الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن / الجزء الرابع والخمسون

 

مذكرات القائد  البطل اغا بطرس


باريس 4 : كانون الثاني : 1922 ………. كراند هوتيل

« في: 07:30 27/02/2013  »

 

ولأهمية رسائل القائد الشهم والبطل القومي الموقَّر أغا بطرس المُتفاني في خدمة شعبه والساعي القوي الى إسعاده والحفاظ على كرامته، ونظراً لصحة ما ورد فيها ومصداقية كاتبها في فضح خصومه الذين أكلت الغيرة قلوبهم، واستعر الحقدُ القاتل فيها نتيجة التعصُّب المذهبي المقيت، رأيت من الضرورة أن أعيد نشرها تباعاً وبتصرُّفٍ صياغي دون الإخلال بالمضمون كما اعتدتُ في نشر الأحداث في الأجزاء التي تقدمَ نشرُها نقلاً عن ناشرها الهُمام السيد بولص يوسف ملك خوشابا الذي يطيب لي أن  اوجِّه إليه أصدق تحية مؤيداً مِصداقيته ونزاهته.

الشماس د. كوركيس مردو

الجزء الاول

المحترمون والاجلاء كبارا وصغارا الفقراء والاثرياء من بني قوميتي الاشورية المشردين في كل زوايا العالم . محبتي وسلامي الحقيقيان لكم جميعا. لتكن سنتكم الجديدة مباركة وسعيدة عليكم واسأل الله ان يجعلها فاتحة خير . لكم للعودة الى موطنكم الحبيب لكي ينتهي اغترابكم والعذاب الذي انتم فيه امين

سادتي الاحبة :


الحقيقة اتأسف ان اصرفَ من وقتي هذه الدقائق في الكتابة لكم بخصوص الادانة الصارمة والصادرة منكم ضدي وبدون اي اساس. اود اعلامكم بان هناك عادة اصلية لديَّ، وهي انني لا اكترث ولا انزعج حتى اذا رُجِمتُ ( بظم الراء ) بما هو حق . لكنني استاء جدا وانزعج من الكلام المفبرك المنطوي على التهم الباطلة والكذب الذي يرجمونني به. وانا على يقين بانكم جميعا ليس هناك واحد منكم قد تعايش معي او رافق مسيرة حياتي كي يستطيع ادانتي كشاهد عيان على ما يقوله عني في هذه الايام، أليس كذلك ؟ كان يجب ان لا اكتب لكم لان امثالكم هم الذين قتلوني حقا وقد قلتم الكثيرَ من الكلام المضحك عني ومن الاباطيل العارية عن الصحة. ولكنني واثق بانه لو انكشفت الحقيقة للكثير من الذين خُدعوا او غُرِّرَ بهم سيضربون الركبتين ندما على ما جنوه علي. وثمة اصدقاء يَدَّعون باستلامهم رسالة من لندن تقول وللاسف الشديد لقد وعد اغا بطرس لجعل امتكم كاثوليكية، 

ومنح وساما من البابا تقديرا لذلك المسعى وهذا الذي ادى الى فقدان القوات الانكليزية ثقتهم بامتكم . 

أولا : إذا وعدت بجعل امتي كاثوليك! … لمن وعدت بذلك ؟ اني اقسم لكم بكل المقدسات بانه ليس هناك اي تعهد بهذا الشأن شفهيا كان او تحريريا . حقا انه غباء وافتراء متقن من اعدائي ومن اجل مصالحهم الشخصية .

 

ثانيا : اما بخصوص الوسام الذي قبلته من سيادة البابا…  اقول اللعنة علي ان كنت تقبلتُ هكذا وسام ولكن اؤكد لكم بانه في سنة 1904م سافر الراحلُ مار توما اودو الى روما ولدى عودته جلب معه ثلاثة صلبان هدايا قدم واحدا منهم الى رمزي بك سفير تركيا في تبريز، والاخر لاسكندر افندي ابن المرحوم حاجي داود، والاصغر قدمه لي وانني اعلم بانكم لا تقصدون هذا الوسام وانما تقصدون وساما اخرَ جديدا واكرر: لأقع تحت اللعنات ان قبلت وساما من قداسة البابا . غير انه في الثاني عشر من تشرين الثاني 1921م سافرت الى روما وهناك منح لي ولمن كان معي من ابنائنا الضباط وسام صليب مار كروكوريوس. واذا اعتبرتم التقرب من روما نوعا من المهانة، اني اقول لكم بأنَّ ذلك خطا جسيم يعود بالضرر على الامة، لانَّ وضعنا اليوم كالغريق الذي يتشبث بكل ما تطول اليه يده! ايهما افضل صداقتنا مع قداسة البابا ام عداؤنا ؟ الا ترون الدول كيف تقيم وزنا للعلاقات الدبلوماسية وتنفق على ذلك مبالغَ كبيرة في فتح السفارات في روما والفاتيكان؟ يا ترى كل هذه الدول على ضلال ونحن على صواب؟ وهل كان سيِّئاً ما فعله البابا عندما اوعز للكاردينال جسبري المسؤول البابوي للشؤون الخارجية بان يكتب لامريكا وانكلترا وفرنسا والى مؤتمر السلام يحثهم بوجوب اعطاء الحكم الذاتي للكلدو آشوريين ؟ ام سيئا كان لَما قلد ابناء امتكم اوسمة رفيعة تقديرا لهم؟ هل في علاقتنا مع 300 مليون مسيحي كاثوليكي في اميركا واوربا وكسب ودهم ودعمهم لنا فيه شيء من الخسران ؟ وهل يحق لنا في هذا الظرف العصيب ان ندير الظهر لكل هؤلاء ؟ الا تقولون ان بريطانيا فقدت ثقتها بالاشوريين لسيرهم وراء اغا بطرس الى الحضرة البابوية؟ فمن هذا نستنتج بان القوات البريطانية هي عدوة للبابا؟ ولكن العالم كله يعلم بانه ليس هنالك فرق في المذهب لدى بريطانيا. ولا يخامرني شك بان الرسالة المرسلة من لندن ليست من جهة عسكرية  او سياسية بريطانية وانما هي من جهة واحدة عدوة . وبعض الاصدقاء يقولون بان غلطتي كانت بنفس غلطة نابليون والقصد من ذلك انني ركبت راسي مغرورا بدافع الانانية والشهرة . فيما يخص الانانية اقول اذا كنت من الانانيين كيف طالبت الروس والفرنسيين بمنح الاوسمة لكل الضباط معنا وطالبت بريطانيا والامريكان بزيادة عدد الاوسمة للاشوريين ولكنت سعيت لنفسي فقط كي اميز نفسي عن الجميع واليوم كل انسان يسعى من اجل كسب المال وانا ايضا كنت استطيع ترك الامة والسعيَ وراء المال …….
اقدم شكري للاستاذ الشماس بنخس خوشابا على اجادته في ترجمة هذه المذكرات القيِمة التي تكشف كثيرا من الامور وبخط يد قائد العصر اغا بطرس

« في: 10:08 03/03/2013  » 

  حتى لاننسى : مذكرات اغا بطرس … الجزء الثاني

  

أما عن صفة التعالي التي تقال عني اترك الرد عليها الى كل من عرفني عن كثب وعهد تواضعي في مجالسة الصغير والكبير على حد سواء، ولمس عطفي ومعاملتي لليتيم والمسكين. اما ما قيل عن الركض وراء السمعة،  مَن هو مَن لا يريد ان تكون له سمعة جيدة واسم لامع ؟  ولكنَّ هذا يتم الحصول عليه من خلال العمل. وفي شبابي في اميركا ومثلكم كان لدي اسم مميز!  والان لما مكنني الله من سحق القوات التركية الظالمة وساعدني على فتح الطريق بين نيران مدافع ورشاشات الاعداء وانقاذ بني قومي اصبح لي اسم اخر؟… سبحانك يا رب. والبعض الاخر يقول دفعت بالالاف من المقاتلين الاشوريين للموت من اجل تعليق وسام على صدري ومن اجل ان يصفقَ لي . اني اتساءل في خدمة اية دولة وضعت القوات الاشورية من اجل وسام او نجمة؟ هل قاتلت بها الى جانب اليونان ضد تركيا او بالعكس؟ هل وضعتها في خدمة الفرنسيين ضد العرب وبالعكس؟ وكم نوطا تقلدت لحد الان مكافأة لي لوضع الاشوريين في خدمة دولة معينة ؟ الى اي الأقاصي اخذت القوات الاشورية؟ كيف وان حصلت على الاوسمة بدماء الالاف منهم ؟ اجل .. اجل .. تذكرت .. لقد كان هذا في معركة نهر برندوز لما قتلت 1700 تركي واسرتُ طابورا منهم وقدمتُ لقاء ذلك 14 شهيدا ومعهم رئيسهم ( كشو كركانايا ) فهل هذا بكثير ؟ وهناك تخريجة اخرى تقول: في الحملة الاخيرة تسببتُ في قتل وفقدان وغرق الكثيرين. في الوقت الذي لم تكن خسائرنا في تلك المعارك اكثر من 17 شهيدا وجميعهم مدونة اسماؤهم وقراهم وعناوينهم . هل هذا العدد يُعَد من الضخامة امام عمليات عسكرية تقوم بها من الموصل الى اورميا ؟ واي عمل عسكري بهذا الحجم لا يقدم المئات ؟ نحن قدمنا 17 شهيدا في حرق 382 قرية وقتل 5400 فرد من العدو وطهرنا اغلب كردستان منهم. ترى هل هناك قتال دون سفك الدماء ؟ وهل تستطيع صيد السمك بدون ان تتبلل ملابسك ؟ يا الهي هل كان هناك جنرال ارحمَ مني على مقاتليه .. اسمعتم جنرالاً يبكي على فقدان جندي؟ الم ادفع من جيبي الخاص 700 تومان لاعتماد الدولة الايراني لوضع احد الدراويش في فوهة المدفع عقابا له لقتله احد الاشوريين والذي كان اسمه ابدال في موقع بكلر بكي؟ الم اكن انا الذي قدمت حياتي وحياة عائلتي ومعارفي من اجل خدمة الامة واليوم اصبحت عدو الاشوريين ؟ وانتم من بعيد تطيرون كما يحلو لكم من الكلام المنطوي على التشفي وانواع المماحكات حتى اصبحتم انتم محبيها ومنقذيها ؟ فالوجه ليس مغلفا كي لا يستحي فكل انسان يستطيع الكذب ولكن على المرء ان يستحي لما ينكشف كذبه. تقولون انني سببت ازعاجا لاهلنا لاجل ان يصفق لي او طمعا بكسب الثناء لنفسي . لاية دولة سافرت لاستقبل بالتصفيق والاهازيج ؟ الم يكن في علمي بان صورتي الشخصية تباع بليرة في اسطنبول واماكن اخرى؟ الم يكن بمقدوري الذهاب الى بعض الدول وجمع اموال كثيرة كما انتم تفعلون؟ لكن هذه ليست من شيمتي ولا يشغلني شيء غير امتي التي أعتبركل ملك الدنيا لا شيء بدونها . اجل صفق لي فعلا والتقطت لي صورٌ ونثرت فوق راسي الزهورُ وتراصف على طريقي تلاميذ المدارس ينشدون الاناشيد، واستقبلني الناس باكاليل الغار لما عدت من سحق الاتراك واقتحام قلعة جارا وألم انقذ  حياة المسيحيين يوم عدت من اخذنا بثار سيدي مار بنيامين شمعون ويوم فككت الحصار عن عائلته وعن اخرين من الاشوريين وانقذتهم من الابادة في سلامس حيث كانوا قاب قوسين او ادنى من الموت وكذلك فعلت في خوي. اروني اذا في اي مكان زججت بالقوات جزافا؟

 

كفاكم خداعَ انفسكم وخداع امتنا بالاكاذيب! فلقد الحقتم بنا الدمارَ باشاعة الشغب واليأس في صفوف ابنائنا وتاليبهم على كل من يعمل باخلاص لهم ويفتديهم.  لياخذكم الله بجريرتكم ويلقي الصدع والاقتتال بينكم لتكون لكم اخبارٌ جديدة تُفرح السماسرة والاغبياء.  ومن الاخوة من يسالني عن صحة محاولتي لاخذ بني قومي الى سوريا… رغم اني لا اجد ضرورة للاجابة على مثل هذه التقولات الباطلة والاراجيف المفضوحة، ولكن لنرى الى من صرحت او كتبت بذلك ؟ وماذا لي في سوريا ؟ دار ؟ بستان ؟ قرية ؟ حقل ؟ او اقارب ؟ هل هي كلفورنيا ام كندا ؟ اليس هذا البلد الذي يعيش فيه الحفاة والاعداء؟. ….. اعزائي اقسم بالله الحي القيوم، باني في هذا البلد الاوربي فرنسا اغالب التفكير الممض في مصير امتي ولازلت احيا في امل الرجوع الى الوطن وقد عكست هذا على المسؤولين الفرنسيين اما الذهاب الى سوريا ليس الا غلطة سخيفة ومن الاكاذيب المتفنن بها . تلومونني على هواكم وتسمونني بالمتقلب .. اجل اقر بهذا التقلب حيث كنت بالامس قنصلا تركيا وفي الغداة اصبحت روسيا وانقذت امتي من سيف الخونة الكرد والتُرك والايرانيين، وبعدها انكليزيا عند وصولنا  الى بيت نهرين ,, كنت ولازلت اتطلع للتقرب من اية دولة لها الاستعداد لتقديم العون لامتي وانقاذها من مازقها فقد اصبحتُ تركيًا وانقذت القرى المسيحية في منطقة اورميا وسلامس ومِلتُ الى جانب الروس لما وقفوا الى جانبنا ومدوا لنا يد الحماية وامدونا بالسلاح وبمختلف انواعه ثم اصبحت انكليزيا لما نزحنا الى العراق وتولى الانكليز حمايتنا …

« في: 09:32 07/03/2013  »

حتى لا ننسى : مذكرات اغا بطرس .. الجزء الثالث
ملاحضة : الى القراء الاعزاء سوف تجدون بعض الركاكة في بعض الجمل والتعابير نتيجة الترجمة الحرفية من السريانية الى العربية وهذا ما توخيته للامانة التاريخية ولكنني ساوضح ما يصعب فهمه بتوضيحات محصورة 

بين قوسين بدون التعرض للنص الاصلي …

 

اقتباس : اقولها من باب الافتراض . حتى لو تقدمت الصينُ او اليابانُ بعرض المساعدة لبني قومي لقبلتها واصبحت منهم . ترى ماذا بوسع المرء ان يعمل في مثل تلك الظروف… كفاكم قذفاً وطعناً بالبازيين ايها الاخوة. البازيون ليسوا ممن يسعون الى الشهرة ولا هم يطوفون في الدول الاوربية من اجل المتعة والاستجمام لكنهم 

كانوا رجالا دائما ومن العشائر الشجاعة في تصديهم للعدو وخاصة الاتراك والايرانيين.

 

أبناء الامة كلهم من كافة العشائر واورميا قرروا، وانتخبوني انا اغا بطرس مع الموقرة سورما خانم . الم يختارني جميعُ الاثوريين للسفر الى باريس لتمثيل الامة ترافقني بذلك سورما خانم كممثلة للرئاسة الدينية البطريركية؟ ولاجل هذا جمعت العشائر المبالغ المطلوبة لذلك، ولكن تم رفض الفكرة، وسافرت سورما خانم لوحدها الى لندن دون اذن، واقامت في دار الرهبنة عازفة حتى عن حضور مؤتمر السلام في جنيف.
وفي حينها تساءل الجميعُ، ترى ما شأن هذه الراهبة في مؤتمر السلام ..؟ لربما كان سفرُها لقضاء حاجاتها الخاصة . اجل هذا هوالواقع فعلا. إنها سلمت زمام امورنا بيد الانكليز وبصمت ( اي وقعت بالابهام) على دخول الامة في خدمة مصالحهم في العراق عكس ما كان من تطلعات ذلك الشعب المشرَّد الذي سفك الدماء من اجل 

العيش بحرية وكرامة على ارض محررة تمتد من اورميا شرقا وجزيرة بوتان غربا.

 

 ( هنا سيتكلم اغا بطرس عن المعارك التي خاضها الجيشُ الاثوري لتطهير الطريق للعودة الى اورميا وهيكاري وعن التقرير التي كتبته سورما خانم للانكليز عن اغا بطرس ) اقتباس:

 

واثناء وجود سورمة خاتم في لندن كانت القوات الاثورية تصنع النصرَ المؤزر في كردستان حيث تم لنا السيطرة على جميع المناطق في ذلك الاقليم، ووقع في ايدينا 12 مدفعا و60 رشاشة ثقيلة وعشرة الاف بندقية وانهينا الخطوة الاولى بعد رضوخ كل تلك المناطق لنا، وكانت الخطة المرسومة لنا على الخارطة هي النفوذ الى اورميا ومنها الى تياري وكاور وتخوما وعلى هذا الاساس كان تحرك القوات الاثورية من مندان بمرافقة اثنين من الضباط الانكليز. وفي غمرة انتصاراتنا كانت قواتنا تتهيأ لانجاز المرحلة الثانية وهي التحرك نحو اورميا والى تياري وتخوما وكاور… وصلت سورما خانم قادمة من لندن الى الموصل وبرفقتها ضابط انكليزي يدعى مستر “جارج” ومعهما توصيات سرية الى المسؤولين الانكليز في بيت نهرين. واليكم تقرير سرمة خانم موَجَّهٌ للانكليز رسميا تقول فيه: 

< ان اغا بطرس يجب ان تكون له اسئلة واجوبة مع الشيوعيين وكما يبدو في النية التحالف معهم ( ويقصد بالاسئلة والاجوبة ..المحادثات) وهكذا كان الاتفاق الرسمي الموقع من قبل المسؤولين الانكليز، ان يصل الجيش الاثوري الى اورميا وبعد السيطرة على تلك الاماكن يعود قسمٌ من الجيش لاجلاء العوائل الى هناك.  إطلع الانكليزُ على هذه الورقة (التقرير)  وكانواهم انفسهم قد وقعوا على خطتنا في تنفيذ ما تم رسمُه على الخارطة العسكرية التي بحوزتنا، وهي حول زحفنا الى اورميا وبعد النجاح تقوم مجموعة من مقاتلينا بالعودة الى مندان لنقل العوائل في اثرنا. واذ نحن في غمرة الانتصارات وقدعبرنا نهر الزاب الى الجانب الاخر بكفاح وتضحيات عجيبة من قبل الاشاوس الاثوريين الابطال وإذا بسورمة خانم قد وصلت فجأةً الى الموصل، وبجعبتها سياسة جديدة  تتضمن نكث العهود واحباط المساعي وتدبيراً سياسياً لقلب الخطة. وأدَّى ذلك الى تاجيل اجلاء العوائل الى كانون الثاني بدلا من الصيف بامر مُوقَّع من المستر “جارج” نفسه،  وتم إبلاغ الرجال المكلفين بنقل العوائل بهذا التبدل، كما أخبرت العوائل بذلك أيضاً. إنَّ إرجاء نقل العوائل الى موسم الشتاء البارد كان بمثابة وضع العراقيل امامها، إذ كما هو معلوم بأنَّ السير في الجبال يتعذَّر ايام الثلوج والامطار الغزيرة. انعكاسا على هذا التاخير كتبت النساء رسائل الى ازواجهن المقاتلين وتكفلت بايصالها احدى السيدات المسمات ( تورز خانم ) زوجة ( اوراهام البرواري ) والتي تتصل بالقرابة مع سيادة ( مار ياوالاها ) اسقف العمادية كما قامت تورز خانم هي الاخرى بتوجيه رسالة الى قيادات المقاتلين في الجناح الايسر من الحملة وسلَّمتها لهم في قرية(أتروش) وهذا نصُّها:

السادة المحترمون امراء قواتنا الاشتنايي وبني كبة وبني ماثا وغيرهاا


اني مكلفة ان اخبركم بخصوص تحريك العوائل من مندان في اعقابكم، وهذا ما تحدثنا به سابقا اثناء تحرك القوات وانني اتمم واجبي هذا حفظا على عوائلكم وخوفا عليها من الضياع والامر متروك لكم . وبعدها تواجهون نتائج ضياع الالاف من العوائل كما حصل لنا في جلائنا من اورميا .
المخلصة
تورز اوراهام البرواري

وهذه رسالة تورز خانم موجهة لي تطلب فيها الاعتذار


الموصل في 5 ك2 1921
الى الموقر الجنرال اغا بطرس
اولا : تقبلوا تحياتي
ثانيا : طي رسالتي هذه نسخة  نُسخ من كتب ثلاثة ارسلتها الى امراء المقاتلين وارجو ان لايزعجك هذا لان ما قمت به كان بدافع حبي واخلاصي لمنع عوائلنا من الارتحال، وفضلت بقاءهم حيث هم الان وسوف لا اندم على 

ما قمت به حتى وان ازعجك ذلك.

المخلصة : تورز اوراهام 

ومن الواضح جدا بان الرسائل المحمولة بيد تورز وغيرها الى المقاتلين وهم في حالة ارهاق من ثقل البرد والثلوج اصبحت ذريعة لهم للعودة الى عوائلهم. وفجأة بلغنا خبرُعودة قوات الجناح الايسر من الحملة الى مندان،  وتركنا انا والسيد ملك خوشابا مع مالك خمو الجيلو والقس داؤد التخومي والاستاذ شاهين البازي مع المقاتلين الاورميين وبحوزتنا ست رشاشات ومدفعان، كما تركت القوات المنسحبة الكثير من عدتها في ( كلي اسطانكي ) ومن ضمنها المدافع والرشاشات . اغا مرزا وفوج اورمي بصعوبة كبيرة ذهبوا مع مجموعتهم 

والقسم الاخر نحن حملناهم على اكتافنا.

« في: 08:31 13/03/2013  حتى لا ننسى : مذكرات اغا بطرس .. الجزء الرابع


بعد تطهيرنا للمناطق الكردية والاتيان بالنصر الكبير على العدو وفتح الطريق بين الموصل واورميا اضطررنا للعودة الى مخيم الامة مسرورين ومفعمين بالكبرياء آملين ان نستريح قليلا ثم نعود الى اورميا.
الآن نحن في مخيم الامة وقد وصلت الينا منذ الصباح الباكر الموقرة ( سرمة خانم ) بمعية اثنين من الانكليزهما الكرنل ( اوين ) والمستر ( جارج ) وتم دعوة جميع الوجهاء للاجتماع والاستماع الى ما تلقيه عليهم ( سرمة خانم ) . لبينا الدعوة بكل سرور ومثلنا في حضرتها ووقفنا كلنا آذانا صاغية وفي تصورنا بانها ستزف لنا اخبارا سارة كونها قادمة من لندن ومعها بشرى الحرية . دعانا الكرنل الانكليزي للاستماع لما تقوله ( سرمة خانم ) التي تقدمت بكلمة مقتضبة وجافة فيها الامر والنهي لتقطع آخر خيط من امل هذه الامة في العودة الى ديارها واقامة وطن محرر والذي كلنا نحلم به وكل ما قالته ( سرمة خانم ) اقتصر على النقاط التالية :


1 ) لا عودة الى الديار السابقة التي تركناها
2 ) تسلمون سلاحكم للسلطات البريطانية
3 ) يجب ان تبقى جميع الامة في ولاية الموصل
4 ) سيحاسب كل من يتخلف عن الالتزام 


اثار هذا الكلام الذي نزل على شكل اوامر ردود فعل عند الرؤساء ولكن سرعان ما تحول رد الفعل هذا الى زوبعة في فنجان، حيث انتهى كل شيء وتم ابعادي انا والجنرال (ملك خوشابا) من بني قومنا، واعتُبرنا خونة، ثم تمَّ القاء القبض على بقية الرؤساء وزج بهم في السجن، ولم يتوانَ الانكليز في اهانة رجال الدين من القساوسة وضربهم بالعصي. اخيرا تمت السيطرة على سلاحنا ومعداتنا العسكرية وجند المستر ( ويكرام ) والاسقف طيماثاوس انفسهما لحث الناس واقناعِهم بالبقاء والعيش في ولاية الموصل.


قبل قسم قليل من ابناء امتنا هذه الدعوة وهم ( بنو ماربيشو وبنو قوجانس) مع الموقرين مالك اسماعيل ومالك شمزدين هؤلاء هم اطاعوا وقد تم توزيعهم جميعا على القرى ما بين الموصل وعقرة ليعيش المسيحيون منزوعي السلاح مع الاكراد المسلحين. ويؤسفني ان اذكر موت عددٍ كبيرمنهم بسبب تغير الماء والمناخ عليهم. اما اقسم الباقي من ابناء عشائرنا من البرواريين والبوتانيين وابناء اورميا وسلامس) فقد أصروا على العودة الى ديارهم بعد الكل. وفعلا شرعوا بتنفيذ عملية الرجوع حسبما جرى التخطيط لها مسبقا من قبل الامة رغم كل المصاعب والمشقات. وبدأت محاولة ابناء اورميا وسلامس النفوذ الى موطنهم من خلال كرمنشاه وهمدان. 

ولما راى ( مالك شمزدين ) ومن معه ظاهرة جلاء ابناء الامة من ولاية الموصل والعودة الى وطنهم طلب مساعدة الانكليز في اللحاق بهم واقناعهم بالرجوع واستطاع بذلك قطع الطريق امام بني اورميا وسلامس وبنفس الوقت جند الانكليز بعض الاشخاص للعمل على نزع نوايا العودة من ابنائنا وحملهم على البقاء في ولاية الموصل. اولئك الاشاص هم ( القس موشي وبنيامين ارسانس واندراوس ) وجميعهم من قرية ديكلة ويؤسفني ان اكشف هناعن صورة لكتاب باللغة الانكليزية يبين موقف هؤلاء الرؤساء من حرية ابناء امتهم وتؤكد مطالبتهم بالوصاية البريطانية. الترجمة: 

( لايريد ان يحكم نفسه بنفسه : نحن لسنا اقوياء بما يكفينا الوقوف لوحدنا لكننا تحت وصاية وحماية بريطانيا نتمكن من التماسك ونصبح اقوياء) . 


كتب لي احد المعارف مذكرا بالنقاط الاربعة المدونة ادناه واعتبرها السبب الكامن وراء الموقف السلبي لبعض رؤسائنا :
1 ) لعلمه في حالة تمتع الامة بحكم ذاتي او جمهوري سوف لايكون له مكان بين اولئك المتعلمين الذين سوف يتبواون المراكز المهمة لانهم لا يستطيعون حل مثال بسيط في الرياضيات.
2 ) قبل الوصاية الانكليزية طمعا بالمراكز والرواتب والتمتع بالراحة التامة في احضان بريطانيا .
3 ) اليكم ما كتبه احد الانكليز بهذا الخصوص (انهم هنا في راحة تامة لا يفكرون في بديلها)
4 ) كان يتصور بانه من خلال الوصاية الانكليزية سيعتبر من الرعايا البريطانيين. ليتذكر مثل هذا المسكين بان الملك فيصل الاول اعرب عن استعداده لدفع الف ليرة لقاء قبوله من رعايا بريطانيا العظمى.
5) ظن في استقلال الامة وتجريدها من الحماية الانكليزية المباشرة فرصة مؤاتية للعشائر المعادية لاخذ الثار من الاثوريين على الدماء التي اريقت في الاحداث الماضية .
6 ) وجد صعوبة في توفير اسباب العيش والحياة في هذه الايام وانس الى الحالة المريحة التي هو فيها الان مع الراتب فلماذا يخطو خطوة اخرى في سبيل الامة ؟
7 ) لعلمه بان ابناء اورميا سيخرجون من سيطرته وسيطرة رفاقه فور وصولهم الى ديارهم، ويحضرني بهذا الخصوص قول احد رؤسائنا ( اثوريان اثنان تحت سيطرتنا ولا مليون منهم كل باتجاهه) …….


تمعنوا في هذا القول ومعانيه واما اذا تكلمنا نحن، فإننا سنُرجم بمختلف المطاعن ويقولون عنا باننا لا نقبل رئاسة مار شمعون وهذه احدى المآخذ التي اثيرت ضدنا ولكن اسمعوها مني انا يا اخوتي. الله يصب الغضب على كل من لا يُجلهم اولايحبهم اولا يكن لهم كل الاحترام. انا لا اريد ضياع هذه العائلة وتضيع معها الامة ولكنها ستضيع حتما لما اصبحت من الرعاع في وسط العرب والاكراد ومصاصي دماء المسيحية ….


ابنائي: اليهود بلحاهم وزلوفهم اصبحوا دولة والاكراد ب والعرب ب فاين تكمن المعضلة في عدم انجاز استقلالنا ونيل حريتنا ونحن لا سبيل لنا الا في ذلك؟ لان المسلمين وحدوا الصفوف لاجتثاث شافة المسيحيين من وسطهم. لذا يتطلب منا تفويت هذه الفرصة عليهم قبل ان يتمكنوا من افنائنا، من اجل ان تكون امتنا حرة يجب الاسراع في تقوية انفسنا والا فان بني الاسلام سوف يتحدون، وقد بيَّتوا النية ان لا يبقى مسيحيٌّ بينهم، فقبل ان يبيدوننا يجب ان نتهيا لانه سيقترب موتنا، ويا له من موت موت المذلة . اتمنى ان ياتي قريبا ذلك اليوم الذي تقف فيه عائلة مار شمعون على الفرق بين اولئك الذين زينوا لها المسألة بالوعود الكاذبة وهم يسعون وراء مصالحهم وبيننا نحن الذين تفانينا في سبيل امتنا وفي سبيل حريتنا ويا ليته ياتي اليوم القريب وارى فيه قيام الدولة الاثورية يراسها احد المعتبرين من ابنائنا والذي لا يريد هذا فلتفقا كلتا عينيه …..


حياتي وعيوني ….. من الظلم ان تصبح هذه الامة كالرعاع بين العرب والاكراد وعند انسحاب الانكليز عليها ان تعي تماماً مستقبلها الذي تتطلع اليه وهو الحرية واقامة الكيان! ونحن كما قلنا نرحب برئاسة مار شمعون وبتسليم مقاليدنا بيد هذه العائلة وكل ما نطلبه منها الان هو العمل من اجل حريتنا والوصول الى ديارنا للخلاص من الابادة والفناء وتبعية السلطات الاسلامية، ولانكم بعيدون فاني ارى التحديات وروح العنصرية ……


ادعوكم القيام بذلك لاني ارى الامور هنا اوضح منكم حيث بدات القوات الانكليزية بالانسحاب من ولاية الموصل وسوف تترك المسيحيين ممزقين ومشتتين بين القرى الكردية .

لاعداء بدون شك وبهذا المعنى كتبت ايضا للانكليز موضحا لهم، بان هدف امتنا وخلاصها يكمن في منحها حكما ذاتيا على رقعة من الارض وهذا ما تتطلع اليه وهناك تمارس ادارة نفسها بنفسها بعيدا عن المخاطر التي تهدد مستقبلها وهل نحن بهذاعلى خطا ؟ والى الجزء الخامس والخمسين قريباً.

الشماس د. كوركيس مردو

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *