مصر بلد: من يبنيها وليس من يسحقها

أعذروني إخوتي (شعب مصر) ما زلت غير مصدّق! وكيف أصدق وأنا أنتمي للشرق نفسهُ الذي تنتمون لهُ؟

إنتظرت الثلاثين من شهر حزيران لأتابع أخبار من أعادوا لنا ثقتنا بشعوب سحقت وأذلت، الوطنيون المصريون يتظاهرون لإسقاط نظام آخر، وأي نظام!؟ نظام لا يفقه معنى الوطن، ولا يعرف الأنتماء للأرض، ولا يشترك مع تطلعات شعب يبحث عن الحرية، نظام يعتقد بأن الإنسانية لا تتحقق في التعايش السلمي بين البشر، بل لا وجود للإنسان بالأساس، إنما هو تعبير مجرّد عن كتلة خلقت من وحلّ حقير فصال تيهّا وعربدَّ، ويا ليتهم يشتركون مع أيليا أبو ماضي في فكرته التي كتب من أجلها شعره الموسوم (الطين) لينبّه الإنسان إلى التواضع وينتقد المتكبرين، بل هم أحتقروا الإنسان من خلال نظرة دينية خاطئة تعتقد بأن الله خلق الإنسان بجسد ليُذِل ويُحتَقَر ليفوز بملذات أبدية.

وأعتقدوا أيضاً بأن الأحكام الإلهية أنيطت لهم وتطبّق بواسطتهم سواء كانوا من النظام الحاكم أو من أتباع حركتهم الدينية، فقاموا بتكفير كل من لا يسير على خطاهم، ويهددوا كل من يتجرأ ويفكر بكرامة وطن ناضل وجاهد وأعطى الكثير للعالم عبر التاريخ، ضاربين بعرض الحائط حضارة دولة عظيمة مُتجذرة بعمق التاريخ يفتخر بها كل الشرفاء من مصر، لا بل يفتخر كل من يحترم الحضارات التي أغنت البشرية بعطائاتها، بينما هؤلاء التكفيريين لم يسلم من تكفيرهم التاريخ نفسه فأرادوا أن يهدمّوا أهم المعالم الأثرية لولا رفض الشعب لتلك العبثيات والصمود أمام همجيتهم وردعهم.

طفح الكيل بشعب مصر من هؤلاء الظلاميين وقرروا أن يصرخوا صرخة مدوية “يسقط حكم المرشد” ولم تكن شعارات فحسب، بل إرادة وإصرار جعلت الجيش المصري الشجاع أن يقول كلمته تجاه وطنهم الذي كان قاب قوسين أو أدنى من أن يتحوّل إلى قندهار.

ما يجعلني لا أصدّق أيضاً هو عدم الرضوخ لأبشع التهديدات التي لم يخجل أتباع مرسي من أطلاقها عبر التلفاز، (دماء – تفخيخ – قتل – تفجير بالريموت – قنابل …….إلخ) تلك التهديدات التي تربك العالم عند سماع فقرة منها ويتخّذوا بسببها كل التدابير الوقائية، بينما المصريين واجهوها عزّل ….لا سلاح ولا حتى مفرقعات، بل بقوة إيمانهم وسلاحهم الوحيد هو ولائهم لمصر….عجيب أمركم يا مصريون، هل حبّكم لبلدكم نزع الخوف من قلوبكم! أعذروني …ما زلت غير مصدّق، فأنا أنتمي إلى نفس الشرق الذي يُهّان ويُداس كرامة الإنسان فيهِ من حاكم أهوجّ ورجل دين جزار لهُ أتباع سفّاحين.

عجيب هو قلقي…. أنتم لا تخافون من الإرهابيين وأنا بعيد عنكم وبتّ أخاف عليكم وعلى أرضكم، وفي نفس الوقت أتمنى لشعبي أن يحذوّ حذوكم.

قلبتم الموازين يا أبطال، وجعلتم لحياتكم معنى، وأعطيتم للشعوب المسحوقة الأمل، وستنقشع الغمامة السوداء، وستبنون وطنكم من جديد، وأول الغيث – بناء الإنسان – ليكون حراً حتى في علاقته مع الله إن أراد تلك العلاقة، وهو حرٌّ برفضها.

زيد غازي ميشو

zaidmisho@gmail.com

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *