مشكلة تعاطي اقليم كوردستان العراق مع الكلدان والاشوريين والسريان/ تحليل سوسيولوجي

الدكتور عبدالله مرقس رابي
استاذ علم الاجتماع و تأهيل القادة
في الجامعة العربية المفتوحة لشمال امريكا

2010

محتويات الدراسة :
المقدمة
المبحث الاول – منهجية البحث
اولا: اجراءات البحث والهدف منه
ثانيا : تحديد المفاهيم
ثالثا : موضوع البحث
المبحث الثاني – نبذة مقتضبة عن الوجود الحضاري في بلاد النهرين
المبحث الثالث- موقف اقليم كوردستان من الجماعات الاثنية الثلاث
المبحث الرابع – نحو معالجة توافقية للمشكلة
التوصيات

المقدمة :

تعد الدراسات القومية والاثنية حقلا مهما من اهتمامات علمي الاجتماع والانثروبولوجية ، طالما انها مكون اساسي من المجتمع البشري. وعليه يبدي علماء الاجتماع اهتماما بالقضايا القومية ، ومدى اهمية الجماعة الاثنية كجماعة مرجعية في تأثيرها لبناء الشخصية القومية. ويساهمون في دراسة الانسان من حيث اصوله العرقية لتكون نتائجهم توجهات علمية يستند عليها المهتمون في الشأن السياسي. واهم هذه الاسهامات هي دراسة الازمات الاجتماعية والسياسية التي تواجه الدول المعاصرة ، وبالتحديد تلك التي تمتاز مجتمعاتها بالتعددية الاثنية.
تركز اهتمامات علماء الاجتماع على الصراعات وازمات الهوية القومية التي تخلقها التعددية الاثنية وبالاخص في البلدان النامية. وعليه اكتسبت ظاهرة التعددية اهمية خاصة ووعي متزايد لانها تعد عاملا مهما لنشوء الصراعات السياسية في المجتمعات البشرية وفي مختلف انحاء العالم، بحيث ادت هذه الصراعات الى انهيار دول مثل الصومال وليبيريا، وبسببها نشبت حروب طويلة الامد كما يحدث في الدول الاسيوية مثل سيرلانكا واندونيسيا والفلبين وتركيا وغيرها ، وكانت ايضا السبب في تغيير الانظمة السياسية حول العالم .
الاثنية ظاهرة اجتماعية لايمكن تغافلها، وقد اخذت اطارا عالميا اذ لا تخلو اية دولة من التعدد الاثني الا نادرا، فهي مشكلة قائمة ذات ابعاد مختلفة طالما الاضطهاد مستمر تجاه الاقوام الاقلية في مجتمعاتهم من قبل الاكثرية الحاكمة. ولهذا السبب شرعت الامم المتحدة لوائح قانونية لحماية هذه الاقوام والقضاء على التمييز العنصري والقومي والديني. اذ ان حمايتهم ومنح حقوقهم اللغوية والدينية والثقافية يسهم في الاستقرار الامني والحد من الحروب وجرائم الابادة البشرية. وبالرغم من تشريعات الامم المتحدة لكن التعاطي مع هذه المشكلة يأخذ اشكالا متنوعة بين المجتمعات البشرية فهو يعتمد على طبيعة القوانين السائدة في البلد.
يعد اقليم كوردستان العراق من المناطق المتعددة القوميات والاديان منذ عصور موغلة بالقدم، وعلى هذا الاساس كانت لائحة حقوق القوميات والاديان التي وضعتها حكومة الاقليم بعد تسلم زمام الحكم عام 1991من الاولويات الاساسية لانها تحقق الاستقرار في الامن السياسي والاجتماعي بشكل عام لبناء المجتمع الكوردستاني على مبادىء الحرية والديمقراطية. ومن المكونات الاساسية في التركيبة الديمغرافية في الاقليم هم الكلدان والاشوريون والسريان، وعليه وجهت حكومة الاقليم عناية بالغة الاهمية لمنح حقوقها اللغوية والثقافية والدينية والسياسية. ولكن من خلال دراسة تداعيات هذه العناية تبين تعرض الحكومة الى نوع من الارباك والصعوبة في مسألة التعاطي مع الجماعات الاثنية الثلاث للتداخل اللغوي والديني والصراع الجدلي حول التسمية القومية لها بحيث شعرت كل منها بعدم تكافؤ فرص المشاركة السياسية لها بحسب ثقلها الديمغرافي ونضالها السياسي وتشويه الهوية القومية لها وبالاخص بعد ابتكار التسمية المركبة ( الكلدان السريان الاشوريين ) ودعما بقرار سياسي من حكومة الاقليم.
من هذا المنطلق جاءت دراستي هذه لتسلط الضوء على طبيعة واسباب وآثار هذه المشكلة لتخرج ببعض الحلول والمقترحات لتفاديها وفقا لمنهجية علمية من المنظور السسيوانثروبولوجي.
وقد اشتملت الدراسة على مباحث اربعة، يختص الاول بمناقشة موضوع الدراسة واجراءات البحث ، والثاني يتضمن نبذة مختصرة عن الوجود الحضاري في بلاد الرافدين للتعرف على الكلدان والاشوريين والسريان. وثم المبحث الثالث عرضت فيه موقف اقليم كوردستان من الجماعات الاثنية الثلاث، واما المبحث الرابع يحتوي على محاولة تنظيرية توافقية لمعالجة المشكلة.

المبحث الاول

منهجية البحث

اولا :اجراءات البحث والهدف منه

يستعين الباحثون في علم الاجتماع بمناهج متنوعة يتوقف استخدامها على طبيعة البحث والظاهرة المدروسة، والامكانات المتوفرة ، والظروف الاجتماعية والسياسية للمجتمع. واهم هذه المناهج الشائعة هي المنهج التاريخي والتجريبي الوصفي والمقارن ودراسة الحال ، ويمكن الاستعانة بطريقتين للتحليل هي الطريقة الاحصائية اذا توفرت البيانات او الطريقة الكيفية اذا افتقد الباحث للبيانات ، وفي هذه الحالة يستعين بالمصادر والوثائق التاريخية وتحليل المضمون لكل ما له علاقة بموضوع البحث، مثل الاراء والافكار التي يطرحها الافراد والمؤسسات المتنوعة في المجتمع، والمقالات والتصريحات الحكومية والمواقف التي تطلقها الاحزاب السياسية وغيرها. واحيانا يلجأ الباحث الى الاستعانة باكثر من منهج اوطريقة في التحليل.
أما في هذه الدراسة اعتمدت على كل من المنهج التاريخي ودراسة الحال للجماعات الاثنية الكلدان والسريان والاشوريين ، وطريقة تحليل المضمون الكيفي، وذلك لعدم توفر البيانات الاحصائية لان الظاهرة المدروسة تتعلق بالمشاعر والاتجاهات السياسية والقومية، وعدم تمكن الباحث من الحصول على البيانات في ظل الظروف السياسية والامنية السائدة في العراق، وعليه اكتفيت بتحليل المضمون والملاحظة التي تعد من اهم الطرق التي تساعد الباحث الاجتماعي الحصول على المعلومات التي تخص الظاهرة المدروسة.
وقد تساعد هذه المناهج الباحث الوقوف على التغيرات التي تطرأ على النظم الاجتماعية والتحول في المفاهيم والقيم الاجتماعية المختلفة.1
وتعد منطقة اقليم كوردستان العراق مجالا مكانيا للبحث، ونهاية عام 2010 هي الفاصل الزمني لاجراء البحث اذ ان المستجدات والتغيرات التي سوف تحدث فهي لاتدخل ضمن سياق الدراسة.
وأما اهداف البحث فهي:
اولا: تشخيص اسباب مشكلة تعاطي اقليم كوردستان مع الكلدان والاشوريين والسريان.
ثانيا: وضع حلول تستند على مخرج علمي وفق اسس منهجية لمساعدة المعنيين في اتخاذ القرارات اللازمة.

ثانيا : تحديد المفاهيم

يعني التعريف لمفهوم معين تحديد الخصائص العامة له، ثم تحديد الصفة المميزة له عن غيره من المفاهيم التي تنتمي الى نفس الصنف، مما يسهل على الذين يتبعون البحث ادراك المعاني والافكار التي يريد الباحث التعبير عنها دون ان يختلفوا في فهم ما يقول. ونظرا لتداخل المفاهيم الاجتماعية وعدم الاتفاق عليها ظاهرة بارزة في علم الاجتماع 2. عليه تعد المفاهيم المطروحة ادناه لاغراض هذا البحث فقط.

  1. الاثنية:
    تشير الاثنية الى جماعة بشرية يشترك افرادها بسمات حضارية متشابهة، عرقية ودينية واجتماعية، ولغوية، ذات تقاليد وقيم واعراف وفعاليات تميزها عن غيرها.3 ويسود بين الافراد تضامن اجتماعي وتماسك متين وشعور بالانتماء.

  2. العنصر (العرق):
    يعبر عن جماعة بشرية تمتاز بخصائص بايولوجية ظاهرة مثل لون البشرة، شكل الرأس، وشكل الانف، وطبيعة الشعر. وهي جماعة قائمة على الاصل السلالي. ومما هو جدير بالذكر يؤكد الانثروبولوجيون على عدم وجود جماعة نقية بخصائصها البايولوجية للتملغم الزواجي بين الجماعات البشرية على مر العصور التاريخية.

  3. القومية :
    مفهوم اجتماعي يدل على الشعور بالانتماء لجماعة بشرية يشترك افرادها بخصائص اجتماعية ونفسية وحضارية واحدة قد تكون شفهية او مكتوبة. يتولد هذا الشعور بسبب التاريخ المشترك واللغة الواحدة والتراث الاجتماعي والحضاري المشترك، تلك التي تعد من المقومات الاساسية للقومية، ولكنها لاتكفي ولاتكتمل مالم يكن هناك شعور وانفعال، اللذان يوحدان الجماعة. وعلى أثر هذه الخصائص يمكن الافراد من تأليف وحدة سياسية للاستقلال وانشاء دولة.5

  4. الامة :
    مفهوم اجتماعي يستخدم للتعبير عن مجموعة بشرية قد تحتوي على عدة قوميات مختلفة ، ويتباين نعت المجموعة البشرية بالامة باختلاف العامل الذي يوحدها. اذ يطلق على القومية الواحدة، كأن نقول الامة الكلدانية او الامة الانكليزية او الامة الكردية. او عندما يجمعها العامل الديني تسمى مثلا، الامة المسيحية والامة الاسلامية او الهندوسية. اوقد يوحدها العامل السياسي، كأن نقول الامة العراقية او الامة الامريكية. وعليه فان مفهوم الامة اشمل من مفهوم القومية.

ثالثا: موضوع البحث

وقد وضعت مفاهيم ونظريات من قبل علماء الاجتماع لتحليل الجماعات الاثنية من حيث تركيبها الاجتماعي وتماسكها وتضامنها وعلاقاتها مع الجماعة الاكثرية والسلطة في المجتمع. وقد جاءت دراسة الاثنية عندهم وفقا للنظرية المسمات (نظرية الجماعة الاقلية في علم الاجتماع) والتي تحاول الاجابة على هذين السؤالين الاساسيين:
لماذا تتشكل الجماعة الاثنية؟
ما الذي يحفظ الجماعة الاثنية الاستمرار في الحياة؟(6)
وللاجابة عليهما وضعت دراسات متعددة تناولت مواضيع مثل التماسك والتضامن عند افراد الجماعة، وعلاقة الجماعة الاثنية مع المجتمع العام، اي التواصل الحضاري مع الاكثرية كما يشير اليها(وايلي)7. وتكون العناصر المادية والمعنوية، أي ماتمتلك الجماعة من وسائل الانتاج والقيم الاجتماعية والدينية واللغة والفنون هي التي تشكل الجماعة الاثنية لتمييزها عن غيرها من الجماعات الاخرى.
ترجع اصول البحث والتحليل النظري للجماعات الاثنية في علم الاجتماع الى النظريات الكلاسيكية في اوربا في القرن التاسع عشر التي اعتمدت على التطور الصناعي الذي احدث تغيرا شاملا في البناء الاجتماعي للمجتمعات الاوربية . وقد اكد (كارل ماركس) على العامل الاقتصادي في تفسير تشكيل وتواصل الحضاري للجماعة الاثنية8. بينما اكد (ماكس فيبر )على القيم الاجتماعية والدينية في حفاظ الجماعة الاثنية على التواصل، وقد حدد في كتابه علم الاجتماع الديني أهمية الدين في تكوين الجماعة وتماسكهاوتضامنها9. ووضع (أميل دوركايم) عالم الاجتماع الفرنسي الجماعة الاثنية ضمن الجماعة التي تستند في تكوينها وعلاقاتها على التضامن الميكانيكي والتي تقابلها الجماعة التي تستند على التضامن العضوي. وأما (جورج زمل) اعتمد في تحليله للجماعة الاثنية بوصفها جماعة اولية التي تمتاز بالتماسك الاجتماعي والشعور بالانتماء وتقابلها الجماعة الثانوية10.
اما في شمال امريكا فقد اختلف علماء الاجتماع عن اساتذتهم الاوربيين في تفسير الجماعات الاثنية وذلك لاختلاف المجتمع الاوربي ذات الجذور التاريخية والريفية عن المجتمع الامريكي الذي يفتقدها.لكنه يتميز بالتعددية الاثنية التي تولدت عن طريق الهجرة المستمرة من جميع انحاء العالم مما جعل ذلك متغيرا مساعدا لاختلاف التفسير الاثني عما كان سائدا في اوربا.
برزت اولى الاهتمامات بظاهرة الاثنية في دراسات مدرسة شيكاغو لعلم الاجتماع اذ بدأها (روبرت بارك) عام 1892 في تقسيمه الجماعات الاثنية الى اربعة نماذج .:

اولا) التعددية : تلك الجماعة التي تمتاز بالتسامح السياسي بالرغم من الاختلافات.
ثانيا) التمثيل : تلك الجماعة التي تنصهر مع الجماعة المسيطرة وتتكيف مع الوضع الاجتماعي الجديد.
ثالثا) الانفصالية : تحاول دائما هذه الجماعة الاستقلال السياسي عن الجماعة المسيطرة لادارة شوؤنها.
رابعا) المقاتلة : تلك الجماعة التي تحاول فرض ارادتها على باقي الجماعات الاخرى واخضاعها لسيطرتها، وهي اخطر الجماعات البشرية.11

ووضع (لويس ويرث) نظريته المسمات “نظرية الجماعة الاقلية” التي يعتبرها مجموعة من الناس لهم خصائصهم الحضارية تميزهم عن الاخرين في المجتمع وهي مجموعة تشعر بعدم المساوات في حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.8 ودائما تميل الى الشعور بالظلم من قبل الجماعة الاكثرية حيث تتمتع الاخيرة بالقوة والسيطرة في المجتمع سياسيا واقتصاديا12.
واما المدرسة الوظيفية في علم الاجتماع تؤكد على ان الجماعات الاثنية هي جزء من البناء الاجتماعي لها وظيفتها الاجتماعية. اذ يرى (كيري) احد اقطاب هذه المدرسة، ان المجتمع الصناعي مجتمعا مفتوحا، فالوضع الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي يتيح الفرصة للافراد في التغيير المهني والتحرك الاجتماعي والانتقال الاجتماعي عن طريق المنافسة المشروعة لكل فرد. فالتجديد هو من سماته الاساسية حيث يتراجع التقليد فيه، وبهذا الصدد يؤكد (كيري) انعدام دور الطبقة الاجتماعية والدين والعرف والطائفة والعائلة في حياة الفرد13. ولكن الوقائع في المجتمع الامريكي المعاصر لاتؤيد ما جاء به كيري اذ نرى من معايشتنا ان عوامل العزل الاثني المناطقي والعلائقي يحدث تلقائيا، وكل جماعة تتكيف للوضع السائد ويطال القانون الفرد المخالف من اية جماعة دون تمييز .
وفي كندا اجريت عدة دراسات عن الاثنية لانها تلعب دورا مها في المجتمع الكندي الذي يتألف من عشرات الجماعات الاثنية الوافدة من مختلف انحاء العالم، وقد اخذت حيزا كبيرا من اهتمامات علماء الاجتماع. ومنها على سبيل المثال دراسة ( بقاء الاثنية في كندا ) لادورد بولدت ودراسة (التصور العام للتمييز والظلم) لمارلين ماكي، ودراسة (الاثنية والطبقة والانتقال الاجتماعي) التي اعدها ( اي جوردن داروك) وغيرها من الدراسات14 .
ومن االافكار الحديثة عن الاثنية ما يرى (جيري موللر) ان ظاهرة الاثنية لعبت دورا كبيرا طوال القرن العشرين في الحياة العامة للشعوب، ويشير الى ان مطالب الحكم الذاتي وتقدير المصير ضمن الدولة الواحدة في اغلب الاحيان يكون حلا للصراع الاثني. بينما اختلف كل من (روز كرانس وآرثرستاين) مع موللرفي مسألة انشاء دولة لكل جماعة اثنية اذ انها تعدو المئات في العالم وقد يزيد ذلك من الصراعات السياسية والاجتماعية. اما السوسيولوجي (ارنست غلتر) يعزو الصراع الاثني الى نشوء الدولة الحديثة حيث انها اطلقت الغرائز البشرية الى الوجود من جديد لتحفيز افراد المجتمعات ذات الخصائص الاجتماعية والنفسية والثقافية المتشابهة للاستقلال وعدم الخضوع لمن يختلف عنهم . ولعل ان اهم عوامل التحفيز الغرائزي هي فكرة العولمة وتطور وسائل الاتصال السريعة والاعلام الفضائي والثورة المعلوماتية التي ساهمت في نشر مفاهيم الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان في مختلف ارجاء العالم مما ادى بالجماعات الاثنية المطالبة بحقوقها ورفع الظلم عنها وانهاء التمييز العنصري والديني ضدها15.
وقد امتد تأثير هذه العوامل المحفزة الى الجماعات الاثنية التي تعيش في اقليم كوردستان وتعد من الجماعات العرقية الاصيلة في المنطقة وهي ( الكلدان والسريان والاشوريون) وهي موضوع بحثنا، وساتناول في المبحث التالي موجزا تاريخيا مقتضبا من خلال القاء نظرة سريعة عن الوجود الحضاري في بلاد الرافدين عن الجماعات الثلاث.

المبحث الثاني

نبذة مقتضبة عن الوجود الحضاري في بلاد النهرين

طالما ان موضوع البحث يتعلق بالجماعات الاثنية، الكلدانية والسريانية والاشورية ، لابد من تقديم نبذة مختصرة عن هذه الجماعات التاريخية. ولكي نستطيع الوقوف على ماهية الجماعات الثلاث، لابد ان نقدم موجز سريع للحضارات والدول المتعاقبة التي ظهرت في بلاد النهرين، ولكون الدراسة سوسيولوجية عليه اقتصر على التعريف بهذه النبذة لكي لاأخرج عن الموضوع .ومن خلال قراءتي للعديد من المصادر التاريخية لمؤلفين وطنيين واجانب استخلصت ما يأتي:
ان اول اكتشاف للتمدن والاستقرار وتنظيم شؤون الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، هو العصر الذي نشأت فيه نظام الدويلات السومرية ذات السلطة الاسرية على مدينة كبيرة ومايحيط بها من اراضي زراعية اومدن قريبة منها. استمر هذا النظام حوالي خمسة قرون ، ويعد اول نظام سياسي في بلاد النهرين. من ابرز مظاهره الحضارية هو اختراع الكتابة في بداية الالف الثالث قبل الميلاد16 .
انتزع سرجون الاكدي في حوالي عام (2340ق م) الحكم من الملك (كيش) السومري واسس الدولة الاكدية وعاصمتها (أكد) ، وبرزت اللغة الاكدية في هذا العصر ، واصبحت لغة التخاطب والكتابة. وقد دام عصر الدولة الاكدية حوالي قرن ونصف (2340-2159ق م). حيث استغلت القبائل الجوتية ضعف الدولة الاكدية، وخاصة بعد انفصال المناطق السومرية الجنوبية عن الدولة. وقد سادت في هذا العصر الفوضى السياسية والامنية، الى ان نجح ملك مدينة (اورك)السومري (اوتوخينجال) في دحر اخر ملوك الجوتيين وانتهى حكمهم عام 2111 ق م.
تسلم السومريون زمام الحكم ثانية في بلاد النهرين ، مما يدعى هذا العصر(عصر الاحياء السومري). برزت فيه اسرة حاكمة في (اور) اسسها الملك (اورنمو) الذي اعاد مجد السومريين الحضاري ثانية، وقد استعادت اللغة السومرية تألقهاالاول ، وظهرت نهضة ادبية وثقافية اغنت اللغة السومرية بمفردات متعددة من اللغة الاكدية. وسنت في هذا العصر اقدم القوانين التي عرفها التاريخ اولها قانون (اورنمو).17
وصل الاموريون الى زمام الحكم في جنوب بلاد النهرين عام 1894 ق م وسميت دولتهم الدولة البابليةالقديمة نسبة الى عاصمتها بابل، وصلت الحضارة في هذا العصر الى قمة مجدها في عهد اشهر ملوكها (حمو رابي). سقطت الدولة البابلية الاولى على أيدي (الحثيين) عام 1595 ق م غير ان الكاشيين هم الذين استفادوا من سقوطها وحكموا بابل حوالي خمسة قرون. ويسمي المؤرخون عصرهم (الدولة البابليةالثالثة).18
وأما عن الاشوريين وقد بدأ وجودهم منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد. اذ تشير المصادر انهم نزحوا من جنوب بلاد الرافدين تجاه الشمال واستقروا في مدينة اشور التي استوطنها قبلهم السوبارتيون وسميوا نسبة الى الاله اشور الذي كان السوبارتيون يعبدونه. وقد تحاشى الاشوريون تسمية سوبارتو لاطلاقها على انفسهم وعلى بلادهم لما كانت تنطوي من مدلول شائن حيث ترادف معنى (العبد) لان بلاد سوبارتو كانت من قبل مصدر الرقيق الاسرى. كان السوبارتيون يشكلون كثافة سكانية عالية في المنطقة الواقعة بين نهر الزاب الاعلى والاسفل، ثم ما لبث الاشوريون ان سعوا الى ترحيلهم الى الجبال الشرقية المجاورة.
وقع الاشوريون تحت تأثير الحضارة السومرية والاكدية، وظهرت اثارهم الكتابية الاولى في العصر الاكدي بلغة تشابه الى حد كبير اللغة الاكدية الاولى وتعد فرعا منها. ويقسم المؤرخون تاريخهم المستقل الى ثلاثة عصور هي: الدولة الاشورية القديمة، وهي الدولة التي عاصرت الدولة البابلية القديمة حتى عهد ملكها (حمو رابي). ثم عصر الدولة الاشورية الوسطى، واخيرا عصر الدولة الاشورية الحديثة.
استطاع الاشوريون فرض سيطرتهم على الجنوب البابلي احيانا، كما بسطوا سلطانهم على الجزيرة العليا في معظم ايام مجدهم، واقاموا امبراطورية واسعة في عصر الدولة الاشورية الحديثة، امتدت حدودها حتى جنوب مصر في زمن الملك (اشوربانيبال). وقد سادوا على المنطقة بكاملها ، واستغلوا قوة جيشهم وخشونة طبائعهم في فرض سيطرتهم على الشعوب المعاصرة التي ذاقت على يدهم مر العذاب.
استمرت الحالة الى ان نجح الكلدانيون بالتعاون مع الميديين من القضاء على الدولة الاشورية عام (612ق م). حيث شدد الكلدانيون والميديون هجومهم المشترك على العاصمة (نينوى) ودخلتها القوات الميدية في عام (612 ق م)، وقد دمرتها تدميرا كاملا وقتلوا ملكها الاخير(سين سراكون). وتذكر النصوص الاثرية، ان الكلدانيين لم يسهموا في (تدمير نينوى)، بل اكتفوا بالمشاهدة، لان الميديين- بحسب وصفهم-لحقدهم على الاشوريين هبوا كالاعصار وقتلوا سكان المدن وغيرها وانتهكوا حرمة المعابد الاشورية ولم يبقوا منهم الا القليل (كما تذكر المصادر اليونانية)، ولم تنجوا مدينة من مدنهم من الخراب والتدمير الكامل. واستطاع قائد اشوري يدعى (اوبلط الثاني) ان يفلت مع عدد من الفرق العسكرية من قبضة الكلدانيين والميديين ورحل الى مدينة (حران) واتخذها مركزا لسلطته ، ولكن المدينة سقطت سنة (608ق م) بيد الكلدان.
تم الاتفاق بين المتحالفين من الجانب الميدي والكلداني على اقتسام تركة الامبراطورية الاشورية بينهما فكانت المناطق الشمالية الشرقية من نصيب الميديين، والمناطق الجنوبية والغربية من نصيب الكلدانيين وهي تشمل على اجزاء بلاد انهرين وعلى سورية الحالية باكملها.
وجدير بالذكر، اشتهر الاشوريون، ولاسيما في عصرالدولة الحديثة ، بمهارتهم العسكرية ، ولم يهملوا النواحي الحضارية ، فقد خلفوا تراثا حضاريا يشهد على باعهم الطويل في الفن والادب والتشريع وبناء المدن والمعابد، وتشربوا بالحضارة البابلية وحضارة الشعوب المجاورة، واهتموا بجمع التراث العلمي والثقافي19.
وفي عام (626 ق م) تاسست الدولة الكلدانية التي اعتبرها العلماء الاثاريين عصر الدولة البابلية الحديثة في جنوب بلاد النهرين. ثم بسطت حكمها على شمال بلاد النهرين وسورية بعد سقوط الدولة الاشورية (عام 612 ق م). وقد اسس الحكم الكلداني (نبو بلاصر عام 626 ق م)، واتخذ (ملك اكد) لقبا له. واستغل هذا الملك ضعف وتدهور الامبراطورية الاشورية ، فتعاون مع الميديين على اسقاطها كما مر ذكره.
وصلت الدولة الكلدانية في عهد ملكها (نبوخذنصرالثاني) الى قمة الازدهار العسكري والاقتصادي والعلمي والعمراني بحيث اصبحت بابل حاضرة العالم انذاك. بينما في في عهد ملكها (نبونيد) عانت مدينة بابل الامرين من سوء الادارة، وانتشار المجاعة بين سكانها، وتطلع اليهود الذين ابعدوا الى بابل بأمل كبير الى (قورش) القوي المنتصر ، وتنبأ انبياؤهم بسقوط بابل على يده. ففي عام (547 ق م) بدأ (قورش) بغزو بابل، وكان الجيش الكلداني في حالة غير مرضية عسكريا ، لانه قد انشغل ببناء معبد اله القمر(سين) في حران بعد انتصاراته في سورية وفلسطين.
وفي (عام539ق م) دخل (جوبرياش) الخائن مع الجيش الفارسي الى مدينة بابل، فسقطت الدولة الكلدانية على يد احد الضباط الكلدان في (29 تشرين الاول عام539 ق م) ودخل قورش نفسه مدينة بابل، وفرشت الورود في طريقه، ورحب به كهنة (مردوخ) الذين لم يكونوا راضين على حكومة (نبوئيد). واول عمل قام به قورش بعد سقوط بابل هو تشتيت الكلدان في الاقاليم الاخرى الخاضعة لسلطانه.20
وأما الاراميون، فيذكر الاثاريون، ان بداية تحركاتهم بدات منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد واقدم ذكر لهم هي تسمية (اخلامو). وقد اسسوا عدة ممالك في الجزيرة العليا، سورية وشرق تركيا حاليا على ضفاف نهري الفرات والخابور. وقد اشتهروا بالتجارة الداخلية في بلاد النهرين، وفي سهولة لغتهم التي انتشرت انتشارا سريعا في المنطقة واصبحت اللغة الرسمية للدولة الاشورية والكلدانية والفارسية وظلت لغة الدواوين في الدولة الاسلامية الى عهد الخليفة الاموي عبدالملك بن مروان (685-705 م) وظلت لغة التخاطب في سورية حتى العهد المملوكي في القرن الثاني عشر. واكتسبت اسما جديدا هذه اللغةهو(اللغة السريانية) وعلية بدات تسمية الاراميين بالسريان. متى حدث هذا التغيير؟هناك اجتهادات تاريخية لامجال لمناقشتها لانها ليست من صلب الموضوع الذي نحن بصدده .لكن اهمها، جاءت التسمية من اليونانيين حيث اطلقوها على الاراميين، وثانيهما يشير الى ان بعد دخول الاراميين الى الديانة المسيحية اطلق عليهم السريان لتمييزهم عن الاراميين الوثنيين، واخيرا يعتقد بعض المهتمين تغيرت التسمية في القرن الرابع الميلادي.21
وفيما يأتي تتابع زمني للشعوب التي احتلت بلاد الرافدين وحاولت فرض قيمها ومبادئها الاجتماعية والدينية على سكان بلاد النهرين بعد سقوط الدولة الكلدانية :
الفرس الاخمينيين (539-331ق م)
السلوقيون (331-135 ق م)
الفرثيون (135ق م-226 م)
الساسانيون (226-637 م)
العرب المسلمين (632-1258 م) اي منذ العهد الراشدي والى سقوط الدولة العباسية.
المغوليون (1258-1534 م)
العثمانيون (1534-1918 م22).
وسنحلل في المبحث الرابع مدى تأثير هذه الشعوب التي حكمت بلاد النهرين على الجماعات الاثنية الثلاث الكلدان والاشوريين والسريان .

المبحث الثالث

موقف اقليم كوردستان من الجماعات الاثنية الثلاث

يعتبر اقليم كوردستان العراق من المناطق المتعددة القوميات والاديان. وبالرغم من ان الغالبية العظمى من سكان الاقليم هم من الاكراد، الا ان رئاسة الاقليم وحكومته حرصتا منذ البدء، ومن عام 1992 بعد استلام زمام الحكم في الاقليم وتشكيل الحكومة وانبثاق البرلمان الى وضع لائحة حقوق القوميات والاديان والطوائف الدينية، والتي كانت من الاولويات المهمة لتحقيق الاستقرار والامن السياسي والاجتماعي وبناء المجتمع الكوردستاني بمشاركة الكل في التنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للاقليم لكونهم متساويين امام القانون جميعا.
وقد جاء في هذه اللائحة: المادة الاولى،الفقرة الاولى (تقر هذه اللائحة الوجود الشرعي للقوميات والاطياف الدينية في كوردستان العراق، ولها الحق في التمتع بهويتها القومية وحق الحفاظ على خصائصها). وتشير المادة الثانية الى :
1- تقر حكومة اقليم كوردستان الحقوق السياسية والمدنية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية للاشخاص المنتمين الى الاقليات القومية واتباع الديانات كافة.
2 – يتمتع الاشخاص المنتمين الى الاقليات القومية والدينية بالمساواة التامة مع مواطني كوردستان امام القانون.23
وقد استندت صياغة واصدار هذه اللائحة على ماجاء في دستور الاقليم اذ تنص المادة الخامسة (يتكون شعب اقليم كوردستان من الكورد، التركمان، لعرب، الكلدان السريان الاشوريين، الارمن، وغيرهم ممن هم من مواطني اقليم كوردستان. وتشير المادة 14 الى: اولا- الكوردية والعربية لغتان رسميتان في اقليم كوردستان، ويضمن هذا الدستور حق مواطني اقليم كوردستان في تعليم ابنائهم بلغتهم الام ويشمل ذلك اللغة التركمانية والسريانية والارمنية في المؤسسات التعليمية وفق الضوابط التربوية. وثانيا – التركمانية والسريانية لغتان رسميتان الى جانب اللغة الكوردية والعربية في الوحدات الادارية التي يشكل الناطقون بها كثافة سكانية وينظم ذلك بقانون. واما المادة 20-الفقرة الثانية جاء فيها: تحذر جميع اشكال التمييز على اساس العرق واللون أو الجنس أو اللغة أو الخلفية الاجتماعية أوالجنسية أو الاصل أو الدين أو المعتقد أو الفكر أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي والاعاقة. ولايمنع مبدأ المساوات تصحيح آثار وتبعات الظلم الواقع في الماضي من قبل انظمة الحكم السابقة بحق مواطني كوردستان – العراق ومكوناته القومية والدينية واللغوية)24 .
من مراجعة دستور اقليم كوردستان تبين من وجهة نظري بالرغم من احتوائه لبعض الثغرات الا انه دستور علماني متطور جسد مواثيق الامم المتحدة واعلان حماية الاقليات الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة في 18 تشرين الثاني 1992. وهو يحمي حقوق وحريات جميع الشرائح في المجتمع الكوردستاني من الطوائف الدينية والمكونات العرقية، ويعد دستور منسجم مع روح العصر. فهو يتسم بالعلمانية ويبعد الدين عن الشأن السياسي، ولا يجيز خلط الدين بالسياسة.
فالمواد التي يتضمنها الدستور والتي تتعلق بشؤون القوميات والاديان التي تعيش على ارض كوردستان وما جاء في لائحة حقوق القوميات والاديان مؤشرات جلية لتبين موقف رئاسة وحكومة الاقليم القانونية والسياسية من القوميات غير الكردية ومنها الكلدان والسريان والاشوريين. فالمساوات وحرية الراي والانتماء القومي واحترام مشاعر الافراد القومية وحرية التعبير باللغة القومية للجماعات العرقية، ومنح فرص تعليم اللغة في المؤسسات التعليمية ووجود اللغة السريانية الى جانب اللغة الكوردية والعربية في الوحدات الادارية ذات الاغلبية المتحدثين باللغة السريانية، كلها مؤشرات ايجابية تضمنها الدستور.
وأما من حيث التطبيق العملي لهذه اللوائح بخصوص الجماعات القومية نلمسه فعليا في منح فرص تشكيل الاحزاب السياسية لتعبر عن حقوقها الاجتماعية، واجازة تأسيس جمعيات ومنظمات المجتمع المدني الخاصة بها لتعبر عن حقوقها القومية والثقافية وتمارس مختلف الانشطة الاجتماعية. ولعل مديرية الثقافة السريانية في وزارة الاعلام ومديرية التعليم السرياني في وزارة التربية وماتبعها من المدارس السريانية وحرية ممارسة الطقوس الدينية وصرف المبالغ لتعمير اماكن العبادة والكم الهائل من الصحف والمجلات التي تصدر من قبل هذه الجماعات القومية العرقية ما هي الا تجسيدا فعليا لمواد الدستور بهذا الشأن.
وتمثل تصريحات رئيس اقليم كوردستان مؤشرا مهما على مدى التطلع الفعلي للاقليم نحو شعبنا الكلداني والسرياني والاشوري، ففي لقاء مسعود البرزاني رئيس اقليم كوردستان مع نخبة من شعبنا في مدينة اربيل عام 2009 دعى لعقد مؤتمر عام يحضره كافة مكونات شعبنا لايجاد حل مناسب لموضوع التسمية، اذ تعكس هذه الدعوة على عدم قناعته بالتسمية المركبة. ومن مبادراته الاخرى، دعوته لوزير التعليم العالي في الاقليم لبحث مشكلة طلبة المسيحيين في جامعة الموصل لتسهيل عملية مواصلة دراستهم بعد ان تعرضوا لشتى وسائل الاضطهاد والاغتيالات وتحريمهم من مواصلة الدراسة. وتعد تصريحاته المتكررة في كل المناسبات، الترحيب بالمسيحيين المغادرين من المحافظات العراقية الاخرى هربا من الاضطهاد والقتل الجماعي المستمر لتوفير الحماية والامان وسبل المعيشة في اقليم كوردستان. واخر هذه المبادرات دعوته الى اختيار شخصين مسيحيين لتولي مناصب نائبا رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
لعل ابرزعوامل هذا الموقف الايجابي في رأيي، هوالوعي المتزايد لدى سكان الاقليم لمفاهيم الديمقراطية والحرية ومكافحة جميع اشكال التمييز العنصري والظلم الاجتماعي واللامساوات. وهذه ترسخت في عقلية الفرد في الاقليم لسبب تعرض الشعب الكوردي الى الظلم والتمييز العنصري وحرمانه من فرص العيش بكرامة والمشاركة السياسية والاقتصادية الفعلية في شوؤن البلد من قبل الحكومات السابقة. مما تعد هذه الحالة عاملا اساسيا في اكتسابه الخبرة الايجابية في عملية التعامل والتعاطي مع القوميات الاخرى غير الكوردية. ولاشك ان الوضع السياسي المستقر والامان المتوفر وسلطة القضاء والمؤسسات لعبت دورا مهما في السعي لتحقيق حقوق الانسان بشكل عام اكثر من المناطق الدولية والاقليمية في منطقة الشرق الاوسط قياسا للفترة القصيرة التي لاتتجاوز عشر سنوات فقط من الحكم.
بالرغم من الممارسات الفعلية لمحاولة تطبيق مواد الدستور على ارض الواقع واهتمامات المسؤولين في رئاسة الاقليم والحكومة، برزت الى الوجود ثمة مشكلة عويصة اربكت رئاسة الاقليم والحكومة، وهي التسمية القومية لاعرق واقدم جماعات عرقية في المنطقة وهي الكلدان والسريان والاشوريين. وقد تبلورت هذه المشكلة منذ استلام الاكراد الحكومة لادارة اقليم كوردستان العراق عام 1992 وبالذات اثناء صياغة الدستور والتصويت عليه في البرلمان،ولم تأت هذه المعضلة بسبب عدم اكتراث ورغبة الحكومة لمنح حقوق هذه الجماعات، انما جاءت نتيجة عوامل ترتبط بالجماعات العرقية الثلاث نفسها وثمة عوامل خارجية اخرى ساهمت في تفاقمها ايضا.

وقد ولدت هذه العوامل مشكلة تعاطي اقليم كوردستان وحكومته في التعامل مع الكلدان والسريان والاشوريين، وبدورها جعلت تشعر كل منها الغبن والتهميش وبالاخص الكلدان من المشاركة الفعلية في الانشطة السياسية في الاقليم. وفيما يلي ابرز العوامل التي ادت الى ظهور وتفاقم هذه المشكلة لعدم تفهم الاكراد لطبيعة العلاقة بين هذه الجماعات الاثنية مما اربكت الحكومة في التعامل معها، وقد استنتجتها من دراسة وتحليل ومتابعة التطورات التي حصلت في الاقليم.

اولا: الجدال الازلي بين الجماعات العرقية الثلاث وبالاخص ما بين الكلدان والاشوريين حول التسمية القومية وتحديد الهوية ، اذ تبين من مراجعة العديد من الكتب والمقالات المنشورة في الوسائل الاعلامية اصرار الكتاب لكل جماعة اثنية على ان التسمية الحالية لها هي الاصح لتسمية الجماعات الثلاث. وقد ظهر نوعين من الكتاب.
النوع الاول، الكتاب المؤدلجين الذين تتأثر كتاباتهم بالافكار السياسية لاحد الاحزاب وتقدم للقارىء شروحات تستند على الفكر الفلسفي للحزب. وعليه يبحث مثل هؤلاء الكتاب بين ثنايا الكتب التاريخية لينتشل عبارة اوكلمة قد سطرها المؤرخ بقصد اوغيرقصد ويعتبرها الفكرة التي يجب ان لاتناقش طالما انها تدعم ايديولوجية الحزب المعني، ويظل التمجيد قائما من قبل افراد تلك الجماعة لذلك الكاتب حتى ولو كان على خطأ طالما يشفي مرادهم.
وتصنف هذه الكتب التي يعتمدونها الى صنفين: اولا كتب المستشرقين التي كتبت عن بلاد النهرين واصبحت مصادر اساسية، مع انها ليست دقيقة وغير مكتملة وبالاخص القديمة منها، وذلك لعدم معرفة هؤلاء القادمين من الغرب باحوال وتفاصيل الحياة العامة لشعب بين النهرين مما خلطوا الحابل بالنابل كما يقول المثل.
اما النوع الثاني من الكتب فهي التي كتبت من قبل رجال الدين، وكثيرا ما اقتصرت هذه الكتب على تاريخ الكنيسة وسيرة البطاركة والقديسيين ولم تتحدث عن المفاهيم القومية للمؤمنين في كنائسهم وان تطرق البعض منهم، لكن لم يستندوا على اسس علمية وانما قد تبدو اجتهادات خاصة فحسب. علما من خلال تشخيصنا لعقلية الفرد في الجماعات الثلاث، انها تؤول كل مايكتب او يتفوه به رجل الدين حقيقة يجب الخضوع لها وبدون نقاش، وهذا هو شأن المجتمعات النامية كلها.وعليه كانت مثل هذه الكتب سببا رئيسا في تشويه الهوية القومية للجماعات الاثنية الثلاث.
اما النوع الثاني من الكتاب،هم المستقلون والاكادميون، فهم اكثر استقلالية في افكارهم واستنتاجاتهم واكثر موضوعية. وهم يتعرضون الى الامرين، اذا كانت كتاباتهم تميل نحو كتابات الكتاب المؤدلجين والحزب السياسي فانهم ينالون الرضى والتمجيد ويعدونه مفكرا لهم ويتحججون في كل مناسبة بطروحاته. اما اذا تتعارض افكار الكتاب المسقلين مع افكار المؤدلجين والحزب السياسي، فيروا الويل حيث تنهال عليهم الوصفات الشنيعة، فيتهم بالخيانة، وعدم المضوعية والتزوير وتحقيق المصالح الشخصية وحتى تصل الحالة احيانا الى الشتيمة.
واما الاحزاب السياسية للجماعات الاثنية الثلاث، يتباين موقفها بحسب اختلاف فلسفتها السياسية من التسمية القومية. فمن مراجعة الادبيات السياسية للاحزاب الاشورية تبين انها تعد الجماعات الاخرى طوائف دينية، ففي كل خطاباتهم ومناسباتهم يتم ذكر الشعب الاشوري بكل طوائفه اي الاشارة الى الكلدان والسريان فمثلا في لقاء مع مسؤول المنظمة الاثورية الديمقراطية في موقع عينكاوة اثناء اجابته على احدى الاسئلة ((لماذا لم تسأل هذه الاسئلة عن وجود هذا الكم من المذاهب والطوائف في شعبنا))* ، ويبدو ان التجمع السرياني المستقل اكثر حياديا في فلسفته من الحزب الارامي الديمقراطي اذ الاخير لايعترف الا بالتسمية الارامية او السريانية الارامية، اما الكلدان والاشوريين فهما طائفتان دينيتان، وقد جاء في وقائع المؤتمر السرياني العالمي المنعقد في الهند بتاريخ 16/8/ 2006عبارة (( لم يكن هناك اي علماء مشاركين أو اشخاص مستمعين من السريان المشارقة اي من طائفة الكلدان وطائفة الاشوريين)).
وفي مقابلة مع الدكتور صوما تحدث قائلا ((ان الباحثين المشاركين في المؤتمر اجمعوا على ان هوية الغالبية العظمى للمسيحيين المشرقيين السريان، الموارنة، الروم، الاشوريين والكلدان هي الارامية السريانية)). وواصل الحديث قائلا((حتى وان كان البعض منهم لايسمي نفسه باسم السريان الا اننا نحن العلماء لانسميهم الا باسمهم الصحيح اي السريان او الاراميين المسيحيين))25.
واما الاحزاب الكلدانية فهي تشير في ادبياتها السياسية وفي كل المناسبات بضرورة الاعتراف المتبادل بالوجود القومي للاثنيات الثلاث، ولكن لتعنت واصرار الاحزاب الاشورية لعدم الاعتراف فقد يحصل رد فعل اجتماعي ونفسي للاحزاب الكلدانية وكتاب الكلدان ايضا في عدم الاعتراف بالوجود القومي الاشوري.

ثانيا : ظهور المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري في 12- 13 /3/2007 ليكون مجلسا يضم كافة مكونات شعبنا لاستقطاب أفكار ابناء شعبنا والعمل المشترك، ولكن بعيدا عن التوجهات الحزبية والطائفية بحسب ما جاء في المادة 3 من النظام الداخلي للمجلس ووضع المجلس اهدافا لخصها في المادة 5 من نظامه الداخلي لاتختلف عن سواه من منظمات المجتمع المدني26 .
وقد بدأ هذا المجلس تدريجيا بسط افكاره واملاءاته على الاحزاب المنضوية تحت لوائه، وذلك لسببين رئيسين: اولهما الامكانيات المالية اللامحدودة له بفضل نفوذ وزير المالية في حكومة الاقليم (سركيس اغا جان). وثانيا دافعا التملك والسلطة الجامحين لبعض الاشخاص مما ساعد المجلس على كسبهم بسرعة تبريرامنهم لمصلحة شعبنا انما في الواقع هوغير ذلك.
لو ثبت المجلس على هدفه الاساسي الذي هو توحيد الخطاب السياسي لاحزاب شعبنا لكسب الجميع تحت مظلته، لكن في خطوة لاحقة له بادر في رفع توصية الى لجنة صياغة الدستور في المجلس الوطني الكوردستاني، وجاء فيها تثبيت التسمية المخترعة (الكلدن السريان الاشوريين) الواردة في الفقرة3 من المذكرة المرفوعة.27 تلك التسمية التي اثارت التذمر وعدم الرضى عند العامة من شعبنا والعديد من المفكرين والكتاب والاحزاب السياسية ورجال الدين للجماعات الاثنية الثلاث، وذلك لعدم استطلاع اراء الافراد حول المسألة، بل اعتمد على اراء جماعة صغيرة قررت اختراع هذه التسمية وتحت تأثير نفوذ (اغا جان).
واكثر المواقف تشنجا هو موقف الكلدان، بحيث ادى ذلك الى اتخاذ اساقفة الكلدان الكاثوليك في اجتماعهم المنعقد في بلدة عينكاوة بتاريخ5/5/2009 قرارا هاما ورفعت توصية الى لجنة صياغة الدستور لتثبيت التسمية الكلدانية وعدم الاعتراف بالتسمية المخترعة واخذت اللجنة بهذه التوصية. ولكن كالعادة كا(اغا جان) بالمرصاد فاستخدم نفوذه وباعتراف منه في مقابلة شخصية معه لموقع عينكاوة الالكتروني، اذ جاء في حديثه (ان في غيابي ظهرت تغيرات حول هذه المسالة) حيث تدخل ايضا وعلى الفور ثبتت ثانية التسمية التي خطط لها.

ثالثا : الترسبات التاريخية للحكومات السابقة في التعامل مع هذه الجماعات على الاساس الديني واهمال الجانب القومي في التعامل معها.في الوقت الذي بدأت النزعة القومية تنتشر بين الشعوب الاوربية قرابة القرن الثامن عشر 28 بينما ظلت الدولة العثمانية تتعامل مع الشعوب التي كانت تحت سيطرتها على انها طوائف دينية، واستمرت هذه الحالة قائمة عند الحكومات الوطنية بعد ظهورها على اثر سقوط الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى. ولكل الاغراض التي تستوجب الدولة للتعامل مع غير المسلمين كانت تستدعي المرجع الديني الاعلى، وكان البطريرك غالبا ما يمثل المسيحيين. وعند التمثيل في المجالس النيابية ايضا يتم ترشيح الاشخاص من هذه الجماعات على اساس الدين وليس على اساس القومي، ولاتزال هذه الحالة سائدة في الاجراءات الحكومية الحالية وكذلك في اقليم كوردستان. مما كن لهذا العامل انعكاسا سلبيا على العلاقة في التعامل والتعاطي بين حكومة الاقليم والكلدان والسريان والاشوريين.

رابعا : تأخر تشكيل الاحزاب السياسية القومية للكلدان والسريان .
جاء تشكيل الاحزاب السياسية القومية لكل من الكلدان والسريان متأخرا قياسا للاشوريين، اذ بدات التنظيمات الاشورية السياسية منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي تحت تسميات قومية الى جانب الاحزاب الكردية المعارضة للحكومة العراقية في المنطقة الشمالية اما السياسيين من الكلدان والسريان لم يشكلوا احزابا سياسية الى مابعد 1991 بل مارسوا العمل السياسي ضمن الاحزاب الاخرى الكردية منها والعربية مثل الحزب الديمقراطي الكوردستاني والحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث العربي الاشتراكي وغيرها من الاحزاب التي تشكلت منذ قيام الدولة العراقية، وكانت لهذه الانتماءات دورا كبيرا لتطوير الخبرة السياسية العامة عند الكلدان والسريان اكثر من الاشوريين الذين تقوقعوا ضمن احزابهم القومية، لذا أصبحت معروفة لدى الاكراد تسمية الاثوريين وبعدها الاشوريين اكثر من الكلدان والسريان. وقد ساعد ايضا تقارب مسؤول حركة زوعا الاشورية للحاكم العسكري الامريكي (بليمر) بعد سقوط الحكومة العراقية سنة 2003 في بلورة الفكر القومي الاشوري وانفراده في الساحة السياسية عند الحكومة المركزية واستبعاد الكلدان والسريان بحيث اثرت هذه العملية على التعاطي معهما من قبل حكومة الاقليم والحكومة المركزية.

خامسا :الوسائل الاعلامية
تعد الوسائل الاعلامية وبالذات المرئية الفضائية في الوقت المعاصر ابرز العوامل التي بواسطتها يتم توصيل الافكار والايديولوجيات السياسية الى افراد المجتمع البشري، فهي وسيلة التواصل الاجتماعي والسياسي والفكري، فهي وسيلة اساسية في تحفيز المشاعر القومية والتذكير بالتراث الاجتماعي والتضامن الاجتماعي للافراد، فهي التي تبرز وتحدد الهوية القومية للجماعة الاثنية لكي تتعرف عليها الجماعات الاخرى.
وقد افتقد الكلدان والسريان الوسائل الاعلامية المرئية، مما اثر ذلك سلبا على توصيل رسالتهما القومية الى المجتمع الكردي، عكس الاشوريين وقد امتلكوا منذ بدء نشاطهم السياسي الماكنة الاعلامية سواء في العراق او في المهجروقد ساعد ذلك لتعريف الاكراد بهويتهم القومية وحفزت مشاعر الافراد القومية لدى الجماعة الاشورية.
ومن جهة اخرى لعبت قناة عشتار الفضائية دورا كبيرا في ارباك الاكراد في التعاطي وعدم تفهم حقيقة الجماعات الاثنية الثلاث والعلاقة بينها، وذلك لتوجيه برامجها من قبل المجلس الكلداني السرياني الاشوري الذي حاول صناعة هذه البرامج لخدمة مصالحه وسخرها لتتثبيت فلسفته، وكانت التأثيرات الاشورية واضحة في برامج هذه القناة الاعلامية.

المبحث الرابع

نحو معالجة توافقية للمشكلة

ساحاول في هذا المبحث ان اضع معالجة توافقية لمشكلة تعاطي اقليم كوردستان مع الكلدان والاشوريين والسريان وفقا لمعطيات البحث كما وردت في المباحث السابقة. وستكون هذه المحاولة من منظور سوسيولوجي، ذلك المنظور الذي يؤكد في تحليله للظواهر الاجتماعية على دراسة الواقع الحالي لموضوع الدراسة .وعليه انني لم استند على البعد التاريخي الذي يدخلنا في دهاليز قد لانستطيع الخروج منها، بل قد يساعدنا ببعض الشيء في التحليل الاجتماعي .
يفهم المتابع لتاريخ بلاد الرافدين انه يمتاز بسمة ديناميكية متفاعلة واتصال واحتكاك حضاري متواصل لقرون عديدة وذلك بسبب الموقع الجغرافي لهذه المنطقة وثرائها في الموارد البشرية والطبيعية في مختلف العصور. وقد شهدت المنطقة حروبا كثيرة تلك التي خاضها الاكديون والبابليون والاشوريون والكلدانيون والاراميون فيما بينهم او مع شعوب اخرى وافدة الى البلاد، وذلك لظهور قوى متعددة متنافسة على المصادر الاقتصادية، لان هدف تلك الحروب كان اقتصاديا في الدرجة الاولى، او لرغبة بعض الملوك من اجل تمجيد ذاتهم واشباع رغبة جامحة عندهم للسيادة والاستبداد بمقدرات شعوبهم. وقد توافدت شعوب اجنبية الى بلاد النهرين، بدأ بالفرس والسلوقيين والعرب والمغول والعثمانيين وثم قيام الدولة الحديثة ، وحكمت جميعها لفترات طويلة، وكان السكان الاصليين خاضعين لسيطرتهم منذ سقوط الدولة الكلدانية، كما مر بنا في المبحث الثاني.
ووفقا لقوانين الانثروبولوجية وعلم الاجتماع يمكن ان نستنتج ماياتي:

اولا : الوجود التاريخي للجماعات الاثنية الثلاث؛ الكلدان والاشوريين والاراميين (السريان حاليا)؛ في بلاد النهرين ، ذلك الوجود الذي لايمكن لاحد نكرانه الا لمصالح ذاتية وسياسية مؤدلجة.

ثانيا : حدث الاندماج والتلاحم الحضاري لهذه الجماعات في القيم والاعراف الاجتماعية والمعتقدات الدينية والمعرفية واللغة والفن واساليب الانتاج .

ثالثا : وفقا للاحداث التاريخية ظهرت هجرات بشرية للجماعات الثلاث في كل الاتجاهات تحت تأثير الدوافع الاقتصادية والحروب اضافة الى التهجير القسري والاحتفاظ باسرى الحرب في الدول الغالبة. بحيث لانستطيع الجزم حاليا ان التجمعات السكانية من الكلدان والسريان الحالية هي تجمعات اشورية. فكم من مرة هدمت هذه القرى والبلدات وانشأت على انقاضها اخرى بديلة، وكم من الناس تركوا قراهم ورحلوا للاسباب الانفة الذكر.

رابعا : بسبب هذا الاختلاط حدث مايسميه علماء الانثروبولوجية (التملغم البايولجي) عن طريق الزواج مما توحدت الصفات الجسمية بحيث لانستطيع التمييز بين العناصر البشرية اي عدم وجود حاليا عنصر بشري نقي وبالاخص في الشرق الاوسط.

خامسا : انتشرت اللغة الارامية في بلاد الرافدين قبل الميلاد وتداخلت مع اللغات الاخرى وطغت مفرداتها عليها. وانتشرت انتشارا واسعا بعد دخول المسيحية الى المنطقة، واصبحت لغة الطقوس عند الجماعات الثلاث. واما اللغة التي نتحدث حاليا فهي حصيلة تداخل اللغات فيما بينها على مر العصور.

سادسا : بعد سقوط الدولة الكلدانية عام 539 ق .م لم يذكر التاريخ اي دور سياسي للجماعت الاثنية الثلاث، بل ظلت مكانتهم الثقافية والعلمية متواصلة في الفترة الوثنية، وثم ازدهرت عندما بدات اعتناق المسيحية منذ القرن الاول الميلادي حيث تاسست الكنيسة الشرقية28.وكان مركزها الديني اي مقر اقامة البطريرك في مدينة كوخي (المدائن حاليا).

اعتنق المسيحيون في الكنيسة الشرقية التعاليم النسطورية في زمن (باباي) نحو سنة484 م29.وقد توسعت كثيرا نحو الجنوب والشرق والشمال وضمت شعوب عديدة غير الكلدان والاشوريين ، مثل العرب والكرد والفرس والافغان والترك والهنود والصينيون.
ثامنا: عند دخول المؤمنين في الكنيسة الشرقية الى المعتقد الكاثوليكي عام 1551م اطلقوا على انفسهم الكلدان وبتاييد من الفاتيكان30. واما من تبقى من النساطرة عرفوا بالقبائل النسطورية اوسميت بتسميات عشائرية نسبة الى المنطقة الجغرافية مثل، التيارايي اواورمجنايي واشتنايي. وهكذا الى مطلع القرن العشرين وتحديدا قبل الحرب العالمية الاولى1914 م، اذ بدا المبشرون البروتستان في الجبال الوعرة في شرق تركيا حيث تجمعات كثيرة من النساطرة تسكن المنطقة في اثارة تسمية الاشوريين على تلك القبائل
النسطورية وفي البدء لم يتقبلوا هذه التسمية 31، ولكن استقرت تدريجيا على التسمية الاثورية وثم في الثمانينات استحدثت التسمية الاشورية من قبل الاحزاب السياسية الحالية.
وفقا للمعطيات التاريخية والاجتماعية والسياسية يتبين ان المسألة معقدة جدا ولهذا السبب بدأت كل جماعة تستند على وقائع تاريخية لكي تبرهن للاخرين على انها هي الاصل، واحتدم النقاش والجدال الازلي بينها بحيث من الصعوبة جدا ان تتنازل اية من الجماعات عن تسميتها، ولكن الوصول الى الحقيقة مسألة نسبية، فالانسان يسعى دائما ان يكون غالبا ويكره ان يكون مغلوبا، فهو يرى الحقيقة من خلال مصلحته ومألوفات محيطه، فاذا اتحدت مصلحته مع تلك المألوفات الاجتماعية صعب عليه الاعتراف بالحقيقة المخالفة ولو كانت ساطعة كالشمس، وكل جماعة من الناس تعتقد ان عناصر حضارتها هي الاصح من غيرها وان قيمها الاجتماعية هي المعيار الثابت الذي يمتاز به الحق عن الباطل.
ونلاحظ ان كل كاتب يميل في كتاباته الى فرضية دون اخرى حسب ما تتفق وافكاره وانتماءاته السياسية والقومية، فهو يعد المبررات والشواهد التي يختلقها هي الاصح والارقى في التفكير البشري ويتخلى أو يهمل الشواهد والحقائق الاخرى، أو يدعي انها متحيزة .
وقد ظن اغا جان ومن تبعه بان التسمية المخترعة ستحل المشكلة وتنهي هذا الجدال العويص، لكن تفاقمت المشكلة وتطورت نحو الاسوء، بدليل واضح انه قسمت كل جماعة الى عدة اطراف منها المؤيدة والاخرى الرافضة تماما. فقسمت الاحزاب السياسية وعمقت الخلافات بينها، واحدثت شرخا كبيرا بين الكتاب والمثقفين وقسمت سكان القرى الى مؤيد ومعارض.
لم تكن محاولة موفقة اذ انها لم تعتمد على الاسس العلمية، ولم تعير اهمية لمشاعر الافراد واتجاهاتهم ومواقفهم من القضية. فلا يمكن ان تمنح الهوية القومية الى شعب من الشعوب بقرار سياسي، ولاتوجد تسمية مركبة كهذه في كل المواثيق الدولية تاريخيا وحاليا لاية جماعة اثنية مثل جماعة (الكلدان السريان الاشوريين). وقد اهمل المجلس اهمية العوامل النفسية والاجتماعية في مسألة تبلور الشخصية القومية للفرد ومدى تأثيرها في تصرفاته وتفكيره ومواقفه العامة.
وفيما يأتي ساطرح نظرية تبين كيف تتبلور الشخصية القومية بحيث لايستطيع الانسان التخلي عن انتمائه القومي:
تعد مسألة تبلور الشخصية القومية والانتماء الى الجماعة البشرية ضرورية جدا في حياة الانسان لكي يحدد مكانته الاجتماعية بالنسبة للجماعات الاخرى خصوصا بعد ان ظهرت النزعة القومية قرابة القرن الثامن عش، وذلك لضعف السلطة الدينية في امور الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وسقوط الامبراطوريات وقيام نظام الدول القومية، علاوة علىانتشار الطباعة باللغة المحلية مما ساعد على بلورة الوعي القومي. 32
يؤكد علماء الاجتماع والانثروبولوجية ان الانسان كائن اجتماعي بالطبع فهو يولد مزودا بالقدرات والقابليات التي تصقلها البيئة الاجتماعية لكي يتأهل للعيش والتكيف مع الجماعة التي ينتمي اليها. تتم هذه العملية بواسطة اللغة المتداولة بين الافراد الذين يتصرفون حيال الاشياء على اساس ما تعنيه تلك الاشياء لهم،وهذه المعاني هي نتاج للتعامل الاجتماعي في المجتمع الانساني، وبعدها تحور هذه المعاني وتعدل ويتم تناولها عبرة عملية تأويل يستخدمها كل فرد في تعامله مع الاشارات التي يواجهها عن طريق التفاعل الاجتماعي الذي يولد المعاني، والمعاني تشكل عالمنا، وهذا يعني اننا نخلق عالمنا بما نضفي عليه من معان، وان هذه المعاني تتغير وتتطور، فان العالم يتغير معها ويتطور.
تنطوي هذه العملية على المجال الادراكي او المعرفي الذي يعتمد على التفكير والتصور الذهني عن الجماعة القومية، وعلى المجال الانفعالي الذي يتضمن المشاعر والحوافز والرغبات عن الجماعة، اضافة الى المجال الفعلي الذي يتضمن الاعمال التي ينجزها الافراد. وتتوقف هذه المجالات على عملية التعلم التي تضطلع الاسرة دورا كبيرا فيها، وتتحدد في ضوئها الشخصية القومية وفقا للمفاهيم التي انتقلت اليه عبر التنشئة الاجتماعية واصبحت جزءا لايمكن فصلها عن شخصيته33.
تنطبق هذه العناصر في بناء المفاهيم القومية عند كل من الكلدان والسريان والاشوريين، اذ تكونت وتبلورت الشخصية القومية للافراد المنتمين الى هذه الجماعات الاثنية وفقا للمعايير والرموز الثقافية، ويفهم الفرد في كل منها ذاته من تصور الاخرين له منذ الطفولة، حيث تبلورت شخصيته وفقا للمفاهيم التي انتقلت اليه عن طريق التنشئة الاجتماعية واصبحت جزءا لا يمكن فصلها عن شخصيته فسيطرت على تفكيره ومجاله الانفعالي، ثم ان الافعال التي ينجزها الفرد تدور ضمن ثقافة قوميته، وهذا التصور اللاشعوري لشخصية الفرد يؤدي الى تقوية النزعة القومية عنده (روح الجماعة)، وتنمو بمرور الزمن وبحكم التمركز السلالي عبر الاجيال، والارادة الكافية للشعور القومي والانتماء والولاء والتضامن وهكذا عند غيره من الافراد، وبالتالي تتشكل الجماعة القومية ويحاولون الحفاظ عليها.
تكفي الفترة الزمنية والتمركز السلالي عبر الاجيال لتقوية روح الجماعة والشخصية القومية عند كل من الكلدان والسريان والاشوريين المعاصرين. حيث تكونت الارادة القومية لدى الكلداني ولايرضى تسميته بغير تسمية الكلداني، وهكذا بالنسبة للسرياني لايحبذ ان يطلق عليه غير السرياني، وكذلك الاشوري على نفس المنوال. اصبحت التسمية جزءا من كيانه وينطق بها لاشعوريا وفقا لاحكام تكون الظاهرة الاجتماعية التي تنمو عند الفرد اذ تتحول من الشعور الى اللاشعور بمرور الزمن، كما اكدها عالم الاجتماع الفرنسي (اميل دوركايم). فالقومية ظاهرة اجتماعية من صفاتها: انها شعورية، والزامية، ولها زمان ومكان محددان، وهي انسانية وموجودة قبل وجود الفرد34. فمهما يحاول الاخرون تجريد الكلداني من كلدانيته لايمكن وكذلك السرياني والاشوري، مثلما لايمكن تجريد الكوردي من كورديته ولا العربي من عروبته.
المعروف في علمي الاجتماع والنفس ان الاسرة تغرس المعاني والمفاهيم والقيم في اذهان افرادها، وتنطبع كاحرف الطابعة على الورق، ولايمكن ازالتها مهما تعرض الفرد الى العوامل التي تتعارض مع تلك المفاهيم الاجتماعية. وقد يكون التغيير في الجوانب المادية للانسان عملية سهلة جدا، فيمكنه ان يتماشى مع المودة في الملابس، وقصة الشع، وتبديل المسكن والاثاث، ولكن من الصعب جدا تغيير المشاعر والقيم والتصورات الذهنية تجاه الحالة المعنوية مثل الانتماء القومي.
للاسرة دور كبير في نقل معالم الثقافة المعنوية للجماعة القومية التي ينتمي اليها عن طريق التنشئة الاجتماعية لابنائها، فالشخصية القومية للفرد تتوقف على العمليات الاجتماعية التي تحيط به منذ ميلاده، باعتبار ان الوالدين هما المثل الاعلى له، وتجعل هذه التنشئة اعتقاد الفرد الحازم بسمو ورفعة جماعته القومية. فالاسرة الكلدانية او الاشورية او السريانية تعلم الفرد الاساليب والاعراف الشعبية التي تكون وليدة العمليات السلوكية التي يقوم الفرد بها في حياته اليومية، وهذه العمليات السلوكية هي انعكاس لعادات الفرد وعادات جماعته القومية، ويكتسب الفرد اسلوبه الشعبي بصورة غير شعورية، وعليه يتمسك به تمسكا شديدا، ويعتقد انه اسلوب حقيقي وصحيح واخلاقي في ان واحد.35
اذن التنشئة الاجتماعية للفرد هي التي تكسبه الشخصية القومية والانتماء القومي، حيث لايرث الانسان قوميته بالولادة، فليس هناك كلدانيا بالولادة ولااشوريا ولا كورديا، فلو افترضنا انها وراثية فكيف سيكون شعور طفل كلداني رضيع شاءت الاقدار وعاش ونشأ في احضان عائلة كوردية؟ هل ستكون شخصيته القومية كلدانية ام كوردية؟ بالطبع كوردية، وفقا لعمليات التنشئة الاجتماعية والنفسية التي ذكرناها- انفا- وخذ المثل الواقعي، العديد من اطفال الارمن فقدوا او نهبوا اثناء اضطهاد الارمن المعروف وعاشوا ضمن عوائل كوردية أوتركية فما هي ياترى مشاعرهم القومية؟ بالطبع كوردية او تركية.
ووفقا لهذه المعطيات والمتغيرات هل نستطيع ان نجرد الكلداني او الاشوري اوالسرياني من مشاعرهم القومية التي اكتسبوها منذ الميلاد بقرار سياسي مثل الذي اقرته حكومة اقليم كوردستان لمجرد اجتهاد شخصي من قبل احد المتنفذين لكي تصبح قوميتهم (الكلداني السرياني الاشوري )؟ لايتجرد مهما خضع الفرد الى المؤثرات الخارجية، الا اذا كانت تلك المؤثرات وسيلة لاشباع واكمال عقدة النقص عند الفرد مثلا يعاني من: عقدة حب السيطرة والزعامة، واثبات الذات،او عقدة التملك، او عقدة النقص في المشاعر الجنسية وعقدة النقص العاطفي، أو كانت الشخصية بشكل عام سايكوباثية (مريضة). ففي حينها يمكن انكار انتمائه القومي لكي يشبع عقدته في الانتماء لجماعة قومية اخرى. فالشعور بالنقص عامل نفسي اجتماعي مهم يجعل الفرد في موقف يتخلى عن قومه بل من مقدساته ايضا، ويتمرد لعدم تمكنه من مواصلة حياته الاجتماعية الطبيعية ضمن جماعته القومية. وهذه حقائق علمية اكدتها الدراسات الاجتماعية والنفسية في مختلف المجتمعات البشرية.
وخلاصة القول ان الشعور القومي للفرد الكلداني والسرياني والاشوري هو المحك الاساسي في فرز الانتماء القومي لسكان بلاد النهرين الاصليين الذين تداخلت دمائهم وثفافتهم وقيمهم ، وعليه يجب ان يترك الامر للفرد في تحديد قوميته وليس بالطريقة القسرية والمصطنعة. وثم يجب ان يكون توحيد هذه الجماعات الاثنية الثلاث بوحدة الخطاب السياسي ووحدة المواقف والاتجاهات وقبول بعضها للبعض وليس الغاء الاخر والتعنت بالاصالة التاريخية وملكيتها لبلاد النهرين، فهم كلدان وسريان واشوريون معاصرون وعلينا ان ندرك معنى (المعاصرون).

التوصيات

في ختام هذا البحث لابد من تقديم بعض التوصيات لتكون بمثابة المقترحات وذلك في ضوء تحليلي لهذه الظاهرة الاجتماعية من منظور اجتماعي ونفسي انثروبولوجي، لعله تستفيد الجهات المختصة منها.
واهم هذه التوصيات التي اراها ضرورية هي :

اولا : اعادة برلمان اقليم كوردستان النظر بالمادة الخامسة من الدستور لصياغتها باسلوب لغوي يرضي الجماعات الاثنية الثلاث بحيث تنعكس ايجابيا على الحالة النفسية والاجتماعية لافرادها، فبدلا من ان تكون الصياغة اللغوية (الكلدن السريان الاشوريين) تحول الى (الكلدان والسريان والاشوريين ).

ثانيا : تمنح حكومة كوردستان الفرصة لافراد هذه الجماعات وشأنها في تحديد تسميتهم القومية، وان لا تفرض عليها رسميا. ويمكن تطبيقها في التعداد السكاني المزمع اجرائه في العراق.

ثالثا : ان يكون التعاطي مع هذه الجماعات الاثنية على الاساس القومي وليس الديني من قبل المؤسسات الرسمية داخل الاقليم والحكومة الفدرالية. ويترتب على هذا التعاطي بما فيه التمثيل البرلماني والوزاري.

رابعا : نظرا لقلة العدد السكاني لهذه الجماعات الاثنية قياسا للجماعات القومية الاخرى ولاعتبارها سكان العراق الاصليين، عليه يجب منح صلاحية لرئيس اقليم كوردستان، وهذا يترتب على رئيس جمهورية العراق ايضا لتعيين اعضاء من الكتل الغير فائزة من الكلدان والسريان والاشوريين بمقاعد في البرلمان لكي تشارك بالعملية السياسية والادارية لكي لا تشعر بالتهميش والغبن النفسي في الوطن.

خامسا : تستحدث حكومة اقليم كوردستان برامج اعلامية باللغة الكوردية لتوضح للمجتمع الكوردي عن الظاهرة القومية المتداخلة عند هذه الجماعات وبشكل مدروس لكي يتمكن الكورد من التجاوب والتعاطي الايجابي معها.

سادسا : ان يكون منح المخصصات والمساعدات المالية من قبل حكومة الاقليم على اساس الحجم السكاني للاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني لهذه الجماعات.

ولكي تعطي الجماعات الكلدانية والسريانية والاشورية انطباعا ايجابيا وواضحا لغيرهم من الجماعات القومية في العراق اقترح ما يأتي :

اولا : توحد الاحزاب السياسية لهذه الجماعات خطابها السياسي لنيل حقوقها والتركيز على تسمية الشعب الكلداني والسرياني والاشوري لتضفي اطمئنان نفسي للجميع.

ثانيا : اعادة الاحزاب السياسية القومية النظر في تعديل دساتيرها وبياناتها التأسيسية لكي لا تتضمن اية اشارة للتعصب القومي الذي يؤدي الى الغاء الاخرونبذ مفهوم اطلاق تسمية الطائفة لغيرها.

ثالثا : اعلان بيان قومي سياسي مشترك للاحزاب السياسية لهذه الجماعات تقر فيه الاعتراف القومي المتبادل مع توحيد خطابها السياسي.

رابعا : توجيه المؤسسات الاعلامية لكل من الكلدان والسريان والاشوريين لتوحيد فلسفتها وسياستها الاعلامية وطرق التعامل مع التسمية بحيث لاتثير مشاعر الاخرين لتكون بداية حقيقية للاعتراف المتبادل.

خامسا: تمارس منظمات المجتمع المدني لهذه الجماعات انشطتها وفعالياتها السياسية والاجتماعية بعيدة عن كل تعصب والغاء الاخر لتعكس صورة اتحادية ومصيرية للحكومة العراقية وحكومة الاقليم.

سادسا : تبادل الخبرات المختلفة بين الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني للجماعات الثلاث لكي يتحقق الاندماج الكامل بمرور الزمن وينجلي التعصب الذي لايخدم مصالحها.

سابعا : ولتحقيق وترجمة مثل هذه المقترحات وغيرها واقعيا يمكن تشكيل لجنة مشتركة من الاكادميين المستقلين في مختلف الاختصاصات الاجتماعية والنفسية والسياسية والاقتصادية والاعلامية لاجراء دراسة موسعة عن هذا الموضوع.

المصادر

فيما يأتي المصادر بحسب ورودها في البحث :


1-Babbi,Earl,The Practice of Social Research.8th Edition Wadsworth Publishing Company.1998 .P280.
2- Ibid .P.118.
3 – Alexander, Jeffrey C and Kenneth ,Thompson.Contemporary Introduction to Sociology.,Pardgu Publishers U.S.A ,2008 ,P301 .
4 – Ibid .P .307 .
5 – Benedict ,Anderson ,Imagined Communities ,Reflections on the Origin and Spread of Nationalism . New York ,1991 , P .5-7 .
6 – Reitz ,Jeffrey G ,The Survival of Ethnic Group .Mc Grew –hill Ryson Limited ,1980 .P .13
7 – Ibid .P .16
8 – Ibid .P .20
9 – Ibid .P.22
10 – Ibid . P. 23
11 – Ibid .P .26
12 – Alexander ,Jeffrey .OP .CIT .P .312 -313
13 – Ibid .P .31
14 – Bienvenue,Rita M and Goldsten,Jaye E ,Ethnicity and Ethnic Relation in Canada.Second Edition .Butterworth Groups ,Canada,Toronto,1985,Pp.87-219 .
15 – Foreign Affairs ,2008 ,pp.138-150 .
16- P.Motensen ,On the Chronology of Early Village Farming Communities in North Iraq ,in Sumer ,18 ,1962 .pp.74-76
وكذلك :هنري فرانكفورت ،فجر الحضارات في الشرق القديم ،ترجمة ميخائيل خوري،بيروت 1959 ،ص 52 .
17 – باقر ،طه ،مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ،الجزء الاول ،بغداد،1973,ص388 .
18 –المصدر السابق ،ص 453 .
19 – Lewy ,H. Assyrian C .2600 -1816 B-C in C.A.H 3rd Edition vol 1,part 2,History of Middle East ,Cambridge ,1971 ,p,754-760 .
20 – H . Frankfort ,The Last Predynastic Period in Babylonia C G H ,1 part2 ,pp, 87-88 .
وكذلك:عبداللطيف ،محمد. تاريخ العراق القديم ،الاسكندرية ،1977،ص 30 -31 .
21 –سليم ،احمد امين ،تاريخ الشرق الادنى القديم ،دار المعرفة الجامعية ،الاسكندرية ،1993 ،ص 262 .
22 – سليم ،احمد امين ،دراسات في تاريخ ايران القديم وحضارتها ،الجزء الاول ،بيروت ،1988 ،ص118 .
وكذلك : مهران ، محمد بيومي ، تاريخ العراق القديم ،دار المعرفة الجامعية ،الاسكندرية ،1990 ،ص49 .
23 – الموقع الالكتروني الرسمي لحكومة اقليم كوردستان ،لائحة حقوق القوميات والاديان والطوائف الدينية في اقليم كوردستان
24 – المصدر السابق ،دستور اقليم كوردستان .
* لقاء مع يونان طليا شليمون مسؤول اللجنة المركزية في المنظمة الاشورية الديمقراطية في موقع عينكاوة.
25 – الموقع الالكتروني الرسمي للتنظيم الارامي ، مقابلة مع الدكتور اسعد برصوما .
26 – النظام الداخلي لمجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري .نسخة مصورة
27 – نسخة من المذكرة المرفوعة الى لجنة صياغة الدستور في اقليم كوردستان.نسخة مصورة.
28 – دلي ،عمانوئيل (المطران) .المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق,بغداد، 1994 ،ص 7.
29 – المصدر السابق نفسه ،ص 8.
30 – تيسران ، اوجين (الكاردينال) ،خلاصة تاريخية لكنيسة الكلدان ،ترجمة القس سليمان ، الموصل ،1939،ص 111وما بعدها.
وكذلك البير ابونا (الاب)تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية ،الجزء الثالث ،دار الشرق ،بيروت،ص 133 .31 – شليمون ،كورش يعقوب ،ترجمة وليم ميخائيل ،تاريخ الاشوريين منذ بداية القرن العشرين ،خاصة في فترة الحربين العالميتين،شيكاغو،1995 ص 13.
32 – بندكت ،اندرسون ،منابع الوعي القومي ،حوارات ومناقشات ،منشورات وزارة الثقافة ،دمشق، 1994 ص 20 -31.
33 – Ritzier ,George ,Modern Sociological Theory , 7th Edition ,Mc Graw company New York ,2008 , p 223- 224 .
34 – Ibid ,p 18 – 19 .
35 – Teevan ,James J and Hewty .W.E ,Introduction to Sociology Fifth Edition ,Hill Canada Inc ,Ontario ,1995 ,pp.57- 58 .
Also Karp ,David A ,Sociology in Every Day Life ,second Edition ,Peacock Publisher ,Inc ,1997,pp .37 -55

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *