ونحن نودِّع عام 2010 ونستقبل عام2011

كان احتمالاً جديداً ومتوقعاً أن تشذ حكومة العراق بعد عملية تحريره من الحكم الديكتاتوري عام 2003عن باقي حكومات الدول العربية والإسلامية وتعـتمد دستوراً علمانياً يستمد قوانينه مِن إرادةٍ شعبية بطريقة ديمقراطية، ولكن العكس هو الذي جرى، حيث جارت حكومات هذه الدول واعتمدت دستوراً مزدوجاً إسلامياً وديمقراطياً على الصعيد الكتابي ذراً للرماد في العيون ولكن على الصعيد التطبيقي إسلامياً صرفاً يستمد معظم قوانينه من الدين الإسلامي، ضارباً عرض الحائط معتقدات المواطنين غير المسلمين، رغم كونهم سكان العراق الأصليين وبذلك أعطى المجتمع الإسلامي كُلَّ شيء وحرم الباقين من كُلِّ شيء،وهذاالنوع من الدساتير السائدة في مجتمعات الدول العربية والإسلامية خلق لدى المجتمعات المسلمة العداء والعنف بمختلف أشكاله تجاه المكونين غير المسلمَين اليهودي والمسيحي رغم تواجدهما الأقدم في هذه البلدان وقبل ظهور الإسلام بعدة قرون.ولدى انحسار اليهود من غالبية هذه البلدان ولا سيما من العراق، إنصبَّ العداء والعنف بكل عنفوانه على المكون الكلداني المسيحي وإخوته من السريان والآثوريين، وقد تجلى بوضوح وتحت سمع وبصر الحكومة وكافة أجهزتها الأمنية وعلى مدى الأعوام السبعة التي تلت هزيمة النظام البعثي السابق.

في كل العهود السابقة ومنذ قيام الحكم الوطني في العراق عام 1921 ساد اتفاق مبدأي عراقي بين كافة مكونات المجتمع العراقي بكل تعدداته الدينية على العيش المشترك، وسارت الحياة في ظل العهد الملكي بشكل طبيعي تتخللها الأخوة الوطنية والألفة الإنسانية، وبعد ثورة تموز 1958 طرأ تغيير على حياة العراقيين نتيجة تناحر وتصادم العسكريين الذين استولوا على السلطة في العراق، وتعاقبت مؤامرات الطامعين منهم في الحكم وتوالت  الإنقلابات العسكرية وتمكن أخيراً حزب البعث من الإستفراد بالحكم بعد انقلاب عام 1968 ودخل العراق في منعطف جديد ساده حكم ديكتاتوري غامر بمصير العراق من خلال دخوله في حروب عبثية لا طائل من تحتها بل جلبت للعراق الخراب والدمار. ومع كُلِّ تلك التبدلات لم تشهد المكونات الصغيرة ومنها المكون المسيحي بكلدانيه وسريانه وآثورييه إعتداءات سافرة من قتل وخطف وتهديد وتهجير وتفجير كنائس وتدنيس حرماتها وحرق المصلين بالمتفجرات في داخلها كما هو حاصل اليوم! أهذا ما كان ينتظرونه من المنادين بالحرية والديمقراطية والتعددية والمساواة في العراق الجديد؟ أين الوعود التي قطعوها عندما كانوا خارج السلطة بإقامة عراق جديد حر ديمقراطي يُنصِف كافة مكوناته العرقية والدينية بمعاملتهم بالعدل والمساواة وتوفير الحماية والأمن لهم؟

في نهاية كُل عام يُحاول الشعب نسيان مآسيه التي عان منها، متمنياً أن لا تلاحقه في العام الجديد، ولكنه كيف للشعب أن يتمنى ما يصبو إليه وبخاصةٍ مكوناته الصغيرة عندما تلاحقهم التهديدات السافرة والمبطنة والحكومة عاجزة عن لجم مطلقيها، وقد تكون غير عاجزة كما نتصور بل ربما غير راغبة وعسى أن يكون تصورنا بغير محله، وأن تقوم بإثبات عدم عجزها وذلك بالقضاء على الإرهاب واجتثاث كُلِّ قواعده، لينعم الشعب بأكمله بالأمان والإستقرار، فهل لنا أن نتفاءَل خيراً يا حكومتنا الموقرة بأن السعي الجاد سيُبذل، وسيتوفر الأمن للمواطنين جميعاً ولا سيما الذين لا حول ولا قوة لهم الرازحين تحت سيف الإرهابيين المسلط عليهم دون ذنب؟ ارحموا هذا الشعب، أوقفوأ قتل أبنائه، صونوا أعراضه، حافظوا على ممتلكاته، إنها مسؤوليتكم وعليكم اداءَها بكل جدية! وفي الختام ندعو الله أن يمن على العراق حكومة وشعباً  باستتباب الأمان والسلامز

الشماس د. كوركيس مردو

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *