أمثال يسوع في أنجيل لوقا / بقلم الشماس سمير يوسف كاكوز/ الجزء الثاني

القديس والطبيب لوقا ذكر لنا عدة أمثال علمها يسوع لتلاميذه خلال سيرة حياته العلنية في الجزء الاول ذكرت سبعة أمثال وفي هذه المقالة سوف اذكر أمثلة أخرى تحدث بها يسوع وكانت غاية كاتبها الطبيب لوقا أن يسوع المسيح هو مخلص البشرية أضافة الى الشخص الموعود والمخلص لليهود

نجد القديس لوقا أهتمامه الكثير بالمحتاجين والفقراء والمعوزين وأنفرد لوقا عن باقي زملائه كتبة الاناجيل متى ومرقس ويوحنا بتدوين بشارة الملاك لزكريا وبشارة مريم العذراء بالاضافة الى ذكر ولادة يوحنا وميلاد الرب يسوع والى صعوده الى اورشليم وهو في عمر الثانية عشر والتلميذ لوقا ذكر العديد من الامثلة لم تذكر في الاناجيل الاخرى منها مثل الابن الضال والسامري الصالح وكلام يسوع على الصلاة وأمثال اخرى والتي كان عددها الاربعة عشر مثلاً

المثل الثامن الدرهم الضائع

المرأة عند زواجها في العهد القديم تتلقى عشر قطع من الفضة دراهم كهدية زواج هذه القطع الفضية كان لها قيمة عظيمة جداً أكثر من مجرد قيمتها المادية كما لخاتم الزواج حالياً ضياع إحدى هذه القطع بمثابة إحباطاً شديداً لصاحبتها لكنها تفرح بالعثورعلى القطعة الفضية المفقودة أو الخاتم الضائع هكذا تفرح الملائكة بخاطيء واحد يتوب

كل إنسان له قيمة ثمينة عند الله ويحزن على ضياع أي إنسان ويفرح عندما يرجع أحد أبنائه إليه ويعود إلى الملكوت

الله يغفر لخاطيء يسعى حثيثاً إليه طلباً لرحمته

يبحث الله عن الخطاة ثم يغفر لهم فلابد أن عنده حباً فائقاً وغير عادي هذا هو الحب الذي دفع الرب يسوع إلى المجيء إلى الأرض ليبحث عن الناس الضائعين الخطاة ويخلصهم هو نفسه الحب الفائق فإن شعرت بالبعد عن الله فلا تيأس فهو يبحث عنك

المرأة هنا تمثل الكنيسة عروس المسيح وواجبها أن تفتش عن كل مفقود هذا هو دور الكنيسة أن تظهر شخص المسيح ونوره لشعبها وكنس البيت هو إشارة لحث الناس على التوبة والتفتيش بإجتهاد هو إفتقاد الناس والصديقات والجارات هم الملائكة الذين لا يخطئون وعمل الكنيسة وخدمتها مع كل نفس هو لكي تستعيد النفس صورة المسيح الملك

مثل الدرهم المفقود

8 : بل أية امرأة إذا كان لها عشرة دراهم فأضاعت درهما واحدا لا تشعل السراج وتكنس البيت وتبحث عن هذا الدرهم جيدا حتى تجده؟

9 : فإذا وجدته دعت صديقاتها وجاراتها وقالت إفرحن معي لأني وجدت الدرهم الذي أضعته

10 : أقول لكم هكذا يفرح ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب

( انجيل لوقا الاصحاح الخامس عشر )

المثل التاسع هو مثل الابن الضال الذي أخذ حصته من والده وسافر الى بلد أخر بعيد عن مدينته التي كان يسكن فيها

ورد في سفر التثنية ان نصيب الابن الاصغر بعد وفاة أبيه حصته تكون الثلث لكن بعض الاباء في ذلك الوقت واحتمال في زماننا الحاضر يلجأون الى تقسيم الميراث في حياتهم بين أبنائهم وبناتهم ويتقاعدون عن أدارة املاكهم وهنا في هذا المثل عكس ذلك الابن هو بنفسه طلب تقسيم ممتلكات والميراث ما معناه أن الامر شاذ وأحتقار الابن لسلطان أبيه كرأس الأسرة ولا يزال على قيد الحياة

15 : إذا كانت لرجل زوجتان إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتا له كلتاهما بنين وكان الإبن البكر للمرأة المكروهة

16 : فيوم يورث بنيه ما يملكه لا يحل له أن يعطي حق البكورية لابن المحبوبة دون ابن المكروهة البكر

17 : بل يقر بابن المكروهة بكرا فيعطيه سهمين من جميع ما يملكه لأنه هو أول بنيه وله حق البكورية

( سفر تثنية الاشتراع الاصحاح الحادي والعشرون )

المثل هنا يظهر دعوة المسيحيين الآتين من العالم اليهودي الذي يمثلهم الاخ الاكبر أن يتقبلوا المسيحيين الاتين من العالم الوثني والذي يمثلهم الاخ الاصغر الذي صرف ماله في بلاد بعيدة وثنية يعمل مع الخنازير يعيش في الزنى والخلاعة مع ابتعاده عن عبادة الله الحقيقية وكما تفعل الزانية مع زوجها

وردت عدة أيات عن البلاد البعيدة أمثال

12 : وتكون الشعوب كالكلس المحترق وكشوك مقطوع يحرق بالنار

( أشعيا الاصحاح الثالث والثلاثون )

17 : جاء وبشركم بالسلام أنتم الذين كنتم بعيدين كما بشر بالسلام الذين كانوا قريبين

( رسالة أفسس 2 )

7 : ما أجمل على الجبال أقدام المبشرين المنادين على مسامعنا بالسلام الحاملين بشارة الخير والخلاص القائلين لصهيون قد ملك إلهك

( اشعيا الاصحاح الثاني والخمسون )

10 : سأقضي على مركبات الحرب في أفرايم والخيل وأقواس القتال في أورشليم فيتكلم ملكك بالسلام للأمم ويكون سلطانه من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض

( زكريا الاصحاح التاسع )

الابن الصغير اليهودي يتعامل مع حيوان بحسب شريعة موسى من الحيوانات النجسة

8 : والخنزير فله ظفر مشقوق لكنه لا يجتر وهو ما جعله نجسا لكم بحسب الشريعة لا تأكلوا من لحمه ولا تمسوا الميت منه

( سفر تثنية الاشتراع الاصحاح الرابع عشر )

هذا دليل على الانحطاط الابن ياكل ما حرمه الله للشعب اليهودي كانت الخنازير لا توكل ولا تقدم ذبائح وممنوع حتى لمسها خوفاً من النجاسة لكن الشاب كسر شريعة موسى وأكل من الطعام المقدم للخنازير الابن الاصغر سقط في الخطئية لكنه فكر في نفسه ان الجوع بمثابة علامة موت جسده بذهابه الى أرض وثنية وخدمة وأكل لحم الخنازير معناه موت النفس ولكي يتخلص من هذين الموتين قال أقوم وارجع الى ابي

يلزم بعض الناس أن يتخبطوا في القاع حتى يرجعوا إلى رشدهم وقد بنى الابن الأصغر سلوكه على رغبته في حرية العيش كما يلذ له ولا يختلف ذلك عن رغبات معظم الناس في عالم اليوم وقد يتكلفون أسى وحزناً عظيمين حتى يعودوا للتطلع إلى الله طلباً للعون والمساعدة لا تحاول أن تعيش حياتك على هواك منحياً بكل أنانية كل ما يعترض طريقك؟ لا تترك حواسك على هواها بل قف وتطلع قبل أن تصل إلى الحضيض ووفّر على نفسك وعلى أسرتك الكثير من الحزن

انتظر الآب وظل يراقب عودة الابن إذ كان يتعامل مع كائن بشري له إرادته المستقلة لكنه كان مستعداً للحظة عودة ابنه إليه

محبة الله تنتظرنا على الدوام ويبحث الله عنّا ويعطينا فرصاً للاستجابة له لكنه لا يجبرنا مطلقاً على الرجوع إليه فهو ينتظر بصبر كالآب لحين عودتنا إلى رشدنا وعليه من الصعب اليوم قبول الأخ الأصغر وغالباً ما نضع من يتوب بعد أن عاش في حياة الخطية موضع الشك

الكثير من الكنائس لا تقبل أحياناً الخاطىء أن تضمه إلى عضويتها ولكن ينبغي على الكنيسة وعلينا على العكس أن نفرح كالملائكة في السماء بخاطيء أو غير مؤمن يتوب ويعود إلى الله وكأبٍ اقبل الخطاة التائبين باتساع صدره وامنحهم العون والسند والتشجيع اللازم لنموهم في المسيح

قصة الابن الضال هناك تناقض بين تجاوب الأب مع الابن الضال ورد فعل الأخ الأكبر كان الأب فرحاً وغفر للابن الضال فعلته أما الأخ الأكبر فكان يحس بمرارة ولم يسامح أخاه لقد غفر الأب لأنه كان مبتهجاً ورفض الابن الأكبر أن يسامح لأنه كان يشعر بمرارة والفرق بين الفرح والمرارة هو قدرتنا على الغفران فإن كنت ترفض الغفران للناس فقد أضعت فرصة مدهشة لاختبار الفرح ومشاركة الآخرين فيه هنا الأخ الأكبر الفريسيين الذين امتعضوا بل وغضبوا من قبول الخطاة داخل ملكوت الله لقد كانوا يظنون أنهم قدموا وضحّوا بالكثير لله

حين يغفر الله برحمته للآخرين الذين نعتبرهم خطاة وأنهم أسوأ وأشر منّا وحين يقف برُّنا الذاتي في طريق الفرح برحمة الله فلسنا حينئذ أحسن حالاً من الفريسيين

الله يبحث عن الخطاة ثم يغفر لهم فلابد أن عنده حباً فائقاً وغير عادي وهذا هو الحب الذي دفع الرب يسوع إلى المجيء إلى الأرض ليبحث عن الناس الضائعين ويخلصهم وهو نفسه الحب الفائق الذي لله نحوك فالابن الضال لم تكن نهايته المعيشة مع الخنازير لكنه عاد بينما الابن الأكبر تذمر بعد أن كان يظهر أنه في طاعة كاملة لأبيه لذلك علينا أن لا ندين أحد فالله وحده يعلم ما في القلوب ومدى استعداد كل واحد ونهاية طريق كل واحد

جوع النفس التي إبتعدت عن الله فملذات العالم غير قادرة أن تشبع هي تشبع الجسد ولكن الإنسان روح وجسد والروح لا تشبع سوى بقربها من الله

الله له وسائله لجذب النفس للتوبة من يهرب من الله ويبتعد عنه يتلقفه الشيطان مباشرة فيرسله إلى حقوله ليرعى خنازير النجسة

الخنازير عند اليهود تعني النجاسة والمعنى أن الشيطان إستعبد هذا الإنسان في خدمة شقاوة الخطية ومرارتها وإنحطاطها

الابن الاصغر ترك خدمة أبيه الخفيفة ونيره الهين ليبيع نفسه لإبليس يشقى تحت نيره الثقيل والنجس وتاه في العالم في حقول إبليس بعيداً عن الله وعن بيت الله

الابن الاصغر كان يملأ بطنه من الخرنوب إشارة لملذات العالم وشهواته كل همه كان إشباع بطنه وهذا الخرنوب يملأ البطن ولكنه بلا فائدة غذائية ولا يشبع قال له المجد من يشرب من هذا الماء يعطش بمعنى من يسير حسب اهوائه لا يشبع من ملذات وشهوات هذا العالم ولكن من يتبع المسيح تبتعد عنه الشياطين واعوانهم يكون ابنا لله

كان الخرنوب هو طعام الخنازير لم يعطه أحد من الخرنوب لا يستطيع أحد أن يشبع النفس سوى الله بل بعد أن يقع الخاطئ في براثن الشيطان يحرمه حتى من اللذات الجسدية التي كان يغريه بها سابقاً فهو يتلذذ بعذاب الإنسان وآلامه فإن شعرت بالبعد عن الله فلا تيأس فهو يبحث عنك مغزى المثل لا يركز على توبة الابن بل حب الاب الله الاب والمسيح احبونا ونحن بعد خطاة

مثل الابن الضال

11 : وقال يسوع كان لرجل ابنان

12 : فقال له الأصغر يا أبـي أعطني حصتي من الأملاك فقسم لهما أملاكه

13 : وبعد أيام قليلة جمع الابن الأصغر كل ما يملك وسافر إلى بلاد بعيدة وهناك بدد ماله في العيش بلا حساب

14 : فلما أنفق كل شيء أصابت تلك البلاد مجاعة قاسية فوقع في ضيق

15 : فلجأ إلى العمل عند رجل من أهل تلك البلاد فأرسله إلى حقوله ليرعى الخنازير

16 : وكان يشتهي أن يشبع من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله فلا يعطيه أحد

17 : فرجع إلى نفسه وقال كم أجير عند أبـي يفضل عنه الطعام وأنا هنا أموت من الجوع

18 : سأقوم وأرجـع إلى أبـي وأقول له يا أبـي أخطأت إلى السماء وإليك

19 : ولا أستحق بعد أن أدعى لك ابنا فعاملني كأجير عندك

20 : فقام ورجع إلى أبـيه فرآه أبوه قادما من بعيد فأشفق عليه وأسرع إليه يعانقه ويقبله

21 : فقال له الابن يا أبـي أخطأت إلى السماء وإليك ولا أستحق بعد أن أدعى لك ابنا

22 : فقال الأب لخدمه أسرعوا هاتوا أفخر ثوب وألبسوه وضعوا خاتما في إصبعه وحذاء في رجليه

23 : وقدموا العجل المسمن واذبحوه فنأكل ونفرح

24 : لأن ابني هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد فأخذوا يفرحون

25 : وكان الابن الأكبر في الحقل فلما رجع واقترب من البيت سمع صوت الغناء والرقص

26 : فدعا أحد الخدم وسأله ما الخبر؟

27 : فأجابه رجع أخوك سالما فذبح أبوك العجل المسمن

28 : فغضب ورفض أن يدخل فخرج إليه أبوه يرجو منه أن يدخل،

29 : فقال لأبـيه خدمتك كل هذه السنين وما عصيت لك أمرا فما أعطيتني جديا واحدا لأفرح به مع أصحابـي

30 : ولكن لما رجع ابنك هذا بعدما أكل مالك مع البغايا ذبحت العجل المسمن

31 : فأجابه أبوه يا ابني أنت معي في كل حين وكل ما هو لي فهو لك

32 : ولكن كان علينا أن نفرح ونمرح لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد

( أنجيل لوقا الاصحاح الخامس عشر )

المثل العاشر مثل الوكيل الخائن

في هذا المثل يسوع لا يحث الانسان على الظلم أو الخبث بل السير في الطريق الصحيح الذي يرسمه الله له

السيد مدح الوكيل الخائن لحذقه كيف تمكن من التخلص من مشكلته واصبح قدوة لنا أذاً نحن امام نظرة أخلاقية في اللباقة والسرعة في أخذ القرار هكذا سماه السيد المسيح بالوكيل الظلم الخائن كان يبذر أموال سيده ولما عرف وسمع أنه سوف يطرده سيده من عمله غير الصكوك في الحال فتسبب في خسارة ثانية لسيده

السيد المسيح لا يمدحه على فعلته هذه بل يمدحه لانه فكر في مستقبله ماذا يعمل ويفعل انه أشترى أصدقاء مديونين لسيده نعم الوكيل الخائن أشترى هولاء بماله الذي يملكه والمسروق من سيده هذا الوكيل يشير لمن بدد المواهب والوزنات التي أعطاها الله له على شهواته ولكن هناك خطًا آخر يعتبر أن هذا الوكيل المبذر لا الخائن هو يسوع المسيح الذي يهتمّ بالمديونين الخاطئين فيعاملهم بالرحمة مرّة أولى ومرّة ثانية وعمل يسوع هو استقبال الخطاة يرحمهم ويعفيهم من دينهم

مال الظلم هو المال الذي بين أيدينا لكن لماذا أسماه السيد هكذا؟ هو مال من هذا العالم الظالم الشرير مهما حصلنا عليه بالحلال وكم من إنسان لا يعمل ويملك الكثير وهناك من يكد ويجتهد ولا يملك شيئًا هو مال ظلم لأنه يجعل الناس تعبده تاركة الله وهو إذا إبتغاه أحد ضل عن الإيمان وهو سيد قاسٍ يستعبد الناس هو خادع يوهم الناس بالسعادة ولكنه لا يعطيها

المال هو إله كاذب هو صنم يتعبّد له الانسان وكل الأموال هي لله وأنا وكيل عليها فإذا أعتبرتها ملكًا لي أصرف منها على ملذاتي فقط فأنا بهذا أصبح مبذرًا في أموال الله وأصير بهذا وكيل ظلم ولكن إن تصرفت فيها بطريقة ترضى الله فتتحول إلى أموال مقدسة فهو مال ظلم لأننا ننسب ما لله لنا أي نغتصب حق الله

جاءنى يوما شاب ليخبرنى بإحتياج شخص لمبلغ كبير من المال ليعمل عملية لإنقاذ حياته وهو لا يملك تدبير المبلغ فوعدته بتدبير المبلغ خرج هذا الشاب ودخل آخر ليعترف بأنه يدخن فقلت له هذا مال تحرقه خسارة كل هذه النقود فقال عندى أموال كثيرة فماذا أعمل بها فقلت لنفسى مال ظُلم حقًا

كثيرين فقراء ومحتاجين وكل هؤلاء ليس لديهم ما يأكلونه وما يلبسونه فلنصرف على هؤلاء فيشهدون لنا في السماء أليس هؤلاء هم إخوة الرب وبهذا صاروا أصدقاء لنا وبهذا صارت أموالنا سماوية وصار لنا كنزًا في السماويات ينفعنا حين نغادر هذا العالم والحكمة المطلوبة منّا أن يكون لنا أصدقاء سماويين نشتريهم بالأموال التي بين أيدينا عوضًا عن أن نبددها على ملذاتنا وشهواتنا في عالم سنتركه إن آجلًا أو عاجلًا

الله صاحب كل المواهب ويعطي كل واحد منا موهبة وأموال وسيطلب حسابًا عن كل ما أعطانا هل نفكر في مستقبلنا الأبدي كأبناء نور وبهذا نصير حكماء ولا تضيع فرصتنا في السماء كل ما أعطاه الله لنا هناك من لديه وقت فراغ فماذا يعمل به هل يتسكع في الطرقات والنوادي أم هو يضيع وقته في خدمة الكنيسة فيصير له شفيع الكنيسة صديقًا سماويًا وهناك مَنْ أعطاه الله صحة ففي ماذا يصرف صحته؟ هناك من يستغل صحته في افتقاد المرضى والمساكين والبعيدين عن الله

الأمين مع الناس سيكون أميناً مع الله لذلك يعطيه الله بغنى من هباته الإلهية ما يزين نفسه ونكون متشبهين بالله ومن كان أميناً مع الله على الأرض في مال الظلم يعطيه الله على الكثير الذي هو المجد الأبدي المعد لنا والسيد الرب يقول المال باطل فهو غير حقيقي هو موجود اليوم وغير موجود غدًا ولا تستطيع أن تأخذه معك إلى العالم الآخر بينما العطايا السماوية والفضائل هذه تستمر معنا في السماء وللابد وإن لم نكن أمناء معهم فيما بين أيدينا من مال الظلم فالله لن يعطينا ما هو لنا من البركة والسلام والفرح والرجاء أما لو أعطيت ما عندك للفقراء سكب الله عليك من غنى مجده

المثل هو ان الله ليس ضد الغنى فإبراهيم وإسحق ويعقوب كانوا أغنياء والله لم يكن ضدهم بل الله ضد عبادة المال أي يصير المال هدفًا وإلها يعبد أو أداة للملذات والترف الزائد بينما الفقراء في جوع وحرمان وعبادة المال تعني أن يظن الإنسان أن المال فيه ضمانًا للمستقبل فالله وحده القادر على ذلك فلا نكون من الناس الذين يعبدون المال واصل الشرور محبة المال

قد يُستخدم المال في الخير أو الشر فاستخدم أموالك في الخير وللمال قوة وسلطان فاستخدمه بحرص وروية لكن ينبغي علينا أن نستخدم مواردنا المـاديــة بطـريقـة تسـاعـدنا في الحياة الأبدية

مازالت غالبية الناس يعتقدون أن المال يجلب السعادة رغم كل الدلائل الدامغة التي تثبت العكس والناس الأغنياء الذين يسعون وراء مزيد من الثروة يمكن أن يدوروا في حلقة مفرغة لا تنتهي إلا بالخراب والدمار فكيف يمكنك أن تجتنب حب المال؟ ثق أنه يوماً ما ستضيع كل الثروة اقنع بما عندك وتنبه إلى ما أنت على استعداد أن تفعله للحصول على مزيد من المال لتكن محبتك للناس أعظم من محبتك للمال ليكن عمل الله أحب إليك من المال اقتسم مالك مع الآخرين

الله يدعونا إلى أن نكون أمناء حتى في أبسط التفاصيل وأدقها التي يمكن تبريرها إن كنوز السماء أغلى وأثمن بكثير من غنى الأرض لكن لو كنا غير جديرين أو غير أهل للمحافظة على الغنى الأرضي فلسنا جديرين بالكنوز الفائقة لملكوت الله فلا تـدع أمـانـتك تـنزلـق في الأمور البسيطة المال له قوة وسلطة أن ينتزع مكانة الله في حياتك أو في حياتي وقد يسود عليك فكيف يكون حالك لو صرت عبداً للمال؟ هل تقلق على المال باستمرار؟ هل تكف عن عمل ما يجب عمله أو ما تحب أن تعمله من أجل كسب المزيد من المال؟ وقتاً طويلاً في العناية بممتلكاتك؟ هل يصعب عليك التضحية بالمال؟ إن المال سيد صعب ومخادع والمال يعد صاحبه بالسيادة والسلطة لكنه غالباً لا يفي بوعده ويمكن عمل ثروات ضخمة وفقدها أيضاً بين عشية وضحاها أو في ظرف يوم واحد ولا يمكن لأي قدر من المال أن يهب الإنسان الصحة والسعادة والحياة الأبدية فكم يكون أفضل لك لو اتخذت الله لا المال سيداً لك إن خادم الله يحيا في راحة بال وطمأنينة وأمان في هذا العالم الآن وإلى الأبد كما قال لنا يسوع لا تقدرون ان تخدموا اللهوالمال معنا

مثل الوكيل الخائن

1 : وقال أيضا لتلاميذه كان رجل غني وكان له وكيل فجاء من أخبره بأنه يبدد أمواله

2 : فدعاه وقال له ما هذا الذي أسمع عنك؟ أعطني حساب وكالتك فأنت لا تصلح بعد اليوم لأن تكون وكيلا لي

3 : فقال الوكيل في نفسه سيسترد سيدي الوكالة مني فماذا أعمل؟ لا أقوى على الفلاحة وأستحـي أن أستعطـي

4 : ثم قال عرفت ماذا أعمل حتى إذا عزلني سيدي عن الوكالة يقبلني النـاس في بيوتهم

5 : فدعا جميع الذين عليهم دين لسيده وقال لأحدهم كم عليك لسيدي؟

6 : أجابه مئة كيل من الزيت فقال له الوكيل خذ صكوكك واجلس في الحال واكتب خمسين

7 : وقال لآخر وأنت كم عليك لسيدي؟ أجابه مئة كيل من القمح فقال له الوكيل خذ صكوكك واكتب ثمانين

8 : فمدح السيد وكيله الخائن على فطنته لأن أبناء هذا العالم أكثر فطنة من أبناء النـور في معاملة أمثالهم

9 : وأنا أقول لكم إجعلوا لكم أصدقاء بالمال الباطل حتى إذا نفد قبلوكم في المساكن الأبدية

10 : من كان أمينا على القليل كان أمينا على الكثير ومن أساء الأمانة في القليل أساء الأمانة في الكثير

11 : وإذا كنتم غير أمناء في المال الباطل فمن يأتمنكم في الغنى الحق؟

12 : وإن كنتم غير أمناء في ما هو لغيركم فمن يعطيكم ما هو لكم؟

13 : لا يقدر أحد أن يخدم سيدين لأنه إما أن يبغض أحدهما ويحب الآخر وإما أن يوالي أحدهما وينبذ الآخر فأنتم لا تقدرون أن تخدموا الله والمال

( أنجيل لوقا الاصحاح السادس عشر )

والمجد لله دائما

الشماس

سمير يوسف كاكوز

يتبع المقال

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *