أسباب غياب قادة الكنيسة وسياسيي امتنا من تأبين ضحايا مجزرة صورية

 

عندما حضر اصحاب النيافة البطاركة والمطارنة من مختلف كنائسنا يرافقهم مجموعة من القادة السياسيين ممثلين عن شعبنا من داخل البرلمان وخارجه الى ملعب دهوك لحضور مجلس العزاء ونقل رفاة الشهداء الى مثواهم الاخير في قرية  صورية , راعهم ما شاهدوا من عدم احترام  وتواضع المراسيم للموتى الشهداء وخاصة وانهم لم تتم تغطيتهم باعلام ورايات قوميتنا وشعبنا الاصيل اسوة َبأعلام الاخوة الاكراد .  

 

اغتاض البطاركة وغضبوا كثيرا ومن معهم كذلك من المطارنة والسياسيين الغيورين الشجعان(صعدت الغيرة عدهم) فضربوا بارجلهم في الارض معلنين استهجانهم لهذا الامر الشنيع بل واصرارهم لاعادة ترتيب التشييع وجلب اعلام امتنا ليتم تغطية التوابيت جنبا الى جنب الاعلام الاخرى (انتوا شوفوا الغيرة والمرجلة ), وعندما وصلت الاعلام اكتشف القادة الغيورين الاجلاء ان هناك اكثر من شكل وتصميم للاعلام فمنهم من قال نريد العلم الكلداني ليغطي التوابيت ومنهم من اصر على ان يكون العلم الاشوري لا غير , وهنا تدخل  السيرياني وتجرأ وطالب بأن يكون علمهم السرياني هو الاصح والافضل لتغطية توابيت الشهداء  نشكر الله ونحمده ان جماعة الاراميين لم يحضروا والا لكانوا هم بدورهم اصروا على استخدام العلم الارامي … على اية حال في نهاية الامر وبعد نقاشات حادة ومشادات كلامية واختلافات وعدم الوصول الى رأي وقناعة ترضي الجميع , أتفقوا على أن لا يتفقوا , وقرروا وعلى الفور مغادرة المكان كل في موكبه الخاص والى مبتغاه, فمنهم ولشدة غضبه وحزنه وفرط حبه لموتى وشهداء شعبه وارتفاع درجة حرارته مع ارتفاع درجة الحرارة  في ملعب دهوك  ومن فرط المأساة ذهب مباشرة الى المطار راكبا اول طائرة مغادرة الى أوربا بحثا عن مناخ واجواء باردة مناسبة لاعادة المزاج وبعض الراحة والاستجمام  تحضيرا للمجابهة والمعركة القادمة .

 

والبعض الاخر والذين كانو مضطرين ان يبقوا في البلاد غادروا فورا  (غاضبين طبعا ) الى مقارهم ومنتجعاتهم المكيفة والخدمة الجيدة تعبيرا عن سخطهم واحتجاجا على هذه الممارسات وعدم احترام الموتى وذكراهم بالاضافة الى عدم وصولهم الى اتفاق على اي عَلَم يختارون , فرفضوا البقاء في موقع التأبين كي يرافقوا الموكب الى قرية صورية المنكوبة …. لذلك  وكما كان لافتا ومستغربا من قبل الغالبية من ابناء شعبنا اللذين تابعوا المراسيم من على شاشات التلفزة لم نلاحظ وجود ايُ من قيادات الكنائس او القيادات السياسية  ناهيك عن اعضاء البرلمان ممثلي شعبنا المصونين المبجلين . أنتهى الخبر .

 

سيداتي وسادتي القراء والقارئات الافاضل :-

 

كانت هذه فقط رواية من الخيال تصلح لان تكون سيناريو لفلم من افلام هوليوود الخيالية   (الفانتازيا) , كتبته حالما ومُمَنيا بها نفسي في ان يكون ولو جزءا منها حقيقة ولكن  ما هو الا سيناريو خيالي او حلم من احلام اليقضة للاسف الشديد  . الحقيقة  التي لا يدركها او يحترمها العديد من رجالات كنائسنا ولا العديد من سياسيينا, نعم هناك حقيقة واحدة في هذا السيناريو الخيالي ولكنها حقيقة مرة الا وهي الاصرار (من قبل معظم القيادات الدينية والساسية ) على كل ما من شأنه ان يفرق هذه الامة ويمزقها سواءا كان على الراية أو التسمية اوالمذهب الكنسي , بهذا الشأن تجدهم ( ستادية ) في التأكيد على الاختلاف والفروقات والاحقية في المذهب كيف لا وباب رزقهم وشرعية حفاظهم على كراسيهم ومنافعهم هو مع ضمان هذه الاختلافات والفروقات !؟ لذا نتساءل اين اختف الجميع من المشهد ولم نجد لهم اثرا في صورية او جنازتها , الا يستحق هؤلاء الشهداء حضور جنابكم ايها البطاركة والمطارنة المبجلين , ام لان هؤلاء الشهداء هم اناس بسطاء كادحين لا رتب لهم ولا سياسيين كبار او شيوخ وأغوات أو قادة دولة ووزراء واعضاء برلمان عندها لكنتم سارعتم الى الحضور لا بل تهرولون وتتسابقون للتواجد والتملق والتزلف وتقبيل الاكتاف علكم تحصلون على مكرمة او افضال او حتى بعض الدفاتر النافعة .

 

بالله عليكم الا تشعرون ولو بقليلا من الحرج وانتم تدٌعون انكم تمثلون كنائسكم وشعبكم ؟؟ اين انتم اذن عندما تتطلب الضرورة والمناسبة حضوركم ام ان تشييع شهداء صورية غير ذات اهمية لكم والمناخ والجو العام لا يناسب فخامتكم ومزاجكم ؟ يا لمسيحيتكم وتواضعكم يا مبشري كلمة السيد المسيح (ويا ظله) على الارض !! تحضرني مقولة بليغة للاديب والروائي الكولومبي الكبير غابرييل غارسيا مركيز ((يحق للانسان أن ينظر من الفوق الى ألانسان الاخر فقط حين يجب أن يساعده على النهوض وألوقوف)) . أين نحن من ذلك ؟  

 

حقيقة انكم لا علاقة لكم بتعاليم السيد المسيح بل اني اجد غالبيتكم على كل النقيض لتعاليمه , لاحظوا الفرق بين غطرستكم وانانيتكم وبين تواضع سيدكم وبساطته وحبه للجميع , هو عندما اتى الى دار احد العامة, وعندما لم يجد مكانا للجلوس اًثر ان يجلس قرب الباب ليشارك الاخرين مناسبتهم وهو سيد الكون , مثلكم تماما…. تتغاضون وتترفعون حتى على الحضور الى مناسبة حزينة ومأساوية جدا على قلوبنا وقلوب  جميع ابناء شعبنا واخوانهم في الوطن , الا وهي تأبين ونقل رفات من قتلوا في قرية صورية من ابناء شعبنا وعدد اخر من الاخوة الاكراد على يد ازلام ومجرمي النظام الديكتاتوري البائد .

 

ولكن لا ادري, فربما قد فاتتني حكمتكم بعدم الحضور ؟ من الممكن انكم  رأيتم  ببصيرتكم الثاقبة ومن منطلق حبكم العظيم وتفانيكم لشعبكم أن تواجدكم في جولاتكم ومقابلاتكم واجتماعاتكم  المثمرة جدا جدا في اوربا وامريكا قد يكون من مصلحة هذا الشعب وذات فائدة معنوية ومادية كبيرة طبعا؟؟ لانه بهكذا ذرائع وحجج تقضون معضم اوقاتكم في ألتجوال المستمر في اوربا وامريكا مبذرين اموال الكنيسة والشعب الفقير المسكين عوضا عن ان تكونوا هنا في الوطن وفي قلب الحدث في بلدات شعبكم تشاركونه معاناته والامهه , ولا بأس بين الفترة والاخرى ربما  بعض الصلاة !! .

 

بسببكم اصبحنا شعب بلا هوية , شعب ذليل خائف حتى من ظله , بسببكم اصبحنا شعب يتلبس بلباس الاخرين لنا كهوية … تارة عربية وتارة كردية وممكن ان تكون مستقبلا تركمانية اِلا اشورية كلدانية سريانية ( مع كل احترامي وتقديري للمكونات الاخرى ) , شعب خذلته قياداته الكنسية والسياسية , ومثقفيه اغمضوا العينين وسدوا الاذنين كي يتهربوا من المسؤولية لا بل أججو ويؤججون المذهبية والطائفية والتفرقة القومية  .

اي شعب نحن , يدعي بالتاريخ العريق والحضارة التي اعطت كل شئ للبشرية , نعم اعطينا ولكن ترانا الان لا نستطيع ان نُثبتْ لنا اليوم هوية !!! الويل لكم يا قياداتنا سياسية كانت ام كنسية جعلتم من شعبكم ومن انفسكم مهزلة واضحوكة للبشرية , كل ذلك بسبب انانيتكم وخنوعكم للاخر بحجة الحفاظ على الوجود والوطنية, كاننا ناقصي الوطنية وكاننا لسنا نحن من علم الاخرين معنى الوطنية  !!! انكم دائما في بحث عن حليف لتعلنوا حربا ضد اخوكم في الهوية .. الويل لكم من غضب الاله الويل لكم .

 

كم صورية وصورية وكم ضحية, سيشهد شعبنا حتى توقضكم من سباتكم وتوقف لهاثكم وراء المكاسب الشخصية !!؟ تاركين بكل انانية مصير امتكم على حبل الغارب لتغرب والى الابد شمسه الابدية. ,هل تدركون حقيقة مهمة جدا انكم بدون شعب ومؤمنين لا تساوون شروى نقير ولا روبية  ؟؟ هل اعطيتم لانفسكم ولو لحظات للتفكير بذلك وبجدية  ؟  

 

يا عنتراه ( نسبة الى  القس عنتر رحمه الله  ) ما احوجنا اليك بيننا ما احوج كنيستنا لا بل كنائسنا الى رجل كبير مثلك عظيم بتواضعه ولكن شامخ وشجاع بمواقفه  وقوي بحبه لكنيسته ولشعبه وامته الواحدة الموحدة  وحزمه وتفانيه وتضحياته , رحل “عنتر كنائسنا” وبقي الشيبوب يتشبث بالاخر استعطافا وخنوعا واذلالا من اجل البقاء ولو على حساب الكرامة والوجود والشخصية .     

 

في الحقيقة شهداء صورية / شهدائنا / سيرقدون مرتاحي البال لان الناس كل الناس الطيبين من ابناء شعبنا (الاشوريين / الكلدان / السريان ) , وابناء وطننا العراقي الخيرين شاركونا  خسارتهم والام عوائلهم وذويهم , سواءا بالحضور او بالاستذكار والصلاة والدعوى لهم بالرحمة والغفران , اما انتم فأبقوا كما اخترتم أن تكونوا  بعيدا عنهم وعنا فلسنا بحاجة الى تواجدكم بيننا وسياتي اليوم عندما يدرك هذا الشعب الطيب الوادع انه لا حاجة البتة لوجودكم معنا فينبذكم ويرميكم الى سلة المهملات رمية ختامية . 

 

عمانوئيل تومي

فنان وناشط سياسي

 

emmanuel.tomi@hotmail.com

18/09/2011

  عمانوئيل تومي

فنان وناشط سياسي

18/ 09/ 2011

You may also like...