أحزاب شعبنا ما لها وما عليها

الأحزاب السياسية عموما ، لها برامجها وأنظمتها الداخلية لبناء النظام الديمقراطي لأي بلد كان ، على أسس علمية وعملية لطروحات تثقيفية واضحة ومتميزة عن غيرها من الأحزاب النفعية للمفهوم السياسي بمعناه الواسع ، وتعد تلك الاحزاب مدارس لتخريج كوادر مدربة وسياسية متمكنة وقادرة لتغيير الأمور نحو الافضل ، من ادارة وحوارات ونقاشات وإقناع المقابل بأفكار ومبادئ الحزب وتوجهاته في خدمة المجتمع ، حيث تعتبر برامجها وأرائها وأفكارها وأنظمتها معدة ومبرمجة سلفا لهذا الغرض ، ولابد من طرح تلك الآراء والبرامج من خلال الندوات والمحاضرات والنقاشات والحوار لفئات الشعب ، اضافة لقنوات اعلامية ونشرات حزبية وصحف ومجلات ومواقع الكترونيه وقناة تلفزيونية خاصة بكل حزب ، وللأسف قسم من الأحزاب التي تدعي الديمقراطية اسلوبا وممارسة في عملها ، هي بعيدة كل البعد لا بل مبتعدة عن خطها المرسوم في تطبيق نظامها الداخلي كممارسة حقيقية موضوعية وذاتية في بنائها ، لتداول الادوار والمواقع داخل الحزب متشبثة بالقيادة ، وغير مبالية لديمومة ورفد التنظيم بما يليق وأهدافها الحقيقية.

قسم من السياسيون في مجتمعنا يمارسون مهنتهم في الهواء الطلق بلا رقابة وبلا ضوابط ، ولا يفكرون بالاعتزال او التقاعد حتى مثواهم الاخير ، محترفون متقنون اسلوب الفن الاحتكاري القيادي بلا خجل ولا ملل ، وبالضد من تنظيمات احزابهم ، ماكرون لعبة السياسة الهدامة باحترافية غير مسبوقة لحشد المؤيدين والمحاباة الشخصية والعلاقات العائلية والوجاهية .. الخ ، وبالتالي تبدو فكرة التجديد والتجدد عليلة ومفقودة ، لتنتج الشللية واللامبالاة بعلل متراكمة مع جمود فكري وجماهيري ، غير مبالين للقادم الآثم بجمود قاتل لأحزابهم ، مع نتائج وخيمة وانقسامات متتالية وانشطارا وتشرذما متعاقبة ، ناهيك عن تسرب اعضاء أحزابهم لديمومة القادة في الموقع بزمن لا حدود له ، على حساب المبادئ والشعب.

وعليه ظل معظم قادة الاحزاب في مواقعهم وامتيازاتهم بلا منافس ولا تجدد دامت اكثر من عقد من الزمن ، تراهم يتبجحون متحدثون عن مؤتمرات ونزاهة الانتخابات ، ولكن بثبوت بقاءهم في موقع القيادة ، لأسباب عديدة منها حجة لا بديل للقائد في هذه المرحلة الحرجة والمعقدة ، وليس هناك بديل مقنع للمؤتمرين بتغيير القادة والتجدد للحزب ، وعلى اساس الظرف هو الذي يتحكم بسير الامور أو ليس هناك بديل يتحمل مسؤولية الحزب ، لتبقى المؤتمرات اسيرة التوجهات المريضة بتجدد عليل ومشلول الفعل ، محدثة الإرباك التنظيمي وتهديم الحزب من الداخل ، بعد أن تتلبد السماء السياسية للحزب بغيوم ورعود وإمطار بليدة .

وهكذا دواليك يتجدد المشهد المخزي في مؤتمرات الاحزاب ، فيجلسوا القادة كراسيهم الوثيرة على المنصة العالية لتتكرر اللعبة نفسها ، وبالأشخاص انفسهم والأسماء ذاتها وكأن أمنا السياسة لاتتوحم ولاتلد إلا على نفس الوجوه … وعليه لابد من لفت الانتباه في قدرة وفاعلية الكوادر الشابة في الحزب على أن يطور قدراتهم الذاتية من الفاعلين والعاملين بإخلاص وتفاني ونكران الذات فيه ، ليصنع منتسبي الحزب قوة ديناميكية فاعلة ومؤثرة ومتفهمة ومستوعبة أخطاء الماضي واستحقاق الحاضر والمستقبل.

قوة الحزب في قدرته للتجدد والتجديد التنظيمي وبناء الكادر المثقف والمضحي لصنع قادة المستقبل ، وعلى قادة ألأحزاب استيعاب ما لهم وما عليهم للبناء الذاتي الموضوعي جماهيريا ، دون اصرارهم وبقائهم قادة تنظيم بلا منافس ، كي لا يعطي انطباعا سلبيا ومدمراً لأحزابهم وكأنهم وحدهم أولياء الله المختارون ، والآخرون دونهم ، ولابد من الابتعاد عن الفوقية والمثالية بأنانية مقيتة ، وفق تبريرات زائلة وفاسدة ومدمرة ، بحكم المثول للأنا اللابديل للقائد الفاشل حتما ، والذي يقود السفينة الحزبية الى الخراب الحتمي واللامسؤول للحزب ، وهنا لابد من تثبيت مبدأ التداول القيادي للحزب لدورتين فقط غير قابل للتجديد بعدها مهما كانت النوايا والأسباب.

وديع زورا

wadizora@yahoo.com

2013 / 8 / 15

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *