الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان خطوات ثابتة وقرار مستقل



يقول الشاعر التركي ناظم حكمت : إذا انا لم احترق وأنت لا تحترق فمن يضئ لنا الطريق ؟
ها قد مضى سنتان من عمر الأتحاد والذي نشأ على ارضية خضراء جميلة حيث عكفنا قبل ما يناهز السنتين على إجراء اتصالات ومشاروات بغية تأسيس تنظيم كلداني ثقافي ، يجمع تحت دوحته الكتاب والأدباء والشعراء الكلدان ، وكان محور المشاورات والأتصالات ان يسود مبدأ التطوع وروح التضحية بين من يروم العمل في هذا الأتحاد . لم نفاتح حزب او منظمة او جهة حكومية لكي تمول مشروعنا الثقافي البحت ، وكانت القناعة منذ البداية ان قبول المساعدة يعني فقدان استقلالية القرار ، ونحن الكتاب والأدباء الكلدان في الأتحاد لا نقبل ان نؤجر او نبيع أقلامنا ، وآثرنا ان تبقى استقلالية  قرارنا وغنى النفس رأسمالنا ونحن قانعين بهذه المكانة .
لقد اتفقنا على اسم الأتحاد بأنه الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان وباللغة الأنكليزية
“THE INTERNATIONAL UNION OF CHALDEAN WRITERS (IUCW)”
وباللغة الكلدانية ” ܚܘܝܕܐ ܬܒܝܠܝܐ ܕܟܬܘܒܐ ܘܣܦܪܐ ܟܠܕܝܐ”
والأتحاد جسم ثقافي مستقل لا يرتبط بأي حزب او كيان ولا يتلقى اية مساعدات كما قلت، ونعتمد في تمشية امور الأتحاد على تبرعات واشتراكات اعضائه من الكتاب والأدباء الكلدان ، ونحن نتصرف بموجب قدراتنا المالية فقد عملنا على إنشاء موقع الكتروني خاص بالأتحاد ونحن بصدد تحديد إدراته ، وبودنا ان يكون لنا مقر في العراق ، والمسالة تتعلق بقدراتنا المالية فإن استطعنا توفيرها فسيكون لنا مقرنا ، وإن لم تتوفر تلك الأمكانيات فنحن مستغنين عنه ، رغم اهميته ، فنحن مستمرون في نشاطاتنا .ولهذا يبقى الأتحاد معتدا بنفسه وحريص على استقلاليته .
البدايات كانت بين حلقة ضيقة من الأخوة الكتاب الكلدان ، ثم توسعت لتشكل الهيئة التأسيسية من 25 عضو وبعد التأسيس والى اليوم فقد ارتفع عدد الأعضاء الى ما يقارب ضعف هذا العدد .
لقد كانت بوصلة الأتحاد العالمي للكتاب والأبداء الكلدان متجهة نحو توعية الشعب الكلداني بمنزلته القومية ، وتعريف الآخرين من الأقوام الأخرى بالمكون الكلداني الأصيل ، وإنه جزء لا يتجزأ من الوطن العراقي العزيز ، وإنه ( الشعب الكلداني الوديع المسالم ) يعتبر ملح المجتمع العراقي . وقد جاء في دليل الجمهورية العراقية لسنة 1960م .
ان الكلدان يتوزعون على المدن العراقية وإن تعدادهم في العراق والعالم يربو على 640000 نسمة ..  وللكلدان في العراق مدارس وجمعيات وأوقاف وكنائس وديارات منتشرة في المدن العراقية .. ومنهم اليوم العلماء والأدباء والأطباء والصحفيون والمحامون ومنهم من يتولى مناصب كبيرة في الجمهورية ..
اجل إن هذا الشعب النبيل بعد ان لمسنا نحن النخبة المثقفة ان حقوقه مسلوبة في وطنه العراقي تطوعنا للدفاع عن تلك الحقوق ، وبنفس الوقت كان العمل على نشر الوعي والشعور القومي بين هذا المكون ، ولهذا كان اول مهمة في البيان التأسيسي يقول :
1 ـ نشر الوعي  القومي والثقافة الكلدانية بين أبناء شعبهم وتسخير أقلامهم للشروع بحملة واسعة في كافة المحافل العربية والدولية لتعريف شعوب الأرض بحضارة وتاريخ وأمجاد الكلدانيين في وطنهم الأم ، وإنهم السكان الأصليين في هذه البلاد .
اجل إن مهمتنا ليست يسيرة لبث الوعي والشعور القومي الكلداني ، وثمة حالة مشابهة اقوم باجتزاء بعض الفقرات بتصرف من كتاب المرحوم جرجيس فتح الله والكتاب تحت عنوان ” يقظة الكرد تاريخ سياسي 1900ـ 1925″ ص64ـ 65 يقول :
اتخذ نشاط القوميين الكرد وفعالياتهم خلال كردستان اتجاهاً جدياً بانتشار الأفكار القومية التي تبثها سراً الجرائد والمطبوعات … ويمضي الكاتب الى القول عن محمد صديق الدملوجي فيضيف :
ان اولئلك الذين تصلهم المطبوعات السرية يعمدون الى تسليمها للسلطة تأكيداً لولائهم او خوفاً من الوشاية بهم .. وربما كان مبعث ذلك الأفتقار الى الشعور القومي فمما لا شك فيه ان بعض هؤلاء قد يرون ان النشاط في الحقل القومي نوعاً من التحريض والأثارة الخيانية ضد السلطة الشرعية اي الخليفة السلطان والدولة الأسلامية .
ونحن لا يمكن ان ننكر وجود شعور قومي كلداني ضعيف قياساً مع المواقف القومية للمكونات القومية العراقية الأخرى . ونحن ننطلق من هذا الواقع ونتطلع الى النجاح في مهمتنا منطلقين من عنصر الإخلاص ، فليس لنا منافع مادية او وظيفية .
في باكورة عملنا كاتحاد ، قررنا ان نسلط الأضواء على مذبحة صوريا الكلدانية التي وقعت حوادثها الدموية في 16 ايلول 1969 م . وأن نحاول إزالة غبار النسيان عن تلك المذبحة التي مر عليها زهاء أربعة عقود ونيف ، وفعلاً استطاع اتحادنا بنشاطاته الثقافية ان يحفز اقلام اخرى وان نلفت انظار جهات اعلامية ورسمية وفي مقدمتها وزارة الشهداء والمؤنفلين . لكن يبدو ان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري القريب من دائرة صنع القرار في كوردستان والمالك لماكنة اعلامية كبيرة  ، اراد تجيير المسالة لرصيده لكي يفوت الفرصة على الأتحاد العالمي لكتاب وادباء الكلدان .
لكن هدفنا كان يتمحور ان يبقى اسم قرية صوريا الكلدانية كنجمة مضيئة في سماء التضحية في كوردستان ، وأن يكرم شهداء المذبحة بما يليق مكانتهم الكريمة . وهذا ما تحقق ونحن مرتاحون لهذه النتيجة .
خطابنا ليس موجهاً ضد فئة او حزب او منظمة  ، وليس لنا اي مصلحة في مهاجمة اي شريحة دينية او قومية او عرقية ، كما ان اتحادنا مكون ثقافي وبوصلة توجهاته متجهة نحو نشر الوعي القومي والمشاعر القومية والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الكلداني ، وبعد ذلك فإن لكل عضو فيه رأيه وانتماؤه السياسي ، وليس من حقه ان يفرض رؤيته السياسية على الأتحاد ، وفي المقابل ليس للاتحاد اي شأن في الخلفية السياسية لأعضاء الأتحاد .
في علاقاتنا مع الآخرين نحن نحترم توجهاتهم وآرائهم ومقابل ذلك نتوقع من الأخر ان يحترم توجهاتنا وآراءنا وكما يقول عالم النفس الألماني فريتز برلز :
إنني اعمل ما يخصني وأنت تعمل ما يخصك ، ولست في هذه الدنيا لكي اعيش على هواك ، ولا انت تعيش على هواي .. انت ما انت عليه ، وأنا ما انا عليه ، فإذا تلاقينا او توافقنا بالصدفة فهذا شئ جميل ، وأما إذا لم يحدث ذلك فما حيلتي ؟
مع الأسف بقصد النيل من الأتحاد ثمة مقالات تكتب لا سيما من قبل الكتاب الكلدان الذين ركبوا موجة الموالاة لخطاب الأحزاب الآشورية المتزمتة ، ليظهروا انهم ملكيين اكثر من الملك . وكان احد المبتدئين او احد المكلفين او ممن تقمصوا اسم متي حنا البازي ليكتب مقالاً يريد النيل من الأتحاد ، واللعبة ظهرت حينما تبين ان ثمة لوبي مسخر لترويج مثل هذه المقالات والهدف منها هو النيل من الكلدان ورموزهم وتنظيماتهم ، وقد افلح هذا اللوبي بإرسال اللنك الى مئات القراء يحثهم على قراءة موضوع مهم جداً على موقع عنكاوا ، حيث حصل هذا المبتدئ على اكثر من 750 قارئ وعندما اتصلت بالمرسل وأخبرته بحذف اسمي من قائمته وان عمله يشبه عمل غوبلز وزير اعلام هتلر ، اجابني بأنه يجب ان نعمل لازالة هذا الورم ، وهو يقصد الأتحاد العالمي للكتاب وألأدباء الكلدان . علماً ان هذا الشخص يقوم بهكذا اعمال متستراً بثوب الوحدة .
وهنا يتبادر الى الذهن سؤال مشروع : لمذا تكون المنظمات الخاضعة لك ولخطابك منظمات وكيانات مشروعة ، بينما اتحانا المستقل في قراره يكون من الأورام السرطانية ينبغي إزالتها . يا عزيزي فاروق كيوركيس لك حريتك وللاخرين نفس المساحة من الحرية ، وكما يقول مونتسكيو : تنتهي حريتك حيث تبدأ حرية الآخرين ، وأنا اقول إن الفكر الأديولوجي والأندفاع الحماسي قد تقزم امام الفكر العقلاني الواقعي .
أُريد من هذه الضجة المفتعلة حصر الأتحاد في زاوية ضيقة مع البعث ودَمويته التي طالت كل العراقيين ، وعائلتنا من بيت تومي لوحدها كانت ضريبتها الملاحقة والتشريد والسجن وأربعة شهداء شباب  ، فلماذا كل هذه المغالطات ؟
لقد حكم حزب البعث العراق لمدة 35 سنة ورغم دخول العراق في حروب خارجية وداخلية ومع كل المآسي والنواقص التي كانت سائدة فلا بد ان نشير الى جوانب ايجابية في العمران وفي بسط الأمن وغيرها . لقد جاء في موقع ويكيبيديا أن :
عدد المنتسبين للحزب قبل الغزو الأمريكي عام 2003 كان حوالي 11 مليون شخص مقسمين على خمسة مستويات منهم :
•   عضو مرشح
•   نصير متقدم.
•   نصير .
•   مؤيد.
فاين الخلل ان يكون بين اعضاء الأتحاد عضو يقول انا شيوعي او ديموقراطي كوردستاني او حزب كلداني او بعثي . نحن نعرف كوادر حزبية بعثية كثيرة واليوم لهم مواقع قيادية في الأحزاب الآشورية . فلماذا الحقد ينصب على اتحادنا فحسب ؟ فلماذا يلف صمت القبور اقلامكم  ويجف حبرها حينما يتعلق الأمر بتلك الأحزاب المتنفذة فلا تحركون ساكناً ؟
نحن في الأتحاد العالمي للكتاب والادباء الكلدان لدينا تصور واضح وهو مناصرة حقوق شعبنا الكلداني ، ولا نضمر العداء او الضغينة او الكراهية لاية جهة سياسية او دينية ومن هؤلاء اخواننا الآشوريين الذي نشكل معهم والأخوة السريان شعب مسيحي واحد ولكل منا هويته واسمه وخصوصيته وينبغي ان نستوعب حقيقة ملزمة لكل الأطراف بأن يعم الأحترام المتبادل إنطلاقاً من ابسط قواعد ولوائح حقوق الأنسان في حرية المعتقد والدين والهوية والأنتماء .


بقلم : حبيب تومي / رئيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان

اوسلو في 12 / 11 / / 11

You may also like...