترك كل القوى السياسية في هذا الحل الوطني حتى التي لم تفز في الانتخابات وليكن مرشح التسويه من القوى الديمقراطية التي هي القادرة على إخراج البلد من أزمته الحالية وأزماته المستعصية الاخرى وهي القادرة على تشكيل حكومة مشاركة ووحدة وطنية لا سيما أن القوى الطائفية والقومية  أغرقت البلاد بأزمات منذ 7 سنوات إلى الآن وتركت الشعب فريسة للارهاب والمرض والبطالة والجوع والتشرد والامية وفقط ضمنت مصالحها الذاتية .

18-6-2010  

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *