هل يفلح الرئيس مسعود البارزاني في إخراج العراق من عنق الزجاجة ؟

 
الشعب العراقي بكل اطيافه ، قد أوفى بعهده وأشترك في الأنتخابات البرلمانية ومنح صوته

الثمين ووضع ثقته في أناس يفترض انهم سيقومون بإداء واجباتهم على اكمل وجه ،

وسيخدمون العراق والمواطن الذي صوت لهم . لكن للاسف فقد اسقط بيد المواطن العراقي

حينما ظهر ان الفائزين الذين منحهم ثقته قد أداروا له ظهورهم ، وهم يتناكفون

ويتصارعون من اجل المناصب والمنافع ، وحشروا العراق في عنق الزجاجة ، لا احد يدري

 كيف ومتى سيخرج منها ؟

 الدكتور اياد علاوي يرى الحق الدستوري يضمن له تكليفه بتشكيل الوزارة فالقائمة العراقية

 التي يترأسها قد حققت اعلى نسبة من الأصوات . والأستاذ نوري المالكي يرى انه يستطيع

 تكوين تكتل يمثل الأكثرية في البرلمان وهو يرى انه في خلال السنين الماضية قد حقق

إنجازات اهمها إرساء الأمن والأستقرار في ربوع العراق ، وهو الرجل المؤهل لأكمال ما

إنجزه ، وثمة شخصيات أخرى تتسم بالوسطية بين الطرفين وترى انها مأهولة لتسنم

منصب رئيس الوزراء .

لكن مضى على الأنتخابات اسابيع وشهور دون ان تسفر المخاضات العسيرة عن ولادة

حكومة شراكة وطنية ، ومع التلكؤ في تشكيل الحكومة استمرت الأحوال المضطربة والعنف

 الدموي وطال هذا العنف الحلقات الضعيفة في المجتمع ، ومنها المكونات الدينية من اتباع

الديانات المسيحية والمندائية والأيزيدية ، وكان آخر هجوم في المسلسل الإرهابي هو الذي

طال المصلين في كنيسة سيدة النجاة في بغداد في عملية استهدفت الأبرياء العزل من الشباب

 والأطفال والنساء والشيوخ ، لقد كانت مذبحة إنسانية تدل على الوحشية والبربرية قل

مثيلها في التاريخ  .

في شأن تأخر تشكيل الحكومة ، ثمة فرضية تقول ان دول الجوار لا يسعدها ان يسود حكم

ديمقراطي حقيقي في العراق ، وفي نفس السياق فإن الأرهاب والأسلحة يتسربان من دول

الجوار ، وإن الفراغ الأمني الناجم من التأخر في تشكيل الحكومة يغري قوى الأرهاب للحركة

 وتنفيذ مخططاتها الدموية بحرية وسلاسة وحسب الأهداف التي تختارها ، ولهاذ ثمة من

يلقي اللوم على الجيران في الأزمة السياسية المعقدة .

إن المبادرات التي كانت برعاية دول الجوار لتشكيل الحكومة محكوم عليها بالفشل ، بجهة

ان اي دولة من دول الجوار التي ترتب التنسيق بين القوائم الفائزة متهمة بتعضيد هذه

القائمة او تلك ، ولا يكتب لتلك المبادرات النجاح بدعوى انها لا تتسم بالحيادية ، وفي

الحقيقة فإن المواطن العراقي يتبرم ويستنكر حينما يستقوي الفائزون بدول الجوار ،

ويجعلون من الشأن العراقي وكانه مرهون بإرادة وتقرير من هذه الدولة او تلك ، إن تلك

الزيارات التي قام بها مختلف الأطراف الفائزة الى الدول العربية او ايران او تركيا ، كتب لها

الفشل ، فلماذا تحل مشكلة عراقية بحتة في مطابخ دولة اخرى ؟

  يتحتم على الفائزين في الأنتخابات ان يكون لهم ثقة عالية بأنفسهم ، ويحلوا مشاكلهم

على الأرض العراقية ، وليس من المناسب الأستعانة بأية دولة لكي تحل المشاكل بينهم ،

 وكانت آخر مبادرة هي التي اطلقها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز باستضافة الكتل

 العراقية للتباحث في مسألة انقاذ العراق من جموده السياسي ، ولتكون اسوة باتفاق

الطائف  ، لكن لكي لا يتكرر سيناريو الفشل ، فأمامنا مبادرة عراقية اصيلة وهي التي

اطلقها رئيس اقليم كوردستان الأستاذ مسعود البارزاني في 27 / 10 / 2010 م .

إن هذه المباردة العراقية الأصيلة  تتلخص في دعوة كافة الأطراف السياسية للجلوس حول

طاولة الحوار الوطني المباشر بمنأى عن الضغوط والتدخلات الخارجية، بهدف أحتواء

التناقضات والبحث عن حلول مشتركة للخروج من الأزمة وتشكيل حكومة شراكة وطنية .

 ما هي مقومات نجاح المبادرة التي اطلقها البارزاني ؟

 إن الراصد لمجريات الأحداث في العراق يرى ان الوضع الأمني قد تدهور بشكل ملحوظ

وخطير وهو مرشح للأنحدار نحو الأسوأ ، كما ان االتبرم والأستياء يعم عامة طبقات الشعب

الذي صبر وضحى كثيراً ، واهم من كل ذلك فإن الأستاذ مسعود البارزاني يعتبر شخصية

عراقية يحترمها جميع الأطراف ، كما ان هذه الدعوة  هي دعوة عراقية مخلصة خالية من

بصمات الجيران وتأثيراتهم ، فهي مبادرة وطنية عراقية تنطلق من المصلحة الوطنية

العراقية العليا ،ولهذا فإن القوائم الأربعة الفائزة اليوم مدعوة للاجتماع والخروج بتشكيل

حكومة شراكة وطنية ، وإنها لحظة حاسمة قد لا تتكرر .

لا ريب فيه ان مبادرة الأستاذ البارزاني قد لاقت ترحيباً دولياً إضافة الى قبول وترحيب

الأطراف السياسية المختلفة ، فالقوائم امامها فرصة ذهبية سانحة لتضع حداً للازمة

السياسية الخانقة التي يمر بها العراق ، إن الأطراف الأربعة الفائزة المعنية مدعوة لوضع

ضميرها ومصلحة الشعب والوطن العراقي قبل مصالحها الذاتية والحزبية ، وإذا ما اتفقت

هذه القوى على صيغة لتأليف الحكومة وتوزيع المسؤوليات بينها ، وتحت خيمة الوطن

العراقي في اقليم كوردستان ، سيكون ذلك الأتفاق التاريخي إنجازاً وطنياً عراقياً .

 إنكم اتفاقكم سيثبت عراقيتكم ووطنيتكم ، إن الأتفاق في اقليم كوردستان خير من الأستنجاد

بالأطراف الأقليمية والدولية لحل مشاكلنا ، نحن عراقيون ومن المعيب ان نستنجد بالآخرين

 لحل مشاكلنا ، إذا اتفقت القوائم الفائزة على تشكيل الحكومة في هذا الأجتماع سوف يبرهن

 المجتمعون نهم حقاً يضعون المصلحة الوطنية قبل مصالحهم الحزبية والذاتية .

إن الشعب العراقي قد ادركه التعب والضيم والأستياء ومنح لكم صوته وثقته ، وعليكم الوفاء

 لهذا الشعب ، إن مبادرة الأستاذ مسعود البارزاني ، مبادرة وطنية عراقية ونتمنى ان تشعر

 القوى الفائزة بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها ، وإذا ما نجحت المبادرة ويغمرنا الأمل

 بنجاحها ، كونها مبادرة وطنية عراقية اصيلة ، ومن يفوّت هذه الفرصة سوف يساهم

بوضع العصي في عجلة التقدم العراقي .

 والسؤال هو : هل سيفلح الأستاذ مسعود البارزاني بإنقاذ سفينة العراق من الغرق ؟

وهل سيفلح بإخراج المحنة العراقية من عنق الزجاجة بعد ان حشرها الفائزون ؟

بإخلاص نأمل ونتفاءل برؤية بصيص النور في آخر النفق .

 حبيب تومي / عنكاوا في 06 / 11 / 2010 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *