إكتفينا ومللنا من عظاتكم – فليتقبل الله أجركم

zaidmisho@gmail.com

قبل نهاية كل سنة نتبادل التهاني القلبية ونتمى لبعضنا البعض الخير ومن ثم نبدأ بأخرى جديدة وتعود الأمور إلى طبيعتها ، وفي الغالب لانجد مانتفائل به لنقول ” يبدوا أن هذه السنة خيرٌمنذ البداية ” .
هذه المرة تبادل الكلدان المهتمون بالشأن القومي التهاني ، وتمنوا لأمتنا وشعبنا الكلداني الأفضل ، وماهي سوى أيام من مطلع عام 2012 حتى بدأنا مرحلة جديدة ومهمة في مسيرتنا القومية والتي أفتتحت باللقاء الذي أجراه المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد في ولاية مشيغان الأميركية عبر إذاعة صوت الكلدان مع المطران إبراهيم إبراهيم حيث وضع سيادته النقاط على الحروف ، ومن ثم بيان البطريركية الكلدانية الشهير ، وبعدها بأيام أجرى المنبر أيضاً وعبر إذاعتنا صوت الكلدان لقاءَ رائعاً مع المطران شليمون وردوني ….
تفاعل غالبية كتابنا وأقصد ( الكتاب المسيحيين بشكل عام ) مع ماطرحته البطريركية والأسقفان الجزيلا الإحترام وعبّر كلّ منهم عمّا يجول في باله  مؤيداً كان أم معترضاَ  ..
فمن هم المؤيدون ؟ ومن هم المعترضون ؟ وما هي أهم نقاط الإعتراض ؟
منذ مدة نلاحـظ تـقارباً فـكـرياً بين الكثير من الكلدان المهتمين بالهوية القومية الكلدانية ، تلك الهبة الرائعة التي تميّز بها أبناء الرافدين وخصوصاً المنتمين إلى الكنيسة الكلدانية العريقة والتي كانت السبب الأساسي في الحفاظ على إرثنا وتاريخنا ولغتنا الأصيلة … والمهتمون بهذا الشأن يعملون لأجل وحدة الشعب الكلداني وقوته وأن يكون لنا دور مميز ومهم من اجل العراق إن كنّا في أرض الوطن أو المهجر ، ومن مواقع عدة ، سواء كانت مؤسسات دينية أو إجتماعية أو منظمات وأحزاباّ سياسية ومدنية وكذلك من الكتاب والفنانين وشخصيات عدة في مختلف مناحي الحياة .. كل واحد أدى دوره كيما يعلوا إسمنا القومي الكلداني ويستـنهـض الوعي القومي لدى الجميع ليصبح هناك تناغم في العمل وتنسيق رغم تباين الأفكار والإنتماءات ، إلا أننا نلتقي جميعاً في دائرة هويتنا الكلدانية .
فعقدت المؤتمرات والندوات وأعدّت لقاءات وأجتماعات عبر النت وحثّ بعضنا البعض وتشابكت أيادينا حتى حصلنا على فرحة جديدة بعد عرس ساندييغو ( مؤتمر النهضة الكلداني الأول )  ليكون لنا هدية أخرى نستحقها قدمتها لنا هذه المرة مشكورة ، البطريركية الكلدانية ضمن بيانها الرائع يوم 8-1-2012  . فهنيئاً لنا أفراحنا ونحن لهذا البيان من المؤيدين …
وفي المقابل هناك من تصوّر بأن الأجندات هي الوحيدة التي تنفذ ولا قوة تعلو على قوة المال … فقبض من قبض ليكون الثمن تهميش الكلدان ومحو إسمهم ورفع راية لاأمة غير أمته …
 وتملّق من تملّق لعله ينال شيئاً من صرة الدنانير وبدأ يلعب لعبة القابضين ضدنا ، وهؤلاء وللأسف الشديد محسوبون علينا ومازالوا يحملون إسمنا الذي قايضوه بأبخس الأثمان ، فلا هم يعلنون إنتمائهم لأوليائهم ولا يعلنون توبتهم ليعودوا إلى أصالتهم ، فقد طابت لهم مهنة التجارة ، وأي تجارة ؟ تجارة الذمم !! . ومن بينهم أحزاب ومؤسسات كلدانية كان الأجدر بها تغيير إسمائها إلى أخرى يستمدونها من ثقافة الغجر .
وتوهّم من توهّم بطروحات البعض من مزوّري التاريخ ومشوهي الحقائق الذين أقنعوهم بما لاصحة له ولا أساس وقالوا لهم مستغلين سذاجتهم بأن الكلدان هم طائفة فقط وقوميتهم آشورية ، فتغابوا عن الحقيقة التاريخية وصدقوا أصحاب المصالح الدنيئة …
وهؤلاء هم المعترضون علناً ومجاهرةً سواء عبر وسائل الأعلام أو في أحاديثهم الخاصة …
أما المعترضون سراً وأكتفوا بالمتابعة ، مسرورين ومغتبطين ظناً منهم بأنهم في إجازة من أقلامنا ، وهؤلاء لايقلون إيذاءً للكدان عن نظرائهم في زوعا ، وهم المنتمين إلى المجلس ذو التسمية الثلاثية المركبة ( القطارية ) ، وعليهم تنطبق الصفات الثلاثة التي ذكرتها ( قبض من قبض وتملّق من تملّق وتوهّم من توهّم ) ..
ومن بين النقاط التي ذكرت في الإعتراضات إخترت الآتي :-
ماشأن الكنيسة في السياسة …. سبحان الله ، وكأن الإكليروس الكلداني ليسوا من هذا الشعب !! وعن أي تدخل سياسي يتهمونها ؟ فهل راق لهم صمت البطريركية  في ماحصل ويحصل للكلدن من تهميش ؟ . نائب في البرلمان العراقي  يعتقد بأنه يمثل المسيحيين وبدلاَ من ان يستغل منصبه لخدمة الجميع أخذ يعمل من أجل ان يكون الجميع حاضرين لخدمته ودعم لمصالحه ، يحوك المؤامرات ضد كل من يطالب بحقوقه ، مستغلاً نفوذه وتواجده في البرلمان لتعيين رجاله ومواليه في مناصب عدة يحتاجها لتمرير مشاريعه الربحية . وبعد أن طفح الكيل يعاتبون البطريركية على قولها بأن يونادم كنّا لايمثلنا بل يمثّل نفسه وحزبه !! . ويتهمونها بالتدخّل في السياسة لأنها أعلنت عن حقيقتها التاريخية وأنتمائها القومي الكلداني !! ، متناسين بأن الشعور القومي كان لدى أبناء الكنيسة منذ القرن الرابع ومـذكـور في صلواتها النظامية ( حُـذرا ) ، وقبلها وكانت السبب في تسمية النساطرة العائدين للكنيسة الأم بالكلدانية منبع الحضارات  .     

أعتراض آخر يقول ، ليس وقته فالعراق يمر بظروف صعبة …. وكأن العراق قد مرّ سابقاً بأخرى هادئة ويسيرة ! .  فمنذ أن  وعيت إلى هذه الدنيا لم أرَ يوماً ظرفاً سهلاً أبداً ، بل كل يوم يحمل من الصعوبات ما يكفي لتجعل الشعب يترحم على اليوم الذي قبله . ومع ذلك ، وإن سلمنا جدلاً بأن البطريركية لم تختر الزمن المناسب لإعلان بيانها ، فهل مقابلة يونادم كنّا على قناة البغدادية  وتصريحه البليد الذي يدّعي به بأن كل آشوري يعـتـنق المذهـب الكاثوليكي يصبح كلدانياً أوتوماتيكـياً  ، أتت في وقتها المناسب حيث ينعم شعبنا بالهدوء والسكينة ؟ وهل رسالة مار دنخا الرعوية في عيد الميلاد والتي ضرب بها الحقائق التاريخية عرض الحائط والتي كانت سبباً للتحريض وإشعال الفتن  بأدعاءه بأن الكلدان والسريان هم من الآمة الآشورية جاء ذلك في زمن عراق الرفاهية ؟  عجبي !!

إعتراض آخر يقول بأن الكنيسة الكلدانية في بيانها زرعت بذور التفرقة !! …. عجبي مرة أخرى
من يتفاخر بأصله يقال عنه زارع فتن ومفرّق ، ومن يلغي غيره يسمونه وحدوي وململم الشمل !
فهل هناك سذاجة أكثر من هذه ؟ بفقؤون عيوننا ويريدونا أن نبصرهم فقط  ، يلغوننا ويطالبونا بالوحدة !! .. كيف يتوحدون معنا إن كنّا غير موجودين في نظرهم ؟ هل من عاقل بينهم يجيبني ؟
اليوم نحن موجودون شاء من شاء وأبى من أبى ، ومن يرغب بالوحدة فمرحى به ، أبوابنا مفتوحة وموائدنا عامرة وكأس الحب يتوسط جلساتنا . نحب الجميع ونحترمهم ، ومن أراد إلغاءنا فهو غير موجود ونحن هنا ..
وأخيراً … وليس آخراً … إخترت أسوأ أعتراض وأكثرهم شيوعاً وتركت أعتراضات أخرى غيرها أقل أهمية …. وهذا الإعتراض هو عبارة عن وعظ ديني وأرشاد يستند إلى آيات من الكتاب المقدس يخال من يقرؤها وكأنه في زمن التوبة  يستمع ويتأمل إلى فطاحل الروحانيين ..
وهؤلاء الواعظون نجدهم فقط عندما يدافع الكلداني عن إسمه وكيانه وينتقد من يحاربه  فيسرع الروحانيون  ويذكروه بمحبة المسيح وتعاليمه السمحاء وكيف صلى من أجل المؤمنين قائلاً          ” ليكونوا بأجمعهم واحد ” ، حتى بطريرك وأساقفة الكلدان لم يسلموا من وعظاتهم وهي بحقيقتها لسعات عقارب بإسم الحب ، مجيّرين النصوص المقدسة الجميلة من أجل غاياتهم تماماً مثل رسالة مار دنخا الرعوية والتي بها يستخدم كلمات حب من الأنجيل ليمرر من خلالها ما يسيء إلى هويتنا ووجودنا ، ولو لم يكن برتبة بطريرك لأختلف تعريفي لرسالته ، لكن كما يقال وأحياناً كثيرة  أكره هذا القول ” حشا درغا ” ، ناسين ومتناسين بأن الدرغا يصونها أو يهينها من يلبسها فقط .
ونعود لهؤلاء الواعظين ، هل تعاليم المسيح تعمل على تردد واحد وموجة واحدة ؟ اليس جميع المسيحيين مشمولين بتعاليمه أم الكلدان فقط ؟ تقرأون آيات الحب والوحدة وتطالبون الكلدان عيشها ، أفليست هي لكم ولغيركم ؟ ومع ذلك سأقبل على نفسي سماعها منكم على أن تعترفوا علناً بأنكم وكل من يقول بأن الكلدان هم طائفة لاعلاقة لكم بالمسيح وتعاليمه .
فأما أن نتقاسم جميعاً تعاليم المسيح أو إتركوها للكلدان ونحن أهلاً لها ، عند ذلك نرجوكم بأن لاتستخدموا نصوصنا المقدسة من أجل غايات لانقبل بها .
وبما أن الكنيسة من صلب المجتمع ولأجله ، فمن حقها أن ترعى مصالح مؤمنيها ، لهذا نرجوها أن تدخل بين الحين والآخر لتعطي رأيها في السياسة وفي كل زمان ومكان ، فليس هناك وقت يختلف عن آخر عند قول الحق .. وعندما تتدخّل من أجل مصلحة مؤمنينها والحفاظ على إسمهم فهي بذلك تحافظ على وجودهم ، وبوجودهم تشريع لوجود الآخر ، فمن كان موجوداً يشعر بتواجد الآخرين ، يستطيع أن يتقرّب لهم ويشترك معهم في أمورِ شتى ، وإن كان هناك من وحدة فلا يمكنها أن تتحقق دون إختلاف الموجودين .. 
وما على زوعا ومن يتبنى سياسته الإلغائية  سوى الإختيار … بين وجودنا ووجوده … أو وجودنا وعدم وجوده .
 ونقاط الإلتقاء بيننا كثيرة ، فلماذا تختارون الإختلاف وتسعون للخلاف ؟

You may also like...