اضطهاد الكلدان والسريان بشقّيهم قبل مئة عام /الحلقة الثالثة

 

يسترسل الحبرُ الجليل ماراسرائيل اودو في الحديث عن استمرار هذا الإضطهاد في كتابه المُشار إليه في الحلقة الأولى في (الصفحة 57 – 59) حيث يقول: بعد إنجاز المضطهدين عملهم الشنيع بإبادة المجموعة الأولى من النساء، قاموا بجمع مجموعةٍ اخرى يربو تعدادُها على الثلاثمِئة نفس، ناهيك عن طردهم لعائلتين من عوائل السريان الكاثوليك هما عائلة مِعمار باشي وعائلة دوقماق، وذهبوا بالمجموعة الى منطقة دونيسير القريبة من تل الأرمن، وكان الأكراد بانتظارهم للهجوم عليهم كعادتهم من أجل نهبهم وخطف أطفالهم، ولكنَّ قائد الحرس تصدّى لهم قائلاً: لن أسمح لأحدٍ بالإعتداء على هؤلاء الناس، فعادوا أدراجهم. وما إن وصلوا الى رأس العين إحدى بلدات الآراميين القديمة الواقعة جنوب تركيا على نهر الخابور بالقرب من الحسكة السورية، حتى أركبوهنَّ القطار المُتَّجه صوب حلب. وبحسب الأوامر الحكومية قاموا بتوزيعهم على المدن السورية واللبنانية والبعض منهنَّ وصلن الى مدينة الطفيلة الأردنية الواقعة جنوب عمان بمسافة تقرب من مِئتي كيلومتر على حدود الصحراء العربية.

وبناءً الى الأوامر الحكومية، قام المُضطهدون يوم السادس والعشرين من تموز 1915م بجمع مجموعة اخرى من الشيوخ والنساء مع أطفالهنَّ، واقتادوا الجميع خارج المدينة باتجاه كوليا التي تقع الى الجنوب من ماردين وتبعد عنها مسير ثلاث ساعات، وفي كوليا الحقوا بهذه المجموعة مجموعتين اخريين، فغدا عددُهم يُناهز الألفين وخمسمائة فرد. ولدى مرور هذه المجاميع بين قرى الكيخيين، واجههم عددٌ كبير من الأكراد، وتراشقوا النيرن مع حامية الحراسة بقيادة عبد القادر المارديني من آل شيوخ زادة، وإذ رأى عبد القادر كثرة المُهاجمين وقلة عدد أفراد الحماية، طلب النجدة من ماردين، فجاءَته قوات وانضمت الى أفراد الحماية وتصدوا للأكراد وحالوا دون تنفيذ مآربهم الدنيئة، فنال عبد القادر ثناءً على عمله هذا بالإضافة الى حسناته الأخرى التي جلبت له الإحترام والتقدير. وبوصولهم الى بلدة رأس العين ومنها استقلوا القطار الى حلب وقصد البعض منهم دير الزور والشدادي.

وفي نهاية تموز لنفس العام 1915م، جمع السفاحون مجموعة أخرى من المسيحيين يتعدَّى عددُ أفرادها المِئة فرد، اقتادوهم باتجاه الجنوب، وكان أهل المدينة وكالعادة يتعقبونهم بقصد السلب وخطف الشابات والصبيان، ولما أوصلوهم على مقربة من حافة الجب القريب من قرية حيرين الواقعة على بعد أربع ساعات من ماردين سيراً على الأقدام، أوقفوهم وباشروا أولاً بتجريد الرجال من ملابسهم، ودعوهم كما تأمر الشريعة الإسلامية الى جحد دينهم، ولما امتنعوا الإذعان لمطلبهم، شرعوا بإنزال العقاب بحقهم، فذبحوا البعض منهم ذبح الخراف، وبقروا بطون البعض الآخر بالخناجر والسيوف، وكسروا أضلاع الآخرين وألقوهم في الجب. أما النساء فراحوا يسحلونهنَّ من شعر رؤوسهنَّ الواحدة تلو الأخرى وهنَّ عاريات، ثمَّ يطعنون أجسادهن المُرتعشة بالخناجر والسكاكين، مُذيقينهنَّ أقسى أنواع العذاب، ويرمون جثثهنَّ في الجب حتى أنَّ بعضهنَّ كان فيهنَّ رمق من الحياة، فتكدَّست جثثهنَّ على شكل أكوام كبيرة مُلطخات بدمائهنَّ.

إن شهودعيان من الماردينيين الذين عاينوا عن كثب ما جنته أيدي المجرمين بإبادتهم لأفراد تلك المجموعة، واندهاشهم بثباتهم القوي بايمانهم المسيحي! هم الذين رووا هذا الحدث الجهادي لتلك النسوة اللائي تحملن أقسى العذاب وهنَّ مُقيَّدات بأصفاد وقلوبهن تذوب حزناً على فلذات أكبادهن وهنَّ يرونهم يُخطفون من بين أحضانهنَّ. إنَّها المجموعة النسائية الثانية التي ظفرت بأكاليل الشهادة، والتي تركت أثراً بالغاً في نفوس من شاهدوا جهادهنَّ العصيَّ على الوصف، والذي أذهل حتى منفذي المذبحة بقوة صبرهنَّ والشجاعة التي أبديناها في ذلك النزال المرير، حين رأوا اندفاعهنَّ لإستقبال الموت دون أن ينال منهنَّ الخوف أو التردُّد. كان جهادهنَّ مدعاة عجبٍ، تجلَّت فيه قوة الله أمام عيون الكفرة، أجل، القوة الإلهية الخفية هي مصدر شجاعة المؤمنين بها، وهي التي تُساعدهم لإحتمال كُلِّ أصناف العذاب حتى القتل.

ترحيل النساء وأسر الرهبان السريان

لم يمُلَّ المجرمون القتلة من البحث والتفتيش ليلاً ونهاراً، في أحياء ودور المدينة، يُلقون القبضَ على المؤمنين المسيحيين نساءً ورجالاً شيوخاُ وأطفالاً مِمَّن لم تطلهم ايديهم الآثمة من قبل، فيحتجزونهم في كنيسة مار كوركيس ليبدأ ترحيلُهم بعذ ذلك. ففي الثاني من شهر آب 1915م إكتملت لديهم مجموعة فاقتادوها خارج المدينة عن طريق بوابتها الغربية، وقبل أن يجتازوا البوابة أوقفوا المجموعة للتفتيش، كان القوميسير ممدوح “مدير شرطة” الأسوأ بين هؤلاء القتلة شرساً شرها لنهب أموال ومقتنيات المسيحيين، حيث كان يقوم بتفتيش المجاميع الخارجة من المدينة.  لم يقتصر تفتيشه على ألبسة النسوة وأمتعتهنَّ فحسب، بل كان يبحث حتى في جيوبهنَّ وثيابهنَّ الداخلية وفي ثنايا شعر رؤوسهنَّ، فيأخذ كُلَّ ما يجده في حوزتهنَّ من ذهبٍ وفضةٍ ومجوهرات وحتى قطعة قماش فيما لو راقت في عينيه. وكان ينتزع اعترافاتهنَّ عن طريق الضرب المُبرَّح، حيث يسأل كُلَّ واحدة منهنَّ: أين ولدى مَن أمَّنت مقتنياتها. وعند ضربه لإحداهنَّ ضرباً قاسياً ومتواصلاً، انهارت واعترفت بأنها وبعض زميلاتها أودَعنَ مقتنياتهنَّ لدى رئيس دير مار افرام.

وللحال ترك ممدوح المجموعة في موضعها، وتوجَّه بصحبة عددٍ من رجاله قاصدين دير مار افرام، وفور وصولهم الى الدير ألقوا القبض على رئيسه. وراح ممدوح يسأله عن الودائع المؤمنة لديه، وعندما نفى رئيس الدير عِلمَه بما سأله ممدوح، لجأ ممدوح الى استخدام وسائل الضغط والتعذيب والإهانة ضِدَّه، وبذلك تمكَّن من الإستحواذ على الودائع المؤلفة من كميات من الذهب والفضة والمصوَّغات والأحجار الكريمة، لم يكتفِ بها هذا الشره، وإنما استحوذ على كُلِّ ما عثر عليه في الدير من النذور والهدايا المُقدمة للدير في السابق، فحملوها هو ورجاله مُستعرضين إياها على الناس وهم يجوبون بها وبرئيس الدير ورهبانه السبعة عشر في شوارع المدينة وأزقتها، مُهينين كرامتهم متجاهلين وقارهم وحشمتهم، وكان ممدوح يسير خلفهم متعجرفاً متباهياً بما قام به من غدر ومكر، ومتهماً إياهم بالتستُّر على أموال ومقتنيات أعداء الدولة، وكأنه بعمله هذا قد القى القبض على عصابة من اللصوص وقطاع الطرق.

سلَّم تلك الودائع للمتصرف بدري، وزجَّ الرهبان ورئيسهم في السجن. فتحرَّك مارجبرائيل تبوني الوكيل البطريركي آنذاك، وبذل جهداً كبيراً لإنقاذهم من المصيبة التي حَلت بهم، فقد أرضى ممدوح بخمسمِئة ليرة ذهب بحسب قول الرهبان، وأطلِق سراحُهم في الخامس عشر من آب 1915م وعادوا الى ديرهم. لقد كلَّفتهم هذه الحادثة أكثر من الفي ليرة ذهب دفعوها على شكل غرامات فدية عن حياتهم وسلامتهم، إذ كانوا معرَّضين لتُتَّخذ بحقِّهم عقوبات صارمة.

في الرابع من آب 1915م توفَّرت لدى هؤلاء الإنتقاميين القتلة بعد ملاحقاتهم المُستمرة للقبض على المسيحيين مجموعتان اخريان، قاموا بترحيلهما وإلحاقهما بالمجموعة التي أتينا الى ذِكرها قبل قليل. فغدا عددُ نفوس المجموعات الثلاث يُناهز الخمسمِئة فرد. فقاموا بسوقهم جميعاً، وفي أثناء الطريق وقبل أن يصلوا بهم الى قرية تل الأرمن، قتلوا عدداً كبيراً منهم، وواصلوا مسيرهم بالباقين حتى بلغوا بلدة رأس العين، ومنها رُحِّلوا الى حلب بواسطة القطار، وبعد وصولهم الى حلب لم يستقرّوا فيها حيث تبدد شملُهم وتبعثروا في المدن السورية، وأن البعض منهم حطوا الرحال في بلدة الطفيلة الأردنية.

وبعد أقلِّ من اسبوعين وبالتحديد في الخامس عشر من آب لنفس العام، قام المُجرمون بسوق مجموعة اخرى شملت نساء وأطفالاً وشيوخاً ناهز عددُهم الأربعمِئة فرد، ولما وصلوا بهم الى قرية دوحسير، كان قتلة آخرون قد جمعوا من قرية الأرمن ثمانين امرأة وطفلاً، فضموهم الى هذه المجموعة، وباتوا تلك الليلة هناك. وفي الصباح التالي مضوا بهم الى بلدة رأس العين، ومن هناك حشروهم في القطار الذي نقلهم الى حلب وعلى غِرار سابقيهم تبعثروا متشردين في مدن سوريا وقراها.

ترحيل مجموعة اخرى من النساء

لم يكفَّ المضطهِدون عن تعقب المسيحيين وإلقاء القبض عليهم، ففي التاسع عشر من آب 1915م انتهوا من جمع مجموعة اخرى قِوامها نساء وأطفال وشيوخ، لم نقف على عددِ أفرادها، اقتادوم باتجاه نصيبين ليُرحَّلوا من هناك الى الموصل، ولما كان الحرُّ شديداً وغالبية المجموعة كانت من النساء والأطفال الذين لا يقوون على المسير، جلبوا لهم الحمير واركبوهم، ثمَّ واصلوا المسير. وفيما هم يسيرون، وقع نظر إحدى النساء على قشر بطيخ مُلقىً على الأرض، ولما كان العطش قد أضناها، نزلت عن ظهر الحمار وتناولت القشر ووضعته في فمها المتيبس عساه يترطَّب، وما إن شاهدها أحد أفراد الحماية المرافقة حتى هجم عليها كالكلب المسعور، وضربها بقسوةٍ على رأسها بهراوة غليظة فهشَّمه، فسقطت تلك البائسة للحال وأسلمت روحها الطاهرة وقشر البطيخ بين أسنانها، فسحلها بعيداً عن الطريق، وتركها والتحق بالقافلة. وبعد تسليم زمرة الحماية المجموعة الى زمرةٍ اخرى. لم يلبثوا إلا أياماً معدودة، ثم قفل المجرم القاتل وصحبُه راجعين في ذات الطريق وما إن بلغوا الموضع الذي فيه ارتكب الجريمة البشعة بقتله تلك المرأة البائسة، حتى طالته العدالة الإلهية، فانتابه مغص شديد في معدته، وبالكاد أوصله رفاقه الى داره. فمات موتاً شنيعاً أمام أهل بيته وهو يصرخ بمرارة من شدة الألم، فكان جزاؤه موازياً لفعله الشنيع بفتله لبريئة بمنتهى الحقد والقساوة. وهكذا فإنَّ الإنتقام الإلهي للمظلوم لا يُهمل الظالِم وإن كان يُمهله أحياناً، ويقول الراوي مار اودو، بأنَّه لم يستطع الوقوف على اسم تلك المغدورة ولا اسماء مُعظم أفراد تلك المجموعة.

ويُضيف مار اودو بأنَّ مجموعتين اخريين من المسيحيين تمَّ ترحيلُهما الى الموصل بتاريخ الرابع والعشرين من آب 1915م، ولكننا لم نقف على عددهم ولا على أسمائهم، وكلما نعرفه هو أنَّ القس اوغسطين خرموش شاهدهم وهم نزلاء في كنيسة الطاهرة التي على ساحل دجلة في الجانب الشمالي من الموصل والمجاورة (للدير الأعلى المعروف تاريخياً بدير مار كابرييل ومار ابراهيم، وقد اندثرت معالمُه ولم تسلم منها إلا كنيسته “كنيسة الطاهرة للكلدان” وفي أواخر القرن العشرين شيَّد راعي ابرشية الموصل المثلث الرحمات المطران كوركيس كرمو على جزءٍ من مساحتها داراً للمطرانية رائعة الجمال) وبحسب قول القس اوغسطين كانوا رجالاً ونساءً وأطفالاً في حالةٍ يُرثى لها، مُتعبين منهكي القوى وجائعين، وقد داهمت الأمراض عدداً كبيراً منهم، وكانت بطريركيتُنا الكلدانية قريبة من مأساتهم وقدَّمت لهم كُلَّ ما بوسعها من خدمات للتخفيف عنهم.

آخر مذابح مسيحيي ماردين

يروي المطران مار اودو قائلاً: وفي منتصف ايلول لعام 1915م، وبينما كنت جالساً في غرفتي وقت مغيب الشمس، طرق سمعي صوت جلبةٍ وضجيج وصراخ آتياً من الطابق السفلي لدار مطرانيتنا شبيهاً بصوت الرعد، فبادرت للحال لإستطلاع الأمر، فإذا بزمرةٍ من العساكر المدججة بالسلاح، تصرخ بصوتٍ مُرتفع، وهي تُحيط بكاهننا القس بولس بيرو يسألونه: في أيِّ اتجاه؟ فأشار بيده الى الباب الخارجي للدار، فاندفعوا نحوه وخرجوا مُسرعين. وبعد ذهابهم ناديت القس بولس فسألته ما الحدث؟ فأجابني بأنَّ زمرة من العسكر داهمت دار جارنا الشاب اسكندر من عائلة كسبو، ففرَّ من مخبئه من أمامهم وتسلَّق الجدار الفاصل بين المطرانية وداره، وقفز الى ساحة المطرانية ودخل الى غرفتي مُختبئاً، فكانوا هم يتعقبونه وقفزو الى داخل الساحة. وفي الحال أدركت بأنَّ الشرَّ قد يطالنا، فتركته في غرفتي وأوصدت الباب وخرجت فوراً لإستقبالهم، قبل أن يدخلوا الى غرفتي ويعثروا عليه، ولما سألوني أشرت إليهم نحو الباب الخارجي مُموهاً عليهم بأنه خرج من هناك، فنجونا من شرِّهم، وبعد تأكُّدي من انصرافهم، طلبت منه الخروج بسرعة، فتوجَّه نحو الجدار فتسلقه وقفز الى ساحة داره واختبأ. لقد تصرُّف القس بولس بيرو بفطنةٍ وشجاعة أدَّتا الى إنقاذ الشاب اسكندر ونجاتنا نحن أيضاً، فلو قُدِّر ووجدوه عندنا لكان الموت مصيرنا، شكراً للعناية الإلهية التي كانت الحاجز بينهم وبيننا. إلا أنَّه لم تمضِ إلا أيام قليلة حتى داهم لعسكر دار الشاب اسكندر، فاعتقلاه وأخاه الياس، واقتادوهما الى الكنيسة المُحتجز فيها العديد من النساء والأطفال والرجال والشباب وحتى ذوي العوق والمُصابين بعاهات اخرى مختلفة.

قام القتلة المُجرمون بترحيل افراد هذه المجموعة يوم السبت الخامس والعشرين من ايلول، مقتادين إياهم في الطريق الى قرية بوويري القريبة من ماردين، وما إن وصلوا إليها حتى قاموا بفرز الشيوخ والعجزة من المشلولين والذين لا يقوون على مواصلة المسير، فالقوهم وهم أحياء في جُبٍّ بجوار القرية، وذهبوا بالبقية الى قرية حرين الواقعة الى جنوب شرقيِّ ماردين وتبعد عنها مسيرة أربع ساعات، ومنها اقتادوهم نحو الجب القريب منها، وبدأ الجلادون بتجريدهم من ملابسهم كعادتهم، ثمَّ يفرزون كُلَّ عشرة أفراد منهم رجالاً ونساءً دون تمييز ويذبحونهم كالخراف، ويرمون جثثهم في الجب حتى الى آخر من سلم من أيدي الأكراد الذين كانوا قد خطفوا عدداً من النساء والأطفال، وكان عدد شهداء هذه المجموعة المظفرة من الرجال والنساء يربو على الأربع مِئة شهيد. وتُعَد هذه الكوكبة من الشهداء الوجبة الثالثة التي تظفر بأكاليل الشهادة. أما الشاب اسكندر كسبو الضي أتينا الى ضِكره في أعلاه، فقد أنقذه أحد الأكراد وجعله عبداً له لِما يقرب من ثلاث سنوات ثمَّ أعتقه، فقدم إلينا وروى لنا تفاصيل هذه المجزرة وكيفية نجاته التي وصفها بعجائبية!

ولم يكتفِ المُضطهدون بذبحهم الوجبات الثلاث من المسيحيين التي أتينا على ذِكرها في حلقاتنا الثلاث، فقاموا بتمشيط بيوت وأزقة المدينة لعلَّ أنَّ البعض من المسيحيين قد أفلتوا من ايديهم أو قد احتموا لدى جيرانهم، فأفلحوا بجمع عدد من النساء العجائز والشيوخ وجأوا بهم الى باحة الكنيسة واحتجزوهم فيها، ولما اقتنعوا بأن منازل المسيحيين قد فرغت من أصحابها. قاموا في أواخر ايلول بإخراج الأنفس التي جمعوها وكان عددُها يزيد على المِئتي نفس، فاقتادوهم في الإتجاه الغربي لمدينة ماردين، حيث توجد أكوام عظام شهداء المجموعة الأولى من الرجال، وهناك قاموا بتمزيق أجسادهم المُنهكة، فامتزجت دِماؤهم الطاهرة بدماء رجال الوجبة الأولى الأبطال التي سُفِكت من أجل اسم المسيح بن الله بكر الشهداء، وباستشهاد هذه الوجبة اختُتِم مسلسل المذابح الجماعية. والى الحلقة الرابعة قريباً

الشماس د. كوركيس مردو

في 19/5/2015

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *