الإصلاحات تحتاج إلى مصلح ليس إلى جنرالاً في الجيش؟ محمد مندلاوي

ألا يعلم المتظاهرون في ساحة التحرير أو في المحافظات الجنوبية وغيرها, الذين يطالبون بإلغاء الدستور, وإلغاء البرلمان, وإلغاء المفوضية العامة للانتخابات, و إلغاء المحكمة الاتحادية, الخ الخ.  إن جميع الدساتير العراقية نصت على أن العرب والكورد شركاء في هذا الوطن, وأقر الدستور حقوقهم القومية, أي أن العراق ثنائي القومية – مع وجود أقليات عرقية ودينية – متكون من إقليم كوردي وهو جنوب كوردستان, وإقليم عربي عبارة عن مناطق عرب السنة والشيعة في الغرب والجنوب مع بعض النتوءات هنا وهناك. وهذا يعني, أن أحد الشريكين لا يجوز له, أن يرفع شعارات ديماغوجية ويطالب بأشياء بالضد من بنود الشراكة, ولا يتوافق مع ميثاقها, الذي هو الدستور الاتحادي الدائم, الذي حدد نوع العلاقة بين العرب والكورد في هذا الكيان الاتحادي. أم أن العقلية التسلطية و العنصرية المقيتة وضعت غشاوة سوداء على أبصار هؤلاء القومجية وحجبت عنهم اللون الآخر في العراق الاتحادي, ألا وهو اللون الكوردي المتميز عن اللون العربي بكل تفاصيله الجغرافية واللغوية والتاريخية الخ؟. بمعنى, أنه لا يجوز لأحد الاقتراب من أي شيء أو مسه في الكيان العراقي الاتحادي إلا بموافقة الطرفين, العربي والكوردي, وكذلك لا يجوز, أن يحاول أحدهما تغيير أي شيء في هيكل نظام الحكم في العراق الاتحادي دون موافقة الطرف الآخر عليه, وإلا يعتبر عمله هذا انقلاباً وخرقاً سافراً للدستور الاتحادي, هذا الدستور الذي كتبه المشرعون الكورد والعرب لتنظيم العلاقة بين الشعبين في الكيان الاتحادي, بين جنوب كوردستان والعراق, لنقوله بكلام أوضح حتى يفهمه من لا يفهم أو من لا يريد أن يفهم  من أولئك  الذين يضمرون شراً لكوردستان, بين الإقليم الكوردي, والإقليم العربي الذي انبثق عنه عام (2005) العراق الجديد. لأن إقليم كوردستان  استقل عن العراق عام 1991 وذلك بأمر مباشر من رأس النظام السابق الديكتاتور صدام حسين, الذي أوعز بعد تحرير جنوب كوردستان عام (1991), بسحب جميع إدارات الكيان العراقي فيه وفك الارتباط معه, ولم يفعل الديكتاتور صدام حسين ذات الشيء مع الجنوب العراقي الشيعي, الذي تحرر من قبضته الحديدية وشكل مجالس و حكومات محلية, وهذا يدل على أن صدام حسين وحزب البعث المجرم كانا يعرفان جيداً أن جنوب كوردستان ليس كما جنوب العراق, لأنه وطن محتل, وانسحب منه بمحض إرادته بعد احتلال عراقي مدمر دام (65) عاماً, ألا أن جنوب كوردستان اتفق بعد عام 2005 مع الإقليم العربي وأسسا معاً العراق الاتحادي اختياراً وليس قسرياً. واليوم إذا يراود الأفكار العنصرية مخيلة البعض ويحاول أن يتجاوز على الوثيقة التي أبرمت بين العرب والكورد والتي تنظم الشراكة بينهما ويكون الهدف من تلك التجاوز النيل من المكتسبات التي حققها الشعب الكوردي عبر عشرات السنين من الكفاح الدامي الذي كلفه أنهاراً من الدماء الطاهرة الزكية, سيكون عندها نهاية وجود الكيان العراقي الاتحادي, هذا ليس تسطيراً للكلام, بل أنه مادة دستورية, أكد عليه ديباجة الدستور الاتحادي الدائم, ولأهميته تكرر ذات الكلام في مادته الأولى أيضاً, التي تقول صراحة: “أن هذا الدستور يحفظ للعراق اتحاده الحر شعباً وأرضاً وسيادة” أي, إذا تلاعب الجانب العربي بهيكلة النظام الاتحادي وتخلى عنه تحت أية ذريعة كانت, فالجانب الكوردي يكون حراً فيما يتخذ من قرار يناسب وضع الشعب الكوردي وما ينشده ويتطلع إليه في هذا الجزء العزيز من وطنه الكبير كوردستان, ألا وهو الاستقلال التام وإعلان دولة كوردستان في هذا القِسم الجنوبي أسوة بدول العالم المتمثلة في منظمة الأمم المتحدة. عزيزي القارئ, بعيداً عن ساحات التظاهر والاعتصامات, هناك من السياسيين و القانونيين في العراق الجديد, أولئك الذين عاشوا وترعرعوا في كنف نظام حزب البعث العنصري المباد, وبعد التحرير العراق عام (2003) ركبوا الموجة لعلهم ينالوا من الكعكة شيئاً, ألا أن الشعب العراقي يعرفهم جيداً وعاقبهم في الانتخابات الأخيرة, بحيث لم يحصلوا ألا على بضع مئات من أصوات الناخبين. ومن هؤلاء شخص سليط اللِسان ساكن البصرة, والآن بفضل الراتب التقاعدي الكبير الذي يتقاضاه من الدولة العراقية يتنقل بين منتجعات عواصم دول العالم للراحة والاستجمام. هذا الشخص هو ذلك القاضي البصراوي الفاشل الذي حصل في الانتخابات الأخيرة في البصرة على 4094 صوت, بينما دخول البرلمان الاتحادي يحتاج إلى 000 100 صوت وبهذه الأصوات القليلة جداً حل في التسلسل الحادي عشر, فلذا لم يتحقق مبتغاه بالجلوس تحت قبة البرلمان الاتحادي. ليس هذا القاضي فقط ضرب على فمه في الانتخابات الأخيرة من قبل الشعب, بل أن جميع الذين مشكوك بانتمائهم للعراق و يعادون الحق والديمقراطية والاتحادية كافئهم الشعب العراقي بطريقته المثلى, عندما عاقب أحدهم وهو حسين الشهرستاني صاحب عقود التراخيص النفطية التي أضرت بالعراق أشد الضرر, حين منحه 5205 صوتاً فقط, وهذه الأصوات لا تدخله مقهى البرلمان وليس البرلمان العراقي, ألا أنه لوتي (محتال) انضوى فيما بعد مع زمرته في ائتلاف دولة القانون, وبهذه اللعبة البهلوانية ضمن لنفسه مقعداً في البرلمان الاتحادي. ومن الذين فشلوا في دخول البرلمان كل من مهدي الحافظ وعزت الشابندر, ألا أن الأول بطريقة من الطرق الاحترافية التي يجيدها جيداً وجد لنفسه مكاناً في البرلمان بين أشباهه. لكنه كالعقرب لا يهدأ إذا لا يلدغ, فلذا بين حين وآخر يحرك ذيله السام و يرمي بسمومه نحو الشعب الكوردي المسالم. وهو أيضاً من أولئك الفاشلين, الذين يطالبون بإلغاء كل المكتسبات التي حققها الشعب العراقي في الدولة الاتحادية التي انبثقت عام (2005) بين الكورد والعرب, وإعلان حالة الطوارئ لإلغاء تلك المكتسبات ومواجهة الشعب بالحديد والنار؟. أما الشخص الآخر الذي لم يحصل حتى على 5% من مجموع الـ 000 100 صوت المطلوب لدخول البرلمان هو حيدر العبادي – اسم الدلع حَيدوري – رئيس مجلس الوزراء الحالي, الذي حصل على 4619 صوت. وكذلك موفق الربيعي هو الآخر لم يحصل على عدد كافي من الأصوات ليؤهله دخول البرلمان, ألا أنه يجيد التملق جيداً لأهل العمائم, فلذا فتحت له إحدى الأحزاب الطائفية باب البرلمان الخلفي خُلسة ودخل دون ضجيج إعلامي. لكن العبثي إياد جمال الدين, الذي هدد قبل الانتخابات بإنهاء النظام الاتحادي, لكن كلامه الماسخ هذا ذهب هواءاً في شبك, فعليه عاقبه الشعب أشد عقاب ولم يمنحه صوته, وأصبح الآن يولول على ليلاه خارج قبة البرلمان. لنعود إلى ذلك القاضي البصراوي الفاشل, مع جل احترامنا لأهل البصرة الكرام, وما قاله في لقاء تلفزيوني, حين اجتر قائلاً: “ليس أمامنا إلا الحل الثوري والجمهور حاضر” أنا لا أستغرب من هذا الكلام غير المسئول وبهذا الأسلوب الديكتاتوري الفظ, لأنه كما يعرف الجميع, من مخلفات زمن البعث العروبي المجرم, فلذا لا يرجى منه خيراً وهو يدعوا بصورة غير مباشرة إلى عودة الديكتاتورية البغيضة, وقائد الضرورة, وزعيم الأمة الخ السبب بسيط, لأنه لا يجيد الكلام إلا بهذا الأسلوب البدائي, على مدى عقد ونيف لا يستطيع هذا القانوني أن يزيل من رأسه أن الحكم الفردي انتهى إلى الابد دون رجعة, وأننا الآن نعيش في ظل حكم اتحادي ليس بمقدور شخص واحد يقرر مصير البلد بمفرده كيفما يشاء, لأن هناك شريك يرتبط معكم بعقد شهد عليه وبصم له 85% من عموم الشعب العراقي,إذا وضع هذا الشريك علامة إكس (X) على أي قرار صادر من بغداد يصبح باطلاً ويرمى في سلة المهملات. أأمل أن يعرف هذا جميع السياسيون والقانونيون العراقيون, ولا يركبوا رؤوسهم, كلما يحدث شيء ما في الشارع العراقي يحاولوا بشتى السبل والوسائل الملتوية والخبيثة أن يسيروه في الطرق المتعرجة بالضد من شريكهم وهو الشعب الكوردي. وآخر هذا اللف والدوران محاولة استغلال المظاهرات العفوية التي طالبت في البدء بتحسين وضع الكهرباء, ألا أنهم في كل يوم باتوا يضيفوا إليه شيئاً جديداً ليس في خدمة المواطن العراقي. كالمطالبة بتعطيل الدستور الاتحادي, يا ترى هذا يخدم المواطن العراقي بشيء؟!. أليس تعطيل الدستور بديله يكون نشر الفوضى وحكم الغاب؟. كيف بقانوني شارك بنفسه بكتابة الدستور, يطالب الآن بتعطيله!! ويقول بملء فمه دون خجل وحياء: “على العبادي اللجوء إلى الحل الثوري, يعني حل مجلس النواب وتعطيل الدستور” أي أنه يصعد على ظهر الدبابة ويذهب إلى دار الإذاعة في الصالحية لقراءة بيان رقم واحد كما كان يفعل العسكر والموتورون في العهود المظلمة. يجب على المتظاهرين في بغداد وبقية المحافظات العراقية, مناشدة أخوانهم الكورد في إقليم كوردستان بالخروج إلى الشوارع والساحات بمسيرات شعبية دعماً لهم لتحقيق مطالبهم المشروعة, ألا وهو تطهير دوائر الدولة من الفاسدين وتقديمهم إلى المحاكم لينالوا جزائهم العادل, وتحسين وضع الكهرباء, وإيصال ماء الشرب بصورة منتظمة إلى الجميع المناطق, وتعبيد الطرق, وإيجاد فرص العمل للعاطلين.هذه المطالب هي التي تخدم المواطن العراقي. أما المطالبة بتعطيل الدستور وحل البرلمان والحكومة وإعلان حالة الطوارئ, يعد انقلاب على الشرعية, ليست إصلاحات لهيكلة إدارات الدولة الاتحادية, ومن يطالب به يجب أن يقدم للعدالة كخائن للوطن  والشعب.

محمد مندلاوي

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *