مهرجان أولاف السنوي أستذكار ووفاء للملك القديس الذي أدخل المسيحية لمملكة النرويج

 

أتفق مع المقولة الشائعة – كل بعيد هوقريب بقدر ما نعرفهُ ,و كل قريب هو بعيد بقدر ما نجهلهُ , أؤمن

بالأتصال والحوار بين كل الحضارات والديانات, فالعالم يتفاعل ويتواصل يتطوربتسارع رهيب .!؟

,جميع سكان تروندهايم هذه الأيام الصيفية يشعرون بمدى الأهتمام المثيروالقرب من أحد الصروح الآثارية المهمة – كتدرائية نيداروس- المقدسة لدى المسيحيين في النرويج حيث تقام أحتفالات لمدة أسبوع – من 28-تموز لغاية 3آب في كل عام,و يشارك فيها ألوف النرويجيين الذين يقصدون المدينة التأريخية-تروندهايم – أضافة الى الجهود الحكومية التي توفرالدعم المالي السخي سواءاً من أدارة بلدية تروندهايم أوالسخاء و المساندة المادية والأعلامية والأمنية من الحكومة المركزية في أوسلو ,وكل سبل التضامن والتطوع الشعبي في كل المجالات الثقافية والفنية والأدارية , تنضم فيها مسيرات أحتفالية و حفلات موسيقية وغنائية و أماكن لتمثيل واقعة الحرب التي قادها الملك أولاف و أنتشار المسيحية في البلاد, أضافة الى أقامة العروض المسرحية والتمثيل المباشر أمام الجمهور للتعريف بهذه المناسبة المهمه لجموع النرويجيين و للجاليات المقيمة في النرويج .

تضم هذه الكتدرائية عشرات التماثيل الجميله بالنحت الناتئ والنقوش الزخرفية وعشرات الشخوص الأسطورية المنتشرة على جوانب جدران الكنيسة العريقة ,

تأسست كاتدرائية نيداروس في مدينة تروندهايم العريقة قبل أكثر من 1000ألف عام تقريبا -.؟

,أسسها ملك الفايكنك – أولاف تريجافسون – وهو من المحاربين والقادة الأوائل للنرويج ,وكان تعميد الملك أولاف الأول في بريطانيا التي امضى فيها وقتا طويلاً أثرت في حياته وتحول فيها من الوثنية الى الديانة المسيحية , ترك بريطانيا وعادَ الى النرويج بسفينة عملاقة بصحبته بعض الرهبان والقساوسة ووصل تروندهايم وأستقر فيها 997م وجعل منها مركزًا تجارياً و دينياً وبدأ مسيرته في التغيير بضم قبائل الفايكنك الى المسيحية وهو أول من قام بجهد واقعي لأدخال النرويج في الديانة المسيحية وحكم امبراطورية الفايكنك بصورة موحدة تحت حكم ملك واحد , لكنهُ توفي في عام 1030م بعمر الشباب , وأصبحَ فيما بعد البطل القومي للنرويج و بنوا له مقبرة فخمة حيث الآن – كاتدرائية نبداروس- وقد دخل أولاف الأول التاريخ من أبوابه الواسعة لشهرته الكبيرة في الدفاع عن النرويج وحصل على لقب -شهيد – وبعدها – القديس – و-حامي النرويج – مما رفع مقام مدينة تروندهايم وصارت المكان الذي يحج اليه كل عيد ومناسبة وموسم الآف الزوار لنيل التبريكات وله الآن تمثال كبيريطل فيها على مدينته ,

هناك ملك آخر أقام في تروندهايم -الملك هارالد الثالث-في سنة 1066م وأبحر من مدينة تروندهايم بقيادة جيوشه لمحاولة أحتلال بريطانيا وقد سقط قتيلاً في معركة -جسرستامفورد – وهو معروف في تأريخ بريطانيا العظمى. وقد بنيت هذه الكاتدرائية في القرن الحادي عشر برعاية ملك آخر أسمه أولاف وهي مزيج من فن العمارة الرومانسيكية والجرمانية المتطور, وتمتاز بثراء الديكور في واجهة المبنى .

هناك رواية ساخرة تقول أنه بعد أنتقال الملك من تروندهايم تمرد الأهالي عليه فغضب الملك وقام بتنصيب – كلب – ليخلفه نكاية بهم , لكن رغم ذلك بقيت المدينة مركز السلطة كونها مكان للأسقف والمطران الأكبر الذي بنيت سلطته على هالة التقديس التي حصل عليها أولاف وأخذت الكنيسة تكبر لتصبح ذات طابع معماري خاص وسميت – كتدرائية نيداروس –

وتعرضت للهدم عام 1328 بعد حريق مدمر وأُعيدَ بنائها ,وفي عام 1868 أعادت الحركة الروحية والوطنية للحفاظ على معالم التاريخ والثقافة الدينية ترميم وبناء الكاتدرائية ,ودام هذا الترميم حوالي 100عام,وتضم واجهتها تماثيل عملاقة ونقوش وسلسلة من الأشكال الزخرفية من بينها تمثال كبير يمثل أحد كبار الملائكة – ميكائيل – كاملاً وهو يحمل درعاً ورمحاً , علماً بأن مدينة تروندهايم تأسست كبلدية في 1838 وتعرضت للأحتلال النازي لمده 3سنوات في الحرب العالمية الثانية وضمت لها مجموعة بلديات ريفية عام 1964م ,

وعلى مدارالتاريخ تعرضت تروندهايم الى حرائق خطيرة هدمت وخربت المدينة أو أجزاء منها حيث كانت البنايات من الخشب وجذوع الأشجار يسهل تعرضها للحرائق وأهم الحرائق حصلت في السنوات 1598و1651و1681و1708و1717و1742

و1788و1841وكان حريق سنة 1951 هدم 90بالمئة من أبنية المدينة أما حريق 1681 فأنه هدمَ المدينة بشكل كامل و بعدها أدخلت هندسة البناية الحديثة على يد الجنرال- يوهان كاسبر سيسغنون- لكي تمنع الحرائق أصبحت أماكن السكن الحديثة تتكاثر في نهاية القرن التاسع عشر,

تعتبر اليوم مدينة تروندهايم عاصمة للتاريخ والتكنلوجيا فهي مركز أشعاع مزدهر ومنطقة جذب سياحي وتجاري وثقافي وأهم معالمها جامعة النرويج للعلوم والتكنلوجيا التي أُسست عام 1759 ويدرس بها 25000 طالب من أنحاء العالم, وهناك مؤسسات تعليمية عالية للتطوير الأقتصادي والأداري ,

وتعد تروندهايم ثالث أكبر مدينة في النرويج بتعداد سكانها البالغ 170,000الف نسمة, وتمتاز بجمال طبيعتها المكسوة بالخضرة والزهور في كل شبر وبيوتها المطرزة بالألوان الزاهية الممتدة على ضفاف النهر وتطل القلعة البيضاء على المدينة برؤيا بانورامية رائعة,وتجد أيضا الحي القديم للمنازل الخشبية كجزء من التراث القديم .

انها مدينة تتدفق منها الحياة والثقافة والحضارة .

صَادق الصَافي

النرويج – تروندهايم

sadikalsafy@yahoo.com

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *