آن الأوان لعشائرنا أن تقول كلمتها الفصل في الموقف القومي


“خاهه عَمّا كَلْذايا”


بدأت بوادر الوعي العشائري بالظهور، أو إنه بدأ يطفو على السطح قبل عدة سنوات، وتحديداً في بداية تسعينيات القرن المنصرم، حيث ابتدأ نشاط بعض العائلات أو العشائر بتنظيم صفوفها من خلال تنشيط أو تأليف ما يسمى بمجلس العائلة أو العشيرة، وذلك من خلال عقد جلسات شبه جماعية سواء في بغداد أو القوش، بعد أن تبنى مثل هذه الدعوات أشخاص معدودين تكفلوا بالإتصال ببقية أفراد العشيرة، وقد تمت إرسال بطاقات دعوة أو اشبه بذلك لافراد العوائل الذين ينتسبون للعشيرة تُعلمهم بموعد ومكان إنعقاد مجلس العشيرة، وأعتقد أنه تم تذكيرهم بدفع مبلغ كجزء من إشتراك الفرد أو إنتماؤه للعشيرة وربطه وترابطه مع العشيرة، وأنا على علم تام بعدد من العشائر قامت بذلك.

هذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن هناك نهضة من نوع آخر، برزت في تلك الفترة، أو في ظل تلك الظروف، ظروف نشاط العشائر العربية، وإعادة العمل بقوانين العشيرة كالفصل وغيره، وقد تم إعادة قوانين العشيرة للتطبيق مرة ثانية بعد أن كان قد عفا عليها الزمن، وهذه نقطة ضعف تُسجل على النظام، لأنها دليل ضعف القانون أو سلطة الدولة، ويأتي ذلك طبقاً للظروف الإستثنائية التي تمر بها الدولة ونظامها القيادي في مرحلةٍ ما من مراحل الزمن.

نستنتج من ذلك بأن العشيرة عندما تستدعي أبناءها ، فإن ذلك يقودنا إلى أن نعتقد بأن هناك مجلس يضم عدة أشخاص يمثلون هذه العشيرة أو تلك، وهم المسؤولين عن قيادة العشيرة، ولهم كلمتهم الفصل في ذلك، وهذا ما يجمع عليه جميع أبناء العشيرة ويكونون ملزمين بتطبيقه، وكان يمثل العائلة في إجتماع مجلس العشيرة رب الأسرة أو أكبر الأولاد سناً ممن هم ضمن البيت الواحد، لأن المتزوج يمثل أسرته الجديدة.

إذن المنطق بقول بأن هناك شخص مُنتخب من قِبَل هذه المجموعة يمثل هذه المجموعة في المحافل التي تتطلب تمثيلاً عشائرياً، فليس من المعقول أن يذهب عشرة اشخاص وهم جميعاً يمثلون عشيرة واحدة، وهذا الشخص المُنتخب يكون أو ما يسمى برئيس العشيرة أو الشيخ أو ماشابه ذلك، مهما تكن التسمية، ومهما يكن شرط الإنتخاب كأن يكون أكبر الأعضاء سنّاً، ارفعهم شأناً، أكثرهم تعلمّاً أو خبرةً… الخ المهم هناك شخص ينطق بإسم العشيرة ويكون كلامه مُلزماً لجميع أفراد العشيرة.

وبالمقابل أيضاً نرى نشاط عشائري آخر في هذه الأيام، ألا وهو كثرة الإهتمام بالأشجار العائلية (شجرة العائلة) وقد بدأت العوائل بإستعادة هذا النشاط بعدما رأت أنه من الضروري التواصل بعد طول بعاد، وعائلتي أنا لم يكن لنا شجرة العائلة إلى أن بدأت لدي الفكرة وتداولت الحديث مع أبن عمي سليمان ملاخا وأستمر جهدنا بالإتصال بعوائلنا في بغداد وكركوك والبصرة والموصل وألقوش، كما بدأت الإتصالات بأشخاص وتمت الإستعانة برجال كبار السن ورجال الكنيسة وسجلات العماذ والوفاة وغيرها، وتم جمع المعلومات وتثبيتها على الورق، وبدأ الفنانون يتفننون بشكل وتصميم الشجرة، فبعضهم يضع الأسماء على شكل هالة تحيط بالأب والآخر يضع صوراً صغيرة وآخر كذا وهكذا، كما بدأت الإعلانات في المواقع الألكترونية والأنترنت يدعون أبناء عشيرتهم المشتتين في الأرض بتزويدهم بالمعلومات أو المستجدات عن حالات الولادة والزواج الحديثة لكي يتم تفعيل الشجرة القديمة وتحديثها وفق المتغيرات الجديدة التي طرأت، وانا شخصياً قمت بنقل شجرة العائلة لآل أبونا من نسخة قديمة كانت عند والد زوجتي، لكي يطلع أبنائي على شجرة العائلة الخاصة بوالدتهم، فاليوم لدي في البيت شجرتين للعائلة، إحداهما لآل ملاخا والأخرى لآل أبونا الكلدانية العريقة.

أريد أن أصل إلى نقطة مهمة من خلال هذا الطرح، الا وهي بأن لكل عشيرة ناطق بإسمها وهذا ما أجمعت عليه رجالاتها، وله حق التصريح بإسم العشيرة وقراراته تكون قطعية ملزمة التنفيذ من قبل أفراد العشيرة، وهو من خلال ذلك يساعده في عمله مجلس أعيان العشيرة.

اليوم نرى ظهور أشخاص لايعرفون حجم عائلاتهم وعشيرتهم لينطقوا ويعلنوا ويتكلموا بإسم العشيرة، اليوم يجب أن يضع شيخ العشيرة حداً فاصلاً لكل التقولات والأحاديث، اليوم على مجاس اعيان العشيرة والشخص المسؤول أن يثبت هوية عشيرته القومية، وموقف العشيرة من الهوية القومية.

الموقف القومي الكلداني لعشائرنا يجب أن تعلنه هذه العشائر وعلى لسان رجالاتها وكبار العمر فيهم وخير دليل ومثال حي على ذلك ما قام به الشيخ الجليل والرجل الكبير من عشيرة آل بلو العم الفاضل إيليا خيرو بلو وأولاده حينما قطع كل حديث بإعلان إنتمائه القومي الكلداني ويتفاخر به، نريد مواقف بطولية كهذا الموقف، نريد كلمة فصل ككلمة الرجل الكريم إيليا خيرو بلو، نريد موقفاً بطولياً يُعلن على الملآ كهذا الموقف.

اليوم أمتنا الكلدانية مُعرضة للهدم في تاريخها وحضارتها وعلوها وإنسانها، فإن لم نُعطِ كلمة فصل فيها فسيعاقبنا التاريخ عليها، ولن ينفعنا بعدها أن نقول “ولات ساعة مندم”.

المثل العراقي يقول “الرجال مواقف”، إذن اليوم مطلوب من عشارنا ورجالها موقف رجولي بطولي لتثبيت الهوية القومية، والشجاعة والحكمة مطلوبتان في مثل هذه المواقف.

نتمنى أن تقوم تنظيمات الحزب الديمقراطي الكلداني، وأعضاء ولجان المؤتمر الكلداني العالمي بتفعيل هذه المهمة والإتصال بشيوخ العشائر وكبار القوم كل في منطقته ومدينته ودولته سواء في العراق أو دول المهجرليضعوا النقاط على الحروف، وهذا لا يعني بأنه سوف لن يشذ أحد عن القاعدة، فلا يضير آل ملاخا الكلدانيوا الهوية القومية والمسيحيي الديانة والكاثوليكيون المذهب إن أقدم شاب متهور على تسمية نفسه بغير نسب أهله، أو وضع أسماً لا يليق بتاريخنا الكلداني ليسمي به إبنه، أو أن يجحد إيمانه الكاثوليكي ليصبح نسطورياً أو غير ذلك، بسبب المغريات أو التأثيرات المادية أو المعنوية، أو مرحلة غسيل الدماغ التي من المحتمل يكون قد تعرض لها، فنحن مؤمنين بأنه لكل قاعدة شواذ، وسيعود إلى رشده إن عاجلاً أو آجلاً وذلك بعد زوال أسباب الزيغان عن الخط العام.

إذن لننشط المجالس العشائرية لتكون كلمة الكلدان هي الحد الفاصل ولترتفع عالياً راية أمتنا الكلدانية المجيدة خفاقة في سماء قرانا الكلدانية والعراق العظيم الواحد الموحد.

الأمن والأمان نطلبه من رب الكل لشعبنا العراقي الصابر المجاهد

المجد والخلود لشهداء الكلدان وشهداء العراق جميعاً

دمتم ودامت أمتنا الكلدانية بألف خير

 

 نزار ملاخا

الرابع من تشرين الأول من عام 2012 الموافق لسنة 7312 كلدانية

You may also like...