مشاعـلُ مؤتمر النهـضة الكلدانية تـضيء 30/3 – 1/ 4/2011 ( 1 )و( 2 )

 
بركات الرب والشكر والإمتـنان لكـل مَن ساهـم في إقامة مؤتمر سان ديـيـﮔـو

بقـلم : مايكل سـيـﭙـي / سـدني
شـكـراً لكـل مَن ساهـم في فـكـرة عـقـد المؤتمر – مؤتمر النهـضة الكـلدانية في سان ديـيـﮔـو – وخـطـَّـط له وهـيأ مستـلزماته الفـكـرية والإدارية واللوجـستية وكـرَم الضيافة الأخـوية ، والحـفاوة التي إستــُـقـبـِلـنا بها ونحـن محاطـون بالمحـبة القـلبـية ، ورتـَّـب فـرص التـرفـيه عـن ساعات عـمل المؤتمر في برامج الصلاة والأناشيد القـومية واللقاءات الشعـبـية ، ولكل مَن ضحى من أجـل إتمامه ونجاحه بدرجة عالية . وإعـتماداً عـلى ذاكـرتي يسرني أن أذكـر أسماءاً محـتـرمة  وأكـيد سوف أنسى بعـضها فأرجـو المعـذرة مسبقاً . لا أبـدأ إلاّ بالسادة العـلمانيّـين لغاية في نـفـس إبراهـيم ( فالغاية ليست دائماً في نـفـس يعـقـوب ) ولكـن لأمانة الكـتابة لابد أن أكـون صريحاً ولستُ ممن ينـتـظر تـرفـيعاً أوتـكـريماً وقـد أثـبَـتُّ ذلك عـملياً وأمام المؤتـمرين كافة . لـقـد بذل الإخـوة : د. نـوري بركة ، مؤيـد هـيلو ، وصباح دمان ، سـتيـﭭـن ( تـركـيا ) ، رياض حـمامة جـهـوداً مخـلصة لا تـقـيَّـم بثمن في إنجاح المؤتمر وخـدمة المؤتمرين لوجـستياً وإدارياً . ومما لا شك أن سيادة المطران سـرهـد جـمو كان المسانـد القـوي لابل المقاتل الصلب في الساحة مع الأخ الحـبـيـب مهـنـدس الوحـدة المسيحـية المندمجة بالوحـدة القـومية سيادة الأسقـف باوي سورو الذي جـسَّـد محـبته للشعـب الكـلداني متحـداً بإخـوة المسيح مع شعـبنا الآشوري في كـنيسة واحـدة وأمة واحـدة حـين ساهم بكـلمته ذات المعاني الأصيلة الصادقة وبرسالته المسيحـية التي نـذر نـفـسه لأجـلها ، وكـيف أنسى الأب الفاضل نـوئيل ( وأيّ نوئيل ) إنه بحـق ذلك الكـلداني الشهم الذي مِن بَعـد ربه لا يُـساوم أبداً عـلى كـلدانيته ، سريع الحـركة دؤوباً في عـمله لا يكـل عـن أية خـدمة تــُـطـلـَـب منه ولهذا نـراه رشيقاً في قامته . إن مِلاك العـمل واسع في كـنيسة مار ﭙـطرس فـقـد لاحـظـتُ الأخ نـصرت دمان لا يكل بكامرته ومتابعـته نشاطات المؤتمر بالإضافة إلى إدارة موقع كـلدايا . نت ، والآنسة مورين مهـندسة التصاميم ، والماسير تـربـيثا النشطة الودودة والسيدة أو الآنسة نوال وعـريفة الحـفل المتمكـّـنة لغـوياً لينا في الأمسية السيمـفـونية ، والآباء الشباب مايكل ، فـيلكس ويؤسفـني لست أتـذكـر الباقـين ، والسيد كامل قـوجا المتواضع والمحـب لعـمله داخـل الكـنيسة ، والكـثيرون العاملون في إدارة القاعة ومستلزمات الضيافة بقـلوب منشرحة وفي الحـقـيقة لم نـكن ضيوفاً بل كـنا في دارنا ، معـتـرفـين بأنَّ منـذ لحـظة حـضورنا إلى – وحـتى مغادرتـنا مؤتمر سان ديـيـﮔـو لم يُـكـلفـنا سنـتاً واحـداً إقامة وضيافة ولجـميع المؤتمرين عـلى الإطلاق .  وإلتـقـيتُ بزميل مقاعـد الدراسة في ألقـوش عـزيز رزوقي الذي أدّى دور عـريف الحـفل بكـفاءة أكـثر من مرة ، ورأيتُ الأخ عادل زوري نشطاً بـين أروقة المؤتمر وفي متابعة موقعه الإلكـتـروني ، وكـذلك نشأت دمان خـدوماً أثـناء إنعـقاد المؤتمر والذي أعـجـبني آخـر مقال كان قـد كـتبه قـبَـيل إنعـقاده ، وريمون شلال صاحـب الأشعار الحادة والسهام المدبّـبة بلغـتـنا الكـلدانية المحـكـيّة والذي سَـرَّهُ تـعَـرّفه بي . ولابد من ذكـر الذين ساهـموا في إنجاح المؤتمر كل من جانبه وحـسب فـرصته في خـدمة مدعـوّيه ودفع عـجـلته إلى الأمام دون أية عـرقلة ، فـقد كان في إستـقـبالنا عـند المطار السيد موشي من تـلكـيف وزوجـته الألقـوشية وفاء ( وهي أم مورين المذكـورة ) حـيث أخـذونا إلى مكان إقامتـنا لفـترة قـصيرة ثم إلى مأدبة عـراقـية – وهم ممتـلئين فـرحاً في خـدمتهم لنا – ومن بعـد ذلك إلى فـنجان قـهـوة في دارهم حـتى الساعة الحادية عـشرة ليلاً وأخـيراً إلى محـل إقامتـنا ، كما لم يوفـروا جـهداً في الأيام التالية حـيث ساهـموا في إيصال المؤتمرين من وإلى قاعة الإجـتماع . وعـند إنـتهاء عـمل المؤتمر بقـيتُ يومَـين إضافـيّـين والإخـوة مستعـدون لنقـلنا إلى حـيث نشاء فـكان السيد رحـيم العـم ﭙـولص غـني النـفـس كـريم الروح أخـذنا إلى داره ثم إلى جـولة عامة ، وفي يوم آخـر أخـذنا فاروق إبن خال أردوان إلى دار السيناتـور الكـلداني وديع دَدّة حـيث سأخـصص له مقالاً مستـقلاً ، ، وأخـيراً أوصلني سامر العـوصـﭽـي مشـكـوراً إلى المطار ، أدام الله بركاته عـلى الجـميع . وإلى اللقاء في المؤتمر المقـبل والذي يسرني أن أسميه ( مؤتمر نهـضة العـمل الكـلداني ) متمنياً إنعـقاده في أستـراليا إذا تهـيأتْ الأجـواء المشجعة والمؤسسات السانـدة مثـلما رأينا في سان ديـيـﮔـو ، كي نـردّ ، لا الجـميل بل الواجـب  بالعـمل والتـضحـية والوفاء فـسيكـونون في مقلة عـيونـنا قـبل ممرّات قـلوبنا . 

( 2 )
أنـتم ملح الأرض ، كـونوا روّاداً في قـمة جـلجـلة الفادي ، لا أتباعاً في قـعـر الوادي   

يخـتـلف المخـرجـون السينمائـيون في طريقة إخـراجهم أفلامهم ، فـمنهم مَن يعـرض مشكـلة القـصة الأساسية في المقـدمة كي يشدّ المُشاهـِد إلى الشاشة وينـتـظر حلاً ، ومنهم مَن يعـرض نـتيجة القـصة مقـدّماً كي يجـعـل المُـشاهِـد يتـتـبّع الفـلم حـتى يرى كـيف آلتْ إليه تـلك النهاية ، أو يسأل سؤالاً ذا علاقة بمجـرياتها فـيجـعـل المُشاهـد يتـوق إلى الجـواب ، ومنهم مَن يسرد القـصة كما حـدثـتْ متسلسلة بالطريقة الكـلاسيكـية المألوفة . أما المقالات التي سأكـتبها حـول مؤتمر النهضة الكلدانية فـستكـون ضوءاً ليزرياً عـلى منعـطفات الحـقـول المحـيطة به قـبل وُلوجي ممراته أحـياناً ، وأحـياناً أخـرى ضوءاً من عـدسة لامّة عـلى مداخـله ، وربما ألقي الضوء أيضاً عـلى سـفـوحه من بَعـيد قـبل الإقـتـراب إليه ، ثم حـين أرى الوقـت المناسب أدخل قاعاته لأرى وأستمع إلى ما يجـول بخـواطر الذين دَعـوا له والمدعـوّين إليه ، والدردشات في أروقـته ولوجـستية إداريّـيه وخـدماتهم بعـد إنـتهائه كي نـتـعـلَّـمَ منه لمؤتـمرات تــُعـقــَـد بعـده ، نعم سأصوّر تلك المَشاهِـد في أجـواء المؤتمر المُـقام عـلى أرض سان ديـيـﮔـو التي تراها عـدسة قـلمي وتسمعـها لاقـطة أناملي ، ولا أستـطيع أن أرسم ما لا أراه ، مثـلما لن أسجّـل ما لم أسمعه من رعـد وبرق وأمطار عـند الجـهة المقابلة من الكـرة الأرضية حـيث كازخـستان مثلاً . 
عـندما حان وقـت مغادرتي سان ديـيـﮔـو مساء الإثـنين 4 / 4 حـيث عـُـقِـدَ مؤتمر النهـضة الكـلدانية لأيام ثلاث ، إلى سان فـرانسيسكـو ومنها إلى سدني ، وبعـد تـناول وجـبة العـشاء في الطائرة سألني المضيّـف بالإنـﮔـليزية إنْ كـنـتُ أحـتاج شيئاً بصورة خاصة فـقـلتُ كلاّ ، ثم سألني إنْ كـنـتُ أرغـب قـدحاً من القـهـوة أو الشاي ، فـقـلتُ شاي مع سـكـّـر زيادة ، فـكان لي ذلك ثم سألني : هـل أنـتَ إيراني ؟ قـلتُ : كلاّ أنا عـراقي كاثوليكي ، كـلداني القـومية ! قال : أتشـرّف بك وأنا لبناني ، وهـنا إنـقـلب الحـديث إلى اللغة العـربـية فأضاف : قـبل فـتـرة كان في الطائرة ﭙاطريرك آشوري ، فـقـلتُ : هـل كان إسمه مار دنخا ؟ لم يُـجـب ، ثم : هـل إسمه مار أدّاي ، مار ميلس ؟ فـلم ينـتبه بل قال : إنه الـﭙاطريرك الشاب الذي عُـيِّـنَ بديلاً عـن المطران الذي قـتل في نينوى ! وهـنا إستوقـفـته وقـلتُ : إنه المطران إيميل ، قال : إيميل ! إيميل نعـم كان ذاهـباً إلى موديستـو – أميركا ، قـلتُ : إنه مطـران كـلداني القـومية صديقي ، إنه شاب فعلاً ومِن بلدتي ألقـوش المذكـورة في الكـتاب المقـدّس في سفـر ناحـوم . ولمـّا كان مِن طبعي حـبّ الحـوار أضفـتُ وقـلتُ : نحـن الكـلدانيّون كـُـنا نملأ العـراق مع أبناء شعـبنا الآشوري ، إلاّ أنّ الزمن جـعـلنا اليوم أقـلية ، فـقال : ونحـن أيضاً في لبنان هـذا حالنا ، قـلتُ : أتـدري أين السبـب ؟ السبـب هـو أنّ ربنا يسوع المسيح ركـب جـحـشاً إبن أتان أما الآخـر إمتـطى الحـصان ، فـهـزّ رأسه إلى الأعـلى والأسفل مع إبتـسامة ورِقـّـة الفـنان . 
وطالما جـرى الحـديث عـن المطران والكـتاب المقـدس ، قادتـني ذاكـرتي الآن إلى مقال لي مكـتوب في صفحات كـثيرة تربو عـلى الثلاثين غـير منشور وبعـنوان (  في رحاب الكـنيسة ) أتـحـدّث فـيه عـن ذكـرياتي الكـنسية منذ الطفـولة ، وقـد وردتْ فـيه الفـقـرة التالية :
(( وكان زميلي في صفـِّي الدراسي عام 1962 وجـيراني من المحلة ويعـرف هـيامي بالكـنيسة وفـضاءاتها هـو: عـزيز ﮔوريال أودو ( ﮔــُـدّا ) ، وقـد سألني مرة : هـل ترافـقـني إلى الكـنيسة يوم الأحـد المقـبل الساعة الرابعة عـصراً ؟ قـلتُ له : هـل توجـد مناسبة ؟ قال : نجـتمع سوية للصلاة ونبحـث في تفـسير الإنجـيل والشؤون الدينية ؟ قـلتُ : نعـم ، فـذهـبنا سوية إلى ساحة الكـنيسة ( والإجـتماع المزمع سيكـون في الغـرفة العـليا ) . لاحـظـتُ أنّ دردشات ثـنائية بدأتْ عـند البعـض وحـركات غامضة غـير ضرورية لدى آخـرين ، فـتارة يُـسـتـدعى صاحـبي لعـدّة دقائق ثم يأتيني ، وتارة أخـرى يقـول لي إنـتظر سآتيك ، وآخـرون يتشاورون بصوت خافـت ثم يذهـبون عـند مجـموعة أخـرى فـرأيتُ نفـسي غـريباً وأنا إبن الكـنيسة ولي أصدقاء كـثيرون من بين الحاضرين هـناك بحـكـم قـربي الروحي من هـذه البناية . وإقـتربتْ الساعة من الخامسة وليس هـناك أيّ إجـتماع ! سألتُ صديقي : متى يبدأ الحاضرون بالصلاة والوعـظ … قال : بعـد قـليل . وأخـيراً إستـدعاني قائـلاً : لقـد تأجّـل إجـتماع ( الأخـوية ) إلى الأسبوع القادم وهـلمّ نخـرج . خـرجـنا سوية وحـدسي يقـول أنّ هـناك شيئاً أجهله . وبعـد أسبوع حـضرتُ معه إجـتماعهم وأصبحـتُ من الناشطـين بينهم . أما لماذا كان ذلك المشهـد في ساحة الكـنيسة حـين تواجَـدْتُ معهـم للمرة الأولى حـيث الإرتباك والقـلق والنظرات وكأنّ هـناك عـتاب ؟ لقـد عـلمْـتُ السبب لاحـقاً وهـو: إنّ صاحـبي لم يُـبَـلـّغ رئيس الأخـوية أو الكاهـن أو أيّ مسؤول هـناك عـن قـدومي ، فـكان المطلوب منه أن يطرح إسمي أمامهم في إجـتماعـهم أولاً ، وإذا لم يعـترض عـليّ أحـد عـندئـذ يمكـنه أن يأخـذني لحـضور لقاءاتهم  فـيرحّـبون بي ويقـبَـلوني بينهـم عـضواً في أخـويّـتهم وهـكـذا حـصل )) . إنتهى
ومثـلما يُـقال أنّ التأريخ يعـيد نـفـسه فالمَشاهِـد الدرامية تـتـكـرّر في الحـياة بتـشابه ملفِـت للنـظر ، لـذا يسرّني اليوم أن أعـلق عـلى ذلك الحـدث رغم مرور ما يقارب الخـمسين عاماً عـليه وأقـول : لم يكـونوا رفاق الأخـوية ملزمين للتباحـث في الأمر ليقـرّروا قـبولي بـين صفـوفهم وخاصة عـلى الملأ أمام الجـميع ، بل كان الأولى بأولئك الرفاق رفاق الكـنيسة أن يزدادوا غـبطة وإفـتخاراً برغـبة أمثالي في الإنـتماء إلى مجـموعـتهم ، خاصة وأنا متخـرج من المذبح المقـدس ، وأخـدم خادمه ، فـقـد سمعـوا رنات أوتار حـنجـرتي وإستمتعـوا بنبرات صوتي وهامـوا بالحجاز والبـيات من مقاماتي بالإضافة إلى عِـلمهم بمواقـفي المتحـفـظة في الخـضم الهائج في ألقـوش الحـبـيـبة قـصبتي . ولم يكـونوا بحاجة إلى إرضاء مخـتار المحـلة ، ولا ساعـور الكـنيسة ، ولا مباركة شيخ الديرة ، بل ولا إلى أخـذ الحـيطة والحـذر من السلطات المحـلية ، فلا حاجة لمداهـنـتها ، وإنما كان الأفـضل لو أعـطوا لي فـرصة الدفاع عـن نـفـسي وجهاً لوجه من أجـل إيضاح الغـوامض أمامهم إنْ وُجـِدَتْ عـندهم . وهـناك مسألة قـد تـكـون جـديرة بالذكـر ، وفي غاية الأهـمية اليوم ، تلك التي تــُـشغِـل البعـض منـذ زمن وحـتى الآن ، ألا وهي التـصويت والأصوات ، المناصب والقـيادات ، الإنـتماءات والولاءات ، للشماليات أو الجـنوبـيات ، أقـول لربما كان البعـض منهم غـير ملمّ بثبات رأيي وصلابة فـكـري في حالة التصويت لإنـتـخاب رئيس الأخـوية مثلاً . نعـم فالصوت الواحـد قـد يقـلب الموازين ، ولكـني من النوع الذي أعـمل بما يملي عـليّ ضميري ليس إلاّ ، وقـد تـعـلـّـمتُ ذلك من أساتـذتي ذوي الضمير الحي ، فـلماذا يهاب البعـض من هـذا الموضوع في هـذه الأيام ، وهم يتـعاملون مع أشخاص لهم مكانـتهم وضميرهم وشخـصيتهم الفـذة ، لا بل ليسوا كـمَن إرتـخـتْ مفاصله أمام بعـض الهـِـبات الفانيات ، وزعـزعـتـْهم الهـزات العابرات ، وإنما هم فـلسفـيّـو الطروحات عـميقـو النـظـرات أبـِـيُّـو النـفـسيّات . نعـم لا يقـبلون بالزائغ من الخـطـوات ، نحـن  نعـرفهم عـن قـرب ، إنهم واثـقـو الخـطوة يمشون مَـلـّـكاً عـلى الأرض كما في السماوات .     
إنّ مشـهـداً مماثلاً قـد يتـكـرّر اليوم أو غـداً ، ومَن يدري فـلربما حـدَثَ البارحة ! بـين رفاق الهامة الجُـمبدية أو أعـضاء الأخـوية أو أفـراد حـلقة رياضة روحـية أو وفـود روما الـﭙـطرسية ، أو بـين أغـصان نـحـن كـُـلنا وُرَيقاتها الفـتية ، والكـرمة هـو الرب سـيِّــد الكائـنات الأرضية والسماوية . عـجـيـبة هـذه الأيام ، تـَـرى الأولاد الإخـوة يتـصافـحـون ويصافـحـون أباهم الحيّ كأيتام ، صغـيرُهم وَعَـدَ ونـذرَ تـقـواه وبَـتوليَّـته وطاعـته وإسكـيمه وعـْـد الخـتام ، تـَـوَسَّـمـْـنا فـيه خـيراً منذ أوّل الأيام ، كـنا سبّاقـين في رش العـطـور فـوق هامته عـلى الدوام ، لكـنه أخـيراً تجـنـَّـب مجالسة أخـيه الأكـبر حاملُ غـصن زيتون السلام ، لماذا يا سيادة سـيدي ؟ هـل من أجـل إرضاء الذئاب في وادي الحـراب والسهام ؟ وآخـَـرٌ ثاني ، رفـض عـناقاً وقـبلة من غـصن ريّان ذي جـدارة وحـب صادق لا غـش فـيه ولا حـطام ، لماذا أيها الساكـن في قـلوبنا ؟ هـل من أجـل جـدار سينـدثـر يوماً ولا يـبقى إلاّ ذو الجـلال والإكـرام ؟ وآخـرٌ ثالثهم ورابعـهم رفاق الصِّـبا ضمن المشهد والصورة عـلى الدوام ، نـسَوا التأريخ الماضي فـتـفاخـروا بالصلابة وبحـجة ركـيكة القِـوام ، جـميعهم لم يسمعـوا إرشاد المعـلم فـضاعـتْ منهم حـكمة الحـيّات وَ ريش الحـمام ، فـبأيّ حـجة تـقابلون ربكم يوماً يا أصحاب الرتب والمقام ؟ الأصوات تـناديكم : (( الآن الآن وليس غـداً ، أجـراس العَـودة فـلتـقـرع )) فـنحـن بأمسّ الحاجة إلى سماع قـرع الأجـراس في الساحات الخالدات ، أكـثر من دَويّ صخـور الوديان الهابطات ـ طوريه ﭙَـشـْـرينْ أخْ شـْـعـوثا ـ …..  نعـم اليوم ، وليس بعـد مغادرة العُـمدة في ليالٍ حالكات ، وحـينها ستـتمزق الأشرعة فـتأتي الرياح بما لا يشتهي السَفـن والمُجَـذفات ، فـهـل – لِـﮔـفــْـتـوها وهـيّه طايـرة – يا سادتـنا حَـمَـلة الأوسمة والشهادات ؟ . 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *