موقف الـﭙاطريركية الكلدانية من القومية – لا موقـف واضح فـيه

مقدمة لا بد منها

جميل أن يكون لنا إهـتمام ومتابعة لبيانات وقـرارات وتوضيحات ﭙاطريركـتـنا الكـلـدانية ، إذ أصبحـنا نتوقع ونقوم بجولتنا اليومية في المواقع أن نقرأ جـديداً يصدر من ﭙـطريركية بابل للكـلدان (هذا إن بقي الإسم كذلك) فـتارة هناك توضيح وأخرى بيان، وعـنوان آخر غريب وغير مألوف وهو (الـﭙطريركـية تهـدد!!!) وخبر عن زيارة وآخر عن إستـقبال …كل ذلك مهم جـداً، لا بل يسعـدنا أن نلمس هـذه النشاطات ونتـفاعل معها بقـلوب صادقة.

الكاتب الكلداني مستقل في كل ما يكتبه ويعـبّر عن رأيه فقط

وبما أن غبطة الـﭙاطريرك معروف عنه إنفتاحه وتـقبله للآراء المخـتلفة ، لذا يشعـر الكـتّاب بإرتياح عـند الكـتابة إن كان مقترح أو تمني أو نقـد أو رؤية. إنما هناك شيء لم يعجـبني، حيث سمعـت من البعض حول ما يكـتبه الناشطون الكلدان كلام لا يخلو من التلميحات المقلقة وألخـصها بـ:-

على القوميين الكلدان أن يتريثوا في الكتابة ولا يزيدوا من المقالات كي لا يكون لغـبطته موقفاً سلبياً تجاه القومية الكلدانية!!

الكلدان مقبلين على مؤتمر، ومقالاتهم ستؤثر سلباً على هذا الحدث القومي!!

ومن خلال هذه السطور أود أن أقول لهم: ما هـذا الهراء؟ شخص وصل إلى أعلى منصب في الكنيسة الكلدانية، يكون له موقـفاً سلبياً تجاه شعبه وأصله لأن ميشو وسـيـﭙـي وعـليبك وعـبـدالأحـد وهـيلو لم ترق أفكارهم غـبطته ؟ أو سيسخط على المؤتمر والمشاركين فـيه لأن نهجهم حسب رأيهم لا يتماشى مع الشعار الوحـدوي !! على العكس تماماً، لأننا ندرك حجم الحب والمسامحة التي يمتلكهما غـبطته، ودليلي من علاقـته الطيـبة مع يونادم كـنّا ورئيس الوقت المسيحي، خـصوصاً والكل يعـرف حجم التجاوز الذي أقـترفه السيد كـنّا على كـنيستـنا والدور السلبي الذي لعـبه مع رئاسة الوقـف، ومع كل ذلك فإننا قـرأنا ولمسنا ورأينا كيف أن غـبطته يسمح لهم بمرافـقـته في بعض الزيارات التي لها طابع سياسي .

فكيف سنكون نحن قريبون منه أكـثر إذا لم نصارحه بما يخالجنا من أفكار؟ قـد نكـون على خطأ مبين ونحن لا نعلم ، لكن هذا هو قبس الحرية الذي طالما تمنيناه مع كـنيستـنا لنتكلم بصدق كامل، كما هي الـﭙطريركـية واضحة في بياناتها التي بيّـنت وجـود تلاعـب مالي قـبل تسلم غـبطته كرسي الـﭙطريركـية حتى أننا بتـنا نترقـب الجـديد آملين أن تكشف كل الخـفايا لنا، على الأقل كي لا نكـون مشتـتين في إتهاماتنا، وهذا ما لمسته من قـبل بعـض الثرثارين حيث لم يبقوا إسماً من كهنتـنا وأساقـفـتـنا في بغـداد والبصرة في الزمن الحالي والماضي ، إلا ووضعـوا الشكـوك والإتهامات حوله !! ولا نستغـرب كثيراً لكـون شعبنا غـير متعـوّد بعـد على أن تكشف أمامه حقائق كـنسية من الوزن الثـقيل جـداً عـبر وسائل الإعلام ! لذلك يبدأ قسماً منهم بحبك الروايات ورمي التهم على كل من يخطر في بالهم ، عـدا من يتبجّح أمامنا ويقول بأنه قـد سمع من مصادر موثوقة بأن فلان له ضلع في إختلاس مبلغ كـذا… بالتأكـيد لا أرغب بسرد ما قالوه ، لا بل لا أتـذكره بالأساس، لأن كل ما لم تقله الـﭙطريركـية حول موضوع الأوقاف وتبعاته وتشعـباته مستـقبلاً سيكون عارٍ عـن الصحة.

الصراحة راحة

سقت هذه المقدمة لأشجّع نفسي على أن أقـول ما في جعـبتي وبوضوح كامل ، مُغـلق الأبواب أمام كل من يقـول بأن كـثرة المقالات ستجعل الـﭙطريركية تقـف بالضد من الإسم القومي الكـلداني كونها لا تهمهم ! والدليل إلى أن مقالات البعض أوصلت الـﭙطريركية إلى توضيح (غير واضح) بخـصوص موقـفها من قـوميتنا، ناهيك عن إنزعاجها الجليّ من خلال الرد الذي وجّه للكاتب مايكل سيبي، وهـنا لي وقـفة أرجو أن تـتسع الصدور لسماعها ، حسب رأيي: الرد لم يكن موفـقا ولا يليق بمكانة ﭙـطريركية بابل الكـلدانية! حيث نرى فـيها فـصل جغرافي للمؤمنين منذ بدايته (أنت في أستراليا ولا تعرف) ومن ثم تكررتْ كلمة لا تعرف أكثر من مرة…وأسأل وأقول: ما سبب عـدم المعرفة هذه؟ إن كـنّا لا نعرف …..عـرّفـونا كما أعلمتمونا عن وجود خلل كبير في الأمانة على ممتلكات الـﭙطريركية في مرحلة قـبل الـﭙطريرك ساكـو الجزيل الإحترام، أفـليست هذه القضية أكبر بكثير من قـضية قـبول المطران باوي المثار من قِـبَل الأستاذ مايكل والذي يأمل من خلاله أن يراه ضمن السينهودس الكـلداني؟

وليسمح لي غـبطته بالولوج في هذه القضية المهمة والمصيرية لأسقف ورعـية تطالب بالإندماج مع الكـنيسة الأم، لماذا تلك العـراقـيل لهـذه الرغـبة الصادقة من قـبل الأسقف الجليل باوي ورعـيته؟ هل سيخدش العلاقة مع الكنيسة التي تقبل الكهنة المتحولين من الكنيسة الكلدانية إلى شقيقتها كنيسة المشرق لمجرد رغـبتهم بذلك؟ هـذا وأن غالبية هؤلاء الكهنة أوقـفتهم كـنيستنا بسبب خيانتهم لسر الكهنوت بعـد أن تزوجوا من بعـد إقـتبالهم الدرجة الكهنوتية وهذا لا يصح في قانون الكـنيسة!!

الأصالة من أجل الوصول إلى الوحدة

شعار الـﭙطريرك رائع جداً ويـبدأ بالأصالة، أصالة كنيسة، وأصالة ليتورجية، وأصالة إنتماء للكنيسة الرسولية، كل هذا جميل، وكلها لا تمنع من أن نعتـزّ بأصالة الإسم القومي!

في التوضيح الأول الذي ذكر فيه موقف الـﭙطريركية من القـومية قـرأنا : ” لا يمكن لمؤسسة كنسية بحجم الكنيسة الكلدانية ومسؤولياتها أن تـزج نفسها في العمل القومي والسياسي على حساب رسالتها، هـذان المجالان من إخـتصاص العلمانيـين” !!!

وفي مراجعة بسيطة لتحركات الـﭙطريرك نجـد هناك زيارات عـديـدة لمسؤولين سياسيين نوقش فـيها رؤية الـﭙطريرك في المصالحة السياسية وتكـلموا في أمور تخـص الدولة والحكـومة والشعب وبرفـقة نواب الكوتا والوزير المسيحي ومسؤول الوقـف، ومن ثم لقاء غـبطته مع العـربية والتي كانت عـبارة عن جوابات لأسئلة تخص الوضع في العراق وبعض الدول المجاورة …. كل ذلك سياسة مستـندة على رسالة الكـنيسة، فـنـقـول : كـل ذلك مباح ولا شيء يـبعـد الكنيسة عن رسالتها سوى القـومية الكـلدانية ؟!؟!

تـذكرت هنا بعض الكهنة والأساقـفة ممن نشعـر بحُـرية الحوار معهم، وعند عتابي لهم كونهم لا يتكلمون عن قـوميتهم ، يجـيبـوا: نحن نهتم بالروحانيات ولا تهمنا القومية!!

تأكلون ما لذ وطاب – تشترون السيارة التي تعجبكم وإن غلا ثمنها – يملك البعض أرصدة خرافـية في البنوك – منازل – كأس وبيلاس من الذهب – بدلات للقـداس بمئات وآلاف الدولارات – آي فـون وكلاكسي ولابتوب وتابلت – محابس وقلادات ذهب – هـدايا – عزائم في بيوت الأغنياء والمطاعم الجميلة – حسنات قـداس وبدل أتعاب عن منحهم للأسرار …وغيرها الكثير

كل ذلك لا تـتعارض مع الروحانية، بـينما إعـتزازهم بهويتهم ستصبح قاب قـوسين أو أدنى من إغـواءات بعلزبول!! علماً أنـنا لو سألنا أي كاهن أو أسقف عن قـريته أو مدينته لأجاب فـوراً دون تردد وبإفـتخار!!

توضيح بحاجة إلى موضّح

في التوضيح الأخير للـﭙاطريركية حول القـومية، جاء في التقـديم عنه مايلي:-

الـﭙطريرك ساكو: “يقـوم دور الكنيسة في مجال القـوميّة في الحفاظ على التأريخ والتراث واللغة والطقوس والوجـود والتواصل والتطور، لكن ليس على حساب رسالتها الأولى والمركـزية أي التبشير بالإنجـيل للكل.

عن هذا أقول: هل ستـضعف رسالة الكنيسة وتبشيرها لو أعلنت بانها تحمل إسم قـومي؟

أكملت القراءة لعَـلـّي أصل إلى جواب شافي لهذا السؤال ولم أجـد، او قد يكون هناك، لكن بصراحة، لم افهم من التوضيح شيء غير أن من يـبت بالإسم القومي أشخاص متخـصصين!! من هم – وكيف – ومتى ؟؟ هـذا يحتاج إلى فـتاح فال لم يخلق بعـد.

إنـتهت المقدمة بـ : نـتمنى من الجميع قراءته وإدراك أبعاده العميقة وعـدم الإستعجال في إطلاق أحكام أو أفكار مسبقة

وأنا أقرأ التوضيح مراراً وتكـراراً حتى ساعة كـتابتي هـذه الفـقرة، خجلتُ من نفسي كـوني لم أفهم فـقرات وجمل كـثيرة فـيه، وعـليه سوف لن أستعجل في إطلاق أحكام أو أن أكـوّن أفكاراً مسبقة، وأتمنى أن يتم توضيح التوضيح لتـتوضّح كل الأمور لـدينا بوضوح .

الوحدة المنشودة لا تـتم إلا بوجود الموجودين

الوحدة المرجوة والتي هي أمنية كل الطيـبين لا تـتم إلا بوجـود أطراف، وإلا ستكـون وحدة مع الذات. وبما أن الطرف المقابل لا تفـوته المناسبة إلا ويعلن إنتماءه القـومي، فـمن الطبيعي أن يكـون المقابل له هذا البعـد أيضاً، وإلا كيف لنا أن نتحـد كـنسياً فـقط مع كنيسة تـتفاخر ببعـدها القـومي، ولا تخلو خطاباتها من إعلان إفـتخارها هـذا. وبذلك هم موجودون ويعلنون وجودهم بشقين متكاملين…الشق الكنسي والقـومي، فكيف لنا أن نسعى للإتحاد معهم إن كانت كنيستـنا تـقـرّ بشق واحد وهـو الكنسي؟ إلا لو كان هناك فكرة بتبني كنيستـنا الكلدانيه عـند الوحدة المرجوة ما يؤمن به الطرف الآخر، ونضرب بعرض الحائط ما سلمه لنا أسلافـنا، كـوننا روحانيـين ولا يهمنا إسمنا بل رسالتـنا التبشيرية!!

غـبطة أبـينا البطريرك ….الأساقـفة الأجلاء

سيكون لكم قريباً إجـتماعاً في لقاء السينهودس القادم، طالباً منكم أن يكون هناك حـصة للبت في مسألة القومية الكـلدانية، ويصدر بيان بإسم السينهودس يقر بإسمنا القومي بوضوح وإعـتزاز أو أن يحتوي البيان نص واضح وصريح ينفي ذلك، لنكون على بينة من هذا الموضوع.

لذا أتمنى لكم، أن تكون لكم كلمة حسم في إجـتماعكم القادم والتي يتوقّـف عليها الكثير من القضايا.

زيد ميشو

zaidmisho@gmail.com

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *