إختلاف القناعات شيء جيد لكن ..

تختلف عنّي شيء وتجبرني على رأيك شيء آخر

تقتنع بإسلوبك شيء وتجعله سبباً لمغالطة الآخرين….شيء مضحك

لكل إنسان قناعتهِ وعلى الجميع إحترام الإنسان بكل ما يحمل من أفكار ، وهذا لايعني بالضرورة إحترام الفكرة التي لا أتقبلها .

وإن كان هناك شرخأو خلل في تقبل الآخر وأحترامه في بلاد الأعراف والقوانين القبلية (ماريد أكول الشرق الأوسط)، إلا أنه مكفول في الدول المتحضرة، وفيها يستطيع المرء أن يعلن أفكاره دونما خوف أو وجس، وفي المقابل هناك حرية مطلقة في إختيار المتلقّي ما يناسبه، ففكرة ما، قد يتبناها اليوم عشرة وغداً مئة، وذلك يعتمد على إسلوب طرحها وأستقبالها، وفي عين الوقت قد تنبذ لحظة ولادتها.

من خلال ممارستي للكتابة أحاول أن أكون حراً في إختيار التعابير التي تقرّب مادتي للقارئ، وأكذب لو قلت بأن حريتي هذه مطلقة، إذ غالباً ما أخضع لقوانين المواقع ومزاجية أصحابها أو المهتمين بإدارتها، وأضع أيضاً في حساباتي تباين وجهات النظر في المفردات المستعملة التي تدعم المقال، فهناك من يريده مقال هادئ وآخر يحب السخرية، أو يكون جاداً، أو لا يتحمل أي نوع من النقد حتى البناء منه! (بدون إستغراب… عدنة هوايا من هالنوع).

حتى في جريدة أكد والتي تصدر في تورنتو-كندا والتي أنيطت لي مهمة تحريرها، أراني مضحكاً وأنا أكبّل نفسي بنفسي يقيود وسلاسل هذه الشريحة وتلك الملّة وهذا اللون، وهذه القيود تجعلني أحتقر كل وسيلة أعلام مضطرة على مجاملة هذا وذاك كي تستمر!

كل ذلك يساهم في تحجيم الفكرة كوني أخضع أحياناً للخطوط الحمراء اللعينة والتي غالباً ما أقفز فوقها أو أدوسها إحتراماً لحريتي.

في نفس الوقت، لا أعتبر نفسي في حرب عندما أطرح قناعاتي، ولا يهمني فرضها على الآخرين مهما كانت، جيدة أو سيئة وذلك يعود إلى القراء وحكمهم، وحتى وأن عورضت بسببها فلا يهمني الدفاع عنها بشكل ثوري بل أتقبل إختلاف الآخر وإن كان في بعض الأوقات على مضض! وأيضاً لا أرى نفسي مجبراً على أحترام من يشترك معي في القناعات وفي نفس الوقت يريد فرضها على الآخرين.

لكن متى أدافع عن قناعاتي؟

عندما يفرض الآخرين قناعاتهم ويحاربون ما أنا عليه …. عند ذاك أقولٌ تباً لقناعات الآخر ومن يحملها ولو كان بنظر البعض منزلاً من السماء، أي من يألهه البشر أكثر من الله نفسه! كون من أمامهم يعرف اللعب على العقول البسيطة منها والمغلقة وحتى الواسعة الثقافة والإطلاع.

فإذا كان إيماني بإله مبني على أنه لم يفرض تعاليمه على أبناءه، بل ترك لهم حق الإختيار وأكتفى بتوصيتهم، فهل سيأتي شخص ويحاول أن يمليني ما يريد وإن خالف مفاهيمي ويقول لي إتبعني! أو إتبع ما انا أتبع؟

هنا سأتبرأ من أدبياتي في الكلام وأستخدم من المصطلحات ما يناسبه، بدءً من صفات وطبائع أصناف الحيوانات وصولاً إلى العورات مروراً بالسخرية والأستهزاء والإستخفاف بعقولهم، وإلا لما كان هناك أصلاً صحافة تسمى بالصحافة الساخرة الناقدة، وتاتي بانواعها الكلامية والصورية، وهي بالنسبة للكثيرين أرقى وأجمل وأصعب نوع من الصحافة، منها الكتابات الساخرة والرسوم الكاريكاتورية المعبرة.

ومع ذلك وللأسف أرى نفسي وأنا بكامل إنفعالي، مجبراً على الخضوع لقوانين إجتماعية تفرض المجاملة وعدم المساس بشكل مطلق بمن يحمل حصانات رغم قناعتي بأنه لا فرق بين (رجل دين أو سياسي أو أكاديمي وبائع لبلبي وقندرجي) عندما تتعلق المسألة بخيانة الأمانة من شخص ما، في موقعٍ ما! أو عندما يتعلّق الأمر بتهميش أو إلغاء إنسان او كيان والنيل من حق الإنتماء دينياً كان أم سياسياً أو قومياً، وإلا لماذا هلهلنا بسقوط الطاغية ولماذا تمنينا سقوط الأنظمة الدكتاتورية واحداً تلو الآخر؟ أم نخرج من حفرة لنقع في مستنقع آسن!

تشكلت قناعاتي وأستمدت وتبلورت من مختلف أنماط الحياة، وأصبح فيها ثوابت وأخرى ممكن تحديثها ومازال هناك مساحة لأضعاف أضعافها. ومن الثوابت هو أحترام الآخر الذي يقابل بالمثل ومن لا يفعل يجب مواجهته تصاعدياً، وهذا لا دخل له بالمحبة والمسامحة التي تعلمناهما وحفظناهما منذ نعومة أظفارنا، لأن الأخطاء التي تتعدى حدود الفرد لا يمكننا أن نطلق عليها أمور شخصية وعفا الله عما سلف، بل تهديد للإنسانية قاطبة. والوقوف أمام الخروقات والعمل على ترميمها من شيم الإنسان الحر، فأي فائدة لإنسان يعيش لنفسه فقط ولا يأبه بما يحدث من أمور قد تأثر سلباً على مجتمعه؟ ألا يقول المثل غلطة الجاهل غلطة وغلطة العالم بألف؟ والمثل ليس حصرياً بالعلماء بل كل من له مسؤولية وبمعيته أشخاص مهما بلغ عددهم، ينتفعون منه سواء مادياً أو معنوياً او روحياً إن كان جديراً بالمسؤولية أو يبتلون بسبب فساده.

من هنا أقول وأكرر دائماً بأن بائعات الهوى والمثليين أشرف بكثير من مسؤول كاذب أو سارق أو متعجرف وأناني ومتكبر و.. … (إملأ الفراغ بالصفة السلبية المناسبة)

وهنا (لا أحدد هوية المسؤول) إذ قد يكون سياسي أو رجل دين أو في مجال التعليم أو …. (إملأ الفراغ بالمسؤول المناسب)

زيد غازي ميشو

zaidmisho@gmail.com

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *