مسيحيون في الوثائق البريطانية الخاصة بالشيخ عبيدالله النهري

                                                            إعداد أبلحد أفرام

في الكثير من النزاعات والحروب والعمليات العسكرية، لحقت خسائر جسيمة بالمسيحيين في الأرواح والأملاك والممتلكات وأشير الى بعض هذه الخسائر في العديد من التقارير والوثائق المخابراتية والإستخباراتية البريطانية والفرنسية الخاصة بالشرق الأوسط وخاصة في الدولة العثمانية وإيران والعراق . وأشير الى ما لحق بهم من مظالم وقتل جماعي وإضطهاد منظم وغير منظم ، والمساومات عليهم من قبل المستعمرين والمبشرين الذين كان معظمهم رجال مخارات لدولهم تستروا تحت غطاء الدين لتحقيق أهدافهم سيما في القرن التاسع عشر ، لذا سنخص في هذا المقال مسيحيي إيران والدولة العثمانية بالدرجة الأولى ومن خلال الوثائق الخاصة بالشيخ عبيدالله النهري وحركته أو ثورته كما وردت في الوثائق والبرقيات وتقارير بعثت من قبل القنصليات والممثليات وضباط المخابرات والإستخبارت اوالمبشرين البريطانيين والفرنسيين والأمريكان وسأعتمد في مقالي هذا على الكتاب الذي ألفه الأستاذ والزميل تيلي أمين تحت عنوان ( حركة الشيخ عبيدالله النهري في الوثائق البريطانية ) . والمصادر التي إعتمد عليها مؤلف الكتاب المحترم . والجدير بالإشارة هنا وردت في هذه الوثائق تعابير متعددة بخصوص المسيحيين فتارة ذكروا على أساس المذهب النسطوري وتارة على أساس الدين فسموا بالمسيحيين ولاحظت أن الأخ المؤلف قام بتغيير التسمية المذهبية أعلاه بتسمية حديثة بخلاف ما ورد في تلك الوثائق إستنادا الى التسميات المستخدمة حاليا كذكره أو تبديله تسمية النساطرة بالآشوريين .
ومن هذه الوثائق نقتطف بعض الفقرات الخاصة بالمسيحيين ومنها . في برقية بعثها الميجر تروتر قنصل بريطانيا في وان الى سفير بلاده في إسطنبول يقول فيها بأن نفوذ الشيخ عبيدالله النهري فاق نفوذ السلطان العثماني نفسه ذاكرا فيها بأن الشيخ إستفاد من نفوذه هذا في إنقاذ الكثير من المسيحيين من الموت اثناء أحداث أو حوادث بايزيد ، وتضيف البرقية بأن الشيخ عبيدالله يريد تحرير الكرد من السلطة العثمانية وتشكيل حكومة تمتد سلطتها من وان الى الموصل ومن ثم شمول كردستان بأجمعها، ولبلوغ الهدف يعمل على حماية المسيحيين [ لنيل عطف الدول والحكومات الغربية وتأييدها له في مشروعه هذا ـ كاتب المقال ] . كان الكابتن كلايتون وكيل القنصل البريطاني في وان قد أشار في برقية له بتاريخ 5 / أكتوبر/1880 بأن الشيخ لا يتفق مع من يريد تشكيل دولة أرمنية في قلب كردستان ، وجاء في كتاب ألفه ( روبرت سبير) عن حياة المبشر ( كوجران) الذي كما يبدو كان على علاقة حميمة بالشيخ عبيدالله ونقل عنه بأنه في زيارة للشيخ الى السلطان العثماني مدح المسيحيين النساطرة قائلا بأنهم أفضل رعايا السلطان غير أن الأخير لم يكن له قناعة بالأمر. يشير العديد من المبشرين والأجانب الى أن الشيخ كان متسامحا وحسن التعامل مع المسيحيين عامة وكان يريد ضمان ولائهم له لتوحيد الصف الداخلي . ومن سير الأحداث وفق ما ورد في الوثائق بأن المسيحيين النساطرة كانوا اكثر تجاوبا مع الشيخ من الأرمن ، وكان الشيخ ذاته يراسل البطريرك مارشمعون لذا كان المارشعون وخمسة عشر من رؤساء ووجهاء القبائل النسطورية كما جاء في جريدة( مشاك ) الأرمنية قد ايدوا الشيخ عبيدالله في الإنتفاضة ضد الحكومة الأيرانية التي كانت تميز بين المسلمين والمسيحيين الى درجة أن القانون الأيراني حينئذ كان يقضي بأن أي مسيحي يشهر إسلامه يستحوذ على أملاك وممتلكات أسرته بأجمعها وكذا الحال بالنسبة للفتيات والنساء ، كما كانت الضرائب المفروضة على المسيحيين أكثر من التي تجبى من المسلمين ، كما أن شهادة المسيحي على المسلم لم تكن مقبولة في المحاكم والقوانين الإيرانية . وورد في تقرير للقنصل البريطاني في أرضروم بأن الكرد قاموا بهجوم على عشرين قرية أرمنية خلال الفترة (آذارـ حزيران /1880 ). يقول القائم بأعمال القنصل البريطاني في وان المستر كلايتون في تقرير له الى الميجر تروتـر القنصل البريطاني بتاريخ 11 /7 /1880 بأنه من الواضح أن الشيخ والكرد عامة يعارضون منح أي إمتياز للنساطرة المسيحيين والأرمن على حساب الكرد رغم رغبة الشيخ بإشراك النساطرة والأرمن في الحركة الكردية ويختتم كلايتون رسالته بالعبارة ( … نتيجة الروابط السياسية والمذهبية في المنطقة هناك إعتقاد قوي بأن النسطوريين جديرون بالوصاية البريطانية وان الإهتمام البريطاني بهم سيهدم العلاقة بين إسطنبول ولندن ) . 
في وثيقة أخرى للقنصل آبوت الى أيرل كرانفيل بتاريخ 21 / تموز/1880 يقول فيها بأنه أرسل ثلاث رسائل الى الوزير المفوض للحكومة السامية في طهران حول القلاقل على الشريط الحدودي الإيراني التركي وأردف مكملا حديثه ( لا محالة ان المسألة الكردية تتعلق بمصير الأرمن والمسيحيين عاجلا أو آجلا وستجذب أنظار أوربا نحوها …).وفي وثيقة أخرى من مستر كوشن الى أيرل كرانفيل في 23 / آب / 1880 يقول فيها ( سيدي يسعدني أن أرفق الرسالة التي أرسلت من القائم بأعمال قنصل الحكومة السامية في وان حول منهج وسياسة الشيخ عبيدالله ووضع النسطوريين المسيحيين ). هذا يعني أن ممثلي الحكومة البريطانية والروس أيضا كانوا يراقبون الأوضاع العامة المحيطة بالمسيحيين ويرفعون بها تقاريرالى مراجعهم العليا ليخططوا على ضوئها كيفية إستغلال المسيحيين لتحقيق مصالحهم وليس لإنقاذهم .وفي رسالة من القنصل العام البريطاني آبوت الى مستر تامسون بتاريخ 27 /سبتمبر/1880 يقول فيها بأنه بسبب الحرب في منطقة مهاباد غادرت العائلات الأرمنية والروسية المدينة . وقـال الكابتـن كلايتـون في رسالته المؤرخة في 5 / أكتوبر/1880 الى المستر تروتـر بأن أحد زعماء الأرمـن جـاء اليـه مع شخص آخـر في 29 /سبتمبر/1880 وأخبره بأن 120 مسلحا كرديا هاجموا قريتهم وحاولوا سرقة مواشيهم إلا أن أهل القرية قاوموهم وقتل خلال العملية خمسة رجال وإن أهل القرية يخافون من عودة الكرد بقوات أكثر لمهاجمة قريتهم وطلبوا مني إرسال قوات الى القرية للدفاع عنها ، وأشار أيضا الى أن سلاحا كثيرا تم توزيعه على الكرد لمواجهة الجيش الإيراني وهناك شائعات بأن هذا السلاح هو لإبادة المسيحيين، ولكن في نظري هذه دعاية لا أساس لها من الصحة . وفي رسالة اخرى من القنصل آبوت الى المستر تامسون بتاريخ 7/أكتوبر/1880 جاء فيها بأن جيشا كرديا كبيرا بقيادة الشيخ عبدالقادرنجل الشيخ عبيدالله شن هجوما على سولودز ثم على مهاباد ولم يتعرضوا الى الشيعة والمسيحيين القاطنين في المدينة لكنهم أعدموا إثنان من النسطوريين المسيحيين لسوء سلوكهم ، وأضاف بأنه قلق من تهديدات الشيخ عبيدالله تجاه الإيرانيين والمسيحيين ، غير أن المبشرين الأمريكيين طمأنوه بأنهم يحتفظون بعلاقات جيدة مع الشيخ وأنه لا يلحق الأذى بالمسيحيين . كما أشار في وثيقة أخرى في اليوم ذاته بأن الكرد لم يتعرضوا الى المسيحيين في مهاباد وفي زحفهم على مياندواو. من الواضح أن المعلومات التي كانت تصل الى ممثلي بريطانيا وغيرهم كانت مصادرها عامة الناس أو الشائعات التي تنتشر أو من معتمديهم في تلك المناطق، لذا لم تكن دقيقة بل كان فيها نوع من المبالغة ، فنرى في رسالة من كلايتون الى مستر كوشن تحت رقم 14 الملحق الثاني كما ورد في المصدر يقول فيها ( أن الشيخ عبيدالله وآلاف الكرد الآخرين عبروا الحدود ودخلوا أورمية وأن الشائعات تتحدث عن مقتل عدة آلاف من النسطوريين المسيحيين ).ومن ميجر تروتر هناك رسالة أخرى الى مستر كوشن بتاريخ 20/ أكتوبر/1880 تنص على أن الكرد متأثرون جدا من إغفال حقوقهم في الوقت الذي يمنح الأرمن الحكم الذاتي ، حيث تحدث معي في الشتاء الماضي رؤساء الكرد في وان حول هذا الموضوع ، وهناك إحتمال أن تشتعل نار الفتنة بين الكرد والأرمن وأن الحكومة المركزية أغفلت عن حقوق الكرد في حين وافقت على حقوق الأرمن وسيتمخض ذلك الى القتل العام للمسيحيين وهو ما ترمي اليه سياسة الباب العالي ، وفي ختام الرسالة يقول ( أن والد الشيخ عبيدالله الذي أخطأ في ذكر إسمه أفتى عام 1843 بقتل النسطوريين من قبل بدرخان بك في بوتان لكن الشيخ عبيدالله أنقذ الكثير من المسيحيين من الموت والقتل العام ).وورد في رسالة مكتوبة بتاريخ 17/أكتوبر/1880 تحت رقم 54 المرفق3 حسب المصدر تقول بأن الكثير من النسطوريين إلتحقوا بقوات الشيخ عبيدالله النهري . وتذكر رسالة أخرى درجت تحت تسلسل 56 / الملحق /1 في المصدر يقول فيها القنصل العام آبوت بأنه إلتقى مع الدكتور كوجران الذي أخبره بأنه كان قد تلقى رسالة من الشيخ من مقره في (سير) بأن جميع المسيحيين والأوربيين في المنطقة بأمان ولن يواجهوا خطرا ، ويقول في فقرة أخرى من الوثيقة ذاتها بأن الشيخ يهدف الى إجتثاث اللصوص وفي نظره أن للمسلمين والمسيحيين حقوق متساوية حتى في إنشاء الجوامع والكنائس والمدارس .
ووفق الوثيقة تسلسل 64 في المصدر كان القنصل العام آبوت قد أرسل رسالة الى أيرل كرانفيل في 7/أكتوبر/1880 جاء فيها أنه لدى محاولة الشيخ مهاجمة أورمية أبلغت لمسيحيين بضمانات الشيخ عبيدالله بعدم إلحاق الأذى بهم .ويقول القنصل آبوت في رسالة أخرى الى أيرل كرانفيل بتاريخ 11/نوفمبر/1880 بأنه يفتخر بأن يقدم تقريرا عن وضع المسيحيين النسطوريين في أورمية ويبدو أن التقرير كان ينص على بعض المعلومات عنهم وعن واقع معيشتهم أو تعايشهم مع المسلمين حيث يقول في إحدى فقرات التقرير بأن هناك في سهل أورمية (500 ) قرية منها (100)قرية مسيحية ويذكر في فقرة أخرى بأن الضريبة المطلوب دفعها من قبل المسلم لحكومة إيران هي (5) قران بينما على المسيحي أن يدفع (جيد قران لكن الضريبة على المواشي متساوية، والمسيحيون دون الخامسة عشر سنة يدفعون بدل خدمة العلم (5) قران بينما يدفع المسلمون من نفس العمار(3 ) قران كما يقول بأن الملاكين يتعاملون بإجحاف مع المسيحيين بعكس تعاملهم مع الفلاحين المسلمين . وفي موقع آخر من الرسالة يقول بأنه في قرية كوك تبة في سهل أورمية شارك في الصلاة مع النسطوريين وتحدث اليهم بالتركية وأبلغهم تحيات ملكة بريطانيا كما طلب منهم ان يكونوا رعايا جيدين لشاه ايران وأظهر لهم الأمل في تحسن الأوضاع الخاصة بالمسيحيين يوما بعد يوم ، وأيضا يذكر في رسالته أعمال السخرة المرهقة المفروضة على المسيحيين والمسلمين مع الضرب . ويضيف قائلا بان المسلمين يمتنعون من شراء بضائع المسيحيين بسبب الفتاوى التي يفتى بها بعض رجال الدين من المسلمين . ومن ثم يتكلم عن قانون الإسلام الذي يصفه بالجديد بأنه ينص على أن أي شخص مسيحي يشهرإسلامه فإنه يستولي على كل أموال أسرته ، وكذا بالنسبة للفتيات أيضا ، وفي المحاكم الإيرانية لا تقبل شهادة المسيحي ضد المسلم كما ولا يعترف في إيران بحقوق المسيحيين ولا اليهود، ويشير في رسالته الى صدور قانون بإلزام النسطوريين لخدمة العلم ويساقون الى المجموعات الموسيقية ، ولأنهم كانوا ينامون في نفس المكان مع المسلمين فكثيرا ما كانت تحدث بينهم مشاكل ويكون دائما المسيحي هو المغبون ويقول أيضا أن النسطوريين يسافرون الى روسيا مرة واحدة في السنة على الأقل وهم يفتشون عن عمل يمارسونه ، ويقول أيضا لا يوجد شعب في العالم مثل النسطوريين يتخذ التسول مهنة له حيث في كل سنة يذهب (5000 )خمسة آلاف نسطوري الى روسيا منهم من 300 الى 500 يذهبون للتسول والبقية بحثا عن العمل ، ويقول بأن وارد التسول السنوي كان يبلغ (4000 ) ليرة بينما يبلغ وارد العمل (100000 ) ليرة وهم يخسرون في طريق عودتهم من روسيا الكثير من الأموال بفعل الكمارك أو قطاع الطرق أو الكرد أو الحراس الحكوميين ، ويضيف قائلا [ان المبشرين الأمريكيين يعملون على تحسين أوضاع النسطوريين والمسيحيين عامة في سهل أورمية وبأن العاملين في الدولة الإيرانية يحترمون الشعائر الدينية للمسيحيين ولا يتعرضون لهم ويقول بأن هؤلاء المبشرين قاموا بإنشاء المدارس في كل القرى المسيحية وكذلك الكنائس وتم تعيين معلم واحد في كل مدرسة ، وتعليم النسطوريين يتقدم بسرعة وكان تعليم العلوم الدينية واللغات الأنكلوساكسونية إجباري ، كما كانت الحكومة الإيرانية تقدم التسهيلات بصدد أمور النسطوريين .
يقول كلايتون القائم بأعمال القنصل البريطاني في وان في رسالة موجهة الى الميجر تروتر في شهر نوفمبر/1880 بأن الشيخ عبيدالله يحاول الحصول على دعم ومعاونة المسيحيين وبأن النسطوريين في شمزينان دخلوا في طاعة الشيخ الذي كان قد ارسل الى المارشمعون مبعوثا يطلب من خلاله التعاون بينهما متعهدا بمعاقبة المعتدين على المسيحيين وقال أيضا بأنه بحدود (400 الى 500 ) شخص من النسطوريين التحقوا بقوات الشيخ .
ورد في رسالة من القنصل العام آبوت الى المستر تامسون بتاريخ 19/نوفمبر/1880 بأن الشيخ هرب الى وان وأن الجيش الإيراني قام بتخريب المناطق السنية والنسطورية المسيحية كما قام بنهب وسلب ممتلكات المسيحيين وذهب سكان كوك تبة الى تيمور باشا وقدموا شكوى ، قال أحد المسيحيين بأن معاملة الكرد كانت أفضل بكثير إذ على الأقل أنهم لم يكونوا يسيئوا الى النساء،لأن الإيرانيون كانوا قد نهبوا قرية انهاري النسطورية وخطفوا (جيد نساء وفتيات منها.
وفي رسالة لاحقة يوم 20/نوفمبر/1880 الى المستر تامسون قال القنصل العام آبوت بأنه كان قد إلتقى بولي العهد كما واطلع الشاه أيضا على الأوضاع وبأنه كان قد اقنع الشيخ ومنع إراقة الدماء واكد على حفظ أرواح واموال المسيحيين والمسلمين . كما جاء في برقية من الكابتن كلايتون الى الميجر تروتر في 22/نوفمبر/1880 بأن الشيخ حاصر أورمية وبعد وصول قوات إيرانية إضافية تحسنت الأوضاع ولكنها غير مستقرة وقد تحدث عن حرب ضروس يتوقعها بين السنة والشيعة ويكون للمسيحيين نصيب من الموت وإراقة الدماء فيها .
في وثيقة أخرى للقنصل العام آبوت الى المستر تامسون بتاريخ 25/نوفمبر/1880 يقول فيها بأن المبشرين الأمريكان أوضحوا له بأن مسألة خطف النساء النسطوريات من قبل الجنود الإرانيين كانت مجرد شائعات ولم يكن للخبر أساس من الصحة حيث كن قد أخفين انفسهن لفترة من الزمن، ويضيف قائلا في الرسالة ذاتها بأن همزة آغا إلتحق هو وقواته بالشيخ ويتزعم أبناء الشيخ الآلاف من القوات الكردية لمهاجمة أذربيجان ولقد قتل في هذه العمليات (6000 ) شخص بريء من المسلمين والمسيحيين والنسطوريين . هنا نلاحظ بأن القنصل آبوت يصف أتباع المذاهب المسيحية ألأخرى بالمسيحيين ولا يذكر اسماء مذاهبهم بإستثناء النسطوريين في جميع رسائله. ويذكركلايتون في رسالته الى تروتر بتاريخ 27/نوفمبر/1880 بأن الشيخ عبيدالله كان يريد أن يسري الحكم الذاتي المطبق في جنوب بحيرة أورمية على بقية أجزاء كردستان ولو كان قد أفلح في تحقيق هدفه هذا كان بالإمكان أن تتحول المنطقة الى دولة مستقلة بزعامة الشيخ تضم أيضا النسطوريين والأرمن الساكنين فيها .
هناك وثيقة كان قد كتبها المستر تامسون وأرسلها الى أيرل كرانفيل من طهران في 29/نوفمبر/1880 وجاء فيها بأن المستر آبوت أطلعه من خلال تقارير أرسلها له حول النسطوريين في أورمية بأن التحقيقات التي قام بها هو نفسه أي آبوت أثبتت بأن المسلمين والمسيحيين تحملوا خسائر كبيرة ، غير أنه في الوثيقة ذاتها يشير الى أن الحكومة الإيرانية تعامل النسطوريين معاملة حسنة بإستثناء بعض الأحيان بسبب الأحقاد السابقة ، وقال بأن النسطوريين المسيحيين يعملون في مجال الزراعة قرب أورمية لدى الملاكين المسلمين لأنهم لا يملكون أراضي زراعية كافية إلا القليل ومعظم هذه الأراضي كانت تعود لعشيرة أفشاروالتي كانت تجبي الضرائب من المسلمين والمسيحيين وأشار الى إعتراض المسيحيين على التمييز بينهم وبين المسلمين للأسباب التالية :
1ـ الضرائب المفروضة على المسيحيين كانت أكثر
2 ـ الصعوبات التي كانوا يواجهونها في إستغلال الأراضي كانت تفوق طاقة تحمل البشر
3 ـ مطالبة موظفي الدولة النسطوريين العائدين من روسيا مبالغ كبيرة
4 ـ خطف الفتيات المسيحيات من قبل المسلمين
5 ـ مصادرة أملاك وأموال العائلة المسيحية التي يشهرأحد أفرادها إسلامه لصالح المستسلم
6 ـ عدم قبول شهادة المسيحي ضد المسلم في المحاكم
ويقول بأن وضع المسيحيين والنسطوريين الآن أفضل بإعتراف المبشرين والمأمورين الإنكليز وقال أيضا بأن مشروع دعم ومساعدة مسيحيي أذربيجان لم ينفذ بسبب حركة الكرد وسينفذ لاحقا قائلا بأن العمل جاري على إبطال ما ورد في الفقرتين ( 5 ،6 ) أعلاه وبأنه يعد تقريرا بذلك الى الشاه ، مشيرا الى نقطة مهمة حسب رأيه وهي أن نفوذ المبشرين الأمريكيين بين النسطوريين جدير بالإهتمام وبأن وجودهم في الكثير من الأحيان يؤدي الى عدم إضاعة حقوق المسيحيين .   ( في العديد من هذه الوثائق التي كتبها القنصل البريطاني أو بقية المسؤولين البريطانيين نرى فيها نوعا من المبالغة ويرسموا فيها صورة جيدة عن وضع المسيحيين بخلاف الحقيقة سيما في أورمية حيث تؤكد العديد من المصادر بأن أوضاع المسيحيين كانت أسوأ بكثير مما ذكروا وكان قد لحقت بهم أضرار جسيمة في الأرواح والممتلكات ـ كاتب المقال).
في رسالة أخرى للمستر آبوت بتاريخ 10/ديسمبر/1880 قال فيها بأن المبشرين الأمريكان عانوا الكثير لدى محاصرة أورمية وكان الشيخ عبيدالله قد تعسكر قرب مساكنهم وكانوا مضطرين لقبول صداقته ، ويقول أيضا بأن زعيم المسيحيين الفرنسيين ( هنا ربما يقصد الدومنيكان ) المونسنيور كلوزل قد طلب في رسالة الى الشيخ المحافظة على الأقليات والمبشرين وكان الشيخ قد وعد بذلك. وكان المبشرون يرفعون العلم الأمريكي على مساكنهم ، كما أن الموظفين البريطانيين كانوا يكتبون على مساكنهم عناوين وجنسيات ساكنيها . ويذكر في رسالته بأن (200) شخص من النسطوريين والمسلمين كانوا قد لجأوا الى المدرسة الأمريكية . وورد  في وثيقة أخرى للمستر آبوت الى أيرل كرانفيل من تبريز بتاريخ 21/كانون الثاني بأن برقية المبشرين الأمريكيين تشير الى أن المسيحيين والمسلمين من السنة والشيعة يتعرضون الى القدر ذاته من المشاكل. بينما ورد في رسالة أخرى للقنصل العام آبوت بأن (500) عائلة كردية فرت الى الجبال وقضى عليها الجوع والمرض وبأن (27) قرية مسيحية تعرضت للنهب والسلب من قبل تيمور باشا الإيراني وأسوأ حادث وقع في قرية كاويلان حيث نهبت بالكامل وقتل فيها ستة أشخاص.
هذه مقتطفات من نصوص وردت في الوثائق البريطانية في عام 1880 كما دونها الأستاذ تيلي أمين في الكتاب الذي ألفه تحت عنوان ( حركة الشيخ عبيدالله النهري في الوثائق البريطانية ) وكان قد إعتمد في عمله هذا على العديد من المصادر ومنها :
1 ـ محمد أمين زكي ـ تاريخ الكرد وكوردستان ـ الجزئين الأول والثاني / السليمانية/2002
2 ـ بابا مردوخ روحاني ـ تاريخ مشاهير الكرد بالفارسية ـ المجلد الأول
3 ـ ديفيد مكداول ـ قيام الشيخ عبيدالله النهري ـ ترجمة جرجيس فتح الله
4 ـ محمد جميل روزبياني ـ مقال ـ ثورة الشيخ عبيدالله ـ مجلة المجمع العلمي العراقي/1985 / القسم الكردي
5 ـ د . وديع جودة ـ ثورة الشيخ عبيدالله النهري ـ ترجمة جرجيس فتح الله
6 ـ جليلي جليل ـ إنتفاضة الكرد عام 1880 ترجمة سيامند سيرتي ـ بيروت / 1979
7 ـ كريس كوجيرا ـ الكرد في القرن التاسع عشر والقرن العشرين ترجمة حمه كريم عارف
    الطبعة الرابعة / اربيل / 2007
8 ـ لازاريف والآخرون ـ تاريخ كردستان ـ ترجمة د. عبدي حاجي منشورات سبيريز/2006
9 ـ د. عبدالفتاح بوتاني ـ بدايات الشعور القومي الكردي ـ دهوك / 2005
10 ـ نجاة عبدالله ـ ثورة الشيخ عبيدالله النهري في الوثائق الفرنسية 1879 ـ 1882 طبع في السليمانية عام /2004 باللغة الكردية .
هذا إضافة الى مصادر ووثائق أخرى .

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *