من تراث القوش ننهل / بقلم : سمير القس يونان

من تراث القوش ننتهــــــل

بقلم…سميرالقس يونان
في    3 تموز2010

 التراث جزء من التاريخ التي تخلفه الشعوب ليفصح عن هويتها ومنــــــه تستنبط الدروس والعبرلتختصر مشوارالاجيال القادمة فالحاضر غرز الماضي والمستقبل نتاج الحاضر والتاريخ ككل حلقات مرتبطة لا يمكن
فصم عراها ومغازيها…إن حاضرنا المؤلم وما جلبته وجسدته لنا الديمقراطية من تهرئ فـــــــي الصفوف والهجرة المجانية المضمونة والعنا تر والعناكب المسلحة بسياط الأمس وسم اليوم وربما نووية وذرية الغد والتشدق اللامسؤول من تلك الأفواه التي فقدت أسنانها من كثرة أل (سوف) وآه من تلك الجيوب التـــــــي لا ترتوي وتدلت حيث جعلوها مطاطية كل هذا يشوقنا أن نذهب مسرعين إلى ذلك الماضي المؤلم أيضـــــــــــــا بفرماناته وسقلياته وإباداته وأوبئته واضطهادا ته وقمله وبرغوثه بمجاعاته وجراده ولكن فيه بعض النقاط المضيئة لربما عند سردها وذكرها تمنحنا بعض الدفء وتنخز ضمائرنا الغافية مع أهل الكهف لننقلب علـــى واقعنا المخزي والمشين…من تلك النسمات والدعامات والساريات والعبرات طيــــب الذكرىالمرحوم يوسف الريس والمعروف ب(يوسف كوزلي أو عزيزا)وكان حكيما سديدا وصاحب حنكة وبديهيـــــــــة وكان يتمتع بعلاقات قوية ومميزة مع مراكز القوى آنئذ لتحصين قصبته من مكروه يداهمها دائما وكان سيطه وباعـــــه
قد امتد خلال العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر وفي واقعة يرددها الأولون بنشوة لما لها من معنى واثر
في النفوس المتعطشة للوحدة والمحبة والغيرة ونبذ الخلافات وتقوية الوشائج والأواصر بين ذلك المجتمــع المصغر الذي أبى الإصغاء إلى كلمة الخنوع ورخص الدماء لأجل الكرامة وما المرحوم إلا واحد مـــن أولئك
الميامين الذين بنوا تلك القلعة الغير مسيجة تاركين أمر حراستها للقديسين والطوباويين الذيـــــــن يحيطون القوش من جهاتها الأربعة…في هذه الواقعة أريد رسم الحدود الجنوبية بين القوش وقريــة حطارة في العقد الأخير من القرن التاسع عشر ومن المعروف أن طوبوغرافية المنطقة ملتوية يتخللها تلال وهضاب وأودية
ويجري خلالها جدول من الماء كان يستغل للزراعة سابقا وتعرف هذه البقعة باسم (بي كلبا)وتـــم استدعاء
الوجهاء والعقلاء من الطرفين إلى البقعة المتنازع عليها وكان المرحوم يوسف ريس ينوب أهالـــي القوش
والله لم يعطه أولادا وكان دائما يقول أن أولاد القوش أولادي والمرحوم حجــي آغـــا ينوب عـــــــن الجانب الآخر ….وتمت المناقشة وكان المرحوم صادق خوبير صديق ومقرب من حجــي آغــا وخلال المناقشــــــــة والجدال كان المرحوم صادق يقف بجانب شيخ قرية حطارة وقد احتد النقاش فما كان من السيد صادق إلا أن يترك موضعه ويلتجأ إلى جانب المرحوم عزيزا وعندها قوى موقف عزيزا ورفع جاكونته (كبالا)وغرزهــــا
في الأرض وقال تلك الجملة الماثورة والتي سمعتها كثيرا من المرحوم والدي وغيره ومفادهــــــا(ئه كه دار
زرافا تخوم دي دانن آف وأفا وئه كه دار ستورا تخوم دي دانن دور ودورا) وتعني إذا كانت الخشبة رفيعـة
سنضع الحدود عند الماء وإذا كانت غليظة سنضع الحدود بعيدا وبالفعل وضعت الحدود كمـــــــــا أراد الوجه ومن خلفه إخوانه وأهله ولحد يومنا هذا انه درس جميل في نبذ الخلافات والأحقاد جانبـــــــــا ووضـــــــــــع مصلحة القصبة فوق أي اعتبار ومهما كان حيث واجهوا الموقف العصيب بكل صلابة وثبات وربحوا الجولة
ليس برأيي بمضمونها المادي البحت ولكن بمعانيها الروحية والغيرة لدى السيد صادق والعنفوان والشكيمة
لدى عزيزا…هناك دروس كثيرة بل بطون كثيرة أنجبت أعلاما ألوانها لون القوش ومساحتها مساحة القوش
وساريتها تدنو من مزار مار سهدونا الجاثي فوق قمة من جبل القوش نعم رموزا جعلت من رموشها بوابة تحمي تلك القصبة وأحداقها مرقاب تترصد العدو قبل وصوله أزقتها وماعلينا إلا احترام هؤلاء الذيــــن بنوا التراث والتاريخ البعيد القريب بعيدا أذا نسيناه ومسحناه من ذاكرتنا وقريبا إذا ذكرناه وتخيلناه قبــل الصلاة والصوم للذين يصلون ويصومون وقبل فرك الأعين وانبلاج البؤبؤ للذين لا يصلون ويصومون وكلمــــــــة المرحوم قليلة بحقهم وعلينا نعتهم بالماجدين الخالدين لان طيفهم يسبقنا عند السير الغير أمن فأين هم الآن من حلمنا وحقيقتنا وأين ملاحمهم وحكمتهم…لا يجرى حديث أيامنا هذه بين أية مجموعة مثقفة كانــــــت أم غيرها دون التطرق إلى صفحات الماضي والتطرق هذا يصاحبه حسرة وألم !!أهل كانت حياة آبائنا وأجدادنا سلسة ويسيرة وسعيدة أم أن الدهر هذه الأيام عزف عن الحب وأعطى ظهره لكل جميــــل عدا تلك النمنمات والمنمقات التي لا تمت بجوهر الانسان والحياة صلة تذكر وهنا أقول من يقرا الماضي ويتأسف عليه بـــــــل
ربما يبكي عليه ليس أمام الحاضرين بل عندما يختلي مع نفسه عليه بجد وإصرار احترام الحاضـــر ورفده  بكل ما اؤئتي من قوة وعزيمة لا تلين بالحب والتضحية والتسامح وصفع الكبرياء قليلا وإعطاء المجال للكل
بالتحدث وإبداء الرأي ومراجعة النفس دائما وخاصة لمن هو اليوم كبيرا وغدا سيأفل نجمه لا محال…..
 الديمقراطية وصناديق الاقتراع والانفتاح السياسي وحرية العزف على أوتار متقطعة جلبت لنــــــا بالذات البلاء والجفاء وها القوش حالها حال أخواتها تعاني من نزيف الهجرة الذي استفحل بشدة وكان السد إنهار وتدفق الماء والسيطرة عليه مستحيلة وإنني اجمع بيانات من كل القصبات والنواحي والاقضيـــــة في سهل نينوى حول الهجرة وأعداد المهاجرين وتظهر تلك الأرقام والمعدلات المخيفة التي وان استمر الحال كما هو سيكون الأمر مفجعا ومقلقا وإنني لا أقول كم دارا معروضا للبيع في القوش وكم عائلة مرشحة للسفر وكـــم في تلسقف وباطنايا وتلكيف وبرطلة وكرمليس وقرةقوش وغيرهم ومع هذا جميعنا يتفرج وينتظـــر وصول السيل الجارف إليه ورغم هذه المعطيات وغيرها فان كبريائنا وتعنتنا وجفائنا والتحليق بدون أجنحــــــــــــة وتكتلاتنا التي لا تجلب غير العار والشنار تزداد وتستفحل وكل من يحود نار الكرصته وكل شريحة استقطبت من قبل مدير ناحية أو قائمقام أو مسؤول حزب أو جمعية أو مجلس أو رابطة وشكلوا مراكـــــز قوى تتضاد فيما بينها غير منجذبة متناسية أنهم جميعا إن استمروا بهذا المنوال المخزي سيتلاشون وسيلعنون من قبل الأبرياء ليس على ارض العراق بل في تلك الأصقاع الباردة التي جبروا العيش فيها….فقصبتي بنيت قديما و بسواعد جبارة وعبر قرون متعددة سلمت من جيل إلى جيل بأمانة وإخلاص وجعلوها معززة مكرمة ما أفل نجمها يوما  ولم تدنس أزقتها من حقير طامع وعلينا أن نتذكر دائما ما قاله موتانا للقس منصور عندما أراد الشيخ طابو بل خاوة من القوش حيث جاوبوا وقالوا قل لإخواننا في الحياة نحن لا نعطـــي فان أعطوا ليأتوا محلنا ونحن محلهم وسنتصرف فأقول للذين بيدهم دفة الأمور أن ورائكم تاريخ سيكتب وأساليبه كثيرة فلا تتركوا بصمات وطلاسم أجدادكم الأفذاذ يمحيها تشبثكم بتلابيب الأنانية المقيتة والتخندق العدائي والعمـــــل
ضد بعضنا البعض بسبب أو بدونه.. اجعلوا من عكازة ايسف كوزلي وجاكونية كوريال قانيجو وخط بولص
قاشا وجراة وغيرة البطريرك بولص شيخو وبذل الذات لأجل الغير لتومــــــا توماس وعبرة القس منصور وحكمة وشجاعة وحنكة الكثيرين باب لبيتنا الكبير وفنار نهتدي به ونحن في عرض البحر الصاخب ومعول نجتث به ما يعيق جرينا وقلم نكتب به شهادتنا لمحاكمة المقصر والمقامر ببيدر ليس بيدره وبردع ليس له
ولا بد أن كل أهلنا في تلك القصبات الواقعة في هذا السهل لهم من المناهل والفنارات وان اهتدوا بها قاوموا
قيظ الصيف ولسعة الشتاء وان ما قاله الأب الفاضل لويس(كبيرا من يموت علــــــى أرضه) كان قد اختصر
تلك الطرق والوديان  التي تؤدي إلى دهاليز وأقبية تحاك فيها ما يضمن إطفاء شمعتنا وخلع بابنا….   

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *