مقابلة مع سياسي كلداني مضطهد بويا كوركيس \ عنكاوا(5)

عودنا قرائنا على متابعة نموذج تاريخي حديث لسلطة فاشية شمولية قاهرة ومؤذية للشعب العراقي بكافة مكوناتها القومية والأثنية ، بمعاناة ودماء ودموع سلسة من حروب طائشة متواصلة حرقت الأخضر مع اليابس ، لتعطل حركة المجتمع العراقي من جميع مناحي الحياة ، لتشل تطورها الأقتصادي والعمراني والأجتماعي والسياسي والتعليمي والثقافي ، ناهيك عن الوضع النفسي القاتل والمدمر للعراقيين جميعاً بأستثناء شلة من المنتفعين الأنتهازيين السائرين مع ركب النظام الصدامي الدكتاتوري ، القامع لأكثر من 25 مليون عراقي والذي هجر وشرد بسبب ممارساة النظام الطائش خيرة أبناءه وبناته من شبيبة اليد والفكر ولأكثر من 5 مليون عراقي منذ تسلمه السلطة عام 1979 ولحد سقوطه ونهايته عام 2003 ، وليحصل ما حصل ويحصل من نظام طائفي قومي عنصري بأمتياز ، وليد من رحم الأحتلال الأنكلوأمريكي ذو المصالح والنوايا المعروفة للداني والقاصي .. ليجني شعب العراقي الأمية والجهل والتعصب والأمراض الجسدية والنفسية وجهاز سلطوي زاد من فساده الأداري والمالي كوريث ناضج ومتمكن من أدامة وتطور الفساد المنخور في عظام النظام السابق ، ليزيده طامة أكبر من سابقه ، ليأتي بنظام محاصصة طائفية قومية عنصرية على حساب الوطن والمواطن العراقي الشريف ، مما أدى الى خلق طبقة ثرية ميليشاتية محمية من دول المنطقة كونها سارية وفق مخططات مرسومة سلفاً هدفها أقتصاد ريعي أستهلاكي مقيت ، بعيداً عن المنتج في كافة مجالات الحياة ، ليشل الحياة وينهي نظام دولة ومؤسساتها التي كانت قائمة قبل التغيير بكل معناه المعتاد. أنها جرائم قهر وتجويع وقتل وتشريد الشعب العراقي وخصوصاً مكوناته الأصيلة لقلع تواجدها على أرضها التاريخية وأولهم الكلدان وبقية المسيحيين والأزيديين.

 

س31: كيف أستقبلتم قرار العفو الصادر بأطلاق سراحكم عام 1979؟

ج:الحقيقة كدنا لم نصدق القرار ، كوننا مرينا بتجربة مؤلمة ومريرة عام  1975 وعليه لم نتفائل خيراً من هذا الخبر لأطلاق سراحنا كوننا لم نصدقه بالأساس ، ولكن تفاجئنا بحضور وزير الداخلية للنظام الصدامي وهو يقدم أعتذاره لنا لمعاناتنا داخل السجن ، ومنح لكل سجين مطلق سراحه خمسين ديناراً كمصرف جيب ، كان الغاية من القرار هو لتفريغ السجون والتهيؤء للأقدام للحرب مع أيران ، وفعلاً هذا ما حصل لحرب طويلة جداً دامت أكثر من 8 سنوات بين العراق وأيران ، والنتيجة كما كانت ضمن أتفاقية الجزائر الموقعة عام 1975 بين شاه أيران السابق وصدام حسين بوساطة هواري بومدين الرئيس الجزائري السابق ، تلك الحرب المدمرة التي راح ضحيتها أكثر من مليون عراقي بين شهيد ومفقود ومعوق ، كما والجانب الأيراني بأكثر من ذلك ، مع دمار أقتصاد البلدين وتعطيل حركتهما من جميع مناحي الحياة.

.

 س32: كم دامت الفترة التي قضيتموها في المعتقل الأمني وسجن أبو غريب؟

ج الحقيقة مكثنا في المعتقل والسجن المركزي في أبو غريب خمسة سنوات وثلاثة أشهر وتسعة أيام بالتمام والكمال ، ونحن أبرياء دون ذنب أقترفناه وجميع التهم كانت ملفقة وباطلة.

س33: هل يمكنكم الحديث قليلاً بعد أطلاق سراحكم ووصولكم الى بلدتكم التاريخية المناضلة بشبيبتها ومثقفيها من سياسيين وثوريين وطنيين ، وما هو ردة الفعل لمنظمة البعث في عنكاوا؟

 ج:بعد أطلاق سراحنا ومغادرتنا السجن ونحن غير مصدقين للحدث ، فالفرحة لم يفارقنا وزادت فرحتنا أكثر عند وصولنا الى أربيل لنتفاجأ بأستقبال حافل قل نظيره لآلاف مؤلفة من الأقارب والأصدقاء وعوائل السجناء والمحبين قبل وصولنا الى عنكاوا بحوالي 4 كلم ، وبعد أيام معدودة تم أستدعائي من قبل مسؤول منظمة البعث في عنكاوا مستفسراً عن وظعي النفسي والحياتي وأحتياجاتي متذرعاً بتأمينها لي مع أعتذاره لما أصابنا في السجن ، وبدوري شكرت الموقف وأنتهت مقابلة تطييب الخاطر المبطن بنوايا خاصة غير محمودة.

س34: ماذا بعد ذلك هل تركوك حراً في عنكاوا، أم تواصلت منظمة البعث معكم فيما بعد وماذا كانت نواياهم؟

ج:نعم تواصلوا معي باستمرار غايتهم كسبي لحزب السلطة البعثية ، من خلال أرسال مندوب منظمتهم الفاشية ، لكنني رفضت بأصرار مؤكداً له في الحفاظ على أستقلالي السياسي وليس لي القدرة على تحملي للعمل السياسي وسأبقى مستقلاً ، لكن مندوب المنظمة منحني وقتاً للتفكير بامر الأنتماء وفي حالة موافقتي يكون أنتمائي عن طريقه ، وبموجب ذلك الموقف بقيت تحت المراقبة الشديدة والمستمرة حيث تواجدي من قبل البعث.

س35:  ماذا بعد تواجدك في عنكاوا وأستقرارك النسبي والعمل الوظيفي؟

ج: كوني وحيد العائلة مع والدتي كوني فقدت المرحوم والدي منذ وقت طويل ، ألحت المرحومة والدتي بتأهلي وعقد قراني ، وبعد أشهر تم عقد الخطوبة وبعدها أقترنت وأصبحت معيلاً للعائلة محدثاً الأستقرار النسبي في حياتي.

س36: هل يمكنكم أن تتحدثوا عن يوم زفافك وكيف كانت حفلة زفافكم؟

ج: منذ بداية حفلة زفافنا تم قطع التيار الكهربائي في النادي المؤجر لأحياء الحفلة طوال الوقت ، وتم أعادة التيار مباشرة بعد أنتهاء الأحتفال ، وهكذا عالجنا الخلل بالشموع بدلاً عن الكهرباء؟

س37: ما هي المعوقات والمشاكل التي صادفتكما في حياتكما بعد الزواج؟

ج: نعم .. عائلتي من مواليد كركوك حيث نشأت ودرست وتخرجت من أعدادية تجارة كركوك وتعينت موظفة في محافظة كركوك قسم الضرائب ، وبعد عقد قراننا ودخولنا عش الزوجية ، أجرينا معاملة نقلها من محافظة كركوك الى محافظة أربيل ، لكن جهودنا بائت بالفشل بموجب قرار صادر من السلطة البعثية يمنع مغادرة أي أنسان عربي وكلداني ومسيحي وتركماني من كركوك حفاظاً على النسبة العالية من المكونات العراقية على حساب الكرد في المحافظة ، وبالمقابل لم أتمكن من نقل وظيفتي من أربيل الى كركوك لأسباب سياسية معروفة للسلطة كسجين سياسي سابق وأصراري بعدم الأنتماء الى حزب البعث.

حكمتنا:(المباديء الأنسانية والوطنية والخصوصيات القومية ، يفترض صيانتها وتقييمها وأحترامها مهما كان ويكون الثمن)

(تابعونا)

منصور عجمايا

1\حزيران\2016

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *