مقابلة مع سياسي كلداني مضطهد بويا كوركيس \ عنكاوا (6)

 

لنتواصل سرد تجربة مريرة وعسيرة وصعبة ومعقدة جداً ولدت عامة ، وليست فريدة فحسب بل جمعت وأياها نماذج قاهرة ، أشد قساوة ومرارة للعيش العليل المرادف للأنسان العراقي طيلة فترة حكومات متعددة في العهد الجمهوري ما بعد نهاية الزعيم النزيه والعفيف قاسم الذي لم يحسن أدارة السلطة بشكلها المطلوب ، لخلاص العراق والعراقيين من آفة البعث والقوميين في التعاقب على السلطة ما بعد 1963 ولغاية 2003 ، تلك القوى التي حكمت الشعب العراقي بالحديد والنار والقتل العمد والتغييب العام لمفكري ومثقفي وعلماء وأدباء العراق وخصوصاً المعارضين  والسياسيين ، لتأكل النار العاصفة الهوجاء القاتلة والمدمرة ، لخيرة متعلمي  ومناضلي العراق وشبيبته  من كلا الجنسين ، فزجهم بآتون نار حارقة في دهاليز الظلام الفاجعة والمقابر الجماعية الخفية والحروب العبثية الطائشة لعقود من الزمن الهائج.

 

س38: ماذا بعد كل هذه المعاناة الحياتية والأجتماعي المؤلمة التي ذكرتها ، ليتم تفريقكما أستناداّ الى قرارت سلطوية جائرة في ذلك الوقت بعد عش الزوجية؟

ج:ماذا نعمل وجميع القرارات السلطوية لغير صالحنا؟؟!! بقينا شبه منفصلين عملياً ..أنا في أربيل مع المرحومة والدتي ، وهي في كركوك مع أهلها وكأننا غير متزوجان عملياً ، فلم نجتمع معاً سوى أيام وأوقات معدودة نلتقي مرة واحدة في الأسبوع.

لذا فكرنا بالتوجه الى بغداد لمراجعة وزارة المالية لعلنا نفلحان بمعالجة الموقف الأجتماعي السيء المرادف لحياتنا ، وعند مراجعتنا الأولية لسكرتير الوزير أبدى تفهمه وتعاطفه مع وضعنا الأجتماعي فأبدى نصيحته لنا .. مفادها .. التوجه الى كركوك وتقديم أستقالة من قبل عائلتي الى دائرتها مباشرة مع تقديم تعهد خطي من قبلها بعدم التعيين مستقبلاً بأية دائرة حكومية ، وهذا ما تم تنفيذه فعلاً بعد أحالة الموضوع الى الوزارة المعنية وبدوره قدم لنا المساعدة في قبول أستقالتها ، وعليه نجحت الخطة المرسومة لنا من قبل سكرتير الوزير حيث كان من القومية الكردية (فيلي) ، فخسرت زوجتي الوظيفة  وربحنا الأثنين حياة زوجية متفاهمة ومستقرة نسبياً في مدينتنا الخالدة عنكاوا.   

س39: كيف أستمرت الحالة الأجتماعية للعائلة بعد لم الشمل في عنكاوا؟

جعشنا معاً حياة عائلية سعيدة بالرغم من الدخل الوظيفي المحدود ، لكننا نملك القناعة حيث المحبة المتواصلة وتضحية كلانا معاً من أجل ديمومة وأستقرار الحياة العائلية وتطورها اللاحق.

س40: هل أستمرت عقيلتكم كربة بيت خاضعة للواقع المزري لكم ، أم تغيرت الأمور فيما بعد؟

 ج:نعم تواجدت في البيت مع والدتي كربة بيت لفترة قصيرة ، ومن بعدها فكرت بتعيينها في نفس دائرتي (المنشأة العامة للدواجن في المنطقة الشمالية) ، حيث  تجمعني ومديرها العام علاقات وطيدة متفهماً وضعي العائلي الخاص ، فأصر على تعيينها في نفس المنشأة \ قسم التدقيق حيث تواجدي في نفس القسم وبنفس الخدمات الوظيفية ، ليتحسن وظعنا النفسي  ونستقر حياتياً ومادياً..

س41:  ماذا عن تطور العائلة وأنتاجها البشري؟

ج:في السنة الثانية من زواجنا رزقنا بولد سميناه (روبن) وهو من مواليد 1981 ودواليك للسنين القادمة نكمل مسيرتنا الحياتية في الولاداة الجديدة والمتعددة لاحقاً.

س42: ممكن تحدثنا عن موقفك من الخدمة العسكرية والعراق في حالة حرب مع أيران؟

ج: كوني سجين سياسي في سجن أبو غريب لفترة طويلة ومعتقل في الأمن قبلها منذ 1974 ولغاية 21\آب\1979 لم تتاح لي أداء خدمة العلم ، وبعد أطلاق سراحي  كنت ملزم بمراجعة التجنيد ، وكوني موظف من جهة ومستمر في الدراسة من جهة أخرى يتم تأجيل سوقي للخدمة العسكرية.

بعد حصولي على شهادة السادس الأعدادي ولم يتم قبولي في الكليات والمعاهد كما ذكرت سابقاً ، تم سوقي للخدمة العسكرية ضمن دورة ضباط  مجندين أحتياط المرقمة 38 مستمرين في الدراسة لمدة أكثر من ثلاثة أشهر ، علماً الدورة كانت مدتها ستة أشهر كي نحصل على رتبة ضابط مجند ، وهكذا حرمت من حقي أسوة بزملائي الأخرين بعد حصولهم معلومات من المنطقة من خلال أستمارات أمنية خاصة ، لكوني سجين سياسي سابق مع أصراري بعدم الأنتماء الى حزب السلطة (البعث) ، تم نقلي الى الموصل بصفة نائب عريف مهذب ، فكان تعاملهم معي بشكل غير لائق ومن ثم نقلت الى جبهات القتال الأمامية لغرض الخلاص مني ومن أمثالي من العراقيين الغير المنتمين ، غايتهم أنهاء حياتنا بأقرب وقت ممكن ، وبالرغم من خدمتي في المواقع الأمامية كانت الأنظار والمراقبة مستمرة وتعاملهم معي فج جداً.

س43: وماذا بعد ذلك ؟هل تواصلتم الخدمة العسكرية ؟ وكيف؟

ج: الحقيقة وفق هذه الحالة المعقدة والعسيرة والغير الوطنية والتمييز الواضح في التعامل المزري ، أضطريت للهروب من خدمة العلم العسكرية قاصداً كوردستان العراق لوحدي ، تاركاً عائلتي وطفلي الرضيع ووالدتي في مدينة عنكاوا.

س44:  وماذا بعد؟ وأين وصلت ؟ وماذا جرى لك فيما بعد؟

ج: واصلت طريقي من قرية الى أخرى حتى الحدود التركية العراقية لأستقر نسبياً في قرية مسيحية هناك ، وشاء القدر أن أوقع على حجرة أدى الى كسر يدي اليمنى ، فتم معالجتي على الطريقة القديمة (التجبير) ، وخلال تواجدي في هذه القرية التي تتردد عليها مفارز البيشمركة الذين غالبيتهم على معرفة كاملة معي من خلال السجن في أبو غريب ، كانوا يرحبون بي أجمل ترحيب ومادين يد الدعم والمساندة ملبين طلباتي في وصولي الى لولان ، حيث تواجد المقر الخلفي للحزب الديمقراطي الكردستاني(حدك) ، فأستقبلت من قبلهم بكل حفاوة وترحيب ، وبعدها زودوني بكتاب عدم التعرض في دخولي أيران مع دعم ومساندة عائلتي حتى في تواجدها بمدينة عنكاوا، فقصدت الكنيسة الكلدانية في طهران مع رعاية خاصة ملبين جميع أحتياجاتي الشخصية.

حكمتنا:(معانات العراقيون لا تنتهي ، ومن يزرع الخير لابد أن يجنيه)

(تابعونا)

منصور عجمايا

6\حزيران\2016

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *