أحفاد وحفيدات ابن العلقمي يتهمون الكورد بالخيانة! بقلم محمد مندلاوي

في سوق المزايدات السياسية، في هذه الأيام الحبلى بالمفاجئات، أطلت على الجماهير العراقية والكوردستانية من على شاشات التلفزة الفضائية، الممولة من الأحزاب الطائفية المشبوهة، والمؤشر عليها بألف علامة استفهام كبيرة، زمرة خبيثة تابعة لطالب الولاية إلى النهاية، وغالبيتهم، ذكوراً وإناثاً، من الذين لبسوا الزيتوني في العهد الصدامي المباد، ومنهم تلك الرفيقة المتمتعة؟ التي كانت تلبس حينها فوق الركبة بعشرة سنتيمترات، والآن تضع على رأسها العفن قطعة قماش فخمة، كرمز لانتماء سياسي لحزب طائفي ما. وتجرأت هذه النكرة بدون خجل، وهي تجتر كالناقة الجرباء، وفمها مليء بالأوساخ و بالقاذورات، تقول:”شعبنا الكردي”. كأن هذا الشعب الأبي ملك لسلفه سلفاهه؟. وفي ذات اللقاء التلفزيوني، فقدت رباطة جأشها، وأدارت وجهها نحو الكاميرا، ورفعت ذيلها، وكشرت عن أنيابها كعلامة لإعلان حرب قذرة ضد الشعب الكوردي الجريح، وقالت بعصبية جاهلية، وهي ترتعش من هول الواقعة: “روحوا ماكو كردستان هو شمال العراق”. نسأل من هذه المتمتعة وغيرها من الذين يجلسون تحت قبلة البرلمان الاتحادي، هل الدستور الاتحادي الدائم، الذي تتشدق به هذه الشمطاء كذباً وتدليساً، يقول “شمال العراق؟” أم يقول بكل وضوح “كوردستان” يا جاهلة يا منافقة؟. وفي جانب آخر من حديثها الماسخ، تزايدت فيه على أسيادها الكورد، بالنزاهة والوطنية،وهي التي خانت الوطن والمذهب ، حين ارتضت لنفسها أن ترتمي في أحضان نظام حزب البعث الدموي المجرم، وتنفذ سياساته العدوانية ضد عموم الشعب العراقي والكوردستاني. وبعد تحرير العراق وكوردستان من براثن حزب البعث العنصري، أوجدت هذه الرفيقة السابقة؟ ضالتها بالانضمام لحزب طائفي تأسس أصلاً لمعاداة قوى الديمقراطية العراقية، والذي عاد بعد التحرير من خارج الحدود، ما أن سنحت لها الفرصة، حتى علقت نفسها بأذياله كطفيلية فطرية تقتات على الجثث المتحللة، واستقلت فيما بعد قطار المناصب المهمة، وحجزت لنفسها مكاناً في المقعد الأمامي، بجانب طالب الولاية، وحين تربعت على عرش المنصب، بدأت رويداً رويداً تستحوذ على أموال الشعب العراقي المظلوم، وعلى دور وممتلكات الدولة العراقية. لم تكتفي بهذا الفرهود الشرعي في مملكة الفرهود، حتى جاءت بتوصية من الصنم الأكبر ونصبت بموجبها شقيقها… قرقوشاً على ولد الخايبة. كما وضحنا آنفاً، إنها قامت بكل هذه الخروقات الدستورية، والقانونية، بعلم ودراية طالب الولاية، القائد المهزوم في جميع الجبهات العسكرية، والاقتصادية، والسياسية، والخدمية، الخ الخ الخ.

 في غالبية دول العالم، المواد الدستورية مواد مقدسة، لا يتجاوز عليها حتى المواطن البسيط، إلا في البلدان التي تحكم من قبل أحزاب وشخصيات عربية، أو تلك الناطقة بالعربية، كالعراق مثلاً، حيث يتباهى ذلك الحزب أو الشخص المسئول أمام الشعب، بأنه تجاوز على الدستور، وأوقف نصاً دستورياً، كان تعاد بموجبه حقوقاً مسلوبة  لفئة جريحة ومظلومة على مدى عقود من تاريخ تأسيس هذا الكيان المصطنع، المسمى (العراق) آه. ومن الأمور المضحكة في دولة “الفتاح فال” أنه صرح قبل مدة من على شاشات القنوات التلفزيونية، بأنه نفذ جميع فقرات المادة (140)، ألا أنه ناقض نفسه بعد أن هرب جيشه من الموصل، وصلاح الدين، وكركوك، وملأت قوات البيشمَرجة (Peshmerge) على وجه السرعة، الفراغ الذي تركه الجيش الهارب من “قلب كوردستان – كركوك”، وقال من خلال قناة الفضائية العراقية الرسمية، المستولى عليها من قبل طالب الولاية وحزبه الحاكم، بصوت الجندي المهزوم في ساحات الوغى،”أن المادة (140) لم تنفذ بعد أو لم تنتهي بعد”. عجبي على أشباه الرجال. وتيمناً بقائدها بائع المحابس في السيدة زينب، قالت الرفيقة؟ إنها أوقفت على مدى أربعة أعوام الاستفتاء في كركوك السليبة. أليست هذه العنجهية والمكابرة، هي بقية من بقايا البعث المجرم لا  زالت معشعشة في داخلها، وإلا كيف تتجرأ و تقول أنها أوقفت نصاً دستورياً على مرأى ومسمع الشعب في العراق!. إن هذا الكلام غير المسئول، له تفسيران لا ثالث لهما، أما أنها لا تعير أية أهمية للشعب، أي تقول له طز فيك. أو أن هذا الشعب، شعب عنصري، لا يعرف أين مكمن الحق، وتدغدغ مشاعره حين يسمع مثل هذه التصريحات العنصرية المقيتة، التي تدعوا إلى هضم حقوق الآخرين. وزعمت الرفيقة فيما بعد: أين حقوق التركمان؟ هل يوجد وزير منهم في إقليم كوردستان؟. حقاً أن العنصرية تعمي البصر والبصيرة. إنها مسئولة في الدولة ولا تعرف شكل ومضمون الحكومة والبرلمان في إقليم كوردستان. مسكين الشعب العراقي، يدفع من قوته اليومي راتباً شهرياً يقدر بعشرات الآلاف من الدولارات لهذه الرفيقة، من أجل أن تقدم له الخدمات، ألا أنها مشغولة  فقط بحبك الأكاذيب على الشعب العراقي المغلوب على أمره على أيدي هذه النماذج الفاسدة. نقول لها، نعم يا أمية، يا ثرثارة، يوجد وزير تركماني في حكومة الإقليم، وعند تنصيبه في المنصب الوزاري أدى القسم بالغته التركمانية، وهو الأستاذ (سنان جلبي) وزير الصناعة والتجارة. وللتركمان أيضاً، خمسة مقاعد في البرلمان الكوردستاني، ومثلها للأخوة المسيحيين. وخارج عن نطاق الاستحقاق الانتخابي، تنازل الكورد طواعية عن منصب رئيس مجلس محافظة كركوك للأخوة التركمان، وتقلد المنصب المذكور هو حق دستوري للكورد، كجهة فائزة في الانتخابات في محافظة كركوك، ألا أنهم منحوه للإخوة التركمان كعربون محبة وتعبيراً عن الصداقة الصادقة. وتستمر الرفيقة في اجترارها، وتزعم: “أن العرب في كركوك درجة ثانية”، ويزايد عليها المحاور المسخ، ويزعم: “بل درجة عاشرة واثنا عشر” لا أعرف عن أي عرب تحدثا؟، عن العرب المستوطنين المزروعين عنوة في كركوك. أم العرب الذين أقيموا في كركوك قبل مجيء المستوطنين الأوباش الرعاع؟. يا حكام بغداد الجهلة، يكفي الكورد فخراً واعتزازاً، أن في هذه الأيام فقط، شاهد العالم أجمع، ما يربوا على المليونين من العرب، والتركمان، والمسيحيين بكل طوائفهم، فروا من المدن العراقية في وسط وجنوب وغرب العراق، والتي تحت سيطرة الإرهابيين، أو الميلشيات الشيعية، ولجئت إلى إقليم كوردستان، طالبة الحماية والعون من حكومته. وكالعادة فتحت لهم كوردستان أبوابها و أحضانها، ومنحتهم الأمن والأمان، ولا تسألهم عن ماضيهم وحاضرهم، ماذا كانوا ومن يكونوا. تماماً كما فعلت قبل عقود مضت مع الأحزاب الشيعية، أبان حكم حزب البعث المجرم، عندما آوى الكورد في المناطق المحررة، آلاف مؤلفة من الشيعة الفارين من ظلم وتعسف وإجرام حزب البعث العروبي. ورغم تهديد سلطة البعث الغاشمة للكورد، إن لم تسلمهم تفعل بهم كذا وكذا، ألا أن الأحزاب الكوردية أبت أن تسلمهم لها، لأن الذي يدخل على البيت الكوردي دخيلاً، يفديه بروحه ولا يجعله أن يمس بسوء قيد شعرة،

مادمنا في ذكر كركوك السليبة، أود هنا، أن أتساءل من مراجع الشيعة العظام، وعلى رأسهم آية الله العظمى السيد (علي السيستاني) وكذلك من عموم أبناء الطائفة الكريمة، أليس الإسلام يقول صراحة، أن الصوم والصلاة في الأرض المغتصبة باطلة وغير مقبولة؟. بهذا الصدد يقول علماء الشيعة، يشترط في مكان المصلي، “أن يكون مباحاً، فلا تجوز الصلاة في المكان المغصوب، عيناً أو منفعة، للغاصب ولا لغيره، ممن علم بالغصب، وإن صلّى عامداً والحال هذه كانت صلاته باطلة”. هذا قول إجماع علماء الشيعة. إن هذا التصريح الواضح وضوح الشمس في رابعة النهار عن بطلان الصلاة في الأرض المغتصبة جاءت في (رسالة) كتاب (العروة الوثقى) ج (1) ص (435) لآية الله العظمى السيد (كاظم اليزدي) (1247- 1337) هجرية، وعلق عليه مرجع الشيعة الأعلى آية الله العظمى السيد (علي السيستاني ). السؤال هنا، هل أن كركوك والمناطق الكوردستانية الأخرى التي تنتظر تطبيق المادة (14) بدأ من بدرة وجصان مروراً بمندلي وانتهاءاً بشنگال، ليست أرض مغتصبة؟، كلنا يعلم، أن نظام حزب البعث المجرم، ورئيسه المقبور صدام حسين، جاء بعشرات الآلاف من العوائل الشيعية والسنية من وسط وجنوب وغرب العراق، واستوطنهم في أرض الكورد، في مدينة كركوك السليبة وغيرها، ودفع لهم مبلغ عشرة آلاف دينار على شاكلة المنحة التي تدفع عادة للمرتزقة في ساحات الارتزاق، وهذا المبلغ الكبير، كان يساوي الكثير في تلك الحقبة، حينها كانت عملة الدينار قوية، وكانت تساوي الشيء الفلاني. وهذه السياسات التعسفية بالضد من الشعب الكوردي ووطنه كوردستان، صدرت بها قرارات بعثية جائرة موجودة في أرشيفات الدولة، لو أراد السيد (علي السيستاني) أن يطلع عليها كي يكون على بينة من أمره، لا شك أنها في متناول اليد. إننا كشعب كوردي بصورة عامة، والشريحة الشيعية الكوردية بصورة خاصة، ننتظر من سماحته، أن يصدر فتوى يُحرم الصوم والصلاة للمستوطنين العرب في كركوك وغيرها من المدن والقرى الكوردية المغتصبة، ويأمرهم بالعودة إلى ديارهم من حيث أتوا. وقبل هذا، أن يأمر سماحته رأس الحكومة الشيعية في بغداد، أن تكف عن سياساته العدوانية الحمقاء تجاه الشعب الكوردي، ولاسيما في كركوك السليبة. ورجائي هذا، أخص به أيضاً علماء أهل السنة والجماعة، من باب الأوامر والنواهي، أن تأمر المستوطنين العرب من هو على هذا المذهب الحنيف، أن يترك كركوك المغتصبة، ويعود إلى دياره التي جاء منها. وفي باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الإمام النووي:”إن الصوم والصلاة في أرض مغتصبة حرام بالإجماع” وكركوك والمدن الكوردية الأخرى التي استوطنها العرب أرض مغتصبة شرعاً وقانوناً، ومن يسكت ولا يفتي كما أمره الدين الإسلامي الحنيف، لا شك فيه، ينطبق عليه قول النبي محمد (ص):” الساكت عن الحق شيطان أخرس”.

أما عن إلصاق تهمة العمالة بالشعب الكوردي الجريح لإسرائيل، فهي نغمة قديمة، واسطوانة مشروخة، موجودة منذ عشرات السنين في أدراج السياسيين، متى ما شاؤوا، سحبوها وشهروها بوجه القيادات الكوردية بدون أي خجل أوحياء أو الشعور بالمسئولية تجاه الشعب العربي في العراق. ومن سخريات القدر، خرجت علينا قبل أيام قلائل رفيقة بعثية مسترجلة، أعتقد إنها واحدة ممن يسمون ب”سنة المالكي”، وأثيرة في الأيام الماضية في الصحافة العراقية، بأنها من المشمولين بقانون اجتثاث البعث الصدامي، فلذا رفضت ترشيحها لحقيبة وزارية، التي سعت إليها بأيديها وأرجلها وأسنانها. وفي عدة لقاءات تلفزيوني، زعمت هذه الأنفية؟: “إن تصريحات قادة الكورد حول الانفصال مخالفة دستورية”. نقول لهذه المسترجلة، أولاً، إنه ليس انفصالاً، بل استقلالاً، لأننا لم نكن يوماً ما جزءاً من هذا الكيان بإرادتنا، حتى ننفصل عنه. ثانياً، باستثناء الكوردستانيين وعامة الشعب العراقي، لا يجوز للسياسيين العراقيين سنة وشيعة، أن يتحدثوا باسم الدستور، لأنهم هم الذين خرقوا هذا الدستور مرات ومرات. و طالب الولاية، ذلك الطويرجاوي، انتهك الدستور لمرات تفوق عدد أصابع يديه وقدميه. دعوني هنا أورد لكم نص المادة (140) كما جاءت في الدستور الاتحادي، ومسئولية رأس السلطة التنفيذية بتميعها خلال تبوئه رأس هذه السلطة. تقول المادة: أولاً- تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، بكل فقراتها. ثانياً- المسئولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية، والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، تمتد وتستمر إلى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور، على أن تنجز كاملة (التطبيع، الإحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها، لتحديد إرادة مواطنيها) في مدة أقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الأول سنة (2007) ألفين وسبعة. كان هذا نص المادة (58) التي  تغيير رقمها في الدستور الدائم إلى (140). وفي لقاء آخر تجتر المسترجلة، الإقصائية المأزومة:”أن استقلال كوردستان في هذا الوقت يخدم إسرائيل”. أستسمح القارئ الكريم، وأقف قليلاً على اتهام الكورد دوماً بالعلاقة مع إسرائيل، وشرعية دولة إسرائيل، كدولة للشعب اليهودي، بعيداً عن الصهيونية وسياساتها العدوانية تجاه الآخرين، واستغلالها البشع للشعوب. أرى أن دولة إسرائيل منذ التاريخ القديم، يصعب تحديده، كانت هي الدولة الوحيدة في العالم التي تأسست بوعد رباني، كما جاءت في سورة المائدة آية (21):” يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين”. يقول المفسر (قتادة) (680- 736م)  في تفسيره لهذه الآية: إن هذه الأرض التي منحها الله لليهود هي الشام. ويقول (السدي) هي أريحا، وقيل إن الأرض المقدسة هي: دمشق وفلسطين وبعض الأردن ” والآية الثانية موجودة في سورة الإسراء (104) تقول:”وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً” أي: يا بني إسرائيل، بعد هلاك فرعون فرض عليكم دخولها، و وعدكم دخولها و سكناها لكم،(أرض الميعاد). هذان آيتان من القرآن الكريم، واضحة جداً، لا تحتاج إلى شرح أكثر مما قاله العالم الجليل (قتادة) والإمام المفسر (أبو محمد السدي) في تفسيريهما. أليست هذان الآيتان توضح لنا، أن دولة إسرائيل قائمة بأمر الله حتى الساعة التي يأمر الله بزوالها. وفق هذان الآيتان، والآيات القرآنية الأخرى، إن دولة (إسرائيل) أكثر شرعية من الكيان العراقي الذي استحدثته وزارة المستعمرات البريطانية، أو أي كيان آخر هضم حقوق الآخرين وتأسس رغماً عنهم. أكرر هنا، أنا لا أحبي إسرائيل على جهة أخرى، فقط سردت نصوصاً دينية وتاريخية، ليكون أولائك الفاشلين الذين يتهمون الكورد زوراً وبهتاناً وعدواناً، بأنهم يرتكبوا ذنباً لا يغتفر. ومن الذين أدلى بدلوه في موضوع استقلال كوردستان، قائد الانقلاب في مصر، الجدع عبد الفتاح السيسي، زاعماً: “إن استفتاء على استقلال المنطقة الكردية في العراق بداية “كارثة” لتقسيم البلاد”. إن هذا الانقلابي العاق، المتربع على بحر من دماء المصريين المظلومين، ليس فقط يذرف دموع التماسيح على (تقسيم) العراق كما يسميه، بل يتباكى على أرض سوريا، التي حرر الكورد الجزء الخاص بهم، ألا وهو “غربي كوردستان” الذي ألحق قسراً بالكيان السوري من قبل الاستعمار الفرنسي. ونسي هذا النكر، السيسي، أن سيده حسني مبارك، عارض حينها بشدة، قيام دولة (جنوب السودان) ألا أنه انلصم في النهاية، وقبل بالأمر الواقع مطأ طئ الرأس، لأنه هدد دون أن يملك وسائل لتنفيذ تهديده. إذا كان مبارك وحدود بلاده تتاخم حدود جمهورية السودان لم يستطع أن يمنع قيام دولة جنوب السودان، فماذا يستطيع أن يفعل هذا الدجال السيسي ابن السيسي على بعد آلاف الكيلومترات، غير العويل والصراخ كالطبل الأجوف؟. لكن معارضة السيسي وقبله مبارك لقيام دول حديثة في منطقة الشرق الأوسط، معروفة سلفاً، وهي تخويفهم من وصول العاصفة إلى عقر دارهم، حيث توجد في مصر خمسة عشر مليون قبطي مهضومي الحقوق. وكذلك ملايين من الشعب النوبي في جنوب مصر، الذي عانى ويعاني الويلات على أيدي حكام مصر العروبيين، بدأ من قائد أول انقلاب عبد الناصر، وانتهاءاً بقائد آخر انقلاب السيسي.

يعرف القاصي والداني، أن العرب السنة، منذ زمن ليس بقريب، يتهموا شيعة العراق “الناطقون بالعربية” بأنهم “عجمٌ” (فرس) ليسوا عرباً أقحاحاً. وهؤلاء الأعاجم، من أجل أن يتنفسوا عن أحقادهم الدفينة، ويستروا سؤتهم الأعجمية برقاعة العروبة المزيفة، بدؤوا يعادوا علناً الشعب الكوردي الجريح، وتطلعاته الاستقلالية. كأن من شروط الانتماء إلى العروبة، أن تحصل على شهادة الإجرام، وسؤ السلوك، والأخلاق البذيئة. أين هؤلاء الأعاجم الأراذل الأوباش، من ذلك الكوردي النبيل، نجل الذي قال عنه الجواهري الكبير في أروع وأطول قصائده العصماء: “نفسي الفداء لعبقري ثائر … يهب الحياة كأنه لا يفهم” حقاً أن هذا الشبل، البارزاني الابن، من ذاك الأسد، البارزاني الاب. كيف لا وهو امتداد له في كل قراراته الوطنية والإنسانية، هذا هو، كما يراه العالم، وهو يستصرخ الحق أينما كان، ويفتح ذراعي إقليمه الفتي للمضطهدين الفارين من نار الإرهاب ونار الميليشيات، ويأويهم، ويقدم لهم كل أنواع المساعدة الضرورية. أين هذا الكرم الكوردي، من ذاك الذي يتصيدهم، ويدمر مساجدهم وكنائسهم، ويهدم بيوتهم على رؤوسهم. أو تلك الرفيقة السابقة، والمجاهدة اللاحقة، التي تتوعد السنة العرب بكل صفاقة: “إذا قُتل كذا عدد من الشيعة، اقتلوا كذا عدد من السنة”. أ هذه هي عدالة ومعيار الوطنية عندكم يا أحفاد ابن العلقمي؟!. لما لا تتعلموها من الكورد، لاسيما علموكم قبلها مصطلحات الفيدرالية، والدستور، والبرلمان، والديمقراطية،ألا أنكم لم تتعلموا، أن الرحمة فوق القانون، دعوهم يعطوكم الدرس الأخير في الوطنية التي من أبجدياتها، أن تحترم بلدك، ولا تأتمر من خارج الحدود بأوامر ممن تشترك معه في الإيديولوجيا؟. ومن أولويات الوطنية أيضاً، أن تخدم مواطني بلدك على حد السواء، دون التميز بين المتسبل والمتكتف؟. ومن صفات القيادة الوطنية، أن تقطع دابر الفساد في دوائر الدولة ومؤسساتها المختلفة. لكن للأسف الشديد، في حكومة بائع المحابس، وصل الفساد إلى مرحلة قيلت أنه منع بنفسه السلطات الأمنية أن تتحقق مع  وزير التجارة السابق المتهم بالفساد واختلاس الأموال، وسفَّره معززاً مكرماً إلى خارج البلد من أمام أنظار السلطات الأمنية، ولم يستطع أحد أن يقل له على عينك حاجب. إن القيادة الوطنية الأصيلة، ترفع الروح الوطنية عند المواطن، من خلال برامج هادفة، تبث، وتنشر، وتقرأ، في وسائل الأعلام، المقروءة، والمسموعة، والمرئية. ألا أننا منذ تحرير العراق من براثن حزب البعث اللاوطني، ومجيء الأحزاب الطائفية إلى السلطة، انقلب مفهوم الوطنية بين ليلة وضحاها رأساً على عقب، وبات يفسر تفسيراً طائفياً، حيث أصبحت كل مدينة في العراق تعرف من خلال انتمائها الطائفي، سنية كانت أم شيعية، وفي المدن التي تقطنها الطائفتان سين وشين، تعرف حسب أحيائها وأزقتها، وأي لون من اللونين يقطنها.

 أخيراً، بما أن هؤلاء الطائفيون الشيعة، والقومجيون السنة، لا يرجى منهم خيراً، أرجو من الشعب الكوردي في كوردستان الكبرى بصورة عامة، وجنوب كوردستان على وجه الخصوص، في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، أن تآزر قيادتها الوطنية المتمثلة بشخص الرئيس (مسعود البارزاني) ويقف خلفه من أجل الخلاص من نير العبودية والاحتلال، وتأسيس دولتنا القومية على كامل ترابنا الوطني، أسوة بدول العالم. وليعلم الجميع في كوردستان وخارجها، لا صوت يعلو على صوت الرئيس (مسعود البارزاني) في هذا المضمار.

إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر

ولابد  لليل  أن  ينجلي  ولابد للقيد أن  ينكسر

   ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر في جوها واندثر

  كذلك قالت لي الكائنات وحدثني روحها المستتر

   ودمدمت الريح بين الفجاج وفوق الجبال وتحت الشجر

  إذا ما طمحت إلى غاية ركبت المنى ونسيت الحذر

   ومن لا يحب صعود الجبال يعيش أبد الدهر بين الحفر

   فعجت بقلبي دماء الشباب وضجت بصدري رياح أخر

وأطرقت أصغي لقصف الرعود وعزف الرياح ووقع المطر

أبارك في الناس أهل الطموح ومن يستلذ ركوب الخطر.

(أبيات شعرية مختارة من قصيدة “إرادة الحياة” للشاعر التونسي، أبو قاسم الشابي).

ابن العلقمي: هو محمد بن أحمد بن علي العلقمي الأسدي، (1197- 1258م) كان الوزير الشيعي للخليفة العباسي المستعصم بالله (1213- 1258م). خان ابن العلقمي العهد، واتفق سراً مع السفاح هولاكو بقتل الخليفة العباسي، وتسليم بغداد للمغول، وفي ليلة ظلماء، نفذ خيانته الكبرى، وعندها أصبح رمزاً للخيانة والعار.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *